أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - ندوة ثقافية في لاهاي عن حق الاختلاف والكتابة الجديدة















المزيد.....



ندوة ثقافية في لاهاي عن حق الاختلاف والكتابة الجديدة


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 702 - 2004 / 1 / 3 - 05:53
المحور: الادب والفن
    


• عدنان حسين أحمد/ لاهاي
• ندوة ثقافية في لاهاي عن حق الاختلاف والكتابة الجديدة
• رؤوف مسعد يدوّن سيرة الجسد وشبق الحواس عبر أدب الاعترافات
 
بالتعاون مع رابطة بابل للكتاب والفنانين العراقيين في هولندا أقامت المكتبة العامة في لاهاي ندوة ثقافية للقاص والروائي المصري رؤوف مسعد. وقد ساهم في التقديم وإدارة الندوة الناقد عدنان حسين أحمد. وجاء في متن التقديم ما يلي: ( ثمة محطات كثيرة وغريبة ومشوقة في حياة الكاتب رؤوف مسعد أرى من المناسب أن نتوقف عندها وألاّ نمرّ عليها مرور الكرام، فهي أشبه بالمفاتيح السحرية لمتاهة التساؤلات المؤرقة التي تسحق جزءاً كبيراً من أعصابنا كل يوم. ومن المفارقات الطريفة أن أم رؤوف مسعد التي خدعت الرب في الأعالي كانت قد نذرت ابنها البكر لكي يكون خادماً للرب في الكنيسة إن هو عاش ولم يمت أسوة بأخوته الذين تخاطفتهم يد المنون مبكراً. ولأنها كانت تمحض طفلها البكر حُباً من نوع خاص، وكانت تتمنى من أعماقها أن يصبح هذا الطفل دكتوراً كي يناديها الناس بلقب ( أم الدكتور ) فقد تنصلت عن نذرها وراوغت الرب ثانية حينما وقع اختيارها على الطفل الرابع الذي هو رؤوف مسعد، والذي قَبِلَ بهذا الامتياز أول الأمر، لكنه سرعان ما نقض وعده بعد أن تفتقت في حجرات عقلة وتلافيف قلبه دوامة الشكوك، فغادر الكنيسة ولم يدخلها إلى الأبد بعد موت والده القسيس الذي أشعل في دواخل ولده جذوة القراءة والاستكشاف وفض المجاهيل من خلال بعض الكتب والمجلات التي كانت في متناول أفراد العائلة. ولقد لعبت هذه الكتب والمجلات دوراً كبيراً في تحديد مساره الدراسي، فلا غرابة أن يدير ظهره لكلية الهندسة غير مأسوف عليها، ليختار قسم الصحافة في كلية آداب القاهرة، ويتخرج منها بدرجة الليسانس في يونيو عام 1960 ، ولأنه مجبول على المشاكسة والاختلاف أو البحث في المناطق الحساسة فقد آثر الانتماء إلى أحد التنظيمات الماركسية المحظورة في مصر، ودفع ضريبة هذا الانتماء أربع سنوات من السجن تخللتها الكثير من التحقيقات التي كانت تفتش في ضميره وعقله وقلبه في آنٍ معاً. ومن المفارقات التي لا تحدث إلاّ ما ندر أن الفتاة التي أحبها في الجامعة قد تزوجت مصادفة من الضابط الذي كان مشرفاً على استجواب السجناء وتعذيبهم وبضمنهم رؤوف مسعد طبعاً .
لقد أفاد رؤوف مسعد من تجربة السجن المريرة، ومن خلالها استطاع أن يكتشف ذاته وجسده وأن يتوصل إلى الإجابة المنطقية لجدوى العمل السياسي في ظل الأنظمة العربية التي  أوغلتْ في مصادرة الرأي الآخر، وغيبته في دهاليزها السرية المقيتة. ومع ذلك فقد ظل رؤوف مسعد ملتزما بالمبادئ الأخلاقية التي تميز سلوكه كإنسان وأديب متحضر، إذ كتب ( يوميات إنسان السد العالي ) بالاشتراك مع صنع الله إبراهيم وكمال القلش. ثم تحرك مؤشر اهتمامه الأدبي صوب المسرح فكتب سبع مسرحيات من بينها ( لوممبا ) و ( النفق ) و ( يا ليل يا عين ) و ( أورشليم ) وقد مُنعت أغلب هذه المسرحيات في مصر لأنها تتحرش بالتابو السياسي، وتنتقد أداء الأنظمة العربية في حربها مع إسرائيل. كان نقاد المسرح المصري آنذاك يعدون رؤوف مسعد كاتباً تجريبياً، وهكذا كان بالفعل، لكنه ما إن سافر إلى العاصمة البولونية وارسو حتى اكتشف البون الشاسع الذي يفصل بين المسرحين العربي والعالمي، فلهذا لم يزايد أو يدعي لأنه أدرك موقعه ضمن الخريطة المسرحية العالمية. وكنتيجة منطقية للبحث عن