أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف الاول من آيار 2008 - أفاق الماركسية واليسار ودور الطبقة العاملة في عهد العولمة - محمد القاهري - نضالات المجتمع وآفاق اليسار في عهد العولمة















المزيد.....

نضالات المجتمع وآفاق اليسار في عهد العولمة


محمد القاهري

الحوار المتمدن-العدد: 2267 - 2008 / 4 / 30 - 11:42
المحور: ملف الاول من آيار 2008 - أفاق الماركسية واليسار ودور الطبقة العاملة في عهد العولمة
    


هناك توجه لاخذ العولمة كظاهرة جديدة، وهو توجه لايعني بالضرورة استخدام المفهوم بدقة وانما الرغبة في استخدامه بيسر. فمن قال عولمه قال نظاماً رأسماليا، غير ان هذا النظام متعولم منذ ولادته، فهو يحمل بذرة التوسع بداخله كما ان قاعدته الاساسية تتمثل بالسوق وبالشركات الكبيرة، والسوق والشركات عناصر بطبيعتها عابرة للبلدان والقارات، ومن غاب ذلك عن ذهنه عليه ان يتذكر شركة الهند الشرقية (الانجليزية المنشأ) التي كانت منظمة عابرة للقارات في سوق عابر للقارات ايضا منذ الثورة الصناعية الاولى (ثورة البخار) في النصف الثاني من القرن الثامن عشر. المراحل التالية في تطور النظام الرأسمالي وحتى الان لم تخرج عن ذلك الجوهر وما ظل يتغير هو التوليفات (او الـ Paradigms) التكنولوجيه التي تشكل قاعدة كل ثورة صناعية جديدة. هذه التوليفات جعلت من فترات الثورات الصناعية المتعاقبة حلقات زمنية وبنيوية في اطار السلسلة نفسها من النظام الرأسمالي المعولم.
الشيئ الآخر الذي يستدعي الاخذ بعين الاعتبار بالنسبة لهذه التوليفات التكنولوجيه هو انها العمود الفقري للتحولات او للنقلات الكبرى في اشكال التنظيم الاقتصادي (تحول على صعد ادوات وعلاقات الانتاج وحجم السوق ونمط المنتجات...الخ). ووفقا لمنظمومة التحليل الماركسي سواء الكلاسيكي أو الاكثر حداثة فانه وعلى غرار تلك النقلات في التنظيم الاقتصادي تتحقق نقلات على صعيد التنظيم السياسي للمجتمع، آي ان التنظيم الاجتماعي والسياسي للمجتمعات يميل دائماً ليكون انعكاساً للبعدين التكنولوجي والاقتصادي. وكذلك، كل ثورة صناعية هي ايضا ثورة علمية او ثقافية، بشكل عام، تتحول بفعلها المعلومات والايديولوجيات مما يحدد طوابع خاصة وجديدة للنضالات الاجتماعية في كل فترة ولاشكال التضامن بين افراد وفئات كل مجتمع على حدة او بين المجتمعات الخاضعة لآليات النظام.
هذا المدخل يسمح بالخوض في عدة احكام وجيهة. آولا، بالنسبة للمجتمعات العربية، الحكم الوارد هو انه اذا لم تشهد التحولات التكنولوجية والاقتصادية المذكورة فان الحديث عن تحولات سياسية واجتماعية متقدمة يسارا او حتى يمينا يظل في حقل المجاز. وثانيا، بشكل عام، صياغة اية مطالب نضالية او توعوية ترمي بعدا يساريا غير متناغمة مع مستوى التطور المطلوب لن تعدوا عن كونها خطابا وحسب. ثالثاً، هناك تساؤل وجيه عند تصور النضال من اجل بعد وافق يساريين: هل يستقيم الحديث عن نظالات طبقة عاملة الان ام ان التكنولوجيا والتنظيم الاقتصادي قد اختلفا عنه منذ نهاية القرن التاسع عشر فدفعا باشكال اخرى من تنظيم الاقتصاد والمجتمع وبالتالي من علاقات الانتاج وثقل الاطراف الاجتماعية المشاركة فيها؟ والاجابة المبيته لهذا التساؤل هي ان قاعدة الطبقة العاملة على صعيد البلد الواحد قد تقلصت مع التحولات التكنولوجية والاقتصادية التي تحققت وادت هيكليا الى تقلص ارضية الصناعات المادية (الحديدوالصلب، النسيج، التعدين والمناجم، الآلات والمعدات، التجهيزات المنزلية والمكتبية،،،الخ) وفي المقابل تطورت الانشطة الخدمية والصناعات المعلوماتية، ومن ثم فان العنصر البشري لعملية الانتاج اي الطبقة العاملة المتجانسة والاجيرة كما في المفهوم القديم قد تقلص، ونمت في مناطق تقلصه فئات اجتماعية اخرى، حتى وان كانت نسبتها الاكبر اجيرة فانها غير متجانسة، وبقيتها غير الاجيرة مؤلفة من ملاك صغار، ومقدمي خدمات فردية وعامة، واصحاب ملكات فنية وتجارية وفكرية (مهندسون ومخترعون وارباب عمل شباب في علوم الكمبيوتر والاتصال ومنتجات الفنون والثقافة والتسلية،،،الخ). ومن الطبيعي هنا ان يتراجع البعد الطبقي والايديولوجي في التصنيف السياسي ويتقدم البعد الاجتماعي والروحي.
