أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالد يونس خالد - العراق وأزمة العقل العربي 2/2 - صدام حسين في الأسر وأكذوبة أسطورة الرئيس القائد















المزيد.....



العراق وأزمة العقل العربي 2/2 - صدام حسين في الأسر وأكذوبة أسطورة الرئيس القائد


خالد يونس خالد

الحوار المتمدن-العدد: 703 - 2004 / 1 / 4 - 12:24
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


بعد إنهيار نظام الأمن القومي العربي، وإستمرارية ممارسة سياسة الإبادة الجماعية بحق الشعب العراقي عربا وكردا وأقليات، وجعل الشعب العراقي أسير السياسة البعثية الشوفينية ، وتشرد أربعة ملايين عراقي في الدول الأخرى، وتفرج النظام العربي الرسمي لتلك السياسة الهوجاء، وتجنيد بعض العقول العربية المريضة للدفاع عن الظلم والطغيان البعثي ، والخوف المتزايد لدى قطاعات واسعة من الشعب العراقي، وجعل العراق ملكا صرفا لصدام حسين ولحفنة من القتلة المقربين له، وخلق أجيال عراقية تعيش في ظل طائلة الخوف والتردد، وتأييد بعض الأنظمة والقيادات العربية لسياسة صدام، وجدت المعارضة الوطنية العراقية نفسها وحيدة في ساحة المواجهة مع الطاغية العراقي صدام حسين ، خاصة وأن جميع الأبواب أصبحت مغلقة أمامها بفعل الأزمة العقلية التي كانت ولا تزال تعيشها العقلية العربية، إضطرت المعارضة الوطنية العراقية أن تبحث عن أصدقاء يتحالفون معها لمساعدة الشعب العراقي بالتحرر من العدوان والمقابر الجماعية والإغتصاب. ولعل من المفيد القول بأن الولايات المتحدة هي الأخرى كانت تبحث عن أصدقاء تساعدها بالسيطرة على العراق، بعد أن نجحت بالسيطرة على العقلية العربية في الخليج ودول الشرق الأوسط بمساعدة صدام حسين نفسه، في حربه مع الشعب العراقي والجيران، مما فتحت الأبواب أمام القواعد الأمريكية في المنطقة.

   وجدت الولايات المتحدة الأمريكية والمعارضة الوطنية العراقية بأن مصالحهما تلتقيات بضرب الطاغية العراقي وتحرير الشعب العراقي من الظلم الذي عاناه، مقابل إحتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ولو لمدة معينة، ففي السياسة مصالح ومنافع، إذ لاصديق دائم ولا عدو دائم إنما مصلحة دائمة. فالعقل العربي لم يكن مرشحا لتحرير الشعب العراقي، لأنه ولا زال محتلا من قبل الإدارة الأمريكية. أما العامة من الكادحين العرب فهم لا حول لهم ولا قوة لأنهم ليسوا صانعي القرار، وغير قادرين أن يتحركوا في ظل الأنظمة الشمولية التي تحكمهم.

    قال إبن خلدون "إتفق العرب على أن لايتفقوا" . هذه المقولة صحيحة إلى أبعد الحدود فالعرب يبحثوا عن مشكلة لكي يختلفوا حولها، وإذا لم يجدوا مشكلة فيجب أن يخلقوا مشكلة. كم تألمت حين سمعت مقدم برنامج "في رحاب الشريعة" البارحة يقول في القناة الفضائية "اقرأ":  ما أن تظهر مشكلة عربية أو إسلامية إلا وتظهر مشكلة أخرى وأخرى، ونحن نعيش في مشاكل كثيرة. صحيح أن العقلية العربية عجزت أن تجد حلا واحدا للمشاكل التي تعانيها المنطقة، وعجزت أن تتفاهم لتبحث عن إيجاد حل، في غمرة عشرات المؤتمرات والإجتماعات التي تنتهي ليضع المؤتمرون أوراقهم في صناديق مغلقة لايفتحونها إلا في مؤتمر آخر.

