محمود الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 2256 - 2008 / 4 / 19 - 06:45
المحور:
المجتمع المدني
بالمؤكد قد لايكون القادم أفضل , وهذا مانلحظه في المشهد السياسي المختلط بالمشهد الأمني القائم بدور الفاعل في تداعيات أحداث إجتماعية ظناً من صاحب القرار السياسي أنها ستكون علي الدوام أحداث قائمة بدور المفعول به حسب إملاءات صاحب القرار السياسي الموجه للقرار الأمني في صناعة نتائج يأمل أن تصب في نهاية الأمر للتخديم علي بقاء النظام السياسي الحاكم علي كرسي الحكم حتي لحظة مفارقة صاحب القرار السياسي لكرسي القصر إلي حيث يكون النتهي عند عتبات القبر .
إن النظام السياسي الحاكم في مصر لم ينتبه إلي جملة أحداث 7 , 8 أبريل بتداعياتها الخطيرة والتي تطورت لتأخذ شكلاً شعبياً غير موجه من أي قوي سياسية فقدت مصداقيتها في الشارع السياسي الذي لم يصلح من الأساس للسيرفيه حتي بالأقدام الحافية , ومن ثم إختار المأزومين بقضايا الفقر وسوء التغذية , والمأزومين بغلاء الأسعار والبطالة , والمقتولين أمام المخابز من أجل الرهان بالحصول علي رغيف خبز مغموس بذل ومهانة الفسادالسياسي والإداري ومدي الشعور الشعبي الذي أصبح عاماً بالظلم الأجتماعي والفوارق الشاسعة بين الطبقات الإجتماعية التي تم إختزالها في طبقتين إثنتين هما طبقة الحكام والمسؤلين اللصوص , وطبقة الفقراء المعدمين المقتولين من أجل رغيف خبز يستخدم كمادة مالئة كما تستخدمها الحيوانات ممثلة في القش والتبن , فكيف يمكن تصور الحصول علي باقي السلع والمواد الغذائية الأخري التي تستخدم مع هذه المادة المالئة وهي الخبز !!
إن أزمة الخبزوبتعريف بسيط أزمة الجوع التي إستشرت في أرجاء عديدة تكاد تطول الوطن من أقصاه إلي أقصاه هي المحرك الرئيسي لجميع الأحداث المدمرة لأي نظام سياسي يحكم بالفقر والجوع والظلم والفساد والإستبداد لجمهور المواطنين الرافضين لسياسات لم يشاركوا في صناعتها بل تم إحتكارها من جانب السلطة الفاشيستية الحاكمة بأمر الزعيم الفرد أو القائد الملهم الموهوب الذي تتم كل التصرفات والأفعال بناء علي تعليماته الفوقية ذات القداسة السياسية , والتي يتحول كافة المسؤلين أمام الزعيم الفرد والقائد الملهم الموهوب مجرد موظفين لديه فقط , وليس لهم ثمة دوراً وظيفياً في إطار الدولة التي ذابت بقوة شخص الزعيم وحرارة قراراته المؤيدة بالثواب أوالعقاب !!
إن أجواء سبتمبر 1981 تلوح في الأفق محمولة علي بساط غيامات سوداء كثيفة منذرة بهطول سيول تشيه في تدميرها للطوفان الذي يزيح من أمامه كافة العوائق التي لاتستطيع أن تصمد أمامه ومن هنا تكون الكارثة الإجتماعية والإقتصادية التي لم تلحق أضرارها بالمضرورين في أساس المعادلة الإستبدادية التسلطية , ولم تشكل أزمة للمأزومين بقضايا الجوع والفقر والمرض , ولكنها ستدمر وطناً أراد له العقلاء أن يكون وطناً آمناً مطمئناً يتساوي فيه كافة المواطنين أمام عتباته المقدسة بالدستور والقانون والعدالة الإجتماعية والمشاركة السياسية في صنع مستقبله عبر صياغات قانونية ودستورية تلقي إحترام وقبول كافة المواطنين عبر إنتخابات لاتشوبها شوائب البلطجة والإجرام والتزوير والإرهاب .
إن المراقب للمشهد الإجتماعي يجده مواراً بالأحداث المخيفة بل والمرعبة في تداعياتها الحالية والمستقبلية لما تنطوي عليه الصورة من خلفيات قاتمة تهدد الكيان العام المأزوم في الأساس بالمطالب الإجتماعية والإقتصادية التي وقفت أمامها جميع أجهزة النظام الحاكم عاجزة عن الوصول لحلول ترضي المأزومين بالمطالب الإجتماعية والإقتصادية فكانت الإضرابات عن الطعام والإعتصامات والتظاهرات والوقفات الإحتجاجية المتكررة بصفة يومية ومستمرة والتي طالت بشكل يقترب من العام كافة الفئات الإجتماعية التي تم تشويهها بإرادة فاعلة للنظام الحاكم وهذه التحركات الإجتماعية لتلك الفئات تحمل مخبوء مخيف لما قد تسفر عنه من صناعة أحداث منذرة بالفوضي ومبشرة بالخراب نظراً للتعامي عن البحث عن الحلول لهذه الأزمات والتعامل معها بالعصا الأمنية التي يظن النظام الحاكم أنها سترهب جائع أو فقير معدم أو شاب مأزوم بالبطالة والفقر ومطارد نفسياً بدرجات متفاوتة من حالات المرض النفسي الذي جعله يستشعر أن هذا الوطن ليس وطنه وأنه لم يستشعر أنه عضو في الجماعة الوطنية ومن ثم يكون إتلاف أو حرق أو تدمير ماهو ليس مملوك له أمراً ورارداً في النفسية المأزومة .