بدائل أخرى عاد رؤوف مسعد إلى بلاط صاحبة الجلالة، وعمل في بلدان عديدة منها أثيوبيا واليمن الجنوبي والعراق ولبنان. ولأن هذه البلدان تتحرك دائماً على كف عفريت ولم تعرف الاستقرار يوماً بسبب الحروب العبثية وهلوسة الساسة المجانين فقد وجد رؤوف مسعد نفسه في مصر ثانية، وبدأ رحلة اكتشافها من جديد، وقد أصدر في حينها كتاباً جديداً تحت عنوان ( صباح الخير يا وطن ) والذي عده النقاد من أجمل ما كُتب عن الحصار الإسرائيلي لبيروت، وقد تضمن تجربته الشخصية خلال أشهر الحرب المروعة. وفي عام 1983 أسس دار شهدي للنشر التي لم تستمر سوى بضعة سنوات. وفي حقل القصة القصيرة والرواية أصدر رؤوف مسعد مجموعة قصصية بعنوان ( صانعة المطر )، كما أصدر روايتين سجل من خلالهما حضوراً قوياً في المشهد الروائي العربي، وبين أقرانه من جيل الستينات أمثال صنع الله إبراهيم وعبد الحكيم قاسم وإبراهيم أصلان ومحمد البسطامي وأدوار الخراط وعبد الفتاح الجمل وجمال الغيطاني وبهاء طاهر ومحمد حافظ رجب ويحيى الطاهر عبد الله وغيرهم. عندما صدرت ( بيضة النعامة ) عام 1995  بتشجيع كبير من صنع الله إبراهيم احتار النقاد في العالم العربي في  تحديد معالم هذا النوع الأدبي الجديد، فهي ليست رواية خالصة، لأنها تحتوي في متنها على قص وروي وإستذكارات وأدب رحلات وشيء من التحقيق الصحفي وأدب الاعترافات، كما تنطوي على تداعيات حرة، وإنثيالات للسيرة الذاتية للكاتب الجريء والصادق الذي أصر على تناول الموضوعات المغيبة والمحذوفة والمهمشة قسراً من قبل سلطات القمع الديني والسياسي في مصر والسودان. ونصّر ، نحن النقاد، على أن رؤوف مسعد هو واحد من الكتاب القلائل الذين تصدوا للمشكلة القبطية في مصر، إن لم نقل هو الرائد الأوحد في هذا المضمار رغم الملاحظات الكثيرة التي قيلت بصدد هذه الرواية التي تمردت على تقاليد القص والروي العربيين لأنها حطمت الحدود والجدران بين الأجناس الأدبية المعروفة. وإذا كان بعض النقاد يرون في هذا الشكل تقويضاً للحدود الهندسية التي تفصل بين الأنواع الأدبية فنحن نقول أن الرواية الجديدة في فرنسا، وبالذات تلك التي كتبها ألن روب غرييه وكلود سيمون وميشيل بوتور ومارغريت دورا وناتالي ساروت وغيرهم قد حطموا من قبل هذه الحواجز التقليدية بين الأنواع الأدبية وخلقوا لنا نماذج رائعة اصطلح النقاد على تسميتها بالنص المفتوح. فليس عيباً أن يتداخل الزمان والمكان والشخصيات والأحداث مع بعضها البعض، والمطلوب من القارئ العضوي هو أن يشارك في صنع الرواية من خلال صياغة جديدة للأحداث يقترحها هو، وليس كاتب النص. وحتى لو اعتبرنا ( بيضة النعامة ) نصاً سيروياً ذاتياً، فما الخلل في هذا التوصيف، فهناك الكثير من السيّر الذاتية التي كانت تعبر عن وجدان الأمة أكثر مما تعبر وجدان الكاتب نفسه، وهذا ما حصل في ( بيضة النعامة ) و ( مزاج التماسيح )، الأمر الذي شجع المسؤولين في مؤسسة ذاكرة المتوسط أن يوافقوا على ترجمة ( بيضة النعامة ) إلى أربع لغات عالمية وهي الفرنسية والأسبانية والإيطالية والهولندية كنموذج متفرد وصريح للسيرة الذاتية. لم يتوقف رؤوف مسعد عند حدود انتهاكات التابوات المعروفة، بل تعداها إلى القيام برحلة إلى الأراضي المحرمة، أو السفر إلى ( مدينة الأخطاء ) كما يذهب منير عامر. نعم، لقد زار رؤوف مسعد إسرائيل ولكنها ليست زيارة تطبيعية، بل هي رحلة استكشافية للقدس تلك المدينة الغامضة التي تقلق العالم كل يوم. وقد خرج من هذه الزيارة بكتاب قيّم اسمه ( في انتظار المخلّص ) عرّى من خلاله السلوك العنصري الإسرائيلي والإذلال الذي يتعرض له ليس الفلسطينيين حسب،بل كل الناس من الشعوب الأخرى التي يقودها حظها العاثر إلى هذا الكيان الزائف القائم على الأساطير الدينية المحرفة والمختلقة.)
