أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد السلام أديب - أوضاع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للكادحين بالمغرب















المزيد.....


أوضاع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للكادحين بالمغرب


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 2261 - 2008 / 4 / 24 - 09:31
المحور: حقوق الانسان
    


مدخل:
1 – الهجوم الرأسمالي عالميا على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للكادحين:
تتعرض الطبقة العاملة وعموم الكادحين لهجوم حقيقي من طرف رأس المال الدولي والمحلي في ظل انحياز سافر من طرف الدولة. فرأس المال العالمي الذي أصبح حجمه يتجاوز اليوم كل إمكانيات الاستثمار العالمية المتاحة أصبح يبحث عبر كل الوسائل والإمكانيات لتوظيف الفائض منه لأنه في غياب توظيف رأس المال في استثمارات مربحة سينهار النظام الرأسمالي نتيجة تبخيس قيمة الثروات المتراكمة وانفجار أزمة عالمية تكون أخطر من أزمة الثلاثينيات من القرن العشرين.
لذلك يلاحظ الجميع كيف يبدع رأس المال أشكال إيجاد توظيفات مربحة عبر: المديونية الخارجية بفوائد ميسرة، عولمة الاستثمارات الأجنبية الخاصة المباشرة، عبر دفع بلاد العالم الثالث نحو خوصصة واسعة لمرافقها العمومية وعبر فتح الحواجز الجمركية وتخفيض الضرائب. ويستعمل رأس المال لتنفيذ خطته ونشرها عبر دول العالم: من خلال وصفات المؤسسات المالية الدولية ونشر اقتصاد المناولة لدى البرجوازيات المحلية والدفاع عن هذه الليبرالية المعولمة من طرف المثقفين المدفوعي الأجر للدفاع عن هذه الاختيارات والتأكيد على أن التنمية تأتي عن طريق الاستثمارات الأجنبية الخاصة وعن طريق التجارة الخارجية والمنافسة الحرة والخوصصة والمبادرة الحرة وهي الثقافة الاقتصادية الجديدة السائدة في بلادنا منذ بداية عقد الثمانينات، والتي أصبحت بمثابة دين يصبح من ينتقدها كأنه ينتهك أحد المقدسات.
لقد أكدت تجارب بلدان العالم الثالث التي طبقت هذه الوصفات التي يفرضها رأس المال عبر المؤسسات المالية الدولية منذ عقد السبعينات من القرن العشرين على أن آثارها وحيدة الاتجاه لكونها تخدم التراكم الرأسمالي في دول المتربول فقط وتكون على حساب التنمية الشاملة لشعوب دول العالم الثالث.
2 – الهجوم الرأسمالي على الطبقة الكادحة ببلادنا:
تعاني الطبقة الكادحة في بلادنا من انعكاسات سياسات التكييف الهيكلي وهي التسمية الحقيقية لبرنامج التقويم الهيكلي، وهي تعني تكييف قدراتنا الاقتصادية والبشرية مع شروط تراكم رؤوس الأموال الدولية.
وليست الطبقة الكادحة فقط من يعاني من هذا الهجوم الرأسمالي بل البلاد كلها تحصد اليوم نتائج تبعية سياساتها للمؤسسات الامبريالية. فثلاثة عقود من السياسات الاقتصادية والاجتماعية المملاة من طرف الامبريالية بمباركة التحالف الطبقي الحاكم أدت إلى حصاد الهشيم والبطالة والكساد والتسريحات الجماعية والانهيار الاقتصادي والاجتماعي.
- فالاقتصاد يعاني بشكل عميق من ازدواجية البنيات التقليدية والعصرية، ويعيد نفسه من دون نمو؛
- والاقتصاد العصري موجه كليا نحو الخارج في إطار إستراتيجية الإنتاج من أجل التصدير، لكن العجز التجاري المزمن يؤكد فشل الإستراتيجية؛
- إهمال تام للسوق الداخلي تتجلى أساسا من خلال ضعف عميق في الإنتاجية الفلاحية والصناعية مما يقلص من قدرة الاقتصاد المحلي على تلبية الحاجيات الأساسية وتحقيق الأمن الغذائي مما يكرس هشاشة الاقتصاد في مواجهة تقلبات السوق الدولية.

