نشأت المصري
الحوار المتمدن-العدد: 2256 - 2008 / 4 / 19 - 09:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في الحقيقة الضمير أو ما حول الضمير هو أساس مشاكل المجتمعات أجمع بل أساس مشاكل البشرية.
فعندما نقول ضمير صالح إذاً هناك العكس أي هناك ضمير شرير,,لأن منه كل الشرور.
تصنف البشرية لأشرار وصالحين تبعاً لضمائرهم, فالأشرار يعملون الشر بناء عن ضمائرهم وهم مستريحون تماما من جهة الضمير , ولا أحد يبكتهم على خطاياهم لأن روح الله ليس فيهم.
والصالحين أيضاً يفعلون الصلاح بناء عن ضمائرهم, وضمائرهم مستريحة تماما لما يختارون من نهج الحياة.
ضمير الإنسان موجود منذ خلق العالم , ولأن الله منه كل الصلاح ولم يخلق شيء شرير, والشر دخل إلى الإنسان من أول ما أكل المعرفة في خطية العصيان في جنة عدن والتي بسببها طرد الإنسان,, وكل هذا بغواية الشيطان عدو الصلاح!!, لهذا أصبحت هناك قوة الخير بقيادة الله وقوة الشر بقيادة الشيطان وحرية الإرادة في الإنسان والذي تمتع بها دون باقي المخلوقات , هذا أساس تحول الضمائر من ضمير صالح إلى ضمير شرير,لأن الضمير الصالح هو الأساس لأنه مخلوق بواسطة الله, ويستطيع أي إنسان بما عنده من قوة الإرادة أن يحول ضميره من ضمير صالح إلى ضمير شرير ومن ضمير شرير إلى ضمير صالح.
وفي كل ما سبق ليس للأديان أي صلة, فهناك صالحين وهناك أشرار وكل هذا قبل نزول الشرائع على البشر, وقبل أن يحدد الصواب والعقاب بشريعة مكتوبة لكافة البشر.
لأن أو تشريع وضع للبشرية هو شريعة موسى وكل ما يسبق هذا كانت وعود من الله فيها وضع الله أسلوب يحدد البشر اللذين يعرفون الله والبشر الحائدين عن معرفة الله, لهذا وضع الله للبشرية طريقة عمل الذبائح , وقايين أختار بنفسه وبضميره غير الصالح طريقة أخرى للذبائح غير الطريقة التي علمها الله لأدم أبيه ,, وعندما قبلت ذبيحة أخيه هابيل لأنها على الرسم الذي حدده الله , حنق في قلبه وأختار بضميره الشرير أن يضع حداً لحياة أخيه فكانت بيده أول حادث قتل في البشرية .
لهذا فالضمير الصالح أساسه معرفة حقيقية بالله, والضمير الشرير هو الحائد عن معرفة الله,أو من يريد ان يعرف الله كما يصوره له خياله لهذا وضع الإنسان لنفسه آلهة من صنع نفسه وبغواية الشيطان فأخذ يعبدها ويعمل بما توصي به آلهته أو بمعنى آخر كل ما يوصي به كهنة هذه الآلهة ,,فكانت عبادة الأوثان ,, وكل من يتبعها كان ضميره مستريح تماما لما تفرضه عليه هذه الآلهة من وصايا حتى لو أدى الأمر لتقديم الأبناء ذبائح لتلك الآلهة, أو تقديم الأسرى والمخطوفين ذبائح لها أو اغتصاب الفتيات العذارى أمام هذه الآلهة كنوع من العبادة وغيرها من شواذ الأفعال ,, ولكنهم كانوا يمارسون هذا وضمائرهم مستريحة لأنهم يملكون ضمائر شريرة , بعيدة عن معرفة الله.
الله هو الخالق وهو صالح وكل ما يشرعه صالح وكل من عرف الله المعرفة الحقيقة, أختار الصلاح بناء عن صلاح الله لهذا أصبح ضمير كل من يعرف الله المعرفة الحقيقة صالح.