    سقط دكتاتور العراق صدام حسين، وسقط صنم ساحة الفردوس في 9 نيسان عام 2003، وهلل الشعب العراقي بسقوط وإنهيار نظام الظلم والإضطهاد، وتصور بأن عهد الإستغلال والإستعباد قد ولى بغير رجعة. لكن الشعب العراقي لم يدرك بوضوح بأن العقلية العربية التي تعيش في أزمة خانقة ستتفاعل مع الحدث لتجعل من حالة العراق ميدانا للصراع من جديد.

    بعد تحرير العراق من قبل قوات الحلفاء، تحولت عملية التحرير إلى إحتلال. لقد ساعدت العقلية العربية أمريكا في ترسيخ الإحتلال، وذلك بالوقوف ضد المعارضة الوطنية العراقية، وترك الشعب العراقي وحيدا في الساحة من جديد أمام قوات الحلفاء وخاصة الولايات المتحجدة الأمريكية، مثلما تركه وحيدا قبل التحرير والإحتلال أمام طغيان صدام حسين. فرفضت جامعة الدول العربية الإعتراف بمجلس الحكم الإنتقالي، واعتبره غير شرعي ، كما رفضت الأنظمة العربية إدانة المقابر الجماعية التي نفذها نظام صدام حسين، ورفض نظام الأمن القومي العربي بأنه عاجز عن مواجهة الحدث، وظل العقل العربي يدور في حلقة الشعارات القومية الرخيصة والمزايدات الوطنية التي نسمعها كل يوم في ظل الإحتلال الذي يعيشه العقل العربي برمته.

 

العقل العربي في إختبار

أصبح العراق ساحة للإرهابيين القادمين من خارج الحدود، وفتح بعض الانظمة الشمولية الجارة للعراق حدودها أمام الإرهابيين ليدخلوا العراق ويفتكوا بأبناء الشعب العراقي، بشن عمليات إنتحارية إرهابية لقتل المدنيين والنساء والأطفال ، وتصفية حساباتهم بحجة مقاومة الإحتلال الأمريكي.

   نحن نعترف بأن العراق محتل، ونعترف بأنه يجب أن تخرج القوات الأمريكية وقوات الحلفاء من وطننا الحبيب، وعلى كل وطني عراقي شريف أن يعمل بجد وهمة لإخراج القوات الأجنبية من العراق، ولكننا يجب أن نفهم بجلاء بأن الشعب العراقي لايوافق على ممارسة الإرهاب من قبل قوى الظلام بحق أبنائه، ومن غير الممكن قتل أبناء الشعب تحت ذريعة المقاومة. إن مثل هذه العمليات الإرهابية التي يسميها البعض من العرب الأجانب، مقاومة، تضر بمصلحة العراق، وتُرسخ الإحتلال. ومن جهة أخرى يعطي هذا الإرهاب ذريعة للأمريكان بالبقاء أطول مدة ممكنة في العراق.

       أعتقد أنه يجب أن تبقى القوات الأمريكية وقوات الحلفاء في العراق في الوقت الحاضر لتصفية جيوب الإرهاب القادم من خارج العراق أولا، وإجتثاث جذور الخلايا الإرهابية العائدة للنظام الصدامي المنهار ثانيا، وتأمين نوع من الإستقرار والأمان للشعب العراقي ووضع دستور على أسس ديمقراطية ثالثا، وإجراء إنتخابات ديمقراطية لإنتقال السلطة إلى الحكومة الشرعية المنتخبة رابعا ثم حل المشاكل التي حكمت العراق وخاصة المشكلة الكردية بالإعتراف بحلها حلا ديمقراطيا عادلا وإيجاد حلول عادلة لمشالكل الأقليات القومية والدينية الأخرى خامسا. إن بقاء هذه المسائل الأساسية ومسائل أخرى إقتصادية وسياسية وإجتماعية، وإنسحاب القوات الأمريكية والحلفاء في ظل حالة الفوضى الراهنة يعني الدخول في حرب أهلية يكون الغلبة للإرهابيين وبقايا قوى الشر الذين يمتلكون السلاح الكافي لضرب القوى الديمقراطية العراقية، مما يعطي الذريعة لتقسيم العراق إلى عدة دويلات، وتدَخُل القوى الأجنبية من سورية وتركية وإيرانية وسعودية وإسلاموية إرهابية وطورانية وقومية شوفينية وطائفية، ويصبح العراق ساحة لتصفية الحسابات بين مختلف القوى المتناقضة والمتصارعة، ويكون الخاسر في كل الأحوال، الشعب العراقي الذي لم يجد الفرصة الكافية أن يقف على قدمية، ويقرر مصيره بنفسه ويبني وطنه ويتقدم إلى أمام. 