في ظل هذه الأزمة الاقتصادية والاجتماعية العامة لا زال الهروب إلى الأمام متواصلا عبر تدبير الأزمة من خلال هضم المزيد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للكادحين.
3 – حقوق الطبقة الكادحة بين مسؤولية الدولة والمواثيق الدولية لحقوق الانسان:
الحديث عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للطبقة الكادحة يحيلنا على ما تنص عليه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وخاصة منها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي صادق عليه المغرب سنة 1979 . فهذا العهد ينص على ما يلي:
1. لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها، وهى بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
2. لجميع الشعوب، سعيا وراء تحقيق أهدافها الخاصة، التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية (...). ولا يجوز في أية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة.
3. على الدول الأطراف في هذا العهد (...) أن تعمل على تحقيق حق تقرير المصير وأن تحترم هذا الحق، وفقا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة.
4 - تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد بأن تتخذ، بمفردها وعن طريق المساعدة و التعاون الدوليين، ولاسيما على الصعيدين الاقتصادي والتقني، وبأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة، ما يلزم من خطوات لضمان التمتع الفعلي التدريجي بالحقوق المعترف بها في هذا العهد، سالكة إلى ذلك جميع السبل المناسبة، خصوصا سبيل اعتماد تدابير تشريعية.

إن هذه الالتزامات تفرض على الدولة أن تتخذ عبر سياساتها الاقتصادية والاجتماعية الإجراءات الكفيلة بإعمال الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية، وبتمتيع المواطنات و المواطنين بحقهم في العمل وفي شروط صحية في العمل والصحة والتعليم والمستوى المعيشي الكافي (التغذية، السكن، الماء، الملبس) ... وكلها مقومات أساسية لتحقيق العيش الكريم.
لكن سياسات الدولة نجدها لا تحترم هذه النصوص الدولية لحقوق الإنسان والتي صادقت عليها، فنجدها تعتمد سياسات متناقضة مع هذه المبادئ سواء على مستوى سياسة الميزانية أو على مستوى التشريعات الخاصة بالكادحين من عمال وموظفين.
وفيما يلي بعض الأمثلة عن مظاهر استهانة الدولة بمجموعة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للكادحين:

أولا: ضرب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من خلال سياسة الميزانية:
حافظت سياسة الميزانية منذ ثلاثة عقود على نفس التوجهات الانكماشية والتي تقوم على تفضيل رأس المال على حساب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للكادحين ويمكن إجمال ذلك من خلال الانحرافات التي تطبع مداخيل ونفقات الميزانية:
1 – انحراف مداخيل الميزانية العامة:
أ - تعاني مداخيل الميزانية العامة من تدهور متواصل ونلاحظ ذلك من خلال:
- تفويت المرافق العمومية للخواص وهو ما يقلص من المداخيل التي تذرها هذه المرافق على خزينة الدولة بالإضافة إلى ما تؤدي إليه هذه التفويتات من تسريحات للمستخدمين؛
- تفكيك الرسوم الجمركية نتيجة اتفاقيات التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وكذا نتيجة اتفاقية منظمة التجارة الدولية، وهو التفكيك الذي سيتواصل إلى غاية 2012، مما يقلص تدريجيا من مداخيل الدولة بالاضافة لما يؤدي إليه من مزاحمة السلع الأجنبية للمنتوجات المحلية الشيء الذي يؤدي الى افلاس واغلاق الشركات وتسريح العاملات والعمال؛
- تقليص معدل الضريبة على الشركات، حيث تم تقليص هذا المعدل بخمس نقاط في ميزانية 2008 وهناك ارادة لتقليص هذا المعدل إلى غاية بلوغه 20 % علما أن أكبر مستفيد من هذا التقليص هو رأس المال الأجنبي الذي يحول الأرباح الناجمة عن ذلك إلى الخارج؛
أمام هذا التراجع في المداخيل العمومية تحاول الدولة تداركه من خلال الزيادة في معدلات الضريبة على المواد الأساسية وقد شاهدنا تلك الزيادات انطلاقا من ميزانية 2006 وهي الزيادات التي أطلقت العنان لموجات الغلاء المتواصلة رفعت نسبة الزيادة في أثمان السلع والخدمات بأكثر من 40 %.
2 – معاملة تفضيلية للمصادر الاقتصادية للضريبة:
يتسم أسلوب تعامل الضريبة على الدخل مع المصادر الاقتصادية بمحاباة كبيرة اتجاه رؤوس الأموال والشركات التجارية والصناعية ومعاملة تفضيلية للمهن الحرة وذلك مقابل عبء جبائي ثقيل على مداخيل الأجور ومرتبات الموظفين والتي تقتطع عند المنبع.
ومعلوم أنه باعتراف المسؤولين أن ثلثي الشركات لا تدفع الضرائب سواء عبر تملصات قانونية كالاعلان عن الخسارة أو عن طريق الغش الجبائي عن طريق التصريح برقم معاملات غير واقعية
3 – انحراف النفقات العمومية على مستويين إثنين:
- انحراف بنيوي مزمن يتمثل في هيمنة نفقات التسيير بحوالي 60 % يأتي بعدها نفقات الدين العمومي بحوالي 26 % وفي المقام الأخير تأتي نفقات الاستثمار بحوالي 13 % فقط، علما أن الدولة تنقل سنويا حوالي 9 مليارات نحو السنوات اللاحقة، وفي غياب نفقات استثمار مهمة يصبح دور الميزانية العامة في التنمية شبه منعدم وهو ما يكون له دور سلبي على اعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للكادحين ويكرس التوجه الإنكماشي للميزانية؛
- هناك انحراف ثاني يتمثل في كيفية تخصيص اعتمادات الميزانية، حيث نجذ أن النفقات التي تأخذ حصة الأسد هي نفقات الأمنية والسيادة كميزانيات البلاط والداخلية والخارجية والدفاع والعدل والوزارة الأولى والبرلمان والمالية والتي تصل إلى حوالي 134 مليار بعدها تأتي النفقات التي لها وجهة اقتصادية ويتعلق الأمر بميزانيات الطاقة والمعادن والصناعة والتجارة والشؤون الاقتصادية والعامة والتجارة الخارجية والمندوبية السامية للتخطيط والتجهيز والنقل واعداد التراب الوطني والماء والبيئة والتي لا تتجاوز رغم أهميتها 18 مليار درهم.
وفي المقام الأخير تأتي الاعتمادات ذات الوجهة الاجتماعية، فإذا ما استثنينا قطاعات الصحة والتعليم والإسكان فإن القطاعات الاجتماعية وتشمل عشرة وزارات هي التشغيل والتنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن والثقافة والأوقاف وقدماء المقاومين والشباب والرياضة والسياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والفلاحة والصيد البحري ومندوبية المياه والغابات فنجدها لا تتجاوز 9 مليار درهم.
والملاحظ هو وزارة الداخلية تستأثر بمفردها ب 14 مليار درهم مقابل عشر وزارات اجتماعية ب 9 مليارات وهو ما يؤكد مرة أخرى أولوية الهاجس الأمني على القطاعات الاجتماعية كيفما كان نوعها حتى وإن تعلق الأمر بقطاع مثل وزارة الفلاحة والصيد البحري.

