أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - قاسم حنون - البديل الديمقراطي في العراق -عقبات وتحديات-















المزيد.....

البديل الديمقراطي في العراق -عقبات وتحديات-


قاسم حنون

الحوار المتمدن-العدد: 2255 - 2008 / 4 / 18 - 11:07
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


يمثل سقوط الدكتاتورية في نيسان/ 2003 حدثاً مدوياً وانعطافة خطيرة في تاريخ العراقيين وتعديلاً نوعياً في مسار حياتهم السياسية والثقافية ، فمن هيمنة حزب بمفرده على مقاليد السلطة واحتكار فرص العمل السياسي إلى تعددية في الأحزاب والتيارات والفعاليات السياسية ، ومن صحافة اللون الواحد إلى طيف واسع من المنابر الصحفية والإعلامية، من الإدماج القسري للهويات المحلية إلى انبعاثها المشوب بالتوتر والريبة من تغييب الشعب عن ممارسة نشاطه السياسي او المهني أو الديمقراطي إلى المشاركة الفاعلة من قبل قطاعات واسعة في الانتخابات التشريعية او الفعاليات المختلفة ، من التدهور المريع في مستوى الحياة المعيشية إلى الزيادات المحسوسة في دخول طبقات وفئات مختلفة من المجتمع وانفتاح أفق التحسن التدريجي في حياة الملايين، من عزلة البلاد الإقليمية والدولية إلى الانفتاح المستمر والتعاون الايجابي مع دول العالم ومؤسساته ومنظماته غير الحكومية . ومهما كانت الذرائع التي قدمتها الإدارة الأمريكية في المحافل الدولية لتسويغ حربها في العراق فان ما أفضت إليه هو سقوط واحد من اعتي النظم التوتاليتارية وأشدها وحشية ، وبقدر ما كان النظام السابق معزولاً عن محيطه الإقليمي طيلة سنوات من الحصار الجائر والعزلة فانه كان مشدوداً بروابط خفية ولكنها متينة كما يبدو هذه الروابط تتمثل في معاداة معظم النظم العربية والإسلامية للحريات والديمقراطية وانتهاكاتها لحقوق الإنسان وما يستتبع ذلك من تسلط واستئثار بالامتيازات والثروات الوطنية وتحكم النخب الحاكمة بالنفوذ والسلطة والمال.
فالسلطة بمنظور عربي وإسلامي كانت وما زالت اقرب إلى التسلط منها إلى ضرورة اجتماعية وتاريخية أو عقد بين المواطنين والدولة لتنظيم الحياة والمجتمع بالمنظور الفلسفي والأخلاقي والسياسي الحديث ولقد كانت الأنظمة المذكورة وما تزال تتعكز على مقولات دينية تبرر أفعال الحاكم وتمسكه بالسلطة لآماد طويلة دون حساب التحولات الجارية في عصرنا والتغيرات السياسية وما آلت إليه أحوال العلاقة بين المواطن والسلطة وبناء المؤسسات التمثيلية ومراعاة حقوق الإنسان أو إنها تسعى لإيهام شعوبها بأنها تملك تاريخاً مجيداً ودوراً مرموقاً في حقبة من التاريخ، وان هي إلا دورة من دورات التاريخ البشري جعلت العرب اليوم في مؤخرة أمم العالم، وما عليها إلا الصبر وانتظار القطاف في المستقبل بينما تتعمق الفجوة بين الشرق والغرب فيحوز الغرب على أعلى نصيب من الثروة المادية والمعارف والعلوم والحريات بينما يرسف الشرق في أغلال التخلف المادي والثقافي والعلمي فلا يكون شرقنا إلا خارجاً عن التاريخ متلبساً به على نحو الاستغراق البليد والانكفاء المرضي في الحقب الغابرة ، وتدل تقارير التنمية البشرية الصادرة عن الأمم المتحدة على عمق الهوة التي نتردى فيها بلداننا واثر ذلك في إنتاج الثقافة والمعارف وتصلب النظم السياسية وشموليتها وهشاشة البنى الاجتماعية وغيابها عن الفعل التاريخي في الحضارة المعاصرة إلا على صورة الاستهلاك السلبي لمنتجاتها دون التعرف إلى السياق الثقافي الذي أنتجها وتقدم تركيا مثالاً متواضعاً للدولة التي تسلك طريق الحداثة وتبني وسائل واليات جديدة في بناء النظام السياسي ومغادرة أفق المنظومة التقليدية رغم ما يشوب تجربتها من عيوب وممارسات تذكر بالقسوة والبطش التركي في علاقتها مع الآخر من القوميات والأقليات غير التركية.