   العقل العربي اليوم في إمتحان، فالمسؤولية الوطنية تتطلب من الأنظمة العربية منع تسلل الإرهابيين عبر الحدود، كما يجب إتخاذ موقف واضح ومؤيد لحق الشعب العراقي في إختيار النظام الديمقراطي الذي يريده، وأن النظام الفدرالي البرلماني الديمقراطي التعددي هو النظام الأمثل لحالة العراق. ولقد أدركت جامعة الدول العربية هذه الحقيقة، بعد وقوع صدام حسين في قبضة الشعب العراقي والقوات الأمريكية، فأرسلت وفدا لتقصي الحقائق إلى العراق، في الإسبوع الماضي، ولازال الوفد متواجدا في العراق. ومن الجدير بالذكر أنه كان يجب على الأمين العام لجامعة الدول العربية أن يتخذ القرار قبل ذلك التاريخ، ولكن مع ذلك فإن الخطوة التي إتخذها لاحقا كانت في محلها رغم تأخيرها. فالجامعة العربية أمام إختبار صعب، وعليها أن تسمع إلى صوت الشعب العراقي في تقرير مصيره بنفسه، وليس مؤامرة لإفساد الوضع للشعب العراقي بالتدخل في شؤونه الداخلية، وجر العراق إلى حالة الفوضى والطائفية. كما تقع على عاتق الأمين العام إدانة الإرهاب بكل أشكاله العلمانية والدينية، وإدانة المقابر الجماعية ، وأن يفهم بأنه لايمكن للشعب العراقي قبول هؤلاء الإرهابيين الذين يمارسون الإرهاب ضد الشعب العراقي والمنظمات الخيرية التي جاءت لمساعدة الشعب، ونسف المصالح الوطنية الإقتصادية التي تضر بالإقتصاد الوطني. ورغم إعتقال صدام حسين فإن عصاباته لازالت وستبقى غير مرغوبة من قبل الشعب العراقي لأنهم قتلة لا يفهمون لغة الحرية والديمقراطية.

صدام حسين أمام العدالة

وقع صدام حسين في الأسر ذليلا مهانا في 13 ديسمبر عام 2003، وعُرضَ على شاشات القنوات الفضائية في اليوم التالي. وتضاربت الأنباء والروايات بأنه قد تعرض للتخدير، وأنه قد أعتقل قبل ذلك بشهرين في الأعظمية بعد مقاومة لمدة ثلاثين ساعة، وقتل من الجانبين المئات. إنني أعتقد بأن هذه الأخبار لاتغير من الواقع شيئا، فصدام حسين كان إرهابيا أرهب الشعب العراقي منذ أن تولى السلطة بإنقلاب عسكري دموي في تموز عام 1968، وتحول إلى جلاد بعد أن قضى على أحمد حسن البكر وتبوأ منصب رئاسة الجمهورية في أواخر عام 1979. فسواء قاوم الأمريكان أو لم يقاوم، فإنه لم يكن وطنيا بأي شكل من الأشكال، إنما كان عنجهيا وقاتل الشعب العراقي، وافقر الشعب العراقي ، واغتصب هو وأبناءه شرف كثير من النساء، وأوقعوا العراق في أتون حروب طاحنة لا أول لها ولا آخر، وأن قتاله للأمريكيين ثلاثين ساعة هو قتال من أجل السلطة والإستمرارية في الفتك بالشعب العراقي.