 وقبل أن يبدأ القاص والروائي والكاتب المسرحي رؤوف مسعد  في الحديث عن تجربته الإبداعية والحياتية نهض اثنان من الحضور وهما محسن السراج وحكيم جماعين وغادرا القاعة احتجاجاً على زيارته إلى إسرائيل على الرغم من الإشارة الواضحة في التقديم بأن سبب الزيارة ليس تطبيعياً، وإنما محاولة لاكتشاف ما يجري في الأراضي المحتلة، وتعرية هذا النظام المسخ الذي يحاول أن يشوّه صورة العرب والمسلمين في آنٍ معاً. وقد ركز المحاضر على نقطتين أساسيتين وهما حق الاختلاف والكتابة الجديدة. إن حق الاختلاف بالنسبة للروائي رؤوف مسعد هي مسألة في غاية الأهمية، لأنه مختلف مع أسرته في قناعاته وتوجهاته، وقد سببت له هذه القناعات تقاطعات كثيرة مع أبيه، القس القبطي البروتستانتي،وأخوته، وربما بعض أصدقائه الذين لا يعيرون بالاً للرأي الآخر. كما سبّب له انتماؤه السياسي الكثير من المشكلات، ولعل أبرزها اعتقاله لمدة أربع سنوات بعد محاكمة عسكرية بسبب الانضمام إلى أحد التنظيمات الماركسية في مصر، ولم يُفرج عنه إلاّ نتيجة العفو العام الذي صدر عام 1964 . يقول رؤوف مسعد: ( إن السبب الرئيسي وراء خروج المواطنين العرب، وتحديداً الكتاب والفنانين والمثقفين، هو أن الحاكم العربي لا يقبل بحق الاختلاف، بل أن الذي لا ينصاع لأوامر الحاكم يعد خائناً للوطن وخارجاً عن القانون. ونحن في أوربا حتى الآن لم نستوعب حق الاختلاف رغم أننا نعيش في بلدان غربية ديمقراطية تؤمن بتداول السلطة وفق مبدأ الانتخابات الحرة الشرعية النزيهة. كما تؤمن بحق الاختلاف  بغض النظر عن اللون والجنس والدين والعقيدة. ) ثم قال: ( إن من حقنا ككتّاب عرب أن ننتقد إنجازاتنا الأدبية وفق مبدأ حق الاختلاف من دون أن نفقد علاقاتنا الشخصية، ولكننا مع الأسف لم نستطع أن نحقق هذا الأمر في البلدان العربية كلها. ). لقد وضع رؤوف مسعد إصبعه على الجرح حينما أرجع مشكلة الاختلاف للفكرة القديمة للعرب العاربة والعرب المستعربة التي كانت تؤكد على الاختلاف العرقي في اللسان، والتي تجعل من العربي القح أحسن من العربي المستعرب، لأن العربي المسلم هو السيد، بينما كان يُعرف العربي المستعرب بالموالي. يرى رؤوف مسعد أن الثقافة العربية ومفهوم العرق العربي يؤكدان فكرة الاختلاف، ويرفضان حق الاختلاف. وفي الكتابة يحاول رؤوف مسعد أن يقدم شيئاً مختلفاً. ففي روايته المخطوطة ( غواية الوصال ) يقدم حقيقة معالجة مختلفة، وتناولاً مغايراً حتى وإن كانت الثيمات مطروقة، لأن رؤوف يؤمن بأن المبدع هو إنسان طليعي، وينبغي عليه أن يخترق مساحات غامضة وجديدة ومليئة بالمفاجآت،وبالتالي عليه أن يقدّم فتحاً جديداً كما فعل في ( بيضة النعامة ) التي تعرضت للجنس والجنس المثلي والسجن والسيرة الذاتية الصريحة. كما تناول موضوع السجين السياسي، وحوله من أيقونة وبطل لا يمكن المساس به إلى إنسان عادي له مشاكله ورغباته وأحلامه التي تتضح من خلال هذه البؤرة الصغيرة التي تتكثف فيها الحياة إلى أقصاها. لقد تعرضت ( بيضة النعامة ) إلى هجمات نقدية عديدة كما ذهب رؤوف في محاضرته، وقال : ( لدي وثائق عديدة تؤكد أن ( بيضة النعامة ) تبشر بالجنس المثلي، وتدعو إلى الانحلال. ) وبغض النظر عن كون هذه الآراء صحيحة أو غير صحيحة إلاّ إنها تنطوي على رفض حق الاختلاف.
أما موضوع اللغة أو الكتابة الجديدة فقد استشهد رؤوف مسعد برأي الكاتب أدوار الخراط، الذي هو امتداد لآراء كثيرة مفادها أن الأقباط غير مهتمين باللغة العربية، ويرى مسعد أن هذا الرأي قد يكون صحيحاً إلى حد ما لأسباب عديدة منها : ( أن هناك حاجزاً نفسياً، وأنا شخصياً عندي مشاكل ليس في اللغة العربية، وإنما في أغلب اللغات العالمية. فاللغة بالنسبة لي هي وسيلة تعبير، وأحياناً أتساءل ماذا يحدث للأبكم حينما يريد أن يعبّر عن متطلباته وهمومه وهواجسه؟ ) ثم ذهب إلى القول: ( أنا عندي مشكلة مع اللغة، فأولادي يتحدثون لغة أمهم وهي اللغة الهولندية، لأنني لم أفلح في تعليمهم اللغة العربية ولو بشكل بسيط، ولكننا بالتالي استطعنا أن نوجد خطوط تواصل بيننا وهو أن نتحدث بلغة ثالثة، وهي عبارة عن مزيج بين اللغة الهولندية والإنكليزية والعربية. ). لقد اشتغل رؤوف مسعد في الصحافة مدة طويلة، ولغة الصحافة، كما هو معروف،هي لغة مشذبه،مركزة،مفيدة، لا تعوّل كثيراً على الوصف والإسهاب، فلا غرابة أن يفيد من هذا النمط اللغوي الذي يتغير حسب الثيمة أو الحدث أو الظرف الراهن. وفي مخطوطة روايته الجديدة ( غواية الوصال ) لا يمزج رؤوف مسعد بين الفصحى والعامية حسب،وإنما يستخدم اللغة الإنكليزية في كتابة الكثير من