|
المعرفة الانسانية وأنواعها
جودت شاكر محمود
()
الحوار المتمدن-العدد: 2265 - 2008 / 4 / 28 - 10:57
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
للإنسان ميل طبيعي إلى الاستطلاع والبحث، بهدف التعرف على ما يحيط به من ظواهر وفهم كنهتها، إلى جانب سعيه إلى فهم ذاته وطبيعته البشرية. حيث أن تاريخ المعرفة الإنسانية يضرب بجذوره في بدايات الأولى للوجود الإنساني. أن مسيرة الفكر الإنساني تمضي لتنحصر في مضمون أساسي واحد هو البحث عن إجابة على السؤال الكبير الذي واجهه الإنسان وهو: ما هي الحقيقة ؟ وأين تكمن ؟ وما هو المعنى الذي تتجسد به كي تعبر عن نفسها من خلاله ؟ فالإنسان يسعى دائما للبحث عن الحقيقة، في حين إن هذه الحقيقة تختفي تحت ركام هائل من الظواهر والأحداث التي ترفض أن تهب نفسها له دون جهد ونشاط فكري منظم من قبله. وبذلك فالإنسان عرف قبل أن يعلم، ففي بداية وجوده الأول لم يكن هذا الإنسان يطلب علما، إنما كان يبحث عن معرفة تؤمن له حياته واستمرار وجوده. فكانت معرفة من اليد إلى الفم كما يصفها جون ديويJohn Dewey. كانت معرفة براجماتية Pragmatism تستثمر التفاعل بين الإنسان والبيئة، من اجل استمرار الحياة ومقاومة عوامل الفناء التي كانت تحيط به من كل جانب، وذلك من خلال زيادة مظاهر الرفاهية وتقليل عوامل الضرر والفناء. فالتفكير الإنساني محكوم بالحاجة التي تحدث فيه توترا، يدفعه ذلك التوتر للبحث عن وسائل وطرق لتقليل من شدته، وذلك من خلال تلبية تلك الحاجات ومحاولة سدها أو أشباعها. فكانت المعرفة واقعية قبل أن تكون نظرية، وإلى جانب كونها ذات طابع اجتماعي، فهي معرفة تاريخية ارتقائية تسير من الجهل إلى المعرفة، وهي بذلك تغتني وتطور تاريخيا. فالمعرفة الإنسانية معرفة جدلية ديناميكية تراكمية ارتقائية. وبذلك فان المعرفة سبقت العلم، فالإنسان لم يكن في بداية وجوده يبحث عن كيفية حدوث الظاهرة، وما هي أسبابها ؟ بقدر ما كان يبحث عن ما توفره له هذه المعرفة من مطالب وحاجات توثر تأثيرا مباشرا على بقاءه. وبذلك أصبح البحث عن الأسباب والكشف عن العلاقات وإدراكها قيمة ثانوية أو ضربا من الرفاهية التي لا فائدة منها، إذ لم تكن معرفة القوانين الطبيعية والجزم بصدقها من عدمه من الأولويات المطروحة في سياقات حياته وتفكيره، بل كانت هذه المعرفة بالنسبة له مجرد وسيلة لاستمرار وجوده. ولكن مع تقدم المسيرة الإنسانية الحضارية والمعرفية وتطورها، بدأت تبرز اهتمامات الإنسان بالبحث عن الأسباب والعلاقات التي تختفي وراء الكثير من الظواهر والأحداث التي يتعايش معها، والتي لها الأثر الأكبر ببقاء واستمرا وجوده على هذه الأرض. وبذلك انتقلت المعرفة وتبلورت إلى مجموعة من الأحكام والأفكار والتصورات التي تحكم عقول البشر، والتي تيسر لهم التوصل إلى كنهة العلاقات الشاملة والضرورية التي تتيح لهم تفسير أسباب حدوث الظواهر على هذا النحو وليس على نحو آخر، بل وتمكننا من التنبؤ بمسيرة تطورها مستقبلا. فالمعرفة هي إدراك الأشياء وتصورها، وهي تستعمل في التصورات، بينما