وهذا ماتبدي من الأحداث الأخيرة يومي 6 , 7 أبريل 2008 في المحلة الكبري وغيرها من المدن والذي يمكن أن يتكرر بصورة أكثر إمتداداُ في جغرافيا الوطن مما يزيد من شدة العصف الأمني بالغاضبين والكارهين للنظام الحاكم والمغيبين عن المشاركة السياسية والإجتماعية لعقود طويلة ومن ثم تطال اليد الأمنية فئات عديدة وتتشعب الإشتباكات مع أطراف عديدة ينالها نصيب من الضرر الأمني وتتسع رقعة الغضب وساعتها يكون الحل الأمني نذير شؤم .
ونذير الشؤم هذا قد تبدت ملامحه في حملة الإعتقالات الموسعة التي إفتعلتها قوات أمن النظام الحاكم لتطال العديد من القيادات الشعبية الطبيعية والكاريزما والمثقفين الذين يمثلوا بالنسبة للمجتمع الصفوة من العلماء والكتاب والمفكرين من غير إنتباه لإجراء ثمة حوار قد يؤدي إلي بوادر للخروج من الأزمات الخانقة التي هي من صناعة النظام الحاكم .
وكان آخر هذه الإعتقالات لشباب المدونين وبعض من قادة حركة كفاية وعمال المحلة والعديد من الأفراد العاديين الذي شاركوا في هذه المظاهرات والإعتصامات والإضرابات من غير توجيه من أي قوي سياسية وبدون سابق ترتيب أو إعداد .
وعلي إثر العصف الأمني لجماعة الإخوان المسلمين التي يصفها النظام الحاكم بالجماعة المحظورة علي الدوام والتي تشكلت بداخلها عناصر وألوية مخالفة لقانون السمع والطاعة الأعمي والذي سارت عليه تعاليم الجماعة منذ نشأتها وحتي ظهور شباب المدونين من الإخوان اصحاب العقليات المتخالفة مع عقليات جيل الشيوخ في نظرتهم للسياسة والمجتمع والقانون والدستور والتنمية والرخاء والرفاهية وبعد نظرهم في بعض القضايا والذي تولد لديهم من الإحتكاكات الفكرية والثقافية عبر الشبكة المعلوماتية العنكبوتية عبر شاشات أجهزة الحاسب الآلي والذين أصبحوا وكأنهم في حالة فطام عن قانون السمع والطاعة ومن ثم تحولوا إلي حالة الفصام السياسي بينهم وبين جيل الشيوخ لدرجة أن سماهم بعض هؤلاء الشباب بأن جماعة الإخوان المسلمين تمثل فرع المعاملات الإسلامية للحزب الوطني الحاكم في حالة تندر علي الجماعة وعلي مواقفها السياسية مشبهة الجماعة بالحزب الوطني في تفاعلاته الميتة مع المنتمين لها مثلهم في ذلك مثل الحزب الوطني الحاكم , مع العلم أن هؤلاء الشباب هم من خرج عن إطار رأي الجماعة وشارك منفرداً في العديد من الفعاليات المحتجة والمعترضة علي النظام الحاكم في سياساته وقراراته مما ينذر بتكوين فائض قيمة إحتياطي للمعارضة للنظام خارجة من إطار ماسماه النظام الحاكم بالمحظورة , وهذا الشباب لديه قدرة تدريبية علي النظام والترتيب مما يضيف رصيد لحركات الإحتجاج الشعبي والقوي الوطنية الرافضة للنظام الحاكم مع الفارق في المطلب والنتيجة النهائية بين شباب الإخوان وشباب المعارضة فيما يطمح إليه الفريقين في النتيجة النهائية .
ولكن خطورة الأمر تتأتي من جملة الأحكام العسكرية التي لاحق بها النظام الحاكم قيادي جماعة الإخوان المسلمين وأعضاء الجماعة في الداخل والخارج ومصادرة أموال الداخل ومطارة وتجفيف منابع ومصادر أموال الخارج , بل ومحاولة النظام الحاكم شطب الإخوان المسلمين من خانة العمل السياسي والإجتماعي مما ينذر بأمور قد تؤدي إلي التفكير في إنشاءالخلايا السرية في تشابه مع التنظيمات العسكرية المسلحة أو ماتم تسميته بالنظام الخاص من شدة التضييقات الأمنية والمطاردات بالمحاكمات العسكرية وقرارات الإعتقال مما يضفي علي المشهد الإجتماعي العام ظلالاً كئيبة من الخوف والترقب الذي يمكن أن يمارسه النظام الحاكم في إفتعال وصناعة بعض التفجيرات أو الإغتيالات لبعض الأشخاص موجهاً الإتهام لبعض الشخصيات مما قد ينذر كذلك بعواقب وخيمة من أجل الإستمرار في كبت القوي الوطنية المعارضة وفي المقدمة منها حركة كفاية وبعض عناصر الإخوان المسلمين لإستمرار القبضة الأمنية المؤهلة للإستمرار علي كرسي الحكم أو الإستمرار في خط سير مسلسل التوريث الذي أصبح أمراً يبدو صعب المنال حتي ولو بطرق دستورية أو قانونية , ولايمكن إستبعاد التلويح بشبهة وجود تنظيم القاعدة تحت مسمي تنظيم القاعدة في بلاد وادي النيل !!
فهل سيتعقل النظام الحاكم طبيعة الظرف الزمني وتطورات الأحداث في الظرف المكاني مستحضراً أمام عينيه تداعيات ومشاهد الظرف التاريخي ؟!!
أم أن النظام الحاكم يصر علي إحداث الإنفجارويصر علي أن يكون القادم أسوأ ؟!!
#محمود_الزهيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