أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - جوزيف بشارة - بين كراهية اليهود والعداء لإسرائيل














المزيد.....

بين كراهية اليهود والعداء لإسرائيل


جوزيف بشارة

الحوار المتمدن-العدد: 2256 - 2008 / 4 / 19 - 11:09
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


في معرض نفيه للأنباء التي ترددت عن قيامه باصدار فتوى تبيح لمقاتلي حركة حماس قتل الجنود المصريين المدافعين عن الحدود الشرقية لبلادهم، قال الشيخ عبد الحميد كلاّب خطيب أحد مساجد خان يونس بقطاع غزة في تصريح للمركز الفلسطيني للإعلام أنه "لم يتجرأ على هذه الفتوى ولا يجوز لأي مسلم أن يفتى بها أو يفكر في قتل أخيه المسلم" وذكر كلاّب أن "اليهود هم أعداؤنا وليس المصريين" مشدداً على أن "معركتنا مع عدونا الأول اليهود، العدو الذي اغتصب أرضنا ويقتل شعبنا."

حديث الشيخ كلاّب عن أن اليهود هم العدو الأول للشعب الفلسطيني تنقصه الدقة ويحمل خلطاً مقصوداً بين اليهود وإسرائيل، ويعكس الكثير من العنصرية الكريهة والمزيد من مشاعر الكراهية البغيضة نحو الملايين ممن ينتمون للعقيدة اليهودية.

لست أشك في أن الشيخ كلاّب، كغيره من العرب والمسلمين، يعي تماماً الفارق بين اليهود وإسرائيل، فهذا الفارق لا يحتاج إلى توضيح، وهو مثل الفارق بين المسلمين والمملكة العربية السعودية، فلا المسلمين هم السعودية ولا السعودية هي المسلمين.

رغم أن اليهود ليسو إسرائيل وأن إسرائيل ليست اليهود، إلا أن الشيخ كلاّب لم يكن بالطبع العربي أو المسلم الأول الذي يخلط بين اليهود ودولة إسرائيل، فكثيراً ما يقوم إعلاميون وسياسيون وأكاديميون وخطباء ودعاة عرب ومسلمين بهذا الخلط الغريب والخاطيء. ولا تغيب عن الذهن هنا الدعوات التي يرفعها أئمة صلاة الجمعة في عدد كبير من المساجد في الدول العربية التي تتضرع إلى الله للقضاء على اليهود كوسيلة لتدمير إسرائيل.

من الصعب تحديد ماهية الدوافع التي تدعو الكثيرين من العرب والمسلمين لتعمد الخلط بين اليهود وإسرائيل، فلكل دوافعه التي قد تكون شخصية أو عامة، سياسية أو دينية. بل وربما تكون للبعض دوافع مركبة. إلا أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية قد يكون سبباً رئيسياً في تأجيج مشاعر الكراهية الشديدة المكنونة في قلوب المتطرفين العرب والمسلمين نحو ديانة دولة إسرائيل. غير أنه إذا كان العرب والمسلمون يرون أن إسرائيل تمارس أعمالاً عدائية ضد الفلسطينيين، فإن ذلك قد يكون مبرراً مقبولاً لعداء سياسي فلسطيني نحو إسرائيل لحين الحصول على الحقوق، ولكن ذلك لا يعد مبرراً أبداً لتوجيه العداء نحو العقيدة اليهودية وكافة اليهود دون تمييز.

وفي سياق دوافع كراهية الكثيرين لليهود لا ينبغي إغفال الخلفية الدينية التاريخية للعداء الذي يكنه الكثير من الأصوليين المسلمين نحو اليهود. ففي حين يتهم التاريخ الإسلامي يهود الجزيرة العربية بمحاولة اغتيال الرسول، يذكر القرآن في سورة المائدة أن اليهود يعدون من أشد الناس عداوة للذين أمنوا.

تلعب النصوص الدينية دوراً جوهرياً في تشكيل وعي واتجاهات ومشاعر المسلمين كغيرهم من اتباع الديانات. وربما كان النص المذكور بشأن اليهود في سورة المائدة من أهم العوامل التي تدفع بالمتشددين المسلمين لاعتبار اليهود أعداءً تاريخيين لهم، وتدفع بعدد من الدعاة والخطباء لترديد ما يحط من شأن اليهود كاعتبارهم أحفاد القردة والخنازير.

نحن إذن أمام معضلة من المستحيل حلها ما لم يسد الاعتدال والتعقل في فهم النصوص الدينية. ولا شك في أن حل الكثير من القضايا العصيبة التي يواجهها عالم اليوم كان من الممكن أن يكون أيسر لو لم تلعب العقائد والنصوص الدينية دورها في تغييب المرونة عند أطراف عديدة. فاعتبار المتطرفين الإسلاميين كمريدي حركة حماس، لليهود أعداءً تاريخيين وأبديين لا يعد فقط أمراً عسيراً على الفهم في القرن الحادي والعشرين الذي لم يعد يشهد الحواجز السياسية والدينية والتاريخية التي سادت في قرون طويلة مضت، ولكن يعد أيضاً عائقاً كبيراً أمام أية محاولات جادة لإحلال السلام في الشرق الأوسط.

إن ترديد خطباء ودعاة وإعلاميين لعبارات تدعو لكراهية اليهود لهو أمر غير مقبول. قد نتفهم العداوة السياسية الناجمة عن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربي، ولكن أن تطول الكراهية عقيدة والمؤمنين بها فهو أمر خطير يجب التعامل معه بحزم شديد. وإذا كان العرب والمسلمون يدعون العالم لعدم الربط بين المسلمين والإرهاب، فإنه يجب على العرب والمسلمين التوقف عن الخلط بين اليهود وبين عدائهم للاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية. ودعونا نتذكر أنه من المهم أن يعامل الإنسان الأخرين كما تحب أن يعامله الأخرون.



#جوزيف_بشارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدكتاتورية أمامنا والفوضى خلفنا
- مناهضة تشويه الأديان بين العالمين الغربي والإسلامي
- في أوغندا: درس مسيحي في التسامح الديني
- موطيء قدم للمسيحي في وطنه
- كيف تحولت حرية العقيدة إلى حرية كفر في بلادنا؟
- حتى لا يتحول الاستحقاق الرئاسي إلى معركة تكسير عظام جديدة
- حين تكون الهمجية باسم الله
- ليت المسلمين يعاملون الأخرين كما يودون أن يعاملهم الأخرون
- انقلاب حماس في غزة وخزة موجعة في قلب فلسطين!
- متى يتوارى خلفاء قتلة السيد المسيح؟
- في الإنتقام الإلهي من برزان التكريتي!
- الغاء عقوبة الإعدام يحفظ للإنسانية كرامتها المهدرة!
- محاكمة جلادي صدام ربما تعيد الثقة في حكومة المالكي
- بعد إعدام صدام... هل يتعظ المتبقون من الطغاة؟
- المسيخ الدجال يظهر في العراق!
- في عيد الميلاد: من يُخَلِّصُ شعوبنا من أتراحها؟
- صوت العقل في مواجهة الغوغائية في العالم العربي
- لا لاستخدام السيدة فيروز في الأزمة اللبنانية!
- هزيمة حكومة!
- البريء لا يخشى المحكمة الدولية في لبنان!


المزيد.....




- أوكرانيا تعلن إسقاط 50 طائرة مسيرة من أصل 73 أطلقتها روسيا ل ...
- الجيش اللبناني يعلن مقتل جندي في هجوم إسرائيلي على موقع عسكر ...
- الحرب في يومها الـ415: إسرائيل تكثف هجماتها على لبنان وغزة ...
- إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام تسفي كوغان في الإمارات ب ...
- اتفاق الـ300 مليار للمناخ.. تفاصيله وأسباب الانقسام بشأنه
- الجيش اللبناني: مقتل جندي وإصابة 18 في ضربة إسرائيلية
- بوريل يطالب بوقف فوري لإطلاق النار وتطبيق مباشر للقرار 1701 ...
- فائزون بنوبل الآداب يدعون للإفراج الفوري عن الكاتب بوعلام صن ...
- الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة ...
- مصر تبعد 3 سوريين وتحرم لبنانية من الجنسية لدواع أمنية


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - جوزيف بشارة - بين كراهية اليهود والعداء لإسرائيل