يستعمل العلم في التصديقات. لان من شروط العلم أن يكون محيطا بأحوال المعلوم إحاطة تامة. إذ أن للعلم شروطا لا تتوافر في كل معرفة، فكل علم معرفة وليس كل معرفة علما. وطالما أن المعرفة من نتاج العقل البشري فإنها خاضعة للطريقة التي يدرك بها هذا العقل تلك المعلومات. فالإنسان يدرك من خلال نسق من تحيزاته وتعصباته ومن خلال ميوله وخبراته السابقة (إطاره المرجعي). من كل ما تقدم يمكننا القول أن المعرفة اشمل واعم المفاهيم التي تصف ما لدى الإنسان من خلفيات نظرية ومعرفية وأفكارا ووجهات نظر وخبرات علمية وعملية يستطيع الاستفادة منها عند الحاجة. إضافة إلى إن المعرفة تعني قدرة الفرد على تحديد نوع العلاقات بين الأشياء الموجودة في هذا العالم الموضوعي عن طريق تحليل المعلومات المستلمة بواسطة الحواس المختلفة لغرض فهمها، أو بمعنى آخر أن المعرفة هي الخطوة المنظمة في محاولة الفرد معرفة العالم من حوله، وهي تقوم على تحديد خطوات الإدراك والفهم والمحاكاة العقلية. وبذلك فهي الصورة الذاتية للظواهر والأشياء والعلاقات الموضوعية الخارجة عن وعي الإنسان، وهي في ذات الوقت عملية أزلية متواصلة وغير متناهية لما هو أكثر دقة وما هو حقيقي عن الواقع في عقل الإنسان. فالمعرفة ترتبط ارتباطا وثيقا بعملية التفكير، بل نتاج تلك العملية الذهنية التفاعلية الانتقائية، فكل معرفة لا يتم اكتسابها إلا من خلال فعل عقلي نطلق عليه اصطلاح التفكير، وتتفاوت مستويات التفكير في ضوء الجهد العقلي المبذول والمعالجة المعرفية المستخدمة فيه بهدف انجاز مهام عملية التفكير. وتبعا لذلك فالمعرفة الإنسانية ليست واحدة فهي تختلف باختلاف الطرق التي تكتسب بها من قبل الأفراد، وكيفية الوصول إليها والإحاطة بها، إضافة لطبيعة تلك الظواهر ومدى تعقيدها إلى جانب الوسائل المستخدمة في اكتساب تلك المعرفة. لذا يمكننا أن نميز أربعة أنواع أو مراحل من المعرفة ليس بالضرورة أن تكون تلك المراحل أو الأنواع متتالية وإنما هناك نوعا من التداخل بين تلك الأنواع فرضتها عدد من المتغيرات. كما إن الفرد الواحد قد يظهر جميع هذه الأنواع خلال مسيرة حياته اليوميه. هذه المراحل أو الأنواع هي:
المعرفة الحسية Sensuous knowledge هي من أقدم أنواع المعرفة الإنسانية، وابسط وسيلة لاكتساب تلك المعرفة وأسهلها استنتاجا وملاحظة، تتمثل هذه المعرفة بالإدراك الحسي، إذ تعتمد أصلا على الحواس والخبرة اليومية التي لا تحتاج إلى حجج وبراهين تدعم وجودها وتعزز مكانتها وتؤيد أفكارها وحقائقها. فالإنسان يستخدم حواسه المختلفة كأدوات للاتصال بالمحيط الذي يعيش فيه، حيث يقوم بنقل المعلومات التي تصله من خلال حواسه إلى الدماغ باستخدام العديد من العمليات والفعاليات والتي تنحصر في ملاحظة الظواهر دون أن يوجه اهتمامه للبحث عن إيجاد صلات أو العلاقات التي تربط فيما بينها، أي إنها معرفة عادية يومية قائمة على الخبرة والمران. يشير جان بياجيهPiaget إلى أن أدوات المعرفة الأولية ليست الإدراكات ولا اللغة، إنما هي الأفعال الحسية- الحركية، فهذه