لقد تحولت التغيرات في العراق إلى صدمة للنظم المحافظة والدكتاتورية التي ما زالت على سابق عهدها مستميتة في الدفاع عن المنظومة الفكرية التي أنجبتها ومعاقبة الخصوم السياسيين بكل وسائل القهر والإقصاء ومجافاة ما يجري في العالم، بل ان فكرة التحديث وديمقرطية النظم السياسية يصور على انه استهداف لحرمات المسلمين ومكانة الإسلام وكأن ذلك مقترن ببقاء الأسر الحاكمة والحكام الفاسدين والقابضين على مقاليد السلطة بيد من حديد ولآماد غير معلومة، من المؤسف أن قادة عرباً ومسئولين كباراً وكتاباً معروفين وصموا العراقيين بالميل إلى الفوضى وحاجتهم إلى حاكم قوي مثل الحجاج أو صدام حسين لضبطهم، أو يجري الترويج لفكرة المستبد العادل البائسة ، أو أن التنوع الديني والمذهبي في العراق هو مبعث الاضطراب والتأزم الحاصل مما يتطلب حاكماً مطلقاً يتوفر على صلاحيات غير محدودة لإرساء الأمن والاستقرار على ان ما ينسب إلى الجاحظ قبل قرون عديدة يدحض هذه المزاعم بقوله (العلة في عصيان أهل العراق على الأمراء ان أهل العراق أهل نظر وذوو فطنة ثاقبة، ومع الفطنة والنظر يكون التنقيب والبحث، ومع التنقيب والبحث يكون الطعن والقدح).
كما يشير ابن أبي الحديد المعتزلي إلى أن (طينة العراق ما زالت تنبت أرباب الأهواء وأصحاب النحل العجيبة والمذاهب البديعة وأهل هذا الإقليم أهل بصر وتدقيق ونظر وبحث عن الآراء والعقائد وشبه معترضة في المذاهب).
وصولاً إلى ما استخلصه الرحالة الإنكليزي كافن يونغ في كتابه (العودة إلى الاهوار) عن رحلته في قرى الاهوار في ميسان والبصرة (أي بلد مدهش يمكن أن يكون في ظل سلطة حكيمة ومدهشة) كما يكتب "بول بريمر" الحاكم المدني الأمريكي في العراق عن تجربته (خلال فترتي القصيرة في العراق لمست بإعجاب كبير القدرات التقنية الاستثنائية للعراقيين العاملين في الحكومة والصناعة أنهم يحتاجون فقط الفرصة لكي يضعوا هذه المهارات في خدمة العمل المنتج).
إن الأزمة المتفاقمة للنظام العربي وعجز النخب الحاكمة عن التكيف مع متغيرات الحياة والعالم المعاصر وارتهانها لتراث الاستبداد هو ما يحول المحيط الإقليمي إلى بيئة متفجرة وحاضنة للإرهاب وتفريخ مستمر للإرهابيين والسعي إلى تمزيق ارض الرافدين الموصوفة بالتنوع الثقافي المدهش بوصفه سر الإبداع والثراء الروحي، وعلامة من علامات هوية راسخة متجذرة في التاريخ هوية تقوم على التآخي بين العراقيين من مختلف الديانات والمذاهب والتسامح ضرورة يمليها واقع التنوع وهو لا يعني التفريط بالمكونات الثقافية للهوية الوطنية او التنازل او التساهل إزاء الآخرين، وهو عماد التعددية والديمقراطية التي هي التعبير عن احترام الآخر والاعتراف بوجوده ونبذ الدوغما والاستبداد والقيم المعادية لكرامة الإنسان وحريته، هو نقيض التعصب الذي يقوم على الجهل بالآخر أو تجاهله ويقود بالضرورة إلى مصادرته وإلغائه ونفيه ويؤسس للكراهية والإقصاء والظلم جاء في الإعلام العالمي لحقوق الإنسان (لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين وحرية الرأي والتعبير وان التربية يجب أن تهدف إلى تنمية التفاهم والتسامح والصداقة) لذا فان النظام التربوي بمؤسساته التعليمية ومناهجه وطرائقه من الابتدائية وحتى الجامعة بشكل رافعة أساسية في بناء ثقافة قبول الآخر واحترام فكره ومعتقداته وهو بالتالي قادر على صياغة جيل جديد محب للحياة والحرية ومناهض للأفكار الأحادية والتعصب والإرهاب بينما يقوم التعليم في بلداننا العربية على التلقين وحشو الأذهان بالمعلومات كما لو كانت مسلمات أو يقينيات جاهزة وغلق نوافذ العقل أمام الجديد والمغاير للسائد والمحاكمات العقلية الجريئة.
