|
الاسلام اللّيبرالي ازعج اليسار التقدّمي
سليم سوزه
الحوار المتمدن-العدد: 2256 - 2008 / 4 / 19 - 09:57
المحور:
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
لم اكن اتصوّر ان (يسارياً تقدّمياً) سيرد على مقالي (هل غادر الشيوعيون من متردّم) الذي نشرته في الحوار المتمدن قبل يومين قريبين، بهذا المنطق المنخور، بقدر ما كنت اتوقع بان (التقدّميين) سيكونون في طليعة من يؤيد كلامي الذي قلته بحق الحزب الشيوعي العراقي .. ذلك لانني لم انطلق في نقدي للحزب من منطلق (اسلامي) كما نوّه صديقي (التقدّمي) والذي حرصت على قراءة مقالاته اولاً بأول، بل انطلقت من وجهة نظر متابع سياسي - كما فعلت من قبل مع عدد من التوجّهات والاحزاب الاخرى - شخّص اداء الاحزاب العراقية نسبة ً لما حققته من مكاسب في هذه الفترة. واعتقد اني قلت هذه الجملة بالنص في آخر المقال الذي لو قرأه صديقي (التقدّمي) بالمقلوب لكان افضل له ولي ايضاً، لما سيجنّبني فيه عناء كتابة هذا الرد او التوضيح لاني لا احب الردود المُجترّة اكثر من ان اوضح فكرة قد تلتبس على القارئ الكريم وليس فقط المُنتقد نفسه.
استغرب هذا (التقدّمي) - حينما وصفت نفسي بأسلامي الهوى، ليبرالي الميول - كيف لليبرالية ان تجتمع مع الاسلام وقد بَيّن بايجاز بأن الاسلام يختلف كلّياً عن الليبرالية ذات الجذور والاطروحات الغربية، ونحن بدورنا نقول سنجيبك على هذا التساؤل لكن ليس قبل ان تجيبنا انت على بعض تساؤلاتنا التي تتلخص فيما يلي:
1. كيف اجتمع فكر الحزب الشيوعي العراقي الذي يُفترض ان يكون ماركسيّ المنبع والسياسة والاقتصاد مع الخصخصة واقتصاد السوق التي ايّدها بشكل علني قادة الحزب في العراق. 2. كيف دخل الحزب الشيوعي العراقي في عملية سياسية عرّابها الغريم التقليدي والمعسكر الرأسمالي الامريكي المناهض للاشتراكية الشيوعية. 3. كيف دخل الحزب متحالفاً مع البعثيين الجُدد وهم الدّ اعدائه الازليين في قائمة انتخابية واحدة.
هذا غيضٌ من فيض والقائمة طويلة في هذا الصدد، لكننا فقط اردنا ان نوضّح لصاحبنا (التقدّمي) باننا في عصر المتغيّرات ولا شيء فيها ثابت، فما يصح للشيوعيين يصح ايضاً للاسلاميين. ويبدو ان (رجعيتي) قد غلبت (تقدّميته) في مسألة التفريق بين ماهو عقيدي وماهو سياسي .. لانني مؤمن بان السياسة تقتضي التنازل او المرونة احياناً في بعض الايديولوجيات انطلاقاً من مبدأ المصلحة العامة كما ذكرنا في حالة الحزب الشيوعي اعلاه، ونفس الشيء حينما اصف نفسي ب (اسلامي ليبرالي)، لا اقتبس الليبرالية بمعناها الدوغمائي العلماني، بل اريد ان افرّق بين الاسلامي ذي الطابع الشمولي الذي لا يؤمن الاّ بولاية الفقيه او ولاية الاسلام ولا يقبل بالاختلاف او الرأي الآخر، وبين الاسلامي المؤمن بصناديق الاقتراع في اطار ديمقراطي عصري، حيث يؤمن الاسلامي الليبرالي بان المجتمع وليّ نفسه ولا ولاية لأحد عليه مهما كان مُتخندقاً وراء عناوين مختلفة. وهو بالتأكيد قفزة في فكر الاسلام السياسي من شمولية مقيتة الى ليبرالية منفتحة على الآخر حتى لو كان هذا الآخر من المعسكر العلماني المُعارض. اخشى ان (اليسارية التقدّمية الماركسية) لصديقي (التقدّمي) هذا والتي حلّت مشكلة (الله) في ادبياتها القديمة، عادت لتصنع لها الهاً جديداً لا يمكن لاحد انتقاده او التعرّض لسيرته، الا وهو الحزب الشيوعي العراقي، حتى لو كان النقد سياسياً خالصاً لا علاقة له بافكار ومفاهيم الحزب الايديولوجية .. حيث اثار انتقادي للاداء السياسي للحزب وليس لفكره حفيظة وانزعاج هذا (التقدّمي) مما اشعرني بالخوف الشديد، ماذا سيكون ردّه لو انني انتقدت او تعرّضت لافكاره وتصوراته الايديولوجية ؟! بالتأكيد كان سيكون نقاش السيد الوالد ذو الثمانين عاماً احنّ وارحم من مقالات (التقدّميين) الذين لا زالوا في مرحلة شبابهم كما تبيّنه صورهم المعلّقة اعلى كتاباتهم. يُبرّر الكاتب (التقدّمي) العزيز بعد ان دعوت الحزب الى عدم الانكفاء على النفس واستقطاب الشباب لا فقط الشيوخ، وهو خير دليل على انني كنت معنياً بالجانب السياسي وليس الايديولوجي في هذا الانتقاد، لانه ليس من المعقول ان يدعو اسلاميٌ شيوعياً للنهوض والقيام بدوره الاّ اذا كان يتناول القضية من وجهة نظر تحليلية خالصة لا علاقة لها بالخلفيات الفكرية، يُبرّر بان ابتعاد الحزب