أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - رحيم العراقي - بولندا















المزيد.....

بولندا


رحيم العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 2268 - 2008 / 5 / 1 - 06:41
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


يعمل فرانسوا بافوال مديرا للدراسات في المعهد الوطني الفرنسي للبحث العلمي. مجاز بالفلسفة وبالأدب البولندي ويحمل شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع. له العديد من المؤلفات منها: «أوروبا الوسطى والشرقية، العولمة والأوربة ـ من أوروبا ـ والتبدّل الاجتماعي» و«ما بعد الشيوعية في أوروبا»، و«الاستراتيجيات الألمانية في أوروبا الوسطى والشرقية» الخ.
يشرف فرانسوا بافوال على هذا الكتاب «بولندا» ويشارك فيه 18 باحثا أخصائيا يرسمون لوحة عيانية لهذه البلاد منذ عام 1918 وحتى الفترة الراهنة أي منذ حصولها على «السيادة الوطنية» وحتى وصول الشيوعيين إلى السلطة عند نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 كمرحلة أولى، ثم منذ ذلك الحين حتى انهيار النظام الشيوعي ووصول نقابة «التضامن» إلى السلطة، كمرحلة ثانية وأخيرا مرحلة التحولات ما بعد الشيوعية وصولا إلى بروز الخصوصيات «الكاثوليكية». هذه الفترات الثلاث تتناظر مع المحاور الثلاثة الرئيسية في هذا الكتاب.إن التحليلات الموجودة في هذا العمل تحيط عمليا بمختلف مظاهر الحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية لبولندا التي «تعرف دائما كيف تثير دهشة الآخرين»، كما يتم توصيفها في المقدّمة.
وتتم أولا ملاحظة أن السنوات الأخيرة قد عرفت الكثير من الأعمال التي خصّت بالدراسة بولندا، أكبر بلدان أوروبا الوسطى والشرقية والتي انضمّت عام 2004 إلى الاتحاد الأوروبي، لكنها حافظت مع ذلك على «نزعة قومية متطرفة»، كما تؤكد التحليلات المقدّمة بحيث أنها ظهرت في أحيان كثيرة بمثابة «صوت نشاز» في الجوقة الأوروبية الموحّدة لاسيما بعد وصول الأخوين كازينسكي إلى السلطة وتوليهما منصبي رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.
تتمثل إحدى السمات التي يتم التأكيد عليها في واقع «التأرجح الكبير» الذي شهده تاريخ بولندا خلال مسيرتها الطويلة، الأمر الذي ينطبق أيضا على ما شهدته خلال القرن العشرين.
ففي عام 1918 استعادت سيادتها الوطنية بعد غياب دولتها المستقلة لمدة أكثر من قرن كامل. ثم خضعت بولندا للاحتلال النازي خلال سنوات الحرب العالمية الثانية (1939-1945) هذا قبل أن تجد نفسها تحت السيطرة السوفييتية خلال سنوات 1945-1989.
إن الموقع الجغرافي لبولندا جعلها خاضعة باستمرار لقوتي جذب باتجاهين متعاكسين من قبل «الكتلتين» الروسية والألمانية. ولكنها لم تتوقف وهي في هذا الوضع «المحصور» عن المطالبة باستمرار في حقها بالوجود وبتأكيد قيمها الخاصة بها. هذا وإذا كانت الكاثوليكية، تشكل أحد أعمدة الهوية البولندية، وأنها مارست، بأشكال مختلفة، نوعا من التمييز العنصري حيال الأقليات والمعتقدات الدينية الأخرى، فإن تأثيرات خارجية عديدة مارست نفوذها على سياسة بولندا وسكانها واقتصادها وثقافتها. هذه ما تؤكده عدة مساهمات في هذا الكتاب.
الصورة التي يتم تقديمها لبولندا في إطارها الأوروبي هي أنها أحد البلدان الأوروبية الكبرى وأحد الأكثر فقرا بين بلدان الاتحاد الأوروبي وأيضا أحد الأكثر بطالة وكذلك أحد الأكثر نسبة من حيث عدد الفلاحين بالقياس إلى مجموع السكان. ثم إن صورة بولندا مرتبطة، كما يشار، في أذهان الأوروبيين الآخرين بالتزمت الذي كان الأخوان كازنسكي لمدة سنوات هما أفضل من يمثله.أو ربما أنها مرتبطة في أذهان البعض الآخر بـ «شاربي ليش فاليسا» العريضين أو لعلّ آخرين يرونها من خلال شخصية بابا الفاتيكان السابق يوحنا بولس الثاني، لكن الصورة الأكثر بروزا وقربا من أذهان الأوروبيين هي صورة «السبّاك» البولندي الذي يمكن أن يغزو أسواق العمل في بقية البلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