المواقف لأنه يعتقد أن هذه المواقف لا يمكن أن تُترجم بالعربية، أو أنها تفقد الكثير من حرارتها إذا ما تُرجمت! ولتعزيز هذا الرأي أورد اسم الكاتبة التركية شفكي أوزتمار، المقيمة في ألمانيا، والتي كتبت نصاً روائياً بلغة مشتركة نستطيع أن نقول عنها أنها مزيج من اللغة التركية الألمانية الجديدة، وهذه الرواية من الكتب الأكثر مبيعاً في ألمانيا، فالألمان والأتراك يقرأونها على حد سواء، لأنها تعبّر عن حالات المهاجرين الأتراك، كما أنها تزدحم بالفضاءآت السوسيولوجية والنفسية والجنسية واللغوية. وخلُص رؤوف مسعد إلى القول: ( أنا أريد أن أكتب بلغة بسيطة، وأحاول أن أصل إلى القارئ بأقصر الطرق، كما فعل الروائي الأمريكي جاك كرواك الذي يكتب بلغة بسيطة خالية من الوعورة، لأن القارئ في عصر الأي-ميل والكومبيوتر والعولمة لم يعد يملك القدرة على قراءة الأعمال المعقدة التي تتطلب وقتاً غير متوفر أصلاً. ). وبعد انتهاء الروائي رؤوف مسعد من محاضرته دار حوار شيّق بينه وبين الجمهور وفيما يلي نصه:
• صحيفة الزمان
•  أبوك وبعض أفراد عائلتك كانوا قسيسين ورهباناً يتعبدون في الصوامع والأديرة والكنائس، وأنت أيضاً نُذرتَ لخدمة الرب ولكن قدميك خرجتا عن سكة الطاعة والولاء. ما أسباب تمردك عن منطق الكنيسة القبطية الذي تدافع عنه بقوة؟
- كنت أبحث دائماً عن إجابات محددة لأسئلة كثيرة تدور في ذهني، وبعض هذه الأسئلة كان من الصعب ملامستها لأنها تنبع من داخلي، والإجابة عليها هو بمثابة الاكتشاف المبهر والمقنع. الدين لم يعطيني إجابات كاملة عن الحياة والموت، لذلك بدأت أستعين بالقراءات الفلسفية، ومع ذلك لم أصل إلى نتيجة محددة على الرغم من أن هذه القراءات قد مهدت لي الطريق إلى بعض الحقائق. لهذا انتميت إلى الماركسية التي أجابت عن بعض الأسئلة، وليس كلها. ولكي أكون صريحاً لابد من القول إنني أنظر إلى الدين نظرة مختلفة، ربما تكون نابعة من الفلسفة المادية، فأنا لم أكن متديناً، وسوف لن أكون، ولكنني أرى أن الدين يمكن أن يلعب دوراً بالغ الأهمية سواء في المجتمعات المتقدمة أو المتخلفة منها.  عندما كنت شاباً في الثامنة عشر من عمري، كان عندي طموح كبير لأن ألعب دوراً سياسياً مميزاً، وأن أغيّر العالم، ولابد أن أنوّه بأنني مسيحي بروتستانتي، والمذهب البروتستانتي هو مذهب أصولي اعتراضي، بمعنى أنه يعترض على الكنيسة التقليدية، وعلى البابوات، وعلى السلطة الدينية، وهو مذهب تطهيري يؤمن بالعدل والقسطاط. أنا ابن قس، ومتحّدر من بيت ديني، لكن الدين لم يقدم لي إجابات محددة على الرغم من أنني أحترم جذوري الثقافية والدينية، وأنا عندما أكتب أو أتحدث للصحافة أقول إن جذوري الثقافية هي جذور فرعونية وعربية جاهلية وإسلامية وقبطية. ومع الأسف أنا أمارس أحياناً بعض التمييز العنصري نتيجة لثقافتي العربية التي أشرت إليها بصدد العرب العاربة والعرب المستعربة.
• صحيفة الزمان
• في روايتيك ( بيضة النعامة ) و ( مزاج التماسيح ) تعتمد على أسلوب التداعي الحر والإستذكارات المتداخلة في الزمان المكان والحدث. هل تتعمد هذا التداخل الشكلي؟ أو بالأحرى لماذا لا تكتب نصاً تتباعياً؟ هل لأنك ضد الكتابة التقليدية، أم أنك تسعى للإتيان بشيء جديد ينسجم مع تطلعاتك الثقافية؟
- أنا من جيل الستينات في مصر، أعني جيل عبد الحكيم قاسم وصنع الله إبراهيم وإبراهيم أصلان وآخرين. وعندما بدأنا بالكتابة القصصية كان لكل منا له أسلوبه الخاص، لكنني توجهت بعد ذلك للكتابة للمسرح وأنا في السجن، وقد مثّلتْ شخصية بنت وهي عيشة الدغري المأخوذة عن رواية ( عيلة الدغري ) لمؤلفها نعمان عاشور، وقد أخرجها الراحل حسن فؤاد. إن اهتمامي بالمسرح جاء نتيجة إيماني بأن المسرح  هو عمل جماعي ووسيلة جماهيرية مهمة، فمن الممكن أن أكتب نصاً مسرحياً وأنشره، لكن فائدته لم تكتمل ما لم يُمثل. عندما ذهبت إلى بولندا عام 1970 لدراسة الإخراج المسرحي، وهناك رأيت المخرج الكبير كروتوفسكي في أثناء التطبيق الدراسي. فعندما شاهدت ( المسرح الفقير ) توقفت نهائياً عن الكتابة للمسرح لأنني أدركت الفرق الكبير بين مسرحنا والمسرح الأوربي، وبالأحرى توقفت عن الكتابة ككل، وليس للمسرح لوحده، ولم أعد للكتابة إلا بعد الغزو الإسرائيلي لبيروت وعودتي إلى مصر بعد غياب دام 12 سنة. في مصر أردت أن أكتب رواية أربط فيها بيني وبين التغيرات السياسية والاجتماعية التي حصلت في مصر، ولكنني كنت أواجه بعدد من المشكلات وهي أنني كنت أريد أن أكتب عن الأسرة والجنس والدين والسياسة. وقد وضعت في ذهني خطة أولية، ولكنها غامضة إلى حد ما. إذ كنت