أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهيل أحمد بهجت - العراق .. نحو -الهوية الإنسانية-!!















المزيد.....

العراق .. نحو -الهوية الإنسانية-!!


سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر

(Sohel Bahjat)


الحوار المتمدن-العدد: 2262 - 2008 / 4 / 25 - 10:53
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


طوال سنوات مضت و نحن نشهد جدالا كبيرا بين أطراف عراقية متعددة الأهواء و الميول حول "هوية العراق"!! هل هو بلد إسلامي أم عربي أم خليط من كليهما إلى غير ذلك من النظريات السلبية المبنية على فلسفات مقولبة جاهزة و غير قابلة للتطوير أو التنويع، و بسبب هذا الجدال اللا فلسفي و العقيم أُدخل العراق من قبل الطائفيين و القوميين في أزمة هوية حقيقية كان لها انعكاساتها حتى على الجانب الأمني و السياسي.
خلال القرنين الثامن و التاسع عشر كانت أوربا تخوض حرب هوية مع نفسها، فبين الامبراطوريات البروسية "ألمانيا لاحقا" و الروسية و فرنسا الجمهورية و النمسا التي ورثت أملاكا ضخمة من الامبراطورية العثمانية ـ البوسنة و الهرسك و صربيا و مناطق شاسعة أخرى ـ كانت الشعوب تتحارب و كل واحد منها يزعم أنه الوريث الحقيقي لسكان أوروبا الأصليين و أن الباقين هم أعراق مهاجرة جاءت من خارج القارة بالتالي كان على هذه الأعراق أن تتحول إما إلى أعراق مدمجة في العرق النقي أو تطرد أو يقضى عليها عبر الإبادة الشاملة كما فعل هتلر و حزبه النازي ضد اليهود و الغجر و السلاف.
استمرت الحروب القومية أمدا طويلا، فنابليون خاض الكثير من الحروب إلى أن انتهى به الأمر في المنفى، ثم كانت الحرب الكونية الأولى 1914 ـ 1918 التي خرجت منها دول و قد تحطمت إذ انهارت الامبراطورية العثمانية و انهارت ألمانيا أيضا و كان استسلامها مخزيا إلى درجة أن أدولف هتلر استوحى منها كل نزعته القومية و مضى في خلق وهم عن مؤامرة من قبل الرأسمالية اليهودية التي لها علاقات وطيدة بأمريكا و بريطانيا بالإضافة إلى يهود الداخل الألماني، و لحسن حظ هتلر و حزبه النازي و لسوء حظّ العالم فقد أهمل البريطانيون و الأمريكيون و التحالف الغربي إعمار ألمانيا و بناء ديمقراطية قوية، لكن الديمقراطية الألمانية آنذاك كانت هشة و ضعيفة و الشيوعيون و القوميون الألمان أضافوا مزيدا من التشويش الفكري و عدم الاستقرار للشعب الألماني الذي كان يعاني أزمة اقتصادية كبيرة بسبب الديون و التعويضات الضخمة.
انتهت الديمقراطية الألمانية بعد هيمنة النازيين على السلطة بعد فوزهم بالانتخابات، من ثم وجه هتلر نظر الألمان نحو القضية القومية و ألغى جميع التعويضات عبر تدميره للعملة الألمانية كما أنه انتهز انشغال التحالف الغربي بأزماته الاقتصادية فأوجد وظائف للألمان عبر تحويل اليد العاملة نحو الصناعة العسكرية، من ثم بدأت الحرب العالمية الثانية التي كانت نهايتها تعني نهاية القضية القومية في أوروبا، عدى الأزمة القومية في أوروبا الشرقية و يوغسلافيا السابقة التي نشبت عقب انهيار الاتحاد السوفيتي.
لكن كيف تعاملت أوروبا الغربية الديمقراطية مع مسألة الهوية القومية؟! الحقيقة أن كل قضية شائكة بالأخص قضية الهوية القومية يمكن حلها عبر الديمقراطية و التعددية، لكن هذا الحل الديمقراطي الحواري ليس كما نتصوره نحن مجرد طاولة يجلس حولها طرفان أو ثلاثة يتحدثون، صحيح أن الحوار و التفاهم هو أحد أركان الديمقراطية، لكن حينما تتحول الهوية القومية من مسألة لغة و تقاليد شعبية إلى نظرية سياسية عنصرية تنظر إلى الأمور و الجغرافيا على أن: "هذه أرضي و هذه أرضك"!! حتى داخل الدولة الواحدة فإن النهاية تكون مواجهة مسلحة يخسر فيها كلا الطرفين.
حينما يكون المعبرون عن القومية أناسا لا يجيدون غير لغة السلاح و المواجهة و أن "قوميتنا فشلت و انهارت بسبب الآخرين"!! و هو بالضبط ما فعله هتلر و صدام البعث و لا زال في العراق من يستعمل المنطق ذاته، فإن النتيجة الطبيعية ستكون مزيدا من الدكتاتورية و الانفجارات و الكوارث الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية، لأن المسألة القومية "الهوية" ليست سوى إشكالا وهميا يُخلق خلقا من قبل فئة معينة مستفيدة، فلو لم توجد قومية مضطهدة ـ بكسر الهاء ـ لما وجدت قومية مضطهدة ـ بفتح الهاء ـ لأن القومية ليست فكرا محضا كما هو حال الدين أو أي فلسفة أخرى ـ مع ملاحظة أن الدين أيضا يصبح مطية قومية حينما تصبح عائقا في وجه الديمقراطية ـ بل هو تجليات فئوية كاللغة أو الملامح التي يختص بها شعب من الشعوب.
