أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نزار حيدر - الطريق إلى الديمقراطية















المزيد.....

الطريق إلى الديمقراطية


نزار حيدر

الحوار المتمدن-العدد: 701 - 2004 / 1 / 2 - 08:08
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


جربنا الاستعمار والاستقلال ، ثم جربنا الملكية والجمهورية ، بعدها جربنا الشيوعية والقومية ، كما جربنا الأنظمة المدنية والأخرى العسكرية ، حتى إذا رست التجربة على المد الإسلامي المتعاظم ، رحنا نجرب الحزبية ، ثم الولاية والشورى ، ثم التغيير الثقافي أولا أم الكفاح المسلح ؟، بعد ذلك تجادلنا، هل نطوي المراحل المرسومة في خططنا الاستراتيجية ؟ أم نحرق كل المراحل لنصل إلى السلطة ؟ ثم جربنا القيادة الرمز والقيادة  الجماعة ، وهكذا، بقينا نجرب كل ما تتفتق عنه عقولنا النيرة ووعينا الفريد ، ولكن ، وللأسف الشديد من دون نتيجة ، إذ لم يتغير وضعنا وحالنا ، لا على صعيد الأنظمة والحكومات ، ولا على صعيد حركات المعارضة ، بكل ألوانها وأشكالها وهويتها الفكرية والإيديولوجية والسياسية ، إذ لا زال الاستبداد هو سيد الموقف ، والديكتاتورية هي الحاكم الأعلى ، والتمزق والتشتت والانشقاقات والتربص والتخلف والإرهاب الفكري، وسياسات التهميش والطرد وقطع الأرزاق وإلغاء الآخر، وتسقيط من يختلف معي في الفكرة أو الرأي، واغتيال المنافس، والدعاية السوداء وروح الانتقام والعنف والاستعلاء والفردية والأنانية واللاابالية وتكميم الأفواه، ومصادرة الحريات وقمع الارادات، وسحق الكرامات، ونظرية الحزب الواحد ، والقائد الأوحد، والزعيم الرمز ، كلها هي الحاكمة ، لم تنفع معها كل أساليب الإصلاح ووسائل التغيير، حتى انتهت بنا الحال إلى الغزو العسكري والاحتلال الأجنبي.
فبالرغم من أن كل صاحب منهج أو طريقة، يدعي انه يمتلك الحل السحري دون سواه ، وانه سيقلب الأمور رأسا على عقب، بضربة واحدة من عصاه السحرية، إذا فسح له المجال، ولكن ، عندما يتصدى للأمر، لم يتغير شيئا، بل قد تسير الأمور إلى الوراء، ويتقهقر الواقع المزري إلى الخلف ، في كل مرة ، فماذا يعني كل هذا ؟ .
اعتقد انه يشير إلى حقيقة واحدة وأساسية، يلزم أن يسلم بها الجميع من دون استثناء ، ونحن على أبواب بناء عراق جديد ، يحترم الإنسان من دون تمييز ،  لنبدأ بالتصحيح الحقيقي والتغيير الجوهري  ، وتلك هي ، أن المشكلة في الشخصية وليس في الأسلوب ، وفي الوعي وليس في الوسيلة ، وفي الذات وليس في الطريقة ، وفي العقلية وليس في المظهر، ولذلك فان المطلوب، هو تغيير الذات أولا ، قبل أن نظل نغير الوسائل ونجرب الطرق بلا فائدة ، ومن دون نتيجة.
إن الشخصية الصحيحة، تحول الخطأ والانحراف إلى الاستقامة،أما الشخصية السقيمة، فبالعكس ، تحول الصحيح إلى خطا ، والاستقامة إلى انحراف ، والنصر إلى هزيمة ، وإنها تفرط بالإنجازات، كلما تحقق منها شئ، وااتمنت عليها ، بغض النظر عما تدعي من علم ومعرفة وقدرة على التغيير نحو الأفضل .
فالأولى ، مثلا ، تسعى للاستفادة من تجارب الآخرين ، لاختزال الزمن وتقليل التضحيات،من اجل الإسراع في تحقيق الأهداف المرسومة بدقة متناهية وحرص شديد، كما أنها تحاول دائما اكتشاف الأخطاء والبحث عن الأسباب لمعالجتها وتداركها ، فإذا اكتشفت مثلا ، استبدادا في موقع إداري ما ، بادرت إلى وأده في الحال ، وإحلال الشورى محله ، كما أنها ستسارع إلى إشاعة مبدأ احترام رأي الأقلية من قبل الأغلبية الحاكمة ، في موقع ما ، قبل أن تضطر الأولى لرفع السلاح في وجه الأخيرة فتتحول العلاقة بينهما إلى علاقة عنف ودم وانتقام ، أما الذات السقيمة ، فإنها تتلاعب بالمفاهيم الحضارية ، خدمة لأغراضها الذاتية ، فتحتال ، مثلا ، على مفهوم الشورى ، حتى تحوله إلى نوع من أنواع ما اسميه بالاستبداد الجماعي ،ـ ديكتاتورية الجماعة ـ ، ولأنها لا تفكر بأبعد من موطئ أقدامها ، لذلك فإنها تتوسل بالقوة ، كلما اختلفت مع الآخرين ، أو شعرت بان إرادة الأغلبية ، تهدد سلطاتها وسلطانها، فهي لا تقبل النقد والمراقبة والمساءلة ، فتظل سادرة في غيها ، مكرسة ومشجعة كل الأمراض الاجتماعية ، لتضمن بقاءها واستمرارها في السلطة ، ـ أية سلطة ـ .
والسؤال ، كيف إذن نصلح الذات أولا ؟ .
ليس من السهولة طبعا ، الجواب على هذا السؤال المصيري ، الذي تتوقف عليه عملية النمو الحضاري والتغيير الجذري ، والبناء والازدهار ، ولكنني سأسعى إلى تحديد بعض ملامح الجواب على هذا السؤال ، من خلال النقاط التالية ؛
 أولا ؛ـ إسقاط نظرية الحق المطلق والباطل المطلق ، في العلاقة بين الفرقاء ، بغض النظر عن هوياتهم ونوعية خلافاتهم، ولنتأكد بأنه لا احد يمتلك الحق والحقيقة المطلقة أبدا.
ثانيا ؛ـ احترام الرأي الآخر ، مهما اختلفت معه ، وعدم السعي إلى قمعه وإسكاته ، فالخلاف في الرأي وسيلة حضارية رائعة، لاكتشاف الأفضل والاصوب، من بين مجموع الآراء ، والا، كيف يمكنني أن اشخص الصح من الخطأ، إذا أعدمت فرص الاختيار، فلم يعرض أمامي إلا رأي واحد ؟ .
إن الرأي الآخر، يزيد من فرص إثبات صحة الرأي المطروح للمناقشة .
 ثالثا ؛ـ عدم التوسل بالقوة والعنف لحل الخلافات ، سواء أكانت مسلحة، أو العنف بالقول ، العنف باللسان ، الذي يكون في أحيان كثيرة ، السبب الحقيقي الذي يقف وراء أعظم المشاكل والحروب، والعمل على إشاعة روح التسامح والتفاهم والحوار والمجادلة بالتي هي أحسن، وكظم الغيظ والعفو والصفح واللاعنف .
رابعا ؛ـ الاحتكام إلى رأي الناس ، صندوق الاقتراع ، كأفضل ميزان، لمعرفة صحة رأي من الآراء ، من سقمه ، أو عند البت في القضايا الخلافية، وخاصة المصيرية المختلف والمتنازع عليها ، وعدم الاستعجال في اتخاذ القرار النهائي إزاءها، قبل العودة إلى رأي الناس، على قاعدة ، ـ صوت واحد لمواطن واحد ـ.
خامسا ؛ـ أن يجعل المرء نفسه ميزانا فيما بينه وبين الآخرين،فيحب لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لها .
سادسا ؛ـ أن يضع الجميع ، المصلحة العليا ، فوق أي اعتبار أو مصلحة أخرى ، والتي يحددها المجموع والرأي العام ومؤسسات المجتمع المدني، والعقل المتجرد عن الهوى ، والواقع الحقيقي .
سابعا ؛ـ الإقرار بالتعددية الفكرية والسياسية والاثنية وغيرها، وعدم الاستعجال في إطلاق الأحكام ضد الآخرين ، مهما اختلفت معهم ، قبل أن أصغي إلى مبرراتهم وحججهم ، والتريث لفهم واستيعاب أساليب الآخرين .
إن التعددية ، بكل أشكالها ، نقطة قوة للفرد وللمجتمع ، لذلك يجب الإقرار بواقعها واحترامها ، وعدم السعي للتنكر لها أبدا .
ثامنا ؛ـ ولأننا جربنا جميع المناهج والقائمين عليها والمبشرين بها ، ولذلك فلا احد بامكانه أن يدعي الأفضلية على الآخرين ،إلا بعد تحقيق الإنجاز الأفضل ، ولذلك ، يفترض أن نلتزم جميعا بقاعدة، ـ رأيي صحيح قابل للخطأ،ورأيك خطأ قابل للصحة ـ.
تاسعا ؛ـ لندع الجميع يدلون بآرائهم ، ويقولون ما يعتقدون انه صحيحا ، ولنتعلم فن الإصغاء ، أكثر مما نتكلم ونثرثر ، فلا نقاطع المتحدث ، ولا نقمع المتكلم ، ولا نخطئ صاحب فكرة، قبل أن ندعه ينهي حديثه، ويوضح فكرته، ويقول رأيه .
عاشرا ؛ـ أن لا يظن احدنا ، مهما كانت هويته أو موقعه أو رأيه ، انه أفضل من الآخرين ، وانه أحق من غيره بالتغيير والقيادة والتصدي للتصحيح ، ولنمنح الجميع فرص العمل وإمكانياته ، فلرب مغمور بين جماعته ، يحقق ما يعجز عن تحقيقه المشهورين على رؤوس الأشهاد،ولنتفق على مبدأ التداول السلمي للسلطة،ـ أية سلطة ـ، على أساس الكفاءة والأمانة والخبرة والعقل الراجح والتدبير، على قاعدة ، ـ الرجل المناسب في المكان المناسب ـ ، فلا نقرب هذا، على أساس الولاء للزعيم أو الحزب ، ونطرد ذاك، لأنه صاحب رأي، نخاف منه.
أخيرا ، لنتفق جميعا على أن نتعاون من اجل تغيير الذات أولا ، ونتصدى لكل ديكتاتور طاغ مستبد لا يرى إلا نفسه ،يستخرط الآخرين، ولا يحترم الناس، ويتجاهل زملاءه ، يطالب بحقوقه ، ولا يؤدي واجباته ، ويفرط بحقوق الآخرين ، يتشبث بالسلطة إذا وصل إليها ، ولا يفكر بالتنازل عنها ، حتى إذا سالت الدماء انهارا ، وبنيت من الجماجم جبالا وافترشت من الجثث وديانا ، وكان المبرر للاحتلال الأجنبي للبلاد ، كما فعل الطاغية الذليل صدام حسين ، على قاعدة ، ـ علي وعلى أعدائي ـ .



#نزار_حيدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من صنع الديكتاتور ؟
- اعتقال صدام حسين لكل طاغية أجل
- ضحك يشبه البكاء الديمقراطية الجديدة ... من دون انتخابات
- أيكم أحسن عملا ... الطالباني نموذجا
- الخلافات المرجعية ... مقترح حل
- إذا عاد الزمن العراقي إلى الوراء
- ألإمام علي ... نهج الديمقراطية
- شكرا ... مقتدى الصدر
- حوار عبر الأثير
- دفاعا عن الديمقراطية
- بعض المثلث ... اسود
- ليس قبل استقرار حكومة دستورية منتخبة ... يتم انتقال السلطة ف ...
- مـن هنـا نبدأ
- بيت العرب ... بيت العنكبوت
- العراق... بين مخاطر الماضي وتحديات الحاضر وآفاق المستقبل
- دستور جديد .. لعراق جديد
- مع التحية ... الى مجلس الحكم


المزيد.....




- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نزار حيدر - الطريق إلى الديمقراطية