    نحن العراقيون نطالب بمحاكمة صدام حسين محاكمة عادلة من قبل الشعب العراقي في العراق، وأن تكون المحاكمة علنية، وأن يكون محاموا الدفاع عراقيين وليسوا مأجورين من خارج العراق، وأن يكون القضاة عراقيين، وأن تتخذ العدالة مجراها بإتخاذ أقسى العقوبات القانونية العادلة بحقه ومحاسبته على جرائمه بحق الشعب العراقي والشعبين الصديقين الكويتي والإيراني. إنني شخصيا أحبذ عدم قتله، إنما سجنه مع الإشغال الشاقة مدى الحياة، وجعله نموذجا سيئا للقيادات العربية، ومهزلة تشفي غليل الثكالى الذين فقدوا أطفالهم. أعتقد بأن القتل قليل له، وأنه أذل من أن يجعله ضعاف النفوس شهيدا، ولهذا يجب أن يتعذب طوال حياته ما ينبغي للظالم أن يتعذب.

 

أكذوبة اسطورة الرئيس القائد، والبطل القومي العربي

كان نظام البعث العراقي الذي قاده صدام حسين قائما على الكذب والدجل، وكان صدام يفكر بنفسه وأولاده وبطانته الفاسدة، وجعل العراق بكل وارداته ملكه الشخصي، فشيد بأموال الشعب العراقي 28 قصرا خاصا به من المرمر بلغت كلفتها مئات الملايين من الدولارات، وجعل من أبناء الشعب حطاما لطموحاته المريضة ، وبلغت ديون العراق 120 مليار دولار ، لبلد كالعراق يملك أكبر إحتياطي النفط في العالم، ويعتبر ثالث أكبر دولة مصدرة للنفط.

     إعتبره بعض الإعلاميين العرب ، لا أنوي ذكر أسمائهم لتجنب التشخيص، بطلا قوميا ورمزا للعروبة. كيف يمكن إعتبار قاتل فَتَك بالشعب العراقي، بطلا قوميا؟ ماذا فعل صدام حسين بالشعب العراقي والأمة العربية غير الإهانة والمقابر الجماعية والحروب ونسف سياسة الأمن القومي العربي برمته حتى يصبح رمزا للعروبة؟ كيف تفهم العقلية العربية معنى مصطلح "البطل القومي" ومصطلح "رمز العروبة" ؟ إلى أين يقودنا بعض الإعلاميين المأجورين بجعل صدام نموذجا حسنا لرئيس دولة كان له عصابة خاصة لخطف المحصنات ليغتصبهن، وكان لأبنه عدي عصابة لخطف الفتيات وإغتصابهن وقتلهن بعد ذلك؟ هل يمكن لهؤلاء الذين يعتبرون صدام رمزا للكرامة العربية أن يتقبلوا كل تلك الأعمال المهينة بحق الشعب العراقي مقابل حفنة من الدولارات كانوا يقبضونها منه؟ كيف يمكننا حماية الكرامة الوطنية بمعزل عن الأخلاق وشرف الأمة؟

    أنا لا أفهم لماذا لازال بعض القوميين العروبيين يتباكون على صدام حسين، بحجة أنه ضرب إسرائيل بالصواريخ؟ إنه ضرب منطقة صحراوية في إسرائيل ببضعة صواريخ دون أن تحدث خسائر، وكانت العملية بمثابة ذر الرماد في العيون ليجعله بعض المغفلين بطلا قوميا، وهي أكذوبة بعثية قائمة على نظام الكذب، ضمن خطة مدروسة كما بيناها بالوثائق في الحلقة الأولى من هذا البحث.

    هناك مَن يعتبر صدام نموذجا آخر لإبن لادن، لكنني لا أتفق معهم، فإبن لادن رجل دين يفهم الإسلام بطريقة ممارسة العنف ضد الأجنبي، لكن إبن لادن لم يغتصب النساء المسلمات، ولم يقتل الأطفال المسلمين ونسائهم ولا دفن الآلاف من أبناء شعبه أحياء في مقابر جماعية في أفغانستان. فليس هناك وجه شبه بينهما في حين أن كلاهما نموذجين لممارسة الإرهاب ولكن بشكلين مختلفين، مع التأكيد بأن الممارسات الإرهابية بقتل المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ تضر بالإسلام والمسلمين، وتشوه صورة الإسلام، وهو الدين الذي يدعو إلى وحدانية الله تعالى وإلى الهداية والحق والعدالة والمساواة بعيدا عن الإرهاب والظلم والعدوان.