أحلم بكتابة رواية على غرار ( ألف ليلة وليلة ) أي أن القصص تتوالد من بعضها البعض. وعندما انغمست في الكتابة اكتشفت أنني أكتب عن الجنس كثيراً. ثم لاحظت أنني أركز على خروج أسرتنا من السودان وأنا عمري 16 سنة، ودخولي السجن وأنا عمري 23 ، ثم تبعه خروجي من الدين، وخروجي من الحزب الماركسي. إن هذا الخروج المتتالي من الوطن والدين والحزب يدلل على أنني لم أكن أمتلك يقيناً ثابتاً، لذلك وجدت أن اليقين الثابت بالنسبة لي هو المرأة فهي كيان محدد، مادي، واضح في علاقاته الحياتية والجنسية. الكتابة الروائية كانت بالنسبة لي هي البحث عن هوية ويقين ومجموعة من المصائر المتقاطعة. لقد كتبت فصولاً متعددة من الرواية، وعندما حاولت أن أجمع هذه الفصول اكتشفت أن هناك فجوات زمنية بين فصل وآخر، في حين أنني كنت أريد أن أكتب رواية متسلسلة مثل ( ألف ليلة وليلة ). أرّخت بعض الفصول بالأعوام المهمة بالنسبة لي، وحينما عرضتها على صنع الله إبراهيم كي أستأنس برأيه قال لي أترك الرواية كما هي، وأن القارئ سوف يفهمها من السياق العام والتداعيات الحرة وما إلى ذلك. لقد استغرقني ترتيب السياقات العامة بضعة سنوات، إذ كنت أفكر بعنوان الرواية كأن يكون ( ذاكرة الجسد) مثلاً! لكنني اكتشفت وأنا أكتب عنوان ( بيضة النعامة ) ولبيضة النعامة مدلول في الثقافة القبطية، كما عدت إلى الإنجيل واقتبست منه فقرات، وفي الصفحة الأولى من الرواية هناك آية من إنجيل مرقس. إن بيضة النعامة الموجودة داخل الأديرة وداخل الهيكل أو المذبح القبطي، كما قال لي راهب قبطي هي رمز الكنيسة القبطية ورمز سموها. كما شرح لي أن النعامة حينما ترى العدو تخبئ بيضها في الرمال، وتُظهر جسدها للصياد حتى تلهيه وتحول بصره عن البيض، فمن الممكن أن يصيدها، لكن البيض يفقس في النهاية وهذه تضحية كبيرة بحد ذاتها. لقد أعجبتني فكرة السمو والتواصل والاستمرار، من هنا ظهرت فكرة بيضة النعامة. في الجزء الثاني من سؤالك المهم هو أنني كنت أرفض أن أكتب نصاً تقليدياً بعد هذا الصمت الطويل الذي دام أكثر من عشر سنوات، لكنني قررت أن أخوض مغامرة ساعدني فيها وجودي في الغرب، كما ساعدني غياب الشرطي أو الرقيب الذي كنا نخشاه في بلادنا. وفي ذلك الوقت كانت ( دار رياض الريس للنشر ) في لندن تبحث عن أعمال جديدة. لقد كتبت هذه الرواية بحرية وعفوية وانطلاق. حقيقة لم أكن أفكر أن آتي بموضوع جديد، وإنما كنت أريد أن آتي بشكل جديد. ولقد سُررتُ جداً عندما قيل أن هذا النمط من الكتابة هو ( كتابة جديدة ).
* صحيفة الزمان

 

* عندما اخترت عنوان ( بيضة النعامة ) هل خطرت في ذهنك صفات النعامة الذي يقال أنه طائر مركّب من خلقة الطير وخلقة الجمل، فقد أخذ من الطير الجناح والمنقار والريش، ومن الجمل العنق والوظيف والمنسم، ومن صفاته الإجفال والنفور والغباوة. في حين أنك قلت أن بيضة النعامة هي رمز للكنيسة عبر عصور الاضطهاد المتعاقبة. ألا ترى شيئاً من التناقض في هذا الطرح، ولماذا تميل رواياتك إلى استعارة عناوينها من أسماء الطيور والحيوانات؟
- إن الوصف الذي ذكرته بشأن النعامة كطير وحيوان هو وصف دقيق. أنا شخصياً أميل إلى النعام، وأحب بيض النعام تحديداً. ففي القرى السودانية كانوا يستخدمون بيضة النعامة كثقّالة ل ( اللمبة )، كما أن النعام موجود بكثرة في الغابات القريبة من المدن والقرى السودانية. أنت مُحق في سؤالك لأن اسم روايتي الثانية يحمل عنوان ( مزاج التماسيح )، وكنت في بداية الأمر أريد أن اسمّي الرواية ب ( إحليل التمساح ) وهو تعبير ميثيولوجي يؤمن بالذكورة، وهو أن الصياد يأخذ الأعضاء التناسلية للتماسيح ويجففها ويصنع منها مسحوقاً يقوّي الباه، أو يقوي القدرة الجنسية الضعيفة عند بعض الرجال. هل نجحت هذه الفكرة أم لا ؟ لست أدري. لكنني أؤمن بأن الطبيعة هي الأساس أو المعلم الأول. إن ما تقرّه الطبيعة هو أن إخصاب المرأة ينتهي في سنٍ معينة، وأن الذكر تضعف إمكاناته الجنسية بعد سن معينة أيضاً. وفي هذا حكمة واضحة وهي مهمة الحفاظ على التوازن داخل الطبيعة، وهذا الأمر موجود لدى الحيوانات والنباتات، لكن الإنسان يريد أن يواصل قوته الذكورية. أصدقائي العاملين في الصحافة قالوا لي إذا أبقت العنوان على حاله، وهو ( إحليل التمساح ) فلن نستطيع أن ننشر عنها خبراً بسيطاً حتى في الصحف العربية التي تصدر في لندن، فلهذا اضطررت أن أغيّر اسمها إلى ( مزاج التماسيح )، ولكنني أدخلت في الفصل الأول فكرة إحليل التمساح. أما استخدامي لأسماء الحيوانات كعناوين للروايات فمردّه أن الحيوان هو أنقى من الإنسان في علاقته بالطبيعة.