وعلى صعيد آخر وقبل أن ينزل التشريع من الله بتحديد الخطايا وأنواعها فقد أختار يوسف الصديق الهوان والعذاب والسجن عن أنه يفقد عفافه ويخطئ إلى الله ويقول:" كيف أفعل هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله"
حتى الأمم الوثنية وفي لحظات لصحوة ضميرية صالحة اختاروا الصلاح , فعندما أدان أبيمالك كذبة إبراهيم عندما أختار أن يقول على سارة أخته وقال لإبراهيم:
ماذا فعلت بنا و بماذا اخطات اليك حتى جلبت علي و على مملكتي خطية عظيمة اعمالا لا تعمل عملت بي (تك 20 : 9)
وأيضاً عندما أدان فرعون أبينا إبراهيم لنفس السبب فكان هذا بناء عن ضمير تحول في لحظة لضمير صالح بقوله لإبراهيم: فدعا فرعون ابرام و قال ما هذا الذي صنعت بي لماذا لم تخبرني انها امراتك (تك 12 : 18)
فاوصى عليه فرعون رجالا فشيعوه و امراته و كل ما كان له (تك 12 : 20)
وأيضاً كرنيليوس الأممي الذي لا يدين بدين اليهود في ذلك الوقت كان يفعل الصلاح لأنه عرف الله في داخله وأراد أن يبحث عنه من خلال الأعمال الصالحة لهذا وهب له الله الخلاص على يد الرسول بطرس كما قال عنه سفر أعمال الرسل الإصحاح العاشر:
و كان في قيصرية رجل اسمه كرنيليوس قائد مئة من الكتيبة التي تدعى الايطالية
2 و هو تقي و خائف الله مع جميع بيته يصنع حسنات كثيرة للشعب و يصلي الى الله في كل حين3 فراى ظاهرا في رؤيا نحو الساعة التاسعة من النهار ملاكا من الله داخلا اليه و قائلا له يا كرنيليوس 4 فلما شخص اليه و دخله الخوف قال ماذا يا سيد فقال له صلواتك و صدقاتك صعدت تذكارا امام الله 5 و الان ارسل الى يافا رجالا و استدع سمعان الملقب بطرس
وبقية القصة تستطيع عزيزي القارئ الرجوع إليها في الكتاب المقدس
إذا وخلاصة القول أن كل عمل صالح وكل موهبة صالحة من عند الله وليس غيره ( كما يقول معلمنا يعقوب الرسول في رسالته) فمن يريد معرفة الله المعرفة الحقيقية لابد له ان يعرف الشر ويقاومه ويبتعد عنه لهذا السبب وضع الناموس ليفصل بين الأفعال الصالحة والأفعال الشريرة ووضع عقوبات للخطية ,و بصورة أوامر تفرض بالطاعة لوصايا الناموس ولكن الناموس في ذاته لا يستطيع ان يدين الشر ويمحو الشرور من البشرية, لأن البشرية مثقلة بخطية كبيرة لابد أن يجتازها البشر, ويخلص منها لأن أجرة الخطية موت , وعقاب الخطاة الموت الأبدي لهذا غيرت هذه الخطية طبيعة البشر لأنهم تحولوا من صلاح الله ,فعصوه وذهبوا وراء أوهام الشيطان فأطاعوه وعرفوا الشر وذهبوا في طريقه, وغيروا ضمائرهم الصالحة إلى ضمائر شريرة.
لهذا وجب على الله القضاء على الإنسان ,أو مجازاته بالموت الأبدي كما حكم الله عليه لأن أجرة الخطية هي موت ,, ولأن الله محبة وأحبنا وإذ نحن خطاة أختار لنا طريق آخر ألا وهو تغيير طبيعتنا الفاسدة فيجعل منها طبيعة صالحة تعرف الله وتختاره بإرادتها ,,لهذا وجب الخلاص ولكن من يستطيع أن يخلص البشر غير خالق البشر!!,,ولكن البشرية والأجساد هي المدانة بالخطية ,, فلابد للمخلص أن يكون في جسد بشري ليوهب الخلاص لكل البشر لأنه خالق كل البشر,, والبشرية كلها في شخصه,, لهذا وجب التجسد أي أن الله يأخذ جسد إنسان ويموت عوض كل البشرية ويقوم ليقيم كل البشر في شخصه أي ينتصر على الموت ذاته وليس الموت المادي ولكن الموت الأبدي فأعطانا الخلاص لكل من يؤمن به.
فهذا هو الله قمة الضمير الصالح أن يضع نفسه من أجل أحبائه .
فوجب علينا أن نعرف الله المعرفة الحقيقية ونحبه من كل القلب ونحب كل البشر أيضا من كل القلب ومن يحب أخيه لا يمكن أن يفعل الشرور بمن يحبه,, فمن خلال المحبة نستطيع أن نغير ضمائرنا من ضمائر شر إلى ضمائر خير.
وأيضا من يفقد الله ,,ولأن الله محبة ,,أي من يفقد المحبة لله وللبشر يستطيع أن يغير من ضميره الصالح إلى ضمير شرير فيفعل الشرور بكل البشر ويمكن أن ينسب الشرور لشريعة الله فيقول نحن ندافع عن دين الله , فيوقع بمن في وجهة نظره مخالفون لله أشد العقاب والقتال والسبي والهوان ,, بل يمكنه أن يفعل كل الشرور وهو في أقدس أماكن العبادة وأقدس لحظات الصلاة فيبدل صلاته بسب ولعن ولطلب من الله الحنون المحب أن يوقع الموت والدمار والفناء لكل من يخالف معتقده هو , ولأنه لا يعرف الله المعرفة الحقيقية فقد يتمادى به الأمر للرجوع للوثنية فيقدم البشر ضحايا لمعتقده.
ليت البشر يبحثون عن الله فيعرفوه من خلال محبته وخلاصه للبشر فيختارون الصلاح عن الشر وبكل ضمير صالح.
أقدم هذا المقال هدية بمناسبة ذكرى تتويج محبة الله للبشر متوجاً إياها بخلاصه العجيب لكل من يؤمن به,, فقال أيضا " قد أكمل" أي الكمال الحقيقي هو تاج محبة"وكل عام وأنتم بكل خير بمناسبة عيد القيامة المجيد.
#نشأت_المصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