تهيمن منذ البداية على الإدراكات، ولا تلفظ في مفهوم، ولا تستدخل كعمليات فكرية إلا فيما بعد بكثير. فالإدراك الحسي يعرف بأنه قدرة المرء على تنظيم التنبيهات الحسية الواردة إليه عبر الحواس المختلفة، ومعالجتها ذهنيا في إطار من الخبرات السابقة والتعرف عليها وإعطائها معانيها ودلالاتها المعرفية المختلفة. لذا لم ترتقي هذه المعرفة بالإنسان إلى مراتب البحث أو البحث العلمي عن الأسباب التي تقف وراء تلك الظواهر أو معرفة العلاقات والروابط التي تربط بينها، وذلك لعدم قدرة هؤلاء الأفراد على إدراك تلك العلاقات. وبذلك فهم لا يستطيعون ممارسة التفكير المجرد بعيدا عن تشكيل أو تجسيم ما يفكرون به، لذا فهم يسعون إلى محاولة تجسيد الشيء (أي إعطائه شكل أو هيئة ما) من اجل إدراكه، أي يجب أن تدرك حواسنا ذلك الشيء من خلال إصباغ صفات أو خصائص مادية تستطيع حواسنا إدراكها. وبذلك تنوعت واختلفت تلك المعارف نتيجة لاختلاف وتنوع الحواس ودرجة سلامتها ودقتها، ولاختلاف الظروف التي تحدث فيها هذه الخبرات. وبذلك كانت هذه المعرفة نسبية غير ثابتة. وعليه لا يمكن التسليم بوجود حقيقة ثابتة نتيجة لتباين الأفراد في قدراتهم الحسية وان توفرت تلك الحقائق موضوعيا. هذه المعرفة أكثر انتشارا وتداولا بين الناس، فقد توصل إليها الإنسان نتيجة لمشاعر الخوف الناتجة عن عدم فهمه للكثير من الظواهر الطبيعية والاجتماعية التي يمر بها في حياته التي يعيشها. إضافة لحاجته لتحقيق الأمن، والتعرف على أماكن الخطر التي تهدد حياته، والبحث عن مصادر الطعام. وبناءا عل ذلك يكون الإنسان بأمس الحاجة لها في حياته اليومية والعملية، وذلك لقدرتها على تفسير الظواهر والحوادث والملابسات التي تقع يوميا في المجتمع والبيئة التي يعيشها فيها. ولبساطة مكوناتها وعناصرها التركيبية وسهولة الوصول إليها، مما جعل ذلك الأفراد مستعدين لقبولها والالتزام بنصوصها وتعاليمها. علما بان هذه المعرفة سريعة التغير بين فترة وأخرى بسبب تغير الظروف الطبيعية والاجتماعية، كما إنها تختلف من مجتمع إلى آخر، وهي لا ترتقي إلى مستوى التحقق العلمي ولا تؤدي إلى معرفة العلاقات القائمة بين الظواهر والمتغيرات المختلفة وأسباب حدوثها. وبالرغم من ذلك فإنها واسعة الانتشار وخاصة بين الفئات المحرومة من التعليم والتطور الثقافي والمعرفي والحضاري.
المعرفة الميتافيزيقيةMetaphysical Knowledge الميتافيزيقيا يشير إليها (كانتKant ) على إنها ميل أنساني أولاً. فالإنسان يمتلك خاصية غريبة هي أن ذهنه مثقل بالأسئلة التي تمليها علية طبيعة الإنسانية، ولكنه لا يجد لها إجابات وافية، حيث أن قدراته العقلية ضئيلة أمام تلك الإجابات المصيرية. لذا سعى إلى تبني تفسيرات لا ترتبط بحقائق واقعية ملموسة. وذلك حينما عجز عن تجسيد تلك الظواهر حسيا لكي يتمكن من إدركها، وبذلك فانه سعى لتبني أسسا غير عقلانية وغامضة نابعة من مخياله الخصب والثري. ونتيجة لذلك وقع في شباك السحر والخرافة والأسطورة لكي يتلافى عجزه وضعفه أمام تلك الظواهر. وأولى تلك الخطوات التي