بكل الأحوال هذه الصور كلها يجد فيها المساهمون في هذا الكتاب التعبيرات الأكثر دلالة على حقيقة المجتمع البولندي بكل ألوانه وتنوعاته.لكن لبولندا وجوه أخرى يوليها بعض المساهمين في الكتاب اهتماماتهم. إنها وجوه تتعلق خاصة بالميادين الثقافية، فبولندا هي بلد الموسيقى الكلاسيكية بامتياز، وهناك من يرتبط ذكر اسمها بمؤلفين موسيقيين كبار من أمثال شوبان، وهي أيضا لمن يهتم بالسينما بلاد مخرجين كبار مثل فاجدا وكيزلونسكي. إن أحد مصادر أهمية هذا الكتاب هو أنه يتجاوز جميع «الكليشيهات» من أجل تقديم رؤية شاملة «بانورامية» كاملة لبولندا.
وفضلا عن هذا كله يتم التركيز في عدد من مساهمات الكتاب على إبراز البعد التاريخي الذي يتم اعتباره على أنه «لا بد منه» من أجل فهم «الحساسيات» الراهنة التي تتسم بها السياسة البولندية وخاصة فهم «ردود فعلها» الحادّة حيال كل ما يتعلّق بـ «سيادتها».
بولندا، هذا لا يعني أي مكان، هذه جملة قالها الأب الفريد جاري، عشية اندلاع الحرب العالمية الأولى وتجد مكانها في هذا الكتاب، على أنها لا تزال تراود باستمرار أذهان البولنديين منذ أجيال.
ذلك أنه منذ نهاية القرن الثامن عشر وعملية التقسيم الأول التي كانت بولندا قد عانت منها عندما جرى توزيعها في عام 1772 تحديدا بين بروسيا وروسيا القيصرية وإمبراطورية سلالة هابسبورغ التي كانت على رأس الإمبراطورية النمساوية ـ الهنغارية، عرفت البلاد سلسلة طويلة من الكوارث المؤلمة. ذلك أنها كانت باستمرار محط أطماع القوى الأوروبية الكبرى.
بل وإن بولندا زالت عن الخارطة نهائيا خلال سنوات 1795-1918 لتنبثق من جديد مع نهاية الحرب العالمية الأولى وإنما لتعيش فترة من الاضطرابات خلال فترة ما بين الحربين وحيث انتهت هذه الفترة بهزيمة ساحقة وسريعة أمام الجيوش النازية التي احتلتها منذ بداية الحرب العالمية الثانية، ومن النازية إلى الشيوعية.
لكن في كل الحالات عرفت حدود بولندا تعديلات وتغييرات عديدة بسبب أطماع جيرانها. وما تؤكد عليه مساهمات عديدة في هذا الكتاب، وبأشكال مختلفة، هو أن بولندا المعاصرة لا تزال تحتفظ بذاكرتها الجماعية، التي أنتجها المسار التاريخي، بواقع أن أوروبا كانت قد شهدت صيغا متنوعة من التوازنات الإقليمية، وعلى صعيد القارة كلها، كانت هي فيها كلها على الهامش، هذا إذا لم تكن تلك التوازنات قد قامت أصلا ضدها، إذ أنها دفعت غالبا ثمن قيامها باهظا.
لكن يتم التأكيد بالمقابل أن بولندا أظهرت باستمرار إرادة صلبة في المقاومة وبعدم الرضوخ والاستسلام أمام جميع القوى التي أرادت فرض هيمنتها عليها. هكذا لم يتم المساس عمليا بالتراث القومي البولندي بل شكّلت الأمة وقيمها وأساطيرها المؤسسة «قطب الرحى» الذي التفّ حوله البولنديون دائما، خاصة في الأوقات الصعبة. هكذا يتم في هذا السياق الحديث عن «البولندة»، على غرار العروبة، مع التأكيد على ضرورة أخذ هذا الانتماء البولندي بالحسبان عند محاولة فهم الواقع البولندي اليوم بما يبديه من نزعة قومية تكاد أن تكون ذات طابع شوفيني.
ومن أهم السمات التي يتم التأكيد عليها بالنسبة لبولندا في الوقت الحاضر هو أنها لم تعد غنيمة بنظر جيرانها الذين قد تعتريهم شهية اقتسامها مثلما كان الأمر في حقب ماضية. كما أن بولندا قد أصبحت عضوا، كامل العضوية، في الاتحاد الأوروبي والأمر نفسه بالنسبة لعضويتها في الحلف الأطلسي. هذا يعني أن سيادتها لم تعد منقوصة وليست تابعة لحماية أي قوة خارجية.مع ذلك لا يزال البولنديون يعانون من «مشاعر الضحية» كما أن عمق التبدلات التي شهدتها البلاد منذ نهاية النظام الاشتراكي هزّ المجتمع البولندي بقوة. هذا ما توضحه بجلاء الفصول المكرّسة في الكتاب للعالم الفلاحي وللاقتصاد وللثقافة وحيث يتم التأكيد في كل الحالات أن المجتمع يعيش حالة انتقالية وإلى حد ما حالة تجزئة مع ما يرافقها من مشاعر الخوف والقلق.
وهذا ما يدفع الكثير من البولنديين إلى القناعة أنهم بحاجة إلى حام قوي، إلى دعم خارجي قوي وإنما بعيد ما هي الكفاية كي لا يتدخل كثيرا في شؤونهم الداخلية كما نقرأ. والولايات المتحدة هي التي تجسد هذا المنقذ الخارجي الذي يضمن استقلالهم وسيادتهم، هذا ما تخلص إليه عدة مساهمات.