ثانيا: ضرب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من خلال تشريعات تهم الطبقة الكادحة:

1 – قطاع الوظيفة العمومية
أ- التحديث يساوي الهجوم:
يتحدث الخطاب الرسمي منذ مدة عن الحجم المفرط لقطاع الوظيفة العمومية، وعلاقة ذلك بثقل نفقات التسيير، لذلك برزت فكرة تقليص حجم الإدارة وعصرنتها على أسس عقلانية، لكن هذا الخطاب ليس بريئا، لأن تضخم نفقات التسيير ليس بسبب عدد الموظفين وإنما بفعل التبذير والإنفاق المفرط على البنايات الفخمة وبدلات سفر المسؤولين الكبار وسياراتهم ومساكنهم الوظيفية والحفلات الباهظة التكاليف التي تصرفها البعثات الدبلوماسية ... الخ.
كما أن خطاب العصرنة والتحديث يرمي في الواقع إلى تصفية خدمات أساسية للإدارة وتقليص وسائلها المادية والبشرية من أجل الحفاظ على مستوى الإنفاق الاستهلاكي البذخي للمسئولين الكبار. والعمل أساسا على تصفية مكتسبات الموظفين وإنهاء تدخل الخدمة العمومية.
ويشمل الهجوم على أجراء الوظيفة العمومية، إعادة نظر شاملة في قانون الوظيفة العمومية لسنة 1958 ، وتستهدف هذه المراجعة إعادة النظر في دور الدولة، وخوصصة القطاع العمومي و فتح جميع المجالات للرأسمال الخاص الأجنبي على الأخص، وفرض التقشف في المجالات الاجتماعية، ....
وتتجه الإرادة القانونية المرتقبة لتصفية قطاع الوظيفة العمومية في اتجاه اعتماد مناهج التسيير المعتمدة بالقطاع الخاص، و ذلك بمبرر عدم ملائمة أنماط التدبير العمومي التقليدية المتسمة بالتصلب، وتدخل في هذا الإطار التدابير التالية:

1 - إضفاء المرونة على تسيير الموظفين، عبر اللجوء إلى عقود عمل محددة المدة؛
2 - مراجعات آليات الترقية بالتخلي عن الأقدمية، بمبرر أن طريقة ترقية الموظفين الجاري بها العمل مصدر لنزعة محافظة و مقاومة للتغيير؛
3 - اعتماد مقاييس المردودية، بمبرر أن غيابها مصدر للتبذير، و سبب في انعدام مسؤولية الموظفين؛
4 - تسهيل مسطرة التسريح، ووقف علاقات الشغل لأسباب إعادة الهيكلة والإجراءات الاقتصادية؛
5 - زيادة هامة في السلطات لا سيما التأديبية لدى رؤساء العمل، و يحبل ذلك بمخاطر التعسف والتسريحات بالإضافة إلى اعتماد الأبواب الالكترونية لمنع دخول وخروج الموظفين مما يحول الادارة الى سجون حقيقية له تأثير طبعا على الحريات النقابية؛
6 - إضفاء مرونة على كتلة الأجور، بإعادة نظر أساسية في ميكانيزمات الأجور، ووضع تدريجي لسياسة أجر الاستحقاق، حسب المهمة الموكولة للموظف؛
7 – مراجعة أنظمة التقاعد نحو زيادة الاقتطاعات وتقليص مرتبات التقاعد ورفع سن الاحالة على التقاعد؛
7 - سياسة حركية ومرونة مفروضة على الموظفين، باعتماد سياسة إعادة نشر الموظفين، والعمل بعقود عمل محددة المدة باسم الاستعمال الأمثل للموارد البشرية؟
8 - منظومة صارمة لتقييم الموظفين واعتماد التكوين المستمر.

معلوم أنه سبق وضع مشروع قانون أساسي جديد للوظيفة العمومية في عهد الوزير الزروالي، تضمن الجزء الأعظم مما تمت الإشارة إليه، لكن يجري حاليا إدخال ما جاء به بالتدريج تفاديا لإثارة رد فعل جماعي فوري.