* صحيفة الزمان
* وصف الطاهر بنجلون روايتك بالقول أنها كتابة نادرة في الأدب العربي الحديث، كما وصف كاتبها بالقول أنه مجنون بالنساء والحياة. كيف تؤول هذا الكلام؟

- لم أعرف الطاهر بنجلون معرفة شخصية، ولم ألتقهِ طوال حياتي. وهو ينظر للأدب العربي من وجهة النظر الكوزموبوليتانية، لأن الأدب العربي كما قلنا مقتصر على بضعة مواضيع محددة تبتعد عن التابوهات، بينما أنا اخترقت هذه التابوهات في أعمالي الأدبية التي اعتبرها بعض النقاد كتابة جديدة. إذا تقرأ الأدب العربي القديم فستجد أن أبي نؤاس وفارس الشدياق وغيرهم قد اخترقوا هذه التابوهات. وكما ذكرت أن يقيني في الأسرة والدين والحزب قد اهتز، ولم يبق أمامي سوى المرأة فحينما كنت أكتب رواياتي كنت أحاول أن أفيد من علاقاتي بالنساء. فالنساء علمنني أشياء كثيرة. تعلمت أن أحب الأشياء الصغيرة كالاهتمام بكأس نبيذ، والاهتمام بالثياب البسيطة النظيفة، والاستمتاع بالطبيعة. لهذا أنا مولع بالنساء، وربما مجنون بهن كما ذهب بنجلون.
• ياسين النصير
•  لاحظت في السنوات الخمس الأخيرة أن رؤوف مسعد قد تغيّر عما كان عليه في السابق، فهو الآن اكثر جدية، وربما أنه كان يشعر بأنه إنظلم لمدة طويلة. الآن بدأ المترجمون يترجمون رواياته، وبدأ ينتشر. هل أن هذا التبدل قد جاء نتيجة إحساسه بأن الزمن بدأ يضغط عليه؟ كيف برزت هذه الحالة بعد سن الثامنة والخمسين؟ أتذكر مرة كنا في لندن قال أنا يكفيني أن أكتب مادة واحدة في الشهر، لأنني لا أريد مبالغ مادية كبيرة، وإنما أريد أن أنتبه إلى مشروعي الأدبي، وهذا يعني أنه بدأ يتخلى عن ما هو حياتي لصالح ما هو جذري. كيف تفسر هذا التحول الدراماتيكي؟
- منذ غادرت بولونيا إلى العراق بدأت أعمل، واستمر هذا العمل في بيروت ومصر، ولكن عندما جئت إلى هولندا كانت صديقتي أنّا ماريكا، التي هي زوجتي الآن، تعمل في مجال الكومبيوتر. قلت لها لقد فقدت عملي في مصر، وأنا مع احترامي لكل المهن الحرة لا أستطيع أن أعمل في محل لبيع ( الشاورمة ) فضلاً عن كوني صاحب مشروع في الكتابة، فقالت لا بأس أنا أشتغل وأنت تكتب في البيت. الحقيقة لقد وفرت لي زوجتي مناخاً جيداً للكتابة. كما أن هاجس الموت بدأ يلازمني، وقد أفادتني تجربة بيروت كثيراً. وعندما تجاوزت سن الخمسين اكتشفت أنه لم يعد في العمر متسعاً، لذلك قررت أن أكتب لكي أقول كلمتي وأقدم تصوراتي عن الحياة. إن الإحساس بالنهاية هو الذي خلق في هذا الحماس الشديد. أنا لست منزعجاً من الموت، ولا خائفاً من فكرة الثواب والعقاب، وأن هذه هي سنّة الحياة التي تسير دائماً إلى أمام. هذه هي الأسباب التي تدفعني للكتابة بحماس يختلف عن السنوات السابقة.