وبناء على ماسبق فان اية صياغة لمهمة اولمطلب نضالي يجب ان تاخذ بعين الاعتبار ذلك التطور لان الادوات الخطابية والاجرائية والتنفيذية للعمل النضالي ستتختلف والترجمة النهائية سياسيا لتلك المطالب ايضا ستختلف عن ماكان سابقا هو الهدف. وعموما سنلحظ على صعيد مجتمع ما مايلي:
1. الانتقال من الطبقة العاملة او التحالف الطبقي للعمال والفلاحين والمثقفين الثوريين..الخ، الى القاعدة الاجتماعية الاعرض.
2.الانتقال من الايديولوجي الى الروحي. فالايديولوجي شيئ عقلاني اي تعبير عن استراتيجية او حسابات معينة طبقية وسياسية، واي عقلانية تشترط كفاية التركيز او العناية الذهنية للعقل البشري من اجل استخدام المعلومات في الحسابات ومتابعة الاستراتيجية، وكان من الوضح ان انتظام العملية الصناعية وتجانس افراد الطبقة العاملة في التجمعات الصناعية الكبرى قد بسط المعلومات الامر الذي دعم شرط الكفاية المذكورة. لكن الامر اختلف الآن مع تطور الانشطة الخدماتية والمعلوماتية التي من اقصى شرق الكرة الارضية الى اقصى غربها ومن اقصى جنوبها الى اقصى شمالها تشترك فيها فئات مجزأة، متعددة وغير متجانسة لايجمعها جامع يفرز معلومات متجانسة تسمح باية حسابات واية استراتيجية عقلانية واية ايديولوجيا. الشيئ الوحيد كما يبدو الذي يمكن ان يجمع بينها سيكون ذا طابع روحي، يمثل انعكاساً لخليط الانفعالات والتقديرارت العفوية، وللتطلعات والقيم الشخصية والاعتقادية،،الخ. وسينجم عن ذلك مثلا تبلور يسار طوباوي يقبل كل الاديان بدلا عن يسار علمي يدعو الى موقف عقلي واحد من الدين يهتدي به اتباع الايديولوجيا. وعكس اية توقعات او مراهنات لانصار الايديولوجيا العلموية فانه بفعل هذا الدافع الروحي قد يتداعى اناس من مختلف الاديان والثقافات الى التعاضد والتعاون مرحليا او مناسباتيا ضد آليات استغلال النظام الرأسمالي دون اية عقلانية طاغية او حاجة الى غطاء شمولي كما كان الحال ايام الاشتراكية العلمية والامميات من الاولى حتى الرابعة.
3.الانتقال على الصعيد السياسي من الديمقراطية المركزية والحزب الطليعي الى التعددية والديمقراطية التمثيلية وشراكة المجتمع المدني المستقل. والانتقال من الدولة كاداة بيد التحالف المهيمن او الطبقة المهيمنة الى دولة كآلية في متناول الجميع ويتحقق ذلك عبر صيغ من اللامركزية والفيدرالية وعبر صيغة من الاشتراكية الديمقراطية تسدل ستار الفصل الطبقي بين طرفي الرأسمال والعمل وتعمل على العكس على رعاية الحوار بينهما لتبديد الخلافات وتعزيز فرص تعاونهما البناء.
وعلى صعيد التضامن اليساري العالمي، فسنلحظ الانتقال من الاممية الاشتراكية والبروليتارية الى تحالفات المجتمعات والمنظمات المدنية والحقوقية المعنية بالقضايا العالمية كمواجهة الاحتباس الحراري، والحد من استخدام الحقوق الفكرية والتجارية بشكل مجحف للشعوب الفقيرة ، ومكافحة شبكات الرشوة العالمية،،،الخ.