تبناها هي انه اسقط صفاته الإنسانية على تلك الظواهر، لذا فانه أعتقد بحيوية الطبيعة وصورها بأنها تحس وتشعر وتحب وتكره وتنفعل وتتعاطف معه أو ضده، إضافة إلى أن لها غايات تسعى إليها. كما انه تصور إحداث أو أشياء وفكر بها وربطها بروابط غير حقيقية، حيث يرى علاقات وروابط بينها لا تبدو للآخرين. فانه يصطنع أو يختلق تلك الروابط والعلاقات بين الظواهر والتي لا تبدو هي المسببة، أو إنها قد تحدث صدفة أو بطريقة عشوائية، فيقيم بينها علاقة سببية تفتقر إلى علاقة فكرية مفهومة، ذلك ما أوصله إلى التفكير الخرافي. فالخرافةLegend هي الأفكار والممارسات والعادات التي لا تستند إلى تبرير عقلي، ولا تخضع لأي مفهوم علمي سواء من حيث النظرية أو التطبيق. وتقوم السيطرة الخرافية على أسس نكوصيه Regression يتقهقر الإنسان الذي يؤمن بها من العقلانية التي يجب أن تميز حياة الراشدين إلى مرحلة الطفلية في التفكير حيث يخلط الواقع بالخيال، والحقائق بالرغبات والأحلام، والصعاب المادية بالمخاوف الذاتية. من كل ذلك نشأت الخرافة والأسطورة. فالأسطورةMyth تنشأ عادة نتيجة الإلحاح الشديد من العقل على وجود تفسير مقنع لما يحيرنا من ظواهر كالزلازل والصواعق والبراكين والموت والمرض، مع النقص الشديد فيما بين أيدينا من حقائق علمية تتعلق بتلك الظواهر. فالأسطورة هي جزء من البناء النفسي والمعرفي للإنسان، وهي تعبير عن معتقدات الفرد أو المجتمع ذات الطابع الغيبي، والذي اكسبها قدسية هي نتيجة لارتباطها بالجانب الوجداني والعقلي لإنسان العصر الذي تعبر عنه، وقد ارتبط كل ذلك بالعقلية البدائية. وما يعزز ارتباطها بالجانب الديني أو تمثيلها له هو انه ومنذُ ظهور الدين المسيحي و الإسلامي لم تشهد حياتنا الفكرية أو الأدبية ظهور أي نموذج أسطوري جديد يعبر عن روح هذا العصر الممتد من ظهور هاتين الديانتين ولحد الآن. كما ارتبط تفكير الكثير من المصلحين بتلك المعرفة الميتافيزيقية وذلك حينما يئسوا من تحقيق المثل الأعلى في الواقع الاجتماعي الذي يعيشون فيه لذا توجهوا إلى عالم الميتافيزيقيا للتعبير عن ذلك. كما أن بعض الأفراد قد يجدون بعض المداخل ذات الصبغة العلمية غير المناسبة لتفسير ما لديهم من معتقدات، حيث أن هناك الكثير من المعتقدات لا يمكن اختبارها علميا، كما لا يمكن إثباتها أو إنكارها لذا يسعون إلى تلك المداخل العلمية لتفسيرها. أن عجز الإنسان دفعه إلى التفكير الميتافزيقي(الخرافي) ففي الماضي كان هذا العجز معرفيا أما عجز إنسان هذا العصر، فهو عجزا اجتماعيا حضاريا. فالمعرفة الميتافيزيقية لم تكن حكرا على أفراد المجتمع البدائي، بل امتدت لتشمل المجتمع الحالي وتتسلل برفق إلى عقل إنسان هذا العصر لتقدم له الكثير من التفسيرات المنسوجة بالأوهام لما يحيره من ظواهر وخاصة ما يتعلق بمصيره ووجوده. فالمعرفة الميتافيزيقية هي ردة فعل نتيجة للجهل والخوف من المجهول، متزامنة مع الاعتقاد بوجود قوى خفية لها التأثير على حياة الإنسان ومصيره مثل: السحرMagic والحظChance والتفاؤلOptimism والتشاؤمPessimism.
