قبل وبعد أحداث كركوك الاخيرة حاول و يحاول البعض إقحام الاخوة المسيحيين (كلدان، أشوريون، أرمن وغيرهم) في مسلسل الحقد القومي و الطائفي والعنصري الجاري في العراق عامة ومنطقة كركوك خاصة. يوم أمس وخلافا لكل التقارير و الاخبار الواردة من كركوك صرحت السيدة (جابوك) ممثلة التركمان في مجلس الحكم بأن الاشوريين أيضا شاركوا في مظاهرات كركوك ضد الكرد.(جابوك) حاولت إدخال المسيحيين أيضا الى حلبة المصارعة في كركوك وفي لقاء تلفزيوني فقدت توازنها وأخرجت أثقالها وطالبت بتركمانستان العراق وإدعت بأن عدد التركمان يناهز ثلاثة ونصف مليون نسمة وأن التركمان يشكلون 67% من سكان كركوك، حسب إحصاء 1957 وطالبت بمدن ديالى و كركوك و أربيل و الموصل. و بهذا فهي تطالب بمدينتين أخريين أيضا غير التي يطالب بها الكرد. فالكرد لا يطالبون بمدينتي ديالى و الموصل.
هنا لا أريد الدخول مع (جابوك) في معمات سفسطائية و لا أقول لها أو أدعي كم هو عدد التركمان في العراق عامة و مدينة كركوك، ولكن أقول لها، الماء يكذب الخاطس فيه. وأنت كعضوة في مجلس الحكم من غير الجائز أن تكوني عدوة لحوالي 20% من سكان العراق, وأن كنت مخلصة دعك من كل هذا واضغطي على مجلس الحكم كي يباشر بأجراء إحصاء جديد في العراق أو في المحافظات الشمالية، كي يعرف التركمان و الكرد و العرب و الاخرون كم هي نسبتهم و ننتهي من هذا الموضوع. أما أن ترددين أقوال الاساطير فهذه غير جائزة لعضوة في مجلس الحكم.
حول إحصاء عام 1957، الكرد موافقون عليها و أن كنتم أيضا توافقون عليها فالتشكل لجنة تابعة للامم المتحدة وامريكا لتطبيقها في منطقة كركوك ونصوص هذا الاحصاء موجوده في أروقة الارشيف الدولي. و ليس من المعقول أن نرجع الى الاوراق و الاثباتات الموجودة لديك أو لدى الكرد او العرب حول هذا الاحصاء لانهم أطراف في النزاع.
أما الحديث عن مشاركة الاخوه المسيحيين في مظاهرات كركوك ومحاولة الصيد في الماء العكر و سوء الاستفادة من كتابات بعض الحاقدين على الكرد من الذين ينفجرون غضبا و غيضا لتمكن الكرد على تكوين نظام مدني شبه ديمقراطي وحقيقي في المنطقة. ألكتاب الذين يتحدثون عن ظلم و جور الكرد و الادارة الكردية والتي أصبحت من إحدى الاسطوانات المفظلة عند بعض وأكررفقط البعض من الذين يعتبرون أنفسم من المدافعين عن المسيحيين في العراق و بالذات كردستان العراق. هؤلاء لا يعرفون الحديث عن أي شئ سوى الكرد و كردستان العراق وينسون أو يتناسون أوضاع بني جلدتهم في البصرة و بغداد و المدن الاخرى من العراق. لا إعتقد بأن (جابوك) ستفلح حتى في إقناع هؤلاء الكتاب المسيحيين وسوف لن تستطيع إشراك المسيحيين في مختطها المرسوم ضد الكرد.
لانهم أي هؤلاء المسيحيون و ببساطة يرون بأم أعينهم الفارق الكبير بين العيش مع الكرد و العيش مع المتشددين و المتعصبين. فمجازر الارمن هي في ذاكرة كل مسيحي و ماحصل للمسيحيين طوال سنين حكم البعث وما حققوه من مكاسب و حقوق في كردستان العراق ماثلة أيضا أمامهم. فهم ليسوا بالسذج كي ينخدعوا بكلام (جابوك) و غيرهم من الذين لايمثلون حتى التركمان.