وهكذا فان معظم ثقافة الشباب تتنفس أجواء الانحطاط الذي انحدرت إليه ثقافتنا العربية وبات المرشد للشباب هم أهل الفتاوى الذين يستمدون سلطانهم ونفوذهم من نسق ثقافي تقليدي قوامه التعصب والأحقاد والجدل العقيم والأنا المتضخمة وهم دائمو التحريض ضد سلطة مفترضة أو قوة باغية ، وباتت دور العلم من جامعات ومعاهد مراكز تنشط فيها أيدلوجيات الظلام والردة، وتستخذي النخب الأكاديمية والثقافية امام القوة الكاسحة للثقافة التقليدية وممثليها الاكليروسيين ولم يعد المستقبل بآفاقه الواسعة والحاضر بمنجزاته الهائلة هو ما يشغل قطاعات الشباب بل أن الماضي بإشكالياته وشبهاته وقضاياه الخلافية هو الذي يستحكم في عقولهم ويوجهها ولا أدل على ذلك من المعارك الكلامية التي تدور في قاعات الدرس الأكاديمي وفي بعض الميادين العامة حول قضايا غابرة تستغرق أوقاتهم وتبدد طاقاتهم ان الاتكاء على ثقافة السلف والاحتكام إليها باعتبارها المعرفة المثلى هو ما يسعى الخطاب الديني لتكريسه في حياتنا وهو ما يعرقل بالتأكيد التوجه الجاد لبناء منظومة الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان.
كما يسعى الخطاب الأصولي إلى تسويق رؤاه ومفاهيمه كما لو كانت حقائق لا يطالها الجدل او الاختلاف في صورة من صور اليقين الذهني او النيابة عن المطلق في كل ما يتعلق بشؤون الحياة الإنسانية ومصادرة إنجازات العقل الإنساني وفتوحاته الباهرة، لقد أدى تعاظم الحركات الأصولية في بلداننا إلى تقويض قيم التسامح والحوار وتدمير البنى الثقافية في البيئات المعروفة بتنويعها الديني والمذهبي لصالح أحادية دينية او مذهبية فرضت ظلالاً من القسوة والعنف لم تشهده مجتمعاتنا من قبل، وان شهدته ففي مراحل الانحطاط الذي عرفت به الحقب المتأخرة من التاريخ العربي والإسلامي فالتعصب والحقد يزدهر حيث ينتشر الجهل وضيق الأفق والتدين الساذج والأيمان الأعمى ، من المؤسف ان بيئات مثل العراق ومصر عرفت بتنوعها وعراقة الاختلاف الديني والمذهبي فيها تتعرض الى موجة ظلامية من الفكر الديني غير معهودة ولا تعبر عن سياقها الحضاري ففي العراق تعايش المسيحيون بطوائف مختلفة والمسلمون بمذاهبهم وفرقهم إضافة إلى الصابئة المندائية والايزيديين واليهود وقد خطت ثقافتنا العراقية خطوات مدهشة عبر هذا التنوع الخلاق . في حزيران 1920 استقبل وفد برئاسة السياسي العراقي جعفر أبو التمن يضم شباباً من السنة والشيعة موكباً مسيحياً في طريقه إلى احد الكنائس للاحتفال بعيد القيامة فنثروا الورد عليهم وهم يهتفون: عاش مجد سيدنا المسيح، عاش إخوتنا المسيحيون، عاشت الوحدة الوطنية وفي أول حكومة عراقية كان فيها ساسون حسقيل وزيراً للمالية والمسيحي يوسف رزق الله غنيمة وزيراً للتموين ، وروفائيل بطي وزيراً للإعلام ووزعت في ايار 1920 منشورات في بغداد والموصل تؤكد على وحدة وإخوة كافة الطوائف العراقية وتدعوها باسم الوطن الواحد والمصير الواحد إلى الاتحاد مع المسلمين لتحقيق استقلال العراق . على ان نشوء الدولة العراقية في العشرينات من القرن الماضي لم يكن راسخاً إلى الحد الذي يستوعب التنوع الثقافي على نحو ايجابي وبناء وحدة حقيقية إذ أدت سيطرة نخبة معينة إلى اغتراب السلطة عن قاعدتها الاجتماعية فقد اعتمدت السلطة على الضباط الشريفين وفئات من الانتلجنسيا التي خرجت للتو من جهاز الدولة العثمانية ونقلت ولاءها من الأتراك الى الإنكليز بسب ضعف جذورها الوطنية وتحالفها مع فئات من التجار والملاكين الذين ارتبطوا بالوجود الكولونيالي.