ويتطلب الامر تكثيف التواصل بين العمال والمجتمع المدني في المناطق المتقدمة والمناطق الجديدة التي يتوسع فيها الرأسمال. فاداء الرأسمال يخضع لقانون الحدية حيث في مناطق التوسع الرأسمالي الجديدة هناك دائما فرص مثل وجود اجور زهيدة وطلب ديناميكي في سوقي الاستثمار والاستهلاك يقوم الرأسمال المستوطن حديثا في هذه المناطق باستغلال تلك الفرص بشكل مجحف بحق طرف العمال ومجتمع الفقراء عموماً وقبل ان ينتبه هذا الطرف ويقاوم الاستغلال بحركات من اجل تحسين الاجور والحقوق الاخرى للعمال مثل التأمين الصحي والتعويض في حالة البطالة والتقاعد والشيخوخة. وعادة ما يقبل طرف العمل آوالمجتمع والقيادات السياسية للبلد المعني بالخضوع لهذا الاستغلال بسبب االحاجة حتى الى ازهد الاجور وايضاً بسبب الحاجة الى نقل التكنولوجيات الجديدة التي يمثل احتكارها آليه أخرى من آليات الاستغلال. والحدية هنا تعني ان عملية الاستغلال بفعل استيطان الرأسمال في منطقة توسع جديدة تستمر حتى يقوى عود المجتمع والاقتصاد فيبدأ هذا المجتمع بمقاومتها، حينها يبحث الرأسمال عن منطقة استيطان جديدة وهكذا حتى لتكاد فرص الرأسمال في التوسع والاستغلال لاتنفذ مع مرور الزمن. فما الحل لمشكلة الاستغلال هذه والذي يمكن ان يناضل اليسار العالمي في سبيله؟
مع استبعاد خيار رفض التوسع كلية باتباع سياسة الابواب الموصدة (اي الاقتصاد المغلق كما في حالة كوريا الشمالية حاليا) فان كيفية عمل النظام هذه تضعنا امام معضلة حقيقية عند البحث في موقف يساري مناهض للاستغلال. والمعضلة هي : انه يصعب في احيان كثيرة التنبه لعملية الاستغلال وامتلاك القدرة على مقاومتها دون الخضوع لعملية التوسع الرأسمالي (او الرسملة). فمثلاً، هل يمكن للجيش الضخم من العاطلين عن العمل في الصين او الهند او البرازيل او غيرها ان يشترط الحصول على اجور عالية وتأمين صحي..الخ، من الشركات الاجنبية او المختلطة (محلية-اجنبية) التي تقصد هذه البلدان للاستيطان فيها اذا كان اصلا لن يتلقى حتى اجورا زهيده بدون هذا الاستيطان؟ وهل يمكن لحكومات هذه البلدان رفض الاستيطان بحجة انه اداة استغلال اذا كانت لاتملك اي وسيلة عداه لنقل التكنولوجيا التي تطمح اليها؟ نقول هذا لان التفسير الرائج لفتح الابواب على مصراعيها امام الرأسمال الاجنبي من قبل حزب شيوعي يحكم الصين يرجع الى ان هاجس التحديث التكنولوجي للصين قد سيطر على قادة الحزب منذ عهد "ديسياو بنج" في بداية الثمانينات من القرن الماضي بل ومنذ حكومة "شوان لاي" في السبعينات حين كان "ماو” نفسه لازال حيا يرزق.
بكلمات اخرى، نتائج أداء النظام الرأسمالي هي المحدد للوعي بشروط مقاومته، فلا بد من التضحية اولا واستيعاب الاشياء ثم مقاومتها وتغيير شروطها. هذا هو تقريبا ماحدث في مناطق التوسع مثل اليابان ثم في كوريا الجنوبية، فبعد فترة تضحيات عمالية تحسنت الاجور والحقوق العمالية الاخرى أومارس العمال نضالات ناجحة في سبيلها. وحسب هذا النهج الاقتصادوي، التضحيات من اجل الرأسمالية امر معروف للجميع، وحتى الاديب الفرنسي "هونوريه دو بالزاك" علق علي الامر بما معناه : ان ميلاد امة رأسمالية كميلاد طفل لابد وان يلطخ أطمار المنزل.
وهذا النهج الاقتصادوي يصور لنا فرصة تطور ميكانيكية وخطية، حيث لابد وان نقبل بالتضحيات وان نرعى تطور الرأسمالية حتى نكتسب الخبرات والثروة الضرورية ونصل الى مصاف الاقتصادات المتقدمة التي يخلو فيها الاستبداد بالشكل المذكور. لكن هل هذا التطور هو الوحيد المتاح؟ الجواب لا. اذ يمكن التعلق بنموذج مثالي يقوم على اسس فلسفية وروحية ويعطي مكانا لتضامن مجتمعي بين مختلف الشعوب يسمح بتبادل التجارب والمعلومات المكونه للوعي بشروط مقاومة الاستغلال ومنعه حتى دون خوض عملية الرسملة. فلو تمكنت قوى فلسفية وسياسية ونقابية في كل البلدان من حركة نقابية ترفض بنجاح اي اجور او امتيازات وشروط عمل ادنى من مستوى معين يلغي الاستغلال وتنجح في كسر الحواجز الغير مبررة على نقل التكنولوجيا فانه يمكن التوصل الى رسم خريطة اكثر عدلا للاقتصاد العالمي ولمرحلة العولمة.