#رحيم_العراقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغراب:حكاية إشاعة.
- حياة شكسبير
- كيف تطهو الكبدة..؟
- عالم «اوجين يونسكو».. نوع من الاحتجاج عما يجري في العالم
- جيوسياسة التاريخ المديد لليوم الراهن
- آيديولوجية اليمين المتطرف
- أميركا في حالة حرب
- الرجل الذي رأى الدب
- الإصلاح الديني
- الأجيال المتبدلة
- أحلام السلام والحرية
- جذور الحرية.
- القارة الصفراء والعالم الجديد..
- هوغو شافيز : النفط، والسياسة، وتحدي الولايات المتحدة الأميرك ...
- الأُممية
- أوليف تويست
- المرض والدواء مابين الفقراء والأغنياء
- ت. س. ايليوت
- الفرنسيون والبريطانيون : عداوة في غاية اللطف...
- روبرت براوننغ..حياة ورسائل وأشعار غامضة


المزيد.....




- الخارجية الروسية: ألمانيا تحاول كتابة التاريخ لصالح الرايخ ا ...
- مفاجآت روسيا للناتو.. ماذا بعد أوريشنيك؟
- -نحن على خط النهاية- لكن -الاتفاق لم يكتمل-.. هل تتوصل إسرائ ...
- روسيا وأوكرانيا: فاينانشيال تايمز.. روسيا تجند يمنيين للقتال ...
- 17 مفقودا في غرق مركب سياحي قبالة سواحل مرسى علم شمالي مصر
- الاختصارات في الرسائل النصية تثير الشك في صدقها.. فما السبب؟ ...
- إنقاذ 28 فردا والبحث عن 17 مفقودا بعد غرق مركب سياحي مصري
- الإمارات تعتقل 3 متهمين باغتيال كوغان
- خامنئي: واشنطن تسعى للسيطرة على المنطقة
- القاهرة.. معارض فنية في أيام موسكو


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - رحيم العراقي - بولندا