 

أزمة العقل العربي قائمة على العاطفة والقومية المتشنجة

لازال العقل العربي يعزف على سيمفونية القومية العربية بالمعنى الشوفيني المتزمت، أستثني من ذلك الأخوة العرب الخليجيون الذين تجاوزوا هذه الأزمة ووصلوا إلى مرحلة أكثر نضجا وعقلانية في معالجة الأحداث. فقد نجح الخليجيبون أن يخرجوا من الدائرة القومية الشوفينية المتشنجة وأصبحوا يفكرون في دائرة أوسع من القومية، بالتعامل مع القضايا العربية والشرق اوسطية بعقلانية وعلمية. لكن العقلية العربية بشكل عام، والعروبيون بشكل خاص، والذين لازالوا يؤمنون بأفكار ميشيل عفلق وصلاح البيطار والعيسمي وغيرهم من الذين يركضون وراء السراب البعثي سواء في العراق أو خارجه، ينظرون إلى كافة القضايا التي تحكم الشرق الأوسط بمنظار قومي شوفيني بحت. وكل متتبع للأحداث في الشرق الأوسط يفهم بوضوح كم من الناس قتلوا بأسم القومية؟ وأعني هنا الفكر القومي المتطرف من عرب وكرد وأقليات.

   ما يهمنا في هذا البحث هو قضية الشعب العراقي والدكتاتور صدام حسين. فأزمة العقلية العربية لا زالت خانقة حتى بعد وقوع صدام في الأسر، وفي قبضة العراقيين وقوات الإحتلال. فالعقلية العربية لازالت تعزف على أوتار المؤامرات الإستعمارية والإمبريالية، وهي في الأصل عملية ميكانيكية الدفاع في الوقت الذي يعود السبب إلى فشل العقلية العربية في معالجة الأحداث. فأمريكا توجه سياسة الأنظمة العربيية، وإن خيار الديمقراطية من قبل شعب من الشعوب العربية يعتبرونه مؤامرة إستعمارية ضد الإسلام وضد العروبة وضد القومية. وأكثر الذين يصرخون هم من السياسيين والإعلاميين المتأثرين بالفكر القومي المتطرف والعواطف الدينية المتطرفة بتمجيد صدام حسين وأمثاله من القيادات الفاشلة ، واعتبروهم رموزا للقومية العربية، لأنهم يقارعون الإستعمار والصهيونية على حد تعبيرهم. ولكن مَن زرع الصهيونية في المنطقة؟ أليس العقل العربي الذي إتفق أن لا يتفق لتأييد القضية الفلسطينية بالصراخ والعويل، وترك الشعب الفلسطيني فريسة للصهيونية؟ أليس التخاذل العربي جعل من القضية الفلسطينية قضية خاصة للفلسطينيين، وأقاموا العلاقات الحميمية مع إسرائيل؟ متى استخدمت الأنظمة العربية قوتها الإقتصادية والسياسية ضد إسرائيل بشكل مبرمج ومخطط في المحافل الدولية؟

   لازالت العاطفة تقود العقل، فنقول بأن القضية الفلسطينية هي لب القضايا العربية الإسلامية، لكننا عمليا لم  نفعل شيئا للقضية. نقول بأن صدام رمز عراقي وبطل قومي وهو أكثر الناس شرا وأذية للشعب العراقي والعرب والإسلام. وجدنا صدام حسين بتلك الهيئة المخزية، كرجل منهوك القوى عاش في قبو لينجو بروحه المذنبة، ولحيته النتنة، والعاطفة تتأثر على عقول بعض الضعفاء فيدافعون عنه، وهو المجرم الذي يستحق أن يُحاكم لينال جزاءه العادل أمام القضاء.