أما الحديث عن ما يجري للمسيحيين وما قد يجري لهم في عربستان العراق لا سامح اللة فهو مخيف و مقلق. هذا المصير المجهول الذي ينتظر المسيحيين في جنوب ووسط العراق لا تتحدث عنه وسائل الاعلام و القنوات المشبوهة. ليس هذا فقط بل و حتى بعض الكتاب المسيحييين ساكتون عنه إما خوفا من الاحزاب و الفصائل والشخصيات الدينية المتطرفة أو لأنهم قد كرسوا أنفسهم و طاقاتهم لمعادات الكرد في كل الاحوال و هم ليسوا إلا جنود تطوعوا أو أستأجروا لمعادات الكرد. وإلا لماذا نراهم ساكتين عن كل الظلم و الاظطهاد و القتل الذي يتعرض له المسيحيون في باقي أنحاء العراق. ففي البصرة قتل لحد الان العشرات من المسيحيين كذلك في بغداد و الموصل. اجبر العديد منهم على غلق محلاتهم و معاملهم. أداء المناسك والفرائض الدينية هي في طريقها الى الزوال و التحريم بحجة الانفلات الامني. ومن هم السبب في الانفلات الامني؟؟ وأخيرا إضطر العديد من المسيحيين كلدانا كانوا او أشوريين بمغادرة مدنهم التي تواجدوا فيها لعشرات و مئات السنين وبدأ موسم الهجرة الى الشمال و والاحتماء مرة أخرى بجيال كردستان كما حصل لهم قبل الاف السنين، عندما إنهارت أمبراطورية أشور وكذلك عندما بدأت الفتوحات الاسلامية.
حسب العديد من الوقائع والاخبار، بدأ المسيحيون المتواجدون في الجنوب و الوسط العراقي بالتوجة الى كردستان العراق خوفا من المتشددين الاسلاميين و القتل والاضطهاد المبرمج الذي يتعرضون له في هذه المناطق و المدن، و سط سمط مسيحي وعراقي و دولي. ليس هذا فقط بل أن بعض المصادر تقول بأن بعض الاطراف و الفئات بدأت بتهديد المسيحيين في هذه المناطق باقتل أو الرحيل. أن هذه هي جريمة بحق المسيحيين في العراق الجديد وعلى مجلس الحكم وأمريكا إتخاذ الاجراءات الكفيلة لمنع هذا الاعتداء ووقايتهم من القتل و المجازر التي قد يتعرضون لها على أيدي المتعصبين.
إن ما يتعرض له المسيحيون من قتل وتهديد و تشريد في عربستان العراق يدخل ضمن إطار الاظطهاد القومي و الديني ولا تختلف عن ما قام به صدام ضد الشعب الكردي في منطقة كركوك و الموصل.
كل هذا الاضطهاد والقتل و التهجير الحاصل للمسيحيين في العراق ونرى بعض الكتاب و الجمعيات الاشورية لاتراها و تتكلم عن بعض الاحداث التي ليست لها صلة بالاضطهاد القومي للمسيحيين في كردستان العراق. لأن هناك فرق كبير بين الحوادث الفردية و الشخصية الممكنة الحدوث في أي مكان و زمان وبين القهر القومي و معادات الافراد و الجماعات لأنهم مسيحيون (كلدان او اشوريون او أرمن). في كردستان العراق ليس هناك إضطهاد للمسيحيين لكونهم مسيحيين. أذا كان هؤلاء حريصين على الاشوريين ومصيرهم فاليكتبوا عن هذه المخاطر و الجرائم وليس عن بعض الاحداث الخيالية أو الحقيقية المؤسفة و الفردية.
أنا أسأل هؤلاء أذا كان الكرد بهذه الوحشية التي يتحدثون عنها فلماذا يهرب المسيحيون من البصرة مثلا و يستقرون في كردستان العراق؟؟؟ المعروف حسب كل الاعراف أن الانسان يبحث دائما عن مناطق أكثر أمنا وحرية. وهذا ما يفعله إخوتنا المسيحيون في الجنوب و الوسط العراقي.
أن (جابوك) و الجبهة التركمانية تناشد هذه العقول الغير مدركة لحقيقة الاوضاع أو التي تغضي الطرف عمدا عن ما يجري للمسيحيين و لكنها سوف لن تفلح لأن القول و الكتابة شئ و الواقع والاحداث شئ أخر. الكاتب الواقعي هو الذي يرى الاشياء كما هي و يسردها كما هي و ليس كما يبتغية و يتمناه. فأنا أدرك وأعرف بأن هناك بعض النواقص في الادارة الكردية وأن الديمقراطية في كردستان هي فتية وتحتاج الى التطوير. وانا لست راضيا على كل ما يجري في كردستان تجاه الكرد أيضا و ليس فقط تجاه القوميات الاخرى. و لكنني في نفس الوقت أدرك بأن الادارة الكردية في المنطقة هي من أفضل الحكومات المتواجدة في المنطقة بأجمعها وهي إدارة علمانية. ولو كانت الحكومات العراقية المتعاقبة في العراق قد تعاملت مع الكرد بنفس معاملة الكرد مع القوميات المتواجدة في كردستان، لما كانت هناك قضية تسمى بالقضية الكردية في العراق. فإمكانية المطالبة بالحقوق الشخصية و القومية موجوده في كردستان و خاصة للذين هم أصلا من سكنة المنطقة. هؤلاء يعملون على طريقة الناظور ذو العدسة المكبرة الى درجة أنهم لايرون إلا الاشياء الميكروسكوبية الصغيرة. أما الاشياء الكبيرة فلا يمكنهم رؤيتها.