المعرفة الفلسفيةPhilosophical Knowledge وتسمى المعرفة التأملية أو العقلانية. حيث يسعى الإنسان من خلالها للبحث عن الحقيقة فيما وراء المحسوسات. أي البحث عن الأسباب والعلاقات التي تحيط بالظواهر والأحداث ولكن بشكل تأملي منطقي بحت، ولكن دون استخدام التجارب أو المحاولات البحثية. هي معرفة عقلانية تحتاج إلى مستوى ذهني أعلى مما تتطلبه الحياة اليومية أو المعرفة الحسية والتجارب اليومية الاجتماعية. في هذه المرحلة يتميز الإنسان بقدرته على ممارسة الجدل والتفكير المنطقي، يلجا إليها حينما يدرك إنه لا يستطيع الإجابة عن الكثير من تساؤلاته بالتجربة الحسية المباشرة، وحينما تعجز تفسيراته الميتافيزيقية على تقديم الإجابات الصحيحة أو الحفاظ على حياته. لذا تعتبر هذه المعرفة هي الأساس في البناء الحضاري والفكري للإنسان والمجتمع. ولا تقتصر هذه المعرفة على العالم الطبيعي بل تتعداه إلى البحث في مواضيع ما وراء الطبيعة. بالرغم من إنها تستخدم طرق القياس المنطقية في بحثها. لذا فان منبعها الفهم والعقل، وان العالم الحقيقي هو العالم الموجود في الأفكار العامة والحقيقية، والتي لها وجود مستقل عن الإنسان، فالأشياء التي نراها جميعا ما هي إلا نسخ غير كاملة لمثل أزلية راسخة أو نماذج أصلية. فالعالم الذي نعيش فيه لا يمثل الحقيقة النهائية بل هو خيال للعالم الحقيقي. فالطبيعة الحقيقية للشيء لا توجد فيما تقدمه لنا الحواس من معلومات بل في (المثل) الذي تنبع منه. وهذا ما لا يمكن التوصل إليه إلا بالعقل وحده. وبذلك فإنها اعتمدت التفكير الاستنباطي المنطقي كوسيلة للوصول إلى الحقيقة. ومن أهم المسائل والموضوعات التي شملتها هذا النوع من المعرفة وحاولت الإجابة عليها: • علم الوجود أو ما وراء الطبيعة. • المسائل الأخلاقية. • المسائل المتعلقة بنظرية المعرفة.
المعرفة العلميةScientific Knowledge تعتبر المعرفة العلمية أرقى درجات المعرفة وأدقها، يسعى من خلالها الإنسان إلى معرفة ما يحيط به من ظواهر وحوادث وأشياء. وهي تأتي نتيجة لمجهود فكري منظم يتخصص بدراستها دراسة موضوعية. وذلك عن طريق البحث المخطط والمنظم والتجربة القائمة على الأسلوب العلمي. والطريقة العلمية تعبيرا اصطلاحيا للتعبير عن الخطوات التي يتبعها الباحث عندما يتطرق منطقيا لأية مشكلة، والتي هي نشاط فكري يتضمن جمع وتنظيم وتصنيف وبرمجة المعلومات والبيانات الموضوعية التي تم اشتقاقها من الظواهر والأشياء المرتبة وغير المرتبة. وتعتمد هذه المعرفة أساسا على عمليتي الاستقراءInduction والاستنباطDeduction معا. فكل جانب يعزز نتائج الجانب الأخر ويدعم صحته وعلميته. حيث أن النتائج التي يتم التوصل إليها عن طريق التفكير الاستنباطي لا يمكن تصديقها أو الأخذ بها بعين الاعتبار إلا إذا قامت على مقدمات صادقة ثابتة وموضوعية. وعليه ابتكر العقل الإنساني التفكير الاستقرائي ليكمل التفكير الاستنباطي في البحث عن المعرفة. فالتفكير الاستقرائي يعتمد الملاحظة المنظمة للظواهر ووضع الفروض وإجراء التجارب وجمع البيانات وتحليلها لتثبت من صحة تلك الفروض. فهو يعتمد على جمع الأدلة والبراهين المادية والعلمية التي تساعد على إصدار تعميمات محتملة الصدق والثبات، وتستمد هذه المعرفة صحتها لا بكونها مبرهن عليها وغير متناقضة منطقيا في ذاتها، بل وفي المقام الأول لكونها قابلة للاختبار من خلال الممارسة، أي من خلال الملاحظة والتجربة العلمية. وبذلك فهي تختلف عن الاعتقاد الأعمى والذي هدفه التسليم المطلق بصحة موضوع ما دون القيام بالبحث عنه على أسس علمية والتحقق من ذلك علميا أيضا. والمعرفة العلمية ليست هدفا بذاتها وإنما وسيلة من اجل التعامل الناجح والمفيد مع البيئة وتمكين الإنسان من السيطرة عليها والتكيف معها وتسخيرها من اجل تقدمه ورفاهيته. ــــــــــــــ هذا الموضوع ملخص عن كتاب (البحث العلمي في العلوم السلوكية) الصادر عن مكتبة الانجلو- المصرية عام 2007 وهو من تأليف الكاتب.
#جودت_شاكر_محمود (هاشتاغ)
#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وجهات نظر: أفيون ولكن !!!!!
-
وجهات نظر: امرأة واحدة ولكن!!!!!
-
وجهات نظر: نظرية أنسانية ولكن....
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|