   ماذا يريد هؤلاء الذين يغنون بالعاطفة أن يفعل الشعب العراقي بصدام حسين؟ هل يمنحه الشعب العراقي نوط الشجاعة على إهانته للشعب وإذلاله للوطن ودفنه الأطفال أحياءا في مقابر جماعية؟ لقد تبرع 600 محام أردني للدفاع عن ظلم صدام وفاشيته، لأنهم لايفكرون بالشعب العراقي، ويتجاهلون بأن الشعب العراقي شعب شريف وكريم ولايمكن أن يسمح لمجرم حرب كصدام أن يفلت من قبضته، والشعب العراقي معروف بقصاصه العادل من كل الذين حكموه وظلموه، والتاريخ لا يرحم أحدا. فليستمر أولئك الذين يتباكون على صدام حسين، لكن الحكم سيصدر من قبل الشعب، بعد أن يفهم الجميع في محاكمة علنية عادلة بعيدا عن العواطف والمثاليات ماذا فعله الدجال. العملة البعثية أصبحت مستهلكة، ويصعب على العرب أن يشتروا بها شيئا في العراق أوخارجه.

  

صدام حسين لا يمثل الأمة العربية

إن إظهار صدام بتلك الهيئة الجبانة والمتدنية لم يكن إهانة للأمة العربية، لأن صدام لم يمثل تلك الأمة، إنما كان يمثل نفسه ضد تلك الأمة وضد الأمم الأخرى. الأمة بكل نقائها تقول بأعلى صوتها، إذا كان صدام يمثل ضمير الأمة فسحقا لأمة يمثلها فاشي أضر بها طوال أكثر من ربع قرن، وتبا لأمة كان صدام حسين زعيمها.

   ولكني أقول بقناعة بأن الأمة العربية أمة عظيمة وخالدة، والكل يعتز بها ويقدرها. أما صدام فهو نموذج سيئ وآثم لايمثل إلا نفسه، لذلك ينبغي ، بل يجب أن نميز بين الأمة العربية الخيرة وبين صدام حسين المجرم الآثم. وعلى الأمة العربية أن تتبرأ من صدام وجرائمه وذنوبه وممارساته الإرهابية لأن الأمة العربية أعلى من أن تدافع عن شر إبتلى به

الشعب العراقي، فتخلص منه إلى الأبد بعد أن ينال قصاصه العادل إنشاء الله.  



#خالد_يونس_خالد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق وأزمة العقل العربي 1/2
- قريتي
- إشكالية تسييس الإسلام وعلمنة المجتمع
- مشوار في جنينة الحوار المتمدن
- نحو النور
- مقدمة الديوان الشعري -رفات تناجي ملائكة السلام
- مقدمة كتاب دراسات حول القضية الكردية ومستقبل العراق
- الحيرة الذهنية
- الوعي واللاوعي بالتراث
- طفلتي الصغيرة
- التعصب يمزق جدرانه فإلى أين ينتهي بنا التفكير؟
- الطفل المعجزة
- مشوار منفى الروح في القرى الكردستانية
- معركة الديمقراطية في عراق المستقبل بين الحرب والسلام - القسم ...
- الكرد ومعركة الديمقراطية في العراق 3-3 - القسم الأول
- أغنية العمر
- الكرد والنموذج الديمقراطي الإيراني ومساندة الولايات المتحدة ...
- في رحاب الحب
- إشكالية ديمقراطيات الشرق الأوسط وموقع الكرد في معركة الديمقر ...
- صرخة النفس المتمردة


المزيد.....




- التهمت النيران كل شيء.. شاهد لحظة اشتعال بلدة بأكملها في الف ...
- جزيرة خاصة في نهر النيل.. ملاذ معزول عن العالم لتجربة أقصى ا ...
- قلق في لبنان.. قلعة بعلبك الرومانية مهددة بالضربات الإسرائيل ...
- مصر.. غرق لانش سياحي على متنه 45 شخصًا ومحافظ البحر الأحمر ي ...
- مصدر يعلن موافقة نتنياهو -مبدئيًا- على اتفاق وقف إطلاق النار ...
- السيسي يعين رئيسا جديدا للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
- ثلاثة متهمين من أوزبكستان.. الإمارات تكشف عن قتلة الحاخام ال ...
- واشنطن تخطط لإنشاء قواعد عسكرية ونشر وحدات صاروخية في الفلبي ...
- هايتي: الأطفال في قبضة العصابات مع زيادة 70% في تجنيدهم
- تحطّم طائرة شحن في ليتوانيا ومقتل شخص واحد على الأقل


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالد يونس خالد - العراق وأزمة العقل العربي 2/2 - صدام حسين في الأسر وأكذوبة أسطورة الرئيس القائد