ليس فقط المسيحيون لم يشاركوا في المظاهرات ضد الكرد بل أن أغلبية التركمان و العرب الاصليين أيضا لم يشاركوا في هذه المظاهرات و ها هي الجمعيات و الاحزاب التركمانية و الشخصيات العربية تشجب هذه المظاهره وتؤكد مشاركة الصداميين فيها وإثارة القلاقل من قبلهم. حتى مجلس الحكم إعترف بذلك و برئ الكرد.
أن محبة التركمان و المسيحيين و العرب الاصليين للكرد و كردستانهم هي نتيجة حتمية لصدق و عدالة الكرد و حكوماتهم و برلمانهم وليس لانها فرضت عليهم وهو أيضا دليل على مدى أدراك القوميات المتاخيه مع الكرد لمصالحها ومصيرهم المشترك مع الكرد. فلو كان الكرد عنصريون بنفس طريقة صدام و الصداميين الجدد لقام التركمان و المسيحيون و العرب الاصليون بالانتفاضة و الثورة ضد الكرد ونظامهم خاصة و نحن نعلم بأن هناك دول وأحزاب و قيادات دينية و منظمات إرهابية عالمية تشجع الاخوة التركمان و المسيحيين على ذلك و تصرف الكثير من الاموال لذلك الغرض ولكن مع هذا و نظرا لأدراك الكثير من الاخوة التركمان و المسيحيين لم نجد إلا القليل منهم ممن وظفتهم هذه الدوائر و الدول قد إنخدعوا بما يدعونة عن الكرد. أماالاغلبة الغالبة فهم مع المصير المشترك مع الكرد. لان الكرد قد يفرطون بحقوقهم ولكنهم سوف لم ولن يتحولوا الى ظلمة و معتدين بأي شكل من الاشكال. نحن سوف لن نفرض كردستان عليهم وسوف لن نقول لهم بأنهم كردستانيون إن لم يرغبوا بذلك. إذا كانت العراقية مفروضة علينا ككرد(شئنا أم أبينا) فأن كردستان يجب أن لا تكون كذلك. فمن حق الاخوة التركمان و المسيحيين ان يقرروا مصيرهم بأنفسهم.
فبابانوئيل لم يتجرئ الظهور هذه السنة ألا في كردستان العراق، لقد خاف من الاغتيال والاعتقال ولكنه تجول في كل أرجاء كردستان العراق و كان ضيفا خفيفا في كل القنوات الفضائية الكردية و الكردستانية ووزع الهدايا على الاطفال في كردستان بينما حرم أطفال عربستان العراق من ذلك وإضطر العديد من المسيحيين السفر الى كردستان للاحتفال بأعياد الميلاد لان ذلك لم يكن ممكنا في عربستان العراق. وأعتقد أن بابانوئيل سيخبر المسيحين بذلك. فالتيارات الدينية المتطرفه تعادي أمريكا و الكرد الذين هم مسلمون، فماذا سيكون مصير المسيحيين في العراق الجديد. إن المكان الوحيد في العراق الذي يتمتع و سيتمتع به المسيحيون بحرياتهم هو كردستان العراق. وأعتقد بأن المسيحيين يدركون هذه الحقيقة أكثر من غيرهم ولهذا السبب وأسباب أخرى فهم غير مستعدون لمعادات الكرد.
وأخير أقول،إن كان الجميع في العراق الى هذا الحد ديمقراطيين وإنسانيين، فالنكون عراقا بالرغبة و ليس الاكراه، و لتوافق كل القوميات العائشة في العراق بأجراء إستفتاء عام في العراق وبأشراف دولي تخول فيها كل قومية ( عرب، كرد، تركمان و كلدوئاشور و غيرهم) بالبقاء ضمن حدود العراق أو الانفصال و تكوين دولهم أو دويلاتهم القومية و لتحل مشاكل الحدود لجان دولية و محلية مشتركة و مختصة و ليست الاقوال و الادعاءات الفارغه.
ولا أعتقد بأن دول الخليج و اماراتهم تعيش حياة مزرية كي لا نحذو حذوهم.