#محمد_القاهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور عدن: التركز الاقتصادي، اللا تركز السياسي وحكم السَّرَق
- عن العلاقة بين النقابات والاحزاب والمجتمع المدني
- عن القوالب الحضارية وتفعيل القالب اليساري
- .عدم الاتساق في خطاب الدكتور أحمد صبحي منصور: ملاحظات
- في الذكرى الخامسة لانطلاق الحوار المتمدن: مساهمة في فهم إشكا ...
- تناقض الديمقراطية الغربية ماوراء البحار
- في تعريف الفساد وسبل الحد منه: حالة اليمن


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تحذر من انهيار مبنى في حيفا أصيب بصاروخ أ ...
- نتنياهو لسكان غزة: عليكم الاختيار بين الحياة والموت والدمار ...
- مصر.. مساع متواصلة لضمان انتظام الكهرباء والسيسي يستعرض خطط ...
- وزير الخارجية المصري لولي عهد الكويت: أمن الخليج جزء لا يتجز ...
- دمشق.. بيدرسن يؤكد ضرورة وقف إطلاق النار في غزة ولبنان ومنع ...
- المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: القوات الإسرائيلية تواصل انتها ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 360 عسكريا أوكرانيا على أطراف ...
- في اليوم الـ415.. صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإس ...
- بوريل: علينا أن نضغط على إسرائيل لوقف الحرب في الشرق الأوسط ...
- ميقاتي متضامنا مع ميلوني: آمل ألا يؤثر الاعتداء على -اليونيف ...


المزيد.....

- افاق الماركسية واليسار ودور الطبقة العاملة في عصر العولمة-بق ... / مجلة الحرية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف الاول من آيار 2008 - أفاق الماركسية واليسار ودور الطبقة العاملة في عهد العولمة - محمد القاهري - نضالات المجتمع وآفاق اليسار في عهد العولمة