ب- مشروع القانون 50.05 :
يعتبر مشروع القانون 50.05 الذي يرمي إلى تغيير ةتتميم ظهير 24 فبراير 1958 بمثابة النظام الأساسي للوظيفة العمومية والمعروض على اللجان البرلمانية سنة 2004 خطرا محدقا على مستقبل الوظيفة العمومية، فهو يشرعن لتراجعات خطيرة على مكتسبات و حقوق الموظفين. ومن جملة ما يتضمنه هذا المشروع هناك ما يلي:

1 - شرعنة العمل بعقود محددة المدة، لا ينتج عنها أي حق في الترسيم؛
2 - يقلص الرخصة السنوية من 30 يوم إلى 22 يوم عمل؛
3 - يجعل المرأة تتقاضى خلال عطلة الأمومة راتبها المحتسب في المعاش فقط؛
4 - يسمح بنقل الموظفين وإلحاقهم دون العودة إلى اللجنة متساوية الأعضاء، وليس نحو إدارة عمومية فقط بل أيضا نحو القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية؛
5 - يلغي الحق في الترقية بالشهادة؛
6 - يمنع الترقية بالأقدمية من درجة لأخرى، و يضيف شرط الاستحقاق للترقية عبر المباراة.

ج- مراجعة الأنظمة الخاصة ببعض الفئات من الموظفين:
رغم بريق الخطاب الرسمي الذي يتحدث عن ايجابيات وضرورات تجميع الأنظمة الأساسية الخاصة والكثيرة في أقل عدد ممكن، مع مراعاة خصوصية عمل كل فئة، و التلويح بشعارات التحديث والعصرنة و مواكبة المستجدات، بل الهدف هو جعل أنظمة فئات الموظفين على اختلافهم متوافقة والتراجعات الخطيرة عن المكاسب و الحقوق، المزمع إدخالها في النظام الأساسي للوظيفة العمومية، وخصوصا مشروع القانون 50.05 الذي يقود إلى هشاشة أكبر لوضعية مختلف فئات الموظفين.


د - وضعية الأجور في قطاع الوظيفة العمومية

الهوة بين الأجور العليا والدنيا بالمغرب تصل إلى ما بين 1 إلى 30 مرة (حيث يتقاضى بعض مديري المؤسسات العمومية حتى 20 مليون سنتيم شهريا)، وأكثر من 30 ألف مواطن يتقاضون أقل من 1700 درهم (أعوان الخدمة خصوصا).كما أن الأجور ومنذ أزيد من 70 سنة، لم ترتفع إلا في حدود 5%.
وقد توصلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بعدة شكايات من الأعوان بقطاع التعليم حول وضعيتهم، يستنكرون فيها هزالة رواتبهم لا من حيث قيمة الأجر، ولا من حيث عدم احترام أوقات التسليم.

ه - الأوضاع المعيشية للموظفين
تعرف الأوضاع المعيشية للموظفين والموظفات تدهورا خطيرا، من جراء جمود الأجور في ظل ارتفاع كلفة المعيشة، الناتجة عن الزيادات المتواصلة في أثمان المواد والخدمات الأساسية. كما أن ظروف عمل الموظفات والموظفين ما فتئت تسوء، خصوصا بعد عملية المغادرة الطوعية، التي أدت إلى التخلص من حوالي 40 ألف موظفة وموظف، مخلفة فراغا كبيرا في مجموعة من الإدارات والقطاعات.