• د. تيسير الآلوسي
هل يستطيع القارئ الذي لا يجيد اللغة الإنكليزية أن يستمتع ببنية النص المكتوب باللغة العربية والإنكليزية في آنٍ معاً؟ ولماذا نتجنب الحديث عن الإيروتيك إذا كانت هناك ضرورة تستدعي هذا النوع من الكتابة؟ وما هي العلاقة بين الكلام السياسي وحرية الإبداع؟ وأخيراً ما هي العلاقة بين الصحفي والأدبي فيما يتعلق بالزيارة لإسرائيل؟
- سأبدأ بموضوع الزيارة أولاً.  لي صديق مصري أكبر مني في السن وهو قومي ناصري. قال لي هذا الصديق العزيز جداً أمنيتي أن أصلي في المسجد الأقصى قبل أن أموت. فقلت له مازحاً أنا آخذك معي، نعبر الحدود ونرجع معاً.  اقترح عليّ التلفزيون الهولندي هذه الزيارة وهي طبعاً مدفوعة الأجر. إن ما أغراني أكثر بهذه الزيارة هو أن لي مطلق الحرية في الاختيار، فأنا لا أريد أن أتصل بالإسرائيليين، وإنما أريد أن أزور مناطق محددة في فلسطين- إسرائيل وأكتب عنها. التلفزيون الهولندي كان يريد أن يصور فيلماً على مرور خمسين عاماً على النكبة. لقد كتبت العديد من المقالات في صحيفة ( الحياة ) وقلت فيها أن الإنسان بعد مرحلة معينة من العمر، وقد شهد السجون والمنافي والإعتقالات، ينبغي أن يتخذ قراراته بنفسه، سواء كانت هذه القرارات صحيحة أم خاطئة، فإذا كانت صحيحة فبها، وإذا كانت خاطئة فأنا أتحمل النتيجة. إن الزيارة لإسرائيل في جزء منها هي فضول، وجزء منها عناد، وجزء منها هي حقي الطبيعي في أن أتخذ قراري بنفسي، آخذاً بنظر الاعتبار المحاذير الأخرى وأبرزها ألاّ أتصل بالإسرائيليين. إن حقي في الاختلاف هو أن أزور هذا الشعب وأتمعنه وأكتب عنه. وأنا شخصياً معروف عني في مصر أنني صاحب مواقف مختلفة، وقد يكون هذا صحيحاً، فأنا من أسرة مسيحية بروتستانتية، لكنني مارست حقي في الاختلاف وانتميت إلى الماركسية على الرغم من أن عمري كان سبع عشرة سنة. هل أنا غاوي اختلاف لا أدري؟ فعندما انتميت إلى التنظيم الماركسي كنت أرى في انتمائي شيئاً صحيحاً. وعندما تركت التنظيم لم أتخلَ عن أفكاري، بل بالعكس طورتها. أعتقد أن الأديب والصحفي هما شخصية واحدة.  البعض يعتقد أنني خرجت عن الجماعة الثقافية المصرية، وقد يكون هذا صحيحاً لأنني أمارس حقي كإنسان ومفكر وكاتب، وأخرج بالطريقة التي تعجبني مادمت لم أخترق الحواجز كلها. والأغرب من ذلك أنني قلت  لا توجد في إسرائيل ديمقراطية ومع ذلك فقد هاجمني أحدهم وهاجم كتابي بسبب هذه الجملة! نحن كلنا جئنا من أنظمة وأحزاب وعائلات قمعية لا تؤمن بحق الاختلاف، بل تكرّس هذا الاختلاف! في الكتابة من حقي أن أكتب ما أريد، سواء عن الإيروتيك أو عن الدين أو السياسة. إن الإجابة على هذا السؤال تنطوي على صعوبة كبيرة، لأن الكاتب ينبغي أن يكون صادقاً في الذي يكتبه أو يعبر عنه.  أما بصدد الكتابة بالإنكليزية فأنا أرى أن هناك كلمات أو جملاً أو حتى فقرات كاملة لا يمكن أن تُترجم إلى العربية لأنها تفقد معناها ومغزاها الدقيق، ولذلك أبقيت الكثير من الفقرات بالنص الإنكليزي، وخصوصاً تلك الفقرات الإيروتيكية، لأنني إذا ترجمتها فسوف تتحول من أيروتيك إلى بورنو، وهناك فرق كبير ما بين الإيروتيك والبورنو. وهناك أسئلة محيّرة حقيقة مثل: لماذا يقبل القارئ بأشعار أبو نؤاس، أو المشاهد الجنسية الواضحة في ألف ليلة وليلة وفي رواية ( عشيق الليدي تشارلي ) للورنس ولا يقبل بالكتابة اليروتيكية الجديدة؟
* لمياء المقدم
*  هل تكتب وفكرة النص جاهزة في ذهنك بكل ما يتطلبه النص من شروط، أم تبدأ الكتابة وأنت لا تدري إلى أين سيأخذك النص؟ بعبارة أخرى هل أنت الذي تكتب النص أم أن النص هو الذي يكتبك؟
- حاولت أكثر من مرة أن أرسم خطة قبل الشروع بالكتابة، لكنني لم أفلح. ففي أثناء الكتابة تتضبب تصوراتي ولا أعرف ماذا أريد أن أكتب. وهنا فعلاً يأخذني النص، وهذا ما حصل في رواية ( مزاج التماسيح ) ورواية ( غواية الوصال ). في الرواية الأخيرة كنت أريد أن أكتب نصاً قصيراً من سبعين أو ثمانين صفحة عن علاقة كهل بفتاة صغيرة تتناول هواجسه الجنسية والمرضية فوجدت نفسي أكتب لمدة سنتين من دون أن يكتمل النص الذي قدّرت له أن ينتهي في غضون أربعة أشهر! بينما هناك كتاب أصدقاء أمثال صنع الله إبراهيم يعمل خطة محكمة وخرائط لحركة الشخوص، ومع ذلك فهو لا يستطيع أن يلتزم بهذه الخريطة.
• صحيفة الحياة
•  فقد المشروع الصهيوني في بناء دولته اليهودية الكثير من المبررات الأخلاقية والسياسية. كيف يبررون نقل اليهود وإسكانهم في فلسطين، بينما يهجرون الفلسطينيين، أبناء البلد الأصليين، أو يقتلونهم كل يوم. في تقديرك كم يحتاج اليهود في إسرائيل لكي يتيقنوا من فشل مشروعهم القائم الأساطير الدينية المزيفة والاحتلال والإبادة؟
- لقد رأيت الكثير خلال هذه الزيارة، ولاحظت بأم عيني كيف تتجسد فكرة ( الغيتو ) على الأرض فاليهود الروس يعيشون في حي خاص منفصل عن حي اليهود المغاربة أو اليهود الأثيوبيين أو الأوكرانيين أو الأمريكيين. أنا أرى أن المشروع اليهودي غير ناجح وقد فقد الكثير من مرتكزاته. ولكن أستمرار هذا المشروع يعتمد على الموقف العربي. وهنا ينبغي أن نميز بين موقف الشعوب العربية وموقف الحكومات العربية. وكما ترون فأن موقف الشعوب العربية متقدم جداً على مواقف الحكام والقادة العرب. ونحن على ما يبدو محكومون بهذا النوع من القادة الذين سوف يبقون لمدة عشرين أو ثلاثين سنة قادمة. نحن نعيش خارج التاريخ وهذه مسألة مؤلمة، وإذا تفحصنا نصف القرن الأخير فماذا نرى؟ ما هو الإنجاز العلمي أو الثقافي الذي قدمه العرب؟ لا شيء على الإطلاق على الرغم من التاريخ  والحضارة واللغة التي نباهي بها العالم، بينما أحيا اليهود لغتهم منذ خمسين عاماً لا غير. أنا مؤمن بالدوران الحضاري، إن هناك انتكاسات ونكبات، وأنا أرى أن انتكاساتنا مستمرة منذ الخلافة العثمانية، ولكنها لن تبقى هكذا، فسوف تدور الدوائر من جديد، وينتهي هذا المشروع القائم على أسس وأساطير دينية مزيفة.
• محمد بن شماش
• لا أدري لماذا نركّز دائماً على قمع الإسرائيليين للفلسطينيين في حين ننسى أن العرب الذين خرجوا من الجزيرة العربية قد استولوا بالسيف والدين والإيديولوجيا على أراضٍ شاسعة في قارتين كانتا مأهولتين بشعوب مختلفة. أنا أرى قمع العرب لهذه الشعوب هو أكبر من قمع الإسرائيليين للفلسطينيين. وإذا كانت هناك أنظمة أو شعوب تستحق الشجب والاستنكار فهي الأنظمة والشعوب العربية. وإذا أردت أن تصف البعض بالعنصرية فأن العرب هم أكبر عنصريين وقامعين سلبوا حياة هذه الشعوب. وفي مصر يذهب الطفل القبطي ويجلس إلى جانب زميله العربي المسلم ويسمع بملء أذنيه السب والشتم في ذاته ودينه وشعبة. يسبه المعلم عبر المادة الدراسية، وتسبه الدروس التي يتعاطاها. أنا لا أطرح هذا السؤال للأستاذ رؤوف فقط، وإنما لكل من لديه الشجاعة للحديث في هذا الموضوع الخطير؟
• هادي الراوي
• كان رد المخرج هادي الراوي ليس الإجابة على التساؤل الإشكالوي، وإنما رد على التساؤل بسؤال آخر وهو: هل هناك أمة واحدة فتحت بلداً بغير السيف؟ ثم تدخل الكاتب الصحفي إسماعيل زاير قائلاً: نحن كلنا ضحايا القمع السياسي، وواجبنا الأخلاقي يقتضي أن نتحدث عن هذه الأنظمة القمعية التي اختطفت سيادة البلدان وثرواتها وعاثت فساداً بكل شيء بحيث طبعوا أبناءنا على ثقافة فاشية عنصرية وتمييزية.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفنان التشكيلي منصور البكري لـ- الحوار المتمدن
- الفنان والمخرج الكردي بكر رشيد لـ- الحوار المتمدن
- المخرج د.عوني كرومي ل - الحوار المتمدن
- حوار مع المخرج د. فاضل السوداني
- الروائية السورية حسيبة عبد الرحمن ل - الحوار المتمدن
- جاذبية المخيّلة الجمالية وبنية النص بوصفة ( وثيقة نفسية ) في ...
- الروائي نجم والي يتحدث لـ(الحوار المتمدن) الكاتب ليس كائناً ...
- إحتجاجاً على الموقف المتخرّص، والمدلّس لإتحاد الأدباء والكتا ...
- الشاعر السوري حسين حبش لـ - الحوار المتمدن
- الشاعر محمد أمين بنجويني لـ - الحوار المتمدن
- فحيح النزوات المنفلتة
- ذاكرة الأسلاف
- المخرج السينمائي سعد سلمان ﻟ - الحوار المتمدن
- هواجس عمياء
- مشروع ترجمة قصص عراقية إلى اللغة الهولندية
- الشاعر غيلان ل - الحوار المتمدن
- المغنية والملحنة العراقية إنعام والي ل ( بلاد الرافدين )- لا ...
- الشاعر سركون بولص ل - الحوار المتمدن
- المخرج فؤاد جلال في إطلالته الجديدة. . من البنفسجي إلى الأسو ...
- محمد الأمين في ديوانه الأول - فوانيس عاطلة أيامه -. . . صور ...


المزيد.....




- من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم ...
- الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
- ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي ...
- حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...
- مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا ...
- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - ندوة ثقافية في لاهاي عن حق الاختلاف والكتابة الجديدة