في إلتفاته فكرية مذهلة في دقتها يكتب ( نيكوس بولنتزاس) في كتابه ( الفاشية والدكتاتورية) عن آلية عمل (الدولة الفاشية) قائلا( في الفترة الأولى من وجود الفاشية في السلطة، يهيمن الحزب الفاشي على فروع جهاز الدولة القمعي - الجيش، الأدارة، الشرطة، القضاء - رغم إستمرار وجود صراعات هامة بينهما. وفي المرحلة الثانية من الفاشية المستقرة، يسيطر جهاز الدولة، الذي أُُحسن تغييره، على الحزب الفاشي الذي يصبح تابعا له. ولا تتم سيطرة جهاز الدولة، في هذه المرحلة من الفاشية المستقرة، كيفما أتفق. بل يتم الأمر بواسطة إعادة تنظيم فروع جهاز الدولة: ويسيطر فرع خاص من جهاز الدولة القمعي على سائر الفروع وبالتالي على مجمل أجهزة الدولة، بما فيها الأجهزة الأدارية. هذا الفرع ليس الجيش ولا ( البيروقراطية الادارية): انه البوليس السياسي. واذا كان صحيحا ان للبوليس دورا خاصا في نموذج دولة الاستثناء، فذلك لا يعني ان له الدور المسيطر. وحينما يضاف الى تعبير ( البوليس) تعبير ( السياسي)، فان ذلك لا يهدف الى الاشارة الى أهمية القمع السياسي فحسب، وانما للتأكيد على الدور الايديولوجي البالغ الأهمية، العائد الى الفرع البوليسي لجهاز الدولة الفاشية).
ولو حاولنا تقريب هذا التوصيف من حال الدولة الفاشية في العراق في ظل سيطرة حزب البعث، لوجدنا في ( بولنتزاس) مفكرا عراقيا، لدقة هذا التحليل لمجريات تطور العلاقة بين حزب البعث واجهزة الدولة العراقية، حيث تم تقريبا
الغاء الحزب في الفترات الاخيرة وتعطيله، وصارت الدولة هي الحزب، والحزب هو الدولة، يتداخلان عبرأجهزة (البوليس السياسي)، وبالتعبير العراقي الدارج عبر( المنظمة الحزبية والمخابرات) الموجود في كل دائرة ومصنع وجامعة ومسجد واتحاد ونقابة وجمعية، وفي الشارع والمقهى والمطعم والسينما ومحطات الباصات، وفي كل زاوية من زوايا المجتمع، بما في ذلك العائلة، ودور اللهو، والفنادق، ودور الدعارة السرية المنظمة.
دولة البعث الفاشية وتحطيم المنظومة القيمية الاجتماعية
والعشائرية
... لا مصـالحتة مـع القـتــــلة
ومن هنا فان مستقبل العراق الديمقراطي الجديد مرتبط بالاساس بتحطيم جهاز الدولة الفاشية ككل وليس اجهزة القمع المباشرة وحدها، واعادة بناء الدولة من جديد، وليس محاولة ترقيعها، وتطعيم السلطة الجديدة بوجوه من بقايا الدولة الفاشية بحجة المصالحة الوطنية..! فلا مصالحة مع الفاشية، ولا مصالحة مع
القتلة، ولا مصالحة مع ممثلي الدول الاخرى في العراق.. المصالحة يجب ان تكون بين ابناء الشعب العراقي، المصالحة يجب ان تكون بين الشعب البسيط والدولة التي فقدت مصداقيتها وصارت كابوسا مرعبا يجثم على صدور الشعب..، المصالحة بين قوى حفظ الأمن الجديدة وبين الناس، وبناء جسور الثقة بينهم باعتبارهم القوة التي تحافظ وستحافظ على أمن العراق ومستقبله السياسي.. المصالحة بين القوميات والطوائف والمجموعات القومية والدينية والعرقية في العراق، والتي مزقها النظام الفاشي، وزرع الحقد والفتنة والاستعلاء العرقي
والطائفي والهستيريا القومية والدينية فيما بينها.. المصالحة كي يكون العراق بيت الجميعن وحلم الجميع، وليس المصالحة بتوزيع المصالح والمقاعد بين ممثلي الشعب الذين قدموا آلاف الضحايا والشهداء، وبين حفنة من ابناء السلطة السابقة الذين تحتفي بهم الانظمة العربية والعواصم المجاورة.. المصالحة في ضمان مستقبل الديمقراطية في العراق بتوسيع قاعدة السلطة السياسية وإشراك جميع القوى التي ناضلت ضد الفاشية كالقوى القومية المعتدلة التي ناضلت ضد البعث والقوى الديقراطية والليبرالية التي تشكلت عبر مخاضات وصراعات الفكر السياسي العراقي المعارض للفاشية،والتنظيمات اليسارية التي تشكلت على يسار الحزب الشيوعي، والقوى الدينية المناضلة غير التي لها حضور في مجلس الحكم، والمنظمات الديموقراطية التي تدعو الى حرية العراق وتخليصة من الفاشية،ومنظمات المرأة ومنظمات الدفاع عن الطفولة ومنظمات الحفاظ على البيئة،وكل القوى الشريفة التي تفكر بالعراق ومصلحة العراق وضمان مستقبل الديموقراطية والسلام في العراق، وليس المصالحة بما ينسجم مع مصلحة أميركا الحالية في ردء النار عن جنودها فتعيد السلطة للقتلة والعشائر التي كانت مسلحة وممولة ومجندة من قبل النظام الفاشي والتي بدات تعزز من صراخها وحركاتها المريبة حسب خطط عواصم الدول المجاورة للعراق.! يجب ان تحطم كل الأجهزة الفاشية الدموية المتخلفة والمستبدة التي شكلها النظام الدموي في المجتمع العراقي بما فيها مجالس العشائر التي كان النظام يرعاها..!
إن الدولة الفاشية في العراق، كأية دولة فاشية عرفتها الشعوب الأخرى، حطمت كل مظاهر المجتمع المدني وجعلت من الأجهزة الأدارية والقضائية هياكل تنظيمية هزيلة فاقدة لمضمونها السياسي والاجتماعي وفاقدة لمصداقيتها القانونية، لكنها تمادت أكثر من غيرها في (ابداع) اشكال جديدة من الأجهزة ذات الطابع الاجتماعي، فاقترحت أشكالا متخلفة تتناسب مع وعيها وثقافتها الهزيلة، التي ادت الى تحطيم بنية المجتمع المدني أكثر وتشويه منظومته القيمية والأخلاقية بشكل دنيء، عبر تحطيم الوحدات الاجتماعية، بدءا من العائلة مرورا بالقبيلة، حيث قام ب(تعيين) روؤساء عشائر من أبناء العشائر، من التابعين له، متجاوزا الاعراف القبلية العراقية نفسها، زارعا الفرقة بين أبناء القبيلة نفسها، مذلا روؤساء العشائر من المسنين منهم، مهددا إياهم بالموت والمهانة والذل، لاسيما القبائل الشيعية في وسط وجنوب العراق وفي الفرات الأوسط..مانحا الامكانيات الكبيرة لعشائر أخرى على أساس طائفي مقيت..! وقد انعكس ذلك بشكل واضح في الموقف العشائري من مسألة إسقاط النظام الفاشي، في الوسط والفرات والجنوب، وموقف غيرها من العشائر التي بدأت تزور العواصم، لا لتدافع عن العراق، وانما عن المنظمات الارهابية التي كانت جزءا من ألة القمه والرهاب ضد الشعب العراقي..!
دولـة البعـث.. والفاشية المشوهة.. وخراب العراق
ووفقا التوصيف الذي قدمه (بولنتزاس) عن إمكانية الخلاص وعدم الانزلاق في دائرة الشيطان، إستطاع الحزب الشيوعي العراقي ان ينـقذ حاله وينفذ من عنق الزجاجة الضيق الذي وجد نفسه فيه ( فلا يمكن لغير التنظيمات الثورية وتنظيمات الصراع الطبقي ان (تنجو) من شبكة اجهزة الدولة الآيديولوجية، فهي بحكم تنظيمها تخترق طوق أجهزة الدولة الآيديولوجية، متجنبة في الممارسة الانزلاق الدائم الذي يتربص بها من قبل شبكة الجهزة تلك) كما يقول (بولنتزاس)، رغم ان الحزب اتخذ موقفه من النظام بعد ان خلف ما يقرب النصف مليون شخص من اعضائه واصدقائه وجماهيره عرضة لهوس الفاشية المجنون التي دخلت مرحلة جديدة باستلام صدام حسين لقيادة الدولة العراقية، كما قدم العشرات، بل والمئات من الضحايا من خيرة أبناء وبنات الشعب العراقي.
ورغم ان هذه الصحوة كانت غالية ومكلفة، الا انها حفظت للشيوعيين، مرة اخرى، مكانا في وجدان الشعب العراقي..، وجعلت التنظيمات الأخرى، الكوردية، الدينية بالتحديد، والتي كانت تخوض معه صراعا فكريا وسياسيا، تكن له ولموقفه من النظام الفاشي إحتراما، رغم ان هذا لا ينفي أو يلغي الصراع.
ورغم ذلك، فقد كان للشيوعيين العراقيين واليساريين عموما وبعض المفكرين الليبراليين اجتهاداتهم المهمة في تشخيص نمط الدولة الفاشية في العراق باعتبارها
دولة قد لا تنطبق عليها مواصفات الفاشية الأوربية من الناحية الإقتصادية من حيث
ان الفاشية هي هيمنة رأس المال المالي في مرحلة من مراحل إنحطاط النظام الرأسمالي، إلا ان الدولة البعثية في العراق لم تبتعد كثيرا من حيث الممارسة من مواصفات الدولة الفاشية في عنفها وشراستها ووحشيتها في سحق الانسان، بل ان دولة البعث هي شكل مشوه للدولة الفاشية، حيث يتداخل الاستبداد الشرقي الهمجي مع أنساق الدولة الفاشية ذات الهياكل والاجهزة الحديثة. وحيث تتداخل عبادة الشخصية، وتمجيد القائد، بجبال من قصائد المديح ومقالات التبجيل والتنظير المفعم بروح الاسطورة وامجاد الماضي، وحيث تتحول المواهب الفنية والابداعية الى تهريج رخيص، وتوظيف تافه للمصالح الأنية، وحيث يتم إغتيال الأبداع باسم القائد والوطن والأمة، وحيث يتم إخصاء كل ما هو أصيل ومبدع في المجتمع ليبقى القائد الملهم هو الرجل الواحد الأوحد، حلم النساء، وفارس الأمة، المخلص والنبي الملهم، الأب والزوج، الحزب والدولة، الذي ترى صورته انى اتجهت، في الصحافة، والتلفزيون، والشوارع، وكتب الدراسة، وحتى أثناء النوم.
ولكي لا ( نرَمز) كل الايديولوجية البعثية الفاشية في شخص صدام فقط، نؤكد ان (فاشية) البعث تجسدت من خلال ممارسته لكل اساليب الفاشية، بدءا من إعتماد
الاغتيالات كمنهج واسلوب للوصول الى الاهداف، سواء إغتيالات المعارضين السياسيين لتوجهاته أو رفاق الدرب الدموي، أو ممارسة التعذيب للخصوم من اجل إجبارهم للتخلي عن معتقداتهم، ونشر الطائفية والمذهبية، وشراء الذمم، والرشوة للشخصيات ورجال الاعلام والسياسيين ممن لا يخضعون لسلطته الرسمية، مرورا بالاعدامات الدائمة،والابادات الجماعية للقوميات والملل والمذاهب التي تهدد وجود الدكتاتور.. وانتهاء بتدجين المجتمع والثقافة والفكر.
ومن المؤكد ان( الدكتاتور) لم يقم بنفسه بكل هذه الجرائم، وانما اعتمد فيها على أجهزة المخابرات، واجهزة الحزب التي تخلت عن سمتها الحزبية وتحولت الى اجهزة بوليسية قمعية تجسد الممارسة الفعلية والواقعية للقمع.. فاين هؤلاء الذين كانوا يقومون بعمليات الاعدام، والتعذيب والاغتصاب، وشراء الذمم، وكتابة التقارير السرية التي كانت تؤدي بالمواطن العراقي الى التهلكة او الى المقابر الجماعية، واين كتاب الخطب الطنانة الرنانة، والافتتاحيات والدراسات الفذة والبحوث العميقة حول فكر القائد الضرورة..؟؟؟
إنهم الآلآف الذي تسربوا كالهواء، واختفوا كالأشباح، ليلقوا بكل وزرهم على حفنة من القتلة المعروفين للقاصي والداني...بل وقد تسلل المئات والالاف من المتمكنين ماليا وسياسيا ونفوذا منهم الى المنافي، ليشكلوا الجمعيات والأحزاب، وليرتدوا القمصان الجديدة، قمصان الديمقراطية وحقوق الانسان والمجتمع المدني، لكنهم لم يستطيعوا ان يخفوا جلدهم الحقيقي، فمع اول إمتحان حقيقي لمصداقية العراق الجديد، الا وهي مسالة الفيدرالية للشعب الكوردي في العراق، والتي أقرتها جميع الأحزاب العراقية المناهضة للدكتاتورية، بدءا من مؤتمر لندن، وانتهاء بمؤتمر صلاح الدين، حتى كشف هؤلاء عن جلودهم ووجوههم الحقيقية البعثية القبيحة، فلا ديمقراطية ولا حقوق الانسان ولا دعاوى المجتمع المدني ولا(بطيخ)، اذ بدأنا نسمع عواءهم القبيح في الفضائيات ومواقع الانترنيت، وعواصم الدول المجاورة، شاتمين ومولولين ومهددين ومنظرين وموزعي تهم بالعمالة والتجسس والصهينة للاكراد والشعب الكوردي، بل صاروا يبتهجون لأي تصريح أميركي لا يصب في صالح الآكراد، بل صاروا لا يستطيعون إخفاء بهجتهم عند اطلاق اي تهديد تركي للاكراد، فيتناقلونه كبشرى سارة وكانتصار لهم، ويتوجون مواقعهم به، وكان محافظات أقليم كوردستان ليست جزءا من العراق، وكان لسان حالهم يقول ليبقى الاميركيون ما يشاءوا، وليفعلوا ما يشاءوا، ولتتدخل تركيا الى ارض العراق عبر كوردستان،فقط.. فقط ان لا يحصل الكورد على الفيدرالية، وليس هذا الأمر بغريب فهم ابناء الدولة الفاشية..!
ولكي لا يساء الفهم لمقصدي في توصيف( بعض) دعاة حقوق الانسان والمجتمع المدني، فانا شخصيا من دعاة مجتمع العدالة وحقوق الانسان والمجتمع المدني في العراق، إلا ان فلول البعث الفاشي اخذت تزاحمنا حتى في اهدافنا وشعاراتنا التي قدم الشعب العراقي مئات الألوف من الضحايا من اجل تحقيقها، وتشرد الملايين من اجل ان يعلنوا بصوت واضح عنها، لا سيما وان هناك نخبا عراقية مثقفة تشكلت في المنافي بعيدا عن دولة الرعب ، وبعيدا عن ( جمهورية الخوف) حسب التعبير الموفق للباحث الشجاع (كنعان مكية)، ولتوضيح هذه المسألة الحيوية لابد من الرجوع الى مسارات الحركة الديقراطية في العراق..وسياقاتها المتقاطعة.
خيارات الانسان العراقي التقليدية.. وديموقراطيو المنافي
إن العراق، ومعظم دول الشرق الأوسط، لم تعرف للأسف اي شكل من أشكال
الديمقراطية السياسية، اوالحرية الفكرية، بل وحتى داخل الأحزاب التي تناضل من اجل الحرية كانت الهيمنة الايديولوجية هي الطاغية فيها.
وما ان جاءت ثورة تموز حتى إختفت حتى تلك الأشكال من الحياة الحزبية الديمقراطية والليبرالية في المجتمع العراقي التي كانت شائعة في العهد الملكي، فلا الحزب الوطني الديمقراطي العراقي، ولا حزب الاستقلال، ولا اي شكل وسطي
أو ليبرالي في الحياة السياسية التي تطرف الصراع فيها بشكل حاد، فتوزعت كما هو الأمر في معظم البلاد العربية ما بين القوميين والشيوعيين والاسلاميين..!
ولو كانت هناك حياة برلمانية سليمة، وجو ديمقراطي صحيح وصحي، لكانت امام الانسان العراقي خيارات غير تلك الموجودة، فكثير من الديمقراطيين العراقيين واليساريين لم يجدوا امامهم اي تنظيم دموقراطي او حتى اشتراكي ديموقراطي، فكان اصطفافهم الطبيعي مع الحزب الشيوعي العراقي، وكذا الأمر مع الحركة القومية ، العربية والكوردية، والأمر نفسه مع التيارات الدينية، وربما الأمر مع التيار الأخير مختلف نوعا ما في العراق، من حيث انه لم يكن طرفا في الصراع على السلطة، ولا في التحالفات السياسية، الا بعد انتصار الثورة الاسلامية في العراق، واتفاق جميع القوى الوطنية على اسقاط النظام الدكتاتوري في العراق، رغم ان للحركة الدينية في العراق وزنا سياسيا وروحيا لا يستهان به.
إلا ان المنفى منح السياسيين العراقيين حرية الاختيار، بمعنى ان (معظم) السياسيين من اعضاء الاحزاب الوطنية، حينما خرجوا الى المنافي، لا سيما في المنافي الأوربية، تعرفوا على طبيعة الانظمة الديموقراطية في الغرب، وطبيعة حواراتها وتداولها للسلطة، وتقبلها للنقد، وللرأي الآخر، فتأثروا بها، وبدأوا يعيدون صياغة مفاهيمهم السياسية وفق تركيبة المجتمع العراقي، فبرزت بعض المنظمات الديموقراطية، والتجمعات الثقافية وتنظيمات حقوق الانسان، ونشأ تيار ليبرالي،
لاحزبي، عريض جدا، تيار يتألف في معظمه من الذين تركوا الحزب الشيوعي او من اصدقائه المقربين، او من الذين استطاعوا ان ينقذوا انفسهم من براثن حزب البعث قبل ان تزهق ارواحهم، فاخذوا يتنفسون هواء نقيا في المنفى..بمعنى من المعاني ، ان الحركة الديموقراطية في العراق لم تتبلور بعد بحيث يمكن لها ان تكون فاعلة ومؤثرة في توجه المجتمع العراقي، لا سيما وانه مصاب بالتدرن الرئوي السياسي البعثي الذي ليس من السهولة الشفاء منه..! مثلما هي نفسها لم تدخل معترك الصراع السياسي من أجل تجريب ذاتها، والتاكد من مصداقية تمسكها بخيار الديمقراطية والليبرالية، فكل شيء لحد الان مجرد كلام، وبيانات،
وكلام معقول، علما ان بعض هذه التجمعات كشفت بسرعة عن زيفها في تمسكها بخيار الديموقراطية والتعددية، وهي لم تدخل بعد معمعة الصراع من اجل الديموقراطية، بل ان المتابع لما يكتب في الصحافة العراقية، لا سيما صحافة المنفى الألكترونية، يكتشف بأن الكثير ممن خرجوا الى المنافي وعاشوا في احضان الديموقراطيات الغربية، وينفقون مما تنفق هي عليهم كمساعدات أجتماعية،
لم يتعلموا شيئا من تجربتها لا في الحوار ولا في التعامل مع الرأي الآخر، ولا حتى في التعامل اللغوي، وهذا يعكس لحد ما عمق الخراب الذي تركته سلطة الدولة الفاشية في روح الانسان العراقي.
ولكي نقترب أكثر من عمق هذا الخراب، سنتوقف في المرة القادمة.