لكن اللغة تتجاوز الحدود الجغرافية أو العرق، فمثلا نجد أن اللغة العربية تتجاوز العراق، بل و تتجاوز ما يصطلح عليه القوميون العروبيون بـ"الوطن العربي" إذ نجد هذه اللغة تمثل جزءا أساسيا في ثقافة شعوب مثل الأندونيسيين و الباكستانيين و الإيرانيين و النيجريين و غيرهم من الشعوب، بل إن هذه اللغة لم تكن لتصبح مهمة بدون رواجها عبر الحس الديني و النص المقدس المتجلي في القرآن و الأحاديث و نهج البلاغة، و هذا ما جعل القومية غير صالحة لتكون أساسا لقيام دولة حديثة في عصر العولمة و الفضائيات.
طبيعي أن كل حسّ، دينا كان أو قومية، يبرز إلى الوجود حينما يتسلط عليه المنع و الكبت و يفتقد الحرية و قديما قيل: "كل ممنوع مرغوب"!! بل إن شعوبا آمنت بالقومية سرعان ما تخلت عن حسها القومي بمجرد أن تذوق ويلات الدكتاتورية أو حينما يغيب الاضطهاد القومي، و هذا ما سيصبح الأساس في حل هذه الأزمة القومية في العراق، فبغياب البعث العنصري العروبي عن السلطة و بوجود التعددية و الحرية فإن الحس القومي لدى كل العراقيين سيتآكل بمرور الزمن و سيحل محله الحس الوطني "العراقي".
كما أن نظريات "العرق السامي" أو "الممتاز" التي نتجت عن "نيتشة" و إنسانه السوبرمان أو المتصف بكل صفات الجمال و التي حاول النازيون و من بعدهم البعثيون و القوميون الصرب تطبيقها أثبتت فشلها، ذلك أن القرار النهائي لخلق جنس "مثالي" كهذا سيعود إلى الدكتاتور و المستبد ـ هتلر ـ ميلوزوفيج ـ صدام "هذا ترتيب زمني لا ترتيب في درجة الاستبداد و الإجرام"، من هنا انتهت اسطورة "الهوية القومية للدولة" و لكنها استمرت بأمد أطول في دول العالم الثالث التي يسودها الجهل و الفوضى و قبل كل شيء الرغبة في الوصول إلى الحرية، حيث أنها الآن في طور الزوال.
و مشكلة الدين مع الدولة ـ التي تجسدت بوضوح في العراق عقب التحرير ـ هي أن هذا الشعور الديني يطرح نفسه كبديل عن فكرة "الحرية" و "الديمقراطية" و هو بالتالي يستعمل ذات المصطلحات التي كان يطرحها القوميون من لغة الصراع و معارك المصير و الحفاظ على الهوية من "الآخر" الغير مسلم أو الغير عربي أو غير قومياتنا الشرقية، كما أن هذا التدين بدلا من يرسخ خطابه للفرد ـ الذات البشرية التي هي موضوع الدين الحقيقي ـ فهو يرسخ و يكرر باستمرار خطابه الجماعي، الفئوي، العنصري ـ إذ يبدو لنا في هذا الخطاب الديني المليء بالوعيد و العذاب و النار و كأن أهل الجنة هم من صنف معين فأغلبهم شرقيون سُمُر البشرة بينما أهل النار هم من البيض و الشقر الغربيين ـ من هنا نخلص إلى أن هذا التدين هو ضد "القومية" في ظاهره فقط، لكن في التفاصيل و حينما يدخل حيز التطبيق في العقل اللا واعي يكرر النتيجة ذاتها، فنجد هنا كلمة "نحن ـ كلامنا ـ عقلنا ـ إسلامنا ..إلخ" في مقابل "هم ـ كلامهم ـ عقلهم ـ دينهم ..إلخ".
إن وقوع العراق الآن في صراع الهويات التي لا تفتح باب النقد المنطقي الفلسفي للذات و بدون فتح باب الحرية للعقل الباحث عن الحرية عبر التجربة و تثبيت "الثوابت" التي لا تتغير و تخطيط الخطوط الحمر التي لا تصبح زرقاء أو خضراء سيعيدنا إلى مربع "صدام و البعث" و لو بعد قرون، من هنا كان لا بد من خطوتين أساسيتين، أولاهما تقوم على أكتاف رجال الدين و الثانية على أكتاف السياسيين و الأكاديميين العراقيين.
على رجال الدين أن يكرسوا الخطاب الذي ينمّي الفرد و جعله مركز الفكر و الثقافة الدينية و لا ننسى العدد الكبير من الآيات القرانية التي تؤكد مركزية المسئولية الفردية و لا ننسى قول الإمام علي عن الفرد:
و تحسب أنك جرم صغير و فيك انطوى العالم الأكبر
و من خلال تنمية الحس الفردي و حريته كأرادة و فعل نكون قد بدأنا الخطوات الأولى نحو الوعي الأعلى للحرية، أي وعي الفرد ذاته و نفسه "من عرف نفسه فقد عرف ربّه" ـ حديث ـ و من خلال هذه الحرية يتحول الدين من تقليد أعمى إلى اختيار حر قائم على اندفاع ذاتي، كما أن الذي لا يرغب في التدين يكون حرا، و من خلال هذا البناء تفتح أمامنا أبواب مراجعة التراث و استنتاج و استخلاص ما يناسب هذه المرحلة من التطور.
و على الأكاديميين العمل على ترويج البحث المنهجي التجريبي القائم على أن "الشك هو الطريق إلى اليقين" و هذا لا يعني بالتالي أن يهيمن آخرون على الثقافة بحجة أنهم توصلوا للحق أو اليقين عبر هذا الشك لأن الشك و الظن هو مدرسة فكرية قائمة بذاتها و هي واقعية جدا لأن الإنسان يبقى موضوعا للشك طالما هو إنسان قائم على أنه كائن نسبي محدود و ناقص، و بالتالي لا يمكن لأي فريق أن يزعم أنه وكيل لهذا الكائن النسبي، و تغيير النزعة القومية بنزعة إنسانية هو الحل الأمثل.
Website: http://www.sohel-writer.i8.com
Email: [email protected]



