|
شخصياتها في غاية الجنون الهارب: رواية بطلها نبي تمرد على قوانين السماء... وشاعر يؤمن بشخصية بطلها
فاطمة العلي
الحوار المتمدن-العدد: 2264 - 2008 / 4 / 27 - 03:29
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
لم يكن الإعلامي في قناة الجزيرة الفضائية حافظ الميرازي يعرف أن برنامجه الشهير "من واشنطن" سيلعب دورا محوريا في أحداث رواية "الهارب" لكاتبها الشاعر والصحفي منير النمر، إذ لعب البرنامج دورا رئيسا في تعرف "النبي الهارب"، وهو لقب بطل الرواية على فاتنته الراقصة نور التي وصلت لدهاليز البيت الأبيض الأمريكي بعد هجرتها من إسرائيل التي قتل فيها الهارب جنديا أثناء إقامة حفل للجند الذين كانوا يقصفون قطاع غزة بأبشع أنواع الأسلحة. والرواية التي اتخذت اللغة السلسة التي لا تخلو من الشعرية التي لا تفسد جو النص الروائي، بل أتت لتنساق أدبيا معه طبعت العام الحالي (2008)، علما أن المؤلف أنهى كتابتها في العام (2002)، وفقا لتاريخ المقدمة التي كتبها الشاعر ثامر مهدي، وعلى رغم أن الرواية متأخرة زمنيا نحو ست سنوات، إلا أن أحداثها الإنسانية المتبطة بالفلسفة والعبثية وأحداث الحادي عشر من سبتمبر لم تنتهِ زمنيا، وبخاصة أنها ترتبط بأحاسيس إنسانية ومتعة وتشويق كما أنها لا تخلو من العبارات الجنسية التي تعري الواقع العربي وحكامه. لعب "النبيُّ الهارب" دور الفيلسوف الذي خلق من سبع زجاجات إحداهن فارغة، إذ تلفت هذه الشخصية نظر كل من يلتقي بها في الرواية، خصوصا مجموعة من تنظيم مسلح سعودي ينوي أن يفعل أعمالا إرهابية في العاصمة، إذ التقى معهم صدفة في مطعم. وتبدأ الرواية قصتها التي مزجت بين العبثية، والسخرية السياسية، والفلسفة المتمردة على مسلمات عدة من الحانة القديمة التي لم يحدد الكاتب مكانا جغرافيا لها، بيد أن القارئ يدرك من خلال السياق السردي أنها في الوطن العربي، الأمر الذي يحيل القارئ للهم العربي المشترك، إذ لو حدد مكان الحانة لفسد جو النص. يقول الكاتب واصفا الحانة: " سماء متهالكة ونجوم تغرق في ضيائها، وضباب مشتت الألوان والأرجاء سمات حانة قديمة، حانة يزورها الأنبياء وأوصياؤهم، في تلك الطاولة المستديرة وعند ذلك الكأس الفارغ تغير التاريخ في ذهنه، فتبغه وأحلامه تذكره بصاحبة الفستان الأحمر، برقصة الأفعى... الحديث طويل والشراب ينضب بينهما، فـ"النبي الهارب" يصدق نبوته ويدعو شعوب الأرض لها..". ومنذ الصفحة الـ(15)، وهي بداية الفصل الأول "لقاء في الحانة القديمة" قد تجد نفسك مستفزا بعنف من ألفاظ الرواية كـ"حانة يزورها الأنبياء وأوصياؤهم..."، فيما تستمتع – رغم مخالفتك – لتدوينات الكاتب بلغته الشعرية التي وظفت في تناسق كبير مع السرد الروائي، وربما تصل حين تغلق آخر ورقة في الرواية (ص 159) لنفس ما قاله الشاعر اليمني بكر أحمد، إذ قال فيها: "سلام لا يضمن خمرا مشرقا ليس سلاما.. آمنتُ بك خاتما للأنبياء" في إشارة منه لبطل الرواية الذي يدعي أنه نبي خرج عن قواعد اللعبة السماوية، فراح يكشف أسرار الخلق، شخصية تحمل في طياتها الجنون اللذيذ، جنون أشعر ملك قلب الراقصة المومس التي تتذكر نبيها الهارب في أي لقاء جنسي مع أي رجل جديد. وتسير أحداث الرواية متماشية مع العبث والجنس، إلا أنها تتنقل بين بلدان العالم، وصولا لبلدات نائية كبلدة العوامية التي تقع شرق السعودية، والتي يتواجد فيها بئر للنفط، هناك يختبئ ويصف الكاتب أجواء تلك البلدة؛ ليعطي للقارئ مساحة جديدة تزود النص بالأوكسجين، فيما تسافر بعد ذلك عن البلدة متجها لنجد التي تدور فيها أحداث مشوقة، منها الكبت الجنسي والعادات والتقاليد التي قيدت "النبي الهارب"، وينقلك الكاتب في شكل مشوق لأحداث فلسطين في فصل "الرحيل إلى إسرائيل"، إذ يضرب أحد الأطفال الفلسطينيين زجاجة الخمر التي اصطحبها النبي الهارب معه من الحانة القديمة، فيما ترقص الراقصة نور للجند الإسرائيليين، وفي هذا الفصل الهام من الرواية يبين الكاتب مدى التناقض الذي يعيشه المواطن العربي، إذ أن المكبوتات العربية جعلت "النبي الهارب" يفر مع الراقصة لإسرائيل كي يحيا حسب ظنه حياة رغيدة، بيد أنه يصطدم بانتفاضة العرب ضد الإسرائيليين، فيبدأ الصراع الداخلي في بطل الرواية بالخروج، لينتهي بقتل جندي إسرائيلي، الأمر المؤدي لهربه من إسرائيل والابتعاد عن الراقصة التي عشق جسدها الشهي. وتندفع أحداث الرواية نحو السخونة بعد دخول القارئ لفصل "نجد"، إذ وظف النمر مشهد اكتشاف "النبي الهارب" لراقصته التي ملئت الدنيا وشغلت الناس منذ تمكنها من دخول المسرح السياسي الأمريكي، إذ حققت نصرا في الانتخابات أمريكا لم يستطع أن يحققه الحكام العرب بأموالهم، وكأن الكاتب أراد أن يقول للأمة العربية إن الجسد الأنثوي قادر على لعب محاور أكثر فاعلية من العقل السياسي العربي الذي أوصل المجتمع العربي إلى الهاوية. وفي الصفحة 126-127 من الرواية يقول المؤلف: "... - لا أرغبُ في التصعلك في دهاليز الأخبار، فما خلقتُ إلا للعربدة والسكر، ولا فرق بيني وبين الحكام، فجميعنا يرتكب الجريمة ضد الله، والفرق بيننا هو أنّي أعرفُ حجم تمردي، وهم لا يعرفون!! - حدث هز العالم بأسرة.. البارحة بُعيد منتصف الليل؛ لنذهب لمشاهدة أخبار "الجزيرة"، فهي تأتي مشاهديها بالخبر الحصري، وقد وعدوا المشاهدين بلقاء خاص معها في برنامجهم "من واشنطن" لحافظ الميرازي.. أظن أنها ستنسيك راقصتك! عيناه البحرية تصارع الثواني التي تنتظر مشهدا يثير اهتماما بدا مركزا على تفاصيل الكرة الغارقة في المياه الزرقاء؛ لتأتيه بخبر يتشوّق إليه.. تقاطع الأخبار تفكيره معلنة " الراقصة نور تؤكد للجزيرة أنها اغتصبت، و قد كسبت القضية..." لم يستوعب ما يجري، فهربتْ عيناه لأسفل الشاشة ليقرأ تفاصيل الاسم "راقصة أمريكية من أصل عربي"... - الله أكبر هي من حدثتك عنها...!! تفاصيل الذهول المفعم بالشهوة الماطرة الفاقدة نهدا تتوحد في عينيه.. منظرها يثير الشراب القليل في زجاجة "الفودكا" المهربة بأسعار مبالغ فيها، تحاول الشفتان السكر على منظرٍ مُشَهٍ يذكره بأيام طالما تغنى فيها وصاحبه، جلستها.. حديثها العربي ذي اللهجة المغربية يُطفي على البرنامج شهوة تتسم بفلم يغري المقدم قَبْل ملايين العرب المتابعين بشغف لحالتها العالمية، الدم، والضياء الساكن في سواد عينيه يسافران به نحو واشنطن، ينتابه شعور بحسد المقدم، يشعر أنه الملائم الوحيد لأجراء المقابلة... سؤال يزلزل التحليق الذي خلقته الفودكا، يُنبئ عن مدى إعجابها بماضيها، وتفاصيله..." يشار إلى أن الرواية أن العمل جار لترجمة الرواية إلى اللغة الإنجليزية، خصوصا أنها تخاطب في شكل معمق العقل الغربي/ الأوربي. ـــــــــــــــــــــــــ انتهى ــــــــــــــــــــ غلاف الرواية
للتواصل:
0506828886
السادة آمل الرد علي بشأن نشر القراءة، حيث اختيرت سبق دون سواها من الإعلام للجرأة التي تتمتع بها، فهذه القراءة مدونة باسم الصديقة فاطمة العلي، فإن أمكن أن تنشروها باسمها رائع.
#فاطمة_العلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|