2 – القطاع الخاص
رغم تبني مدونة الشغل، على علاتها، كقانون ملزم لجميع الأطراف، فهي لا تطبق إلا لماما.
وقد أبدعت وزارة التشغيل برنامجا، سمته "برنامج العمل الوطني حول الملائمة الاجتماعية داخل المقاولة"، تنصلت فيه من مسؤوليتها في العمل على تطبيق القانون، وجعلت من مفتش الشغل "مربيا" يسدي النصائح لأرباب العمل الرافضين لتطبيق القانون.
والأخطر من هذا كله هو أن هذا البرنامج استثني الشركات التي يعمل فيها اقل من 50 عاملا، حارما بذلك آلاف العمال والعاملات من حقوقهم التي يخولها لهم القانون. كما أن وزارة الشغل، وضعت جدولا للعمل على استفادة العاملات والعمال من حقوقهم !! ( طبعا بالنسبة للشركات التي يعمل فيها أكثر من 50 عاملا ).
كل هذا لم يكف نقابة أرباب العمل، التي بادرت إلى إصدار كتابها الأبيض التي تدعو فيه تعديل مدونة الشغل من جديد، بشكل يضمن مرونة أكثر (عبر إبرام عقد محدودة المدة) ويقلص من تكاليف اليد العاملة.
هذه هي الأوضاع التي يعمل فيها العاملات والعمال، والتي تنعكس بشكل خطير على وضعيتهم، وتبين مدى ارتفاع الخروقات التي تطال حقوقهم كما رصدت ذلك تقارير فروع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.

وضعية الأجور في القطاع الخاص
الأجر القانوني: 1.841,00 درهما، وهذا الأجر الأدنى في مواجهة غلاء المعيشة يقل بكثير عن الأجر العادل الذي يحقق الحياة الكريمة، ومع ذلك فهو لا يحترم، وتحرم منه العديد من القطاعات والفئات:
ــ العمال الزراعيون (يقدر عددهم بمليون نسمة)؛
ــ عمال البناء والأشغال العمومية؛
ــ عمال عاملات وعمال النسيج؛
ــ عمال الأمن والصيانة والنظافة (خاصة في القطاعات الحكومية بعد خوصصة هذه الخدمات)؛
ــ العمال المؤقتون؛
وقد وردت على فروع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الكثير التظلمات، وتابعت ملفات عاملات وعمال بمختلف المناطق، كشتوكة آيت باها (الإبداع الزراعي، لاورتا الفلاحية، بيريروك، خضراوات سوس، ضيعة أدراريسكو، شركة اشتوكي، الضيعة الملاكية)، وبالدار البيضاء (شورت مود...)، القصر الكبير و سيدي سليمان (ضيعة محمد نجيب الراضي، شركة كوريان لتلفيف الحوامض).
هذه التظلمات تضمنت الخروقات التي تطال كل الحقوق الشغلية (كبطاقة الشغل، والأداء في الوقت المحدد، واحترام الساعات القانونية للعمل، والتغطية الصحية،...).

ظاهرة تشغيل الأطفال في القطاع الخاص
لازال أرباب العمل يتحايلون على القانون لتشغيل الأطفال، بدعوى التمرين أو التكوين، كما لا زال عمل فئة خادمات البيوت، وهو يشغل عددا كبيرا من الطفلات، لم يقنن.
وقد تابع فرع الجمعية بالقصر الكبير شكاية حول تشغيل الأطفال بضيعة Floragrim.

الصحة والسلامة في القطاع الخاص
تابع فرع الجمعية بآسفي وضعية العمال بمعمل كيماويات آسفي، حيث يشتكون من غياب المرافق الصحية، ومن رشاشات غير ملائمة، ومن ارتفاع الإصابات السرطانية، ومن عدم إجراء الفحص الطبي عبر الأشعة منذ سنة 2005.

الحريات النقابية في القطاع الخاص
لازال الفصل 288، من القانون الجنائي، يستعمل كوسيلة ضغط وترهيب ضد العاملات والعمال، وما فتئ الحق النقابي ينتهك في العديد من الشركات. و نسوق بهذا الخصوص الحالات التالية:
ــ ضرب الحق في إنشاء النقابات: كضيعة الإبداع الزراعي و ضيعة أدرار (بأكادير)، وشركة بوفوكوفور (فاس)، ورادييل (القصر الكبير)، group4 (الرباط، البيضاء، طنجة)، magme، Henry’s، STAMEC (البيضاء).
ــ اعتداء جسدي على العمال: ضيعة الإبداع الزراعي (أكادير)، عمال بوتينوكلونور، بولاب (الناضور).
ــ طرد المناضلين والنقابيين: كوكاكولا (البيضاء، مراكش، سلا)، جبل عوام، فيدال (سيدي سليمان).
ــ متابعة وسجن العمال: مسؤولون بفرع النقابة الوطنية للتجارة والمهنيين بالخميسات، ضيعة الإبداع الزراعي (أكادير)، جبل عوام، عمال voal (سيدي سليمان) لاكليمنتين (الجديدة).

إغلاقات وتسريحات غير قانونية:
هناك عدة نماذج لذلك مثل شركة طيمكو (بسلا)، شورت مود (بالبيضاء)، مطاحن سيدي سليمان، شيلكو (سلا).

خلاصة عامة:
نستخلص مما سبق أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية حينما تؤطر بواسطة نظام سياسي شبه رئاسي، تغيب فيه المشاركة السياسية الحقيقية (مقاطعة 83 % من الناخبين للانتخابات التشريعية ل 7 شتنبر 2007)، فإن النتائج تكون كارثية على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعموم الكادحين.



#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المغرب بين الوضع الحقوقي الدولي والجهوي
- لا يمكن توقع ردود فعل الجماهير إزاء ارتفاع الأسعار
- السياسة الاقتصادية لا تخدم سوى مصالح رأس المال المحلي والدول ...
- الغلاء يفضح ضعف السياسة الاقتصادية بالمغرب
- الدولة تخفي إرهابها بالوعود
- النمط الاقتصادي المعتمد لا يؤدي إلى تنمية اجتماعية
- البرلمان والاعتقال السياسي
- المشهد السياسي الحالي في المغرب والمشاركة السياسية للمرأة
- جماهير مدينة سلا تحتج على غلاء الأسعار وعلى تدهور الخدمات ال ...
- سياسة الميزانية والهروب إلى الأمام
- الحركات الاحتجاجية في المغرب ضد السياسات الاقتصادية والاجتما ...
- القانون المالي لسنة 2008 في خدمة الأغنياء
- أي أفق لتنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية في ال ...
- لم نتلق أي تحذيرات بالتراجع عن تنظيم الوقفات
- قافلة التضامن مع ساكنة مدينة صفرو وقرية البهاليل
- نجاح احتجاج فروع الجمعية المغربية لحقوق الانسان بالرباط سلا ...
- الغلاء استغلال إضافي للطبقة الكادحة من طرف الرأسمال
- ويستمر النضال ضد الغلاء وتدهور الخدمات العمومية
- ماذا بعد المقاطعة العارمة للانتخابات المخزنية؟
- الانعكاسات الوخيمة للغلاء على الشعب المغربي


المزيد.....




- جوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
- العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا بشكل رسمي
- مقرر أممي: قرار الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانت تاري ...
- جنوب السودان: سماع دوي إطلاق نار في جوبا وسط أنباء عن محاولة ...
- الأمم المتحدة تحذر من توقف إمدادات الغذاء في غزة
- السعودية تنفذ حكم الإعدام بحق 3 أشخاص بعد إدانتهم بجرائم -إر ...
- ماذا سيحدث الآن بعد إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ...
- ماذا قال الأعداء والأصدقاء و-الحياديون- في مذكرات اعتقال نتن ...
- بايدن يدين بشدة مذكرات اعتقال نتنياهو وجالانت
- رئيس وزراء ايرلندا: اوامر الجنائية الدولية باعتقال مسؤولين ا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد السلام أديب - أوضاع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للكادحين بالمغرب