ثمة إشكالية في العراق بعد التغيير في لجة الخراب والنزيف المستمر والاحتقان الطائفي الذي يهدد بالتحول إلى حرب أهلية تقوض الآمال ببناء عراق ديمقراطي حر وتعددي ويهدد على نحو خطير مستقبل الديمقراطية والحريات بعد عقود من عدم الاستقرار والعسف والاضطهاد الذي طال مختلف قوى الشعب هذه الإشكالية ناجمة بالأساس عن غياب التقاليد الديمقراطية في حياتنا وشيوع ثقافة الاستبداد والتغلب والإقصاء ولقد ساعد على ذلك الرؤية المتعالية التي تميز العقل الإمبريالي في نظرته للشرق، هذه الرؤية أنتجت ثنائيات متعارضة في الستراتيجية الأمريكية على وجه التحديد: مناهضة الإرهاب / استخدام القوة في العلاقات الدولية بما يعزز نشوء الإرهاب والتطرف والتغاضي عن إرهاب الدولة العبرية ، مناهضة أصولي حماس وحزب الله/ دعم ومباركة أصولي الليكود وشاس وإسرائيل بيننا وغيرها من المنظمات الدينية اليهودية ن لقد وصل الأمر في العراق الى أزمة سياسية مزمنة بفعل التوتر على طرفي الاختلاف المذهبي والأخطاء الفادحة للاحتلال وهي تهدد ما أنجز في المرحلة الانتقالية وتقوض مصداقية المشروع الأمريكي وتضعنا من جديد أمام أفق غامض مكتوين بعدد من الأسئلة الحارقة؟ هل ان أمريكا بصدد بناء ديمقراطية حقيقية في العراق؟ ولماذا تفكيك المجتمع إلى ثلاث كيانات سياسية هي مكوناته التقليدية فيما الديمقراطية تقوم على الإرادة الحرة وخيار الفرد المستقل للإسهام في صياغة الحاضر ورسم حدود المستقبل ! لقد أفضت الرعاية الأمريكية للعملية السياسية في العراق إلى (سلق) مراحل الفترة الانتقالية من التوتاليتارية إلى الديمقراطية والإصلاح السياسي على طريقة الوجبات السريعة وما يترتب على ذلك من عسر في الهضم وضعف الشهية وفساد مزمن واضطراب وتردٍ مستمر.
جانب آخر من الإشكالية يتعلق بموقف الحركات الأصولية والإسلاميين المحافظين عموماً سواءاً كانوا في السلطة أو في معارضتها من الديمقراطية وحقوق الإنسان وآفاق تطبيقها والسبيل إلى ذلك.فقوى السلطة المزهوة بالمناصب الحكومية وامتيازاتها وسط برك الدم والفوضى والخراب والفساد المتفاقم هذه القوى لا ترى في الديمقراطية غير طريق إلى السلطة والاستحواذ على مقاعد البرلمان والحقائب الوزارية، غير حشد كتل بشرية لم تتعرف إلى ذاتها في معركة غير متكافئة مع قوى الديمقراطية تتماهى خلالها مع المقدس لتقدم نفسها استمراراً للرسالات السماوية في صورة مفضوحة من التدين البراغماتي المدجج بالفتوى والطقوس ووسائل أخرى مغرقة في دنيويتها تبدو هذه القوى ودوداً جذلى وهي تحصد ثمار انقلاب هرم السلطة وتغير معادلاتها على صورة محاصصات في الحكومