أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - زيد ابو درويش - السخط الصامت في الاردن














المزيد.....

السخط الصامت في الاردن


زيد ابو درويش

الحوار المتمدن-العدد: 2257 - 2008 / 4 / 20 - 04:59
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


موجة عارمة من التذمر تسري في الاجواء الشعبية الاردنية حيال ما آلت إليه الأوضاع نتيجة للقرارات التي اتخذتها الحكومة مؤخرا وأهمها قرار تحرير الاسعار الذي بدأت تداعياته السلبية تظهر وتتصاعد، وتتمخض هذه الموجة غالبا عن المطالبة بفعل شعبي سياسي من شأنه وضع حد للأريحية التي تتخذ بها الحكومة قراراتها. المطالبة بفعل ما التي تتصاعد الان، هي في الحقيقة استمرار لنهج شعبي يكرره الناس في المحطات السياسية المشابهة، حيث تصاعدت هذه الموجة قبل ذلك ازاء السلبيات التي شهدتها عملية الانتخابات البلدية في العام الماضي، وكذلك ازاء السلبيات التي شهدناها اثناء الانتخابات البرلمانية الاخيرة التي جرت نهاية العام الماضي.
لا ينكر احد وجاهة هذه المطالبة، حيث تؤثر هذه الأمور المشار إليها (الانتخابات وقرار تحرير الاسعار) علي مجمل الحياة العامة في الاردن بشكل سلبي وحاد يطال معظم الفئات الشعبية. إلا أن هذه المطالبة تتجاهل الشروط الموضوعية التي يجب توافرها من اجل قيام الفعل السياسي المنشود، وما هذا التجاهل الا لما ينطوي عليه تحقيق هذه الشروط من مسؤوليات وكلف وتبعات، فما هي هذه الشروط والعوامل التي يجب توفرها لانتاج اي فعل سواء كان سياسيا او اجتماعيا؟
يمكن اقتصار هذه الشروط بشكل عام علي ثلاثة رئيسة وهي علي النحو التالي: اولا: السياق او الاطار ويقصد به هنا السياق المؤسسي، مثلا المؤسسة السياسية كالاحزاب او المؤسسة الاجتماعية أو المؤسسة ذات الطابع الاقتصادي او المؤسسة ذات الطابع الديني ويجب ان تمتلك المؤسسة العناصر التي من شأنها الحفاظ علي استمراريتها وانتظام عملها، القدرة علي ضبط التزام افرادها ببرنامجها المؤسسي.
ثانيا: السلطة أو القدرة أو الإمكانية: وهذه تتنوع ما بين قوة سياسية قانونية، أو قوة اقتصادية او سلطة اجتماعية او دينية.
ثالثا: اللغة والخطاب، وهي علي مستوي عال من الاهمية لحماية الفعل السياسي فلا تقتصر مهمتها علي وصف ما يجري، بل إنها تتعدي ذلك الي تفسيره وتأويله ومن ثمة تبريره ولا يتم كل ذلك الا بواسطة اللغة، فهي التي ترفد الخطاب بكل متطلباته ابتداء من نحوه وتركيبه ومرورا بهويته ومضامينه وانتهاء بقدرته علي التأثير والاقناع وربما الاخضاع اذا ما استخدمت علي نحو محكم.
وبعد ان استعرضنا الشروط الضرورية للفعل صار من الضروري ان ننتبه الي قضية اساسية وهي ضرورة تآزر هذه الشروط في آن واحد معا، فان غياب اي شرط من هذه الشروط الثلاثة في لحظة الأزمة من شأنه ان يعيق امكانية حدوث الفعل، وكذلك يجب ان نلاحظ ان العوامل الاقتصادية والسياسية عندما تكون في وضع مأزوم فليس من شأنها ان تولد الفعل وبذلك هي ليست شرطا لإنتاجه، وإنما تشكل مقدمة له او هي توفر الظروف التي تبرر حدوثه. وليس أدل علي ذلك من الوضع القائم في الاردن.
وقد يجادل احدهم بان هذه الشروط وهذه العوامل متوفرة في المشهد السياسي والشعبي الأردني، فنحن لدينا مؤسسات سياسية وحزبية ولدينا نقابات مهنية وعمالية ولدينا مؤسسات اجتماعية، وتمتلك هذه المؤسسات العناصر الضرورية وكذلك لديها القوة القانونية والدستورية، ولديها أيضا القدرات المالية ولا ينقصها الخطاب او القدرة علي انتاجه، والأهم أننا نمر في ظروف اقتصادية صعبة من شأنها ان تبرر الفعل الشعبي المطلوب. ومع ذلك فنحن لا نشاهد اية بادرة علي امكانية حدوث اي فعل!
وللرد علي ذلك نقول ان كل ما ورد صحيح، وتفسير غياب امكانية الفعل السياسي المنشود بسيط للغاية إذا ما أخذنا بما ورد في المقدمة. فلقد كانت الاستراتيجية التي تتبعها السلطة السياسية في الاردن لمنع حدوث اي فعل شعبي مضاد، قائمة علي فكرة منع تآزر شروط الفعل الثلاثة المشار اليها، وهذا من شأنه ان يعيق امكانية وقوع اي فعل مضاد لسياساتها، فتارة يتم ابطال شرط المؤسسية من خلال ادوات قانونية يتم فيها رصد اي مخالفة ويتم تكييفها بشكل ما من شأنه ان يربك اداءها السياسي وانتظام عملها، كذلك قد يتم في مناسبة اخري وباستخدام نفس الآلية السيطرة علي الموارد المالية أو تجميدها، مستهدفة بذلك القوة المالية كشرط ضروري لقيام الفعل. وفي مناسبات معدودة تم استخدام القوة المادية المباشرة ِوبشكل عنيف، وعلي الرغم من محدوديتها الا انها كانت ترسل رسالة مفادها ان استخدام القوة ومن خلال اجهزة السلطة التي تتمتع بالحماية الدستورية والقانونية هو خيار محتمل دائما. أما التعرض للخطاب واللغة التي يستخدمها المعارضون لسياسات الحكومة فتواجه دائما بخطاب مضاد يهدف الي كسر الحجج والمبررات والتأويلات التي يسوقها الخطاب المعارض بغية حرمانه من اية فعالية او تأثير يؤلب الرأي العام ضدها، وبالمقابل فإنها تستخدم خطابا يسعي الي اقناع الناس بقراراتها وتبريرها علي نحو تأويلي.
ولكي تتحقق هذه الاهداف المشار اليها فانها توظف جميع امكانياتها المتاحة كالمؤسسات والاجهزة المختلفة وعلي نحو دائم، وتوظف كذلك ما تملكه من سلطة دستورية وقانونية واجهزة اعلامية وغيرها من الاجهزة القادرة علي الوصول الي جميع مفاصل الحياة العامة للمجتمع والأفراد. بقي أن نشير إلي أن هذه الإجراءات لم تقتصر علي المرحلة الحالية، بل هي فعالية متراكمة علي مدي فترة طويلة من تاريخ الاردن السياسي.
ومع استمرار حالة اللافعل يمكن القول ان السلطة السياسية في الاردن قد نجحت في كسر معادلة شروط الفعل المضاد لها، وهذا يشكل رد فعل طبيعيا تمارسه اي سلطة كانت اذا ما شعرت أن تآزر هذه الشروط من شأنه ان يشرع في انتاج فعل مضاد لها. ومن جهة اخري فان ما يساعد ايضا علي هذا النجاح هو اقتصار العمل السياسي الشعبي في الاردن علي فئتين: الاولي عصابية تسعي الي ما يمكن ان يسمي رد فعل لا الي الفعل الذي يتصف بالديمومة، أما الثانية فهي الفئة الكسولة التي لا تملك النشاط الكافي للتأسيس لشروط الفعل السياسي، ولا يوجد خارج هاتين الفئتين الا استثناءات قليلة هي دائما في موضع الاستهداف لآليات السلطة السياسية.



#زيد_ابو_درويش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - زيد ابو درويش - السخط الصامت في الاردن