مُكرَها ومُجبَراً طوال الثلاثة عقود المنصرمة التي حكم فيها البعثيون كان وراء انكفاء الحزب عن كسب الشباب والذين تُركوا حسب قوله جثة هامدة تتلاعب بها احزاب الاسلام السياسي .. فبقدر ما يؤيد هذا التبرير كلامي بان الحزب فعلاً ابتعد عن الشباب، بقدر ما كان تبريراً هشاً لا يُقنع من في صفوف الشيوعي نفسه فضلاً عمّن هو خارجه، حيث لم يكن القتل والسجن والبطش بقادة الشيوعي الذي لا يستطيع احد انكاره ابداً، اكثر قسوة ً من بقية الاحزاب السياسية ايام النظام البائد وخصوصاً الاحزاب الاسلامية منها، مما يعني ذلك بان الكل كانوا متساوين ومتوازين في مستوى عزلتهم وابتعادهم عن القاعدة الشبابية في العراق وليس الشيوعي فقط. اما ان كان هناك مَن يقول بان احزاب الاسلام السياسي تصدّرت الواجهة السياسية بفضل خطاب الهيمنة الذي مارسته على الجماهير والذي كان له تأثير في تحريك الوجدان المجتمعي تجاه معارضة السلطة آنذاك .. فنقول اين كان خطاب الشيوعيين لتحرير هؤلاء الجماهير من هيمنة الخطاب الديني هذا ؟ الم يكن الاولى بهم تحرير الناس من هكذا خطاب اولاً لكي يستطيعوا بعد ذلك قيادة تيار اليسار الوطني كما يحلمون بذلك ؟ انني لا ادافع هنا عن اداء الاحزاب الاسلامية الحاكمة حالياً رغم انها لا تحكم بالايديولوجية الاسلامية الآن، حتى يتهمني (التقدّمي) باننا خربنا البلد، بل اقول واعترف بالاخطاء التي قامت بها .. لكن هل يستطيع (التقدّمي) ان يُخبرنا بما فعلته يساريته الشيوعية اثناء زواجها المثلي وتحالفها غير المقدّس مع البعثيين في جبهة العمل الوطني سيئة الصيت !! الم يرتكب الشيوعيون مجازراً في كركوك وبغداد في تلك الايام ؟ ام ان ذلك فوق النقد !! الليبرالية التي اؤمن بها هي التحرّرية من اي جمود او دوغمائية سواء كانت ناتجة من فكر اسلامي ام علماني ام من اي فكر آخر، وهي ذاتها التي تدفعني لمناقشة افكار الوالد الثمانيني وبقية زغابات الشيوعية من بينهم الشباب ان وُجدوا.
#سليم_سوزه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل غادر الشيوعيون من متردّم ؟
-
لماذا نخاف من وفاء سلطان ؟!
-
التاسع من نيسان عيد العراقيين الثالث
-
قمّة سوريا والمواجهة العربية الايرانية
-
صعاليك الفريدام
-
التوافق لا تتوافق
-
ارهاب القاعدة يوقف سلام المطران رحّو
-
هل سيفعلها الشيوعيون ثانية ً ؟
-
الحرب الاعلامية الكبرى ... الزمان تقطع رأس المدى
-
هل مات فيديل كاسترو فعلاً ؟؟
-
غزو تركي من جديد
-
اجتثاث البعث
-
صحوات ولكن ...
-
هل سَتُفجِّر امريكا قنبلتها الأنتخابية ؟!
-
الفيدرالية وعي جماهيري لمصلحة وطنية
-
الحنين الى الحرية
-
مازن مكيّة ودعوة الدعوة
-
آن الآوان لمحاكمة العقل العربي
-
الاعلام بين استقلالية الخطاب وانتمائية الممارسة
-
ثقافة العنف ... عنف الثقافة
المزيد.....
-
السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات
...
-
علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
-
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
-
مصادر مثالية للبروتين النباتي
-
هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل
...
-
الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
-
سوريا وغاز قطر
-
الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع
...
-
مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو
...
-
مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا
المزيد.....
-
عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها
/ عبدالرزاق دحنون
-
إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا )
/ ترجمة سعيد العليمى
-
معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي
/ محمد علي مقلد
-
الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة
...
/ فارس كمال نظمي
-
التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية
/ محمد علي مقلد
-
الطريق الروسى الى الاشتراكية
/ يوجين فارغا
-
الشيوعيون في مصر المعاصرة
/ طارق المهدوي
-
الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في
...
/ مازن كم الماز
-
نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي
/ د.عمار مجيد كاظم
-
في نقد الحاجة الى ماركس
/ دكتور سالم حميش
المزيد.....
|