#سهيل_أحمد_بهجت (هاشتاغ)       Sohel_Bahjat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المواطن العراقي .. و حكم الأقلية الفاسدة
- سؤال حيَّر العراقيين!!
- حياة ثقافية.. للرجال فقط!!
- لبننة العراق و عرقنة لبنان!!
- المشهداني: -وا معتصماه.. وا صدّاماه-!!
- لن ننسى جرائم البعث.. و لن يخدعنا المسئولون الجدد
- تحيّة إلى أهل الجنوب..
- لا عيون و لا آذان..
- حول الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة
- لا لقوانين الصحافة..
- حول دعوة مقتدى الصدر للتظاهر.. -ضحايا-!! يبكون على صدام..
- وعي المواطن العراقي للإنتخاب!!
- العراق على عتبة الديمقراطية
- هل يعود البعثيون إلى الحكم؟
- لا يبني دوْلة..!!
- العراق .. من حقوق القُطْعان إلى حقوق الإنسان
- حزْب الله اللبناني في أزمته الأخلاقية.
- حوار هاديء مع الإخوة المسيحيين
- قُل يا أيُّها المسلمون .. لا أعبد ما تعبدون!
- عقلية الصراع الدكتور عماد الدين خليل نموذجا.


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهيل أحمد بهجت - العراق .. نحو -الهوية الإنسانية-!!