|
كارتر وهيلاري كلينتون وأوباما !
توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 2262 - 2008 / 4 / 25 - 10:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قال الكاتب ريتشارد بروكهايز: "يكمنُ الفرقُ الوحيد بين الحزب الديموقراطي الأمريكي ، وبين الإصلاحيين الدينيين اليهود في شيء واحد فقط ، وهو أيام العطلات الرسمية ". في دراسة أجراها أورغانسكي عام 1990 على التبرعات المقدَّمة من اليهود إلى المرشحين الأمريكيين للكونجرس ، فقد تبين أن عشرة مرشحين من بين مائة وثلاثين مرشحا حصلوا على 15% من الأموال من حملات التبرع اليهودية ، وحصل 53 عضوا منهم على 2% من التبرع اليهودي أيضا . أقرّ الكونجرس عام 1973 قانون " جاكسون فنيك" وينص القانون على أن الشرط الرئيس للعلاقات الأمريكية والروسية ، هو حماية اليهود في روسيا والتعاون معهم . " من كتاب اليهود في أمريكا لجونثان غولدبرغ " عندما وصل المهاجرون الأوائل من إنجلترا إلى العالم الجديد(أمريكا) أسموها (أورشليم الجديدة) وكانوا يتشبهون بالعبرانيين القدماء . "من كتاب أرض الميعاد لوالتر مكدوغال ترجمة رضا هلال " في ضوء ما سبق يمكننا أن نفسر قول المرحوم البرفسور إدورد سعيد لباراك أوباما عندما كان محاميا مبتدئا : "غريبٌ أمرُ عشقك الدائم لإسرائيل" ! وربما يفسر أيضا قول السيدة هيلاري كلينتون يوم 22/4/2008 في مهرجانها الانتخابي في بنسلفانيا : " إذا اعتدت إيران على إسرائيل، فسوف نمحوها عن الخريطة "! هي إذن القصة القديمة الجديدة ، قصة إنشاء إسرائيل لأمريكا ، وإنشاء أمريكا لإسرائيل . فكلاهما ستظلان إلى الأبد مربوطتين بالحبل الصري ذاته ، على الرغم مما يُشاع في كل يوم من قضايا التجسس بين الدولتين ، وكأن إحداهما ليست هي الأخرى ، وهذا نوعٌ من التمثيل بقناعٍ زائف ، حتى ولو كان الضحية هو جونثان بولارد ، وصولا إلى آخر الجواسيس وهو بن عامي كاديش الذي فُضحت جوسسته لحساب إسرائيل في اليوم نفسه الذي هددت فيه هيلاري إيران . والغريب في الأمر أن هناك عشرات الاتفاقات ومئات البروتوكلات السرية بين الطرفين ، لا بين الدولتين، تنصُّ كلها على تزويد الأخرى بكل المعلومات التي ترد إلى أي طرف منهما ، فكل المعلومات عن إيران ، تصل أمريكا من إسرائيل ، ومعظم المعلومات عن اقتصاد العرب تصل إسرائيل من أمريكا . وحتى كتابة هذه الأسطر سيظلُّ كثير من العرب من المفكرين وغير المفكرين ، من السياسيين والمحللين والمعلقين وكل العاملين في الإعلام العربي يمارسون طقسا عربيا قديما وحديثا في الوقت نفسه ،يتمثل هذا الطقس التراثي العربي في إلحاحهم على أمريكا بضرورة الانفصال عن (ربيبتها) إسرائيل ، عربونا للصداقة بين العرب وأمريكا ، كما أن بعضهم أيضا سيظل يُطالب أمريكا بأن تردع إسرائيل ، أو أن تقوم بتعزيرها وفق مبدأ (أضعف الإيمان) لأن كثيرا منهم أيضا لا يدرسون تفاصيل المجتمع الأمريكي ، ولا يحيطون كثيرا بطبيعة إنشاء أمريكا ، فالحقيقة تقول إن إنشاء أمريكا كإسرائيل ، فكلاهما قام على الإحلال ، إحلال جنس جديد في مكان الجنس القديم ، وهم يتوهمون بأن أمريكا تسعى معهم في ردع إسرائيل عن إقامة المستوطنات ، مع أن التاريخ الأمريكي كان قد بدأ بتأسيس المستوطنات على أنقاض أكواخ الهنود الحمر . لا أحد يجادل فيما سبق ، غير أن التذكير بالأمر ، لا بد أن يمر بالمقدمة السابقة ، لأن كثيرين من العرب صفقوا لجيمي كارتر البطل !عندما قرر أن يحاور قادة حماس ، كما أنهم فرحوا بترشُّح سميِّهم في اللون ذي الأب المسلم حسين ، وهو باراك أوباما ، كما أن بعضهم أحسّ بالغبطة ، وهو يرى قرب زوال الحزب الجمهوري الأمريكي ، لا من منطلق التحليل السياسي ، ولكن من منطلق الاستشفاء العربي ، بكل من يظلم العرب ، ويعتدي على حرماتهم ، وأن دعاءهم بالويل والثبور وعظائم الأمور على بوش بدأ يؤتي أكله حتى وإن صعدت للحكم هيلاري كلينتون التي تهدد دولة مستقلة ذات سيادة بمحوها عن خريطة العالم ، إذا اعتدت على إسرائيل . أليست أقوالها تقع ضمن تهمة أقسى بكثير من تهمة اللاسامية التي تعتنقها كلينتون كقانون من القوانين الأمريكية تُضاف لقانون نيكسون فانيك ؟ أليست أقوالها تلك تدخل ضمن تهمة جديدة أسميها أنا : " اللابشرية" ؟ وهي تعني السعي لإفناء البشرية كلها ، بعد إدخالها في حرب عالمية ثالثة ؟ إن السباق إلى البيت الأبيض لا بد أن يمر في طريقه دائما بإسرائيل ، فهي الدولة الوحيدة ، التي تمتلك السلم والحرب والغنى والفقر ، والمجد والإذلال . ولي أن أتساءل عن سر استيقاظ ضمائر الزعماء الأمريكيين بعد أن يخرجوا من الحكم ، فهل ذلك يعود إلى مرض التخلص من عقدة الذنب التي ارتكبوها في حق الآخرين ، أم يعود إلى قناعتهم بالمبادئ التي ظلوا ينادون بها ويستعملونها طعما من طعوم الصيد والتغرير ، وهي الحرية والإخاء والمساواة ؟ ولا أستغرب أن يأتي يومٌ ، وهو عندي ليس ببعيد ، حين يؤسس الرئيس جورج بوش بعد أن يخرج من الحكم طبعا ، جمعية لرعاية الأسرى والجرحى والمفقودين في شارع المنصور ببغداد ، أو أن يقوم هو نفسه بالإشراف على انتخابات حرة ونزيهة في الموصل والبصرة وديار بكر والفالوجا . لا قيمة في عالم اليوم للأفكار الممكيجة ، ولا قيمة للكلام المطلي بالجل ، ولا فائدة من الأفكار التي تلبس أثواب المهرجين وأقنعة الممثلين ، فالمجد اليوم لمن يقول الكلمة الأولى ، بحيث يظل متمسكا بأنها الأولى والأخيرة .
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الزمن في قصيدة محمود درويش (قافية من أجل المعلقات)
-
أوقفوا هذا العبث في غزة !
-
سؤال ديوان : لماذا تركت الحصان وحيدا لمحمود درويش ، حقلٌ من
...
-
جمعية المختصرين !
-
مأزق التعليم الجامعي في العالم العربي !
-
هل المدرسون مُتطفلون على الوظائف الحكومية ؟
-
موتوسيكلات .. لأوتو سترادات غزة !
-
غفوة ... مع قصيدة مريم العسراء للشاعر أحمد دحبور
-
في وصف إسرائيل !
-
لقطات حديثة من العنصرية الإسرائيلية
-
هل أصبح الرعب هو التجارة الإعلامية الرابحة؟1
-
مرة أخرى .. إحراق مكتبة جمعية الشبان المسيحيين في غزة !
-
ملاحظات حول تقرير البنك الدولي عن التعليم في العالم العربي !
-
العرب ... يطلبون حق اللجوء الإعلامي للقنوات الأجنبية !
-
إسرائيل إما أنها في حالة حرب... وإما أنها تستعد للحرب !
-
باراك أوباما....وعشق إسرائيل !
-
ازدهار النظام الوراثي في الألفية الثالثة
-
بين تربية العقول ... وتربية (العجول) !
-
تنبَّهوا واستفيقوا أيها العربُ !
-
من إسرائيل دولة يهودية ... إلى إسرائيل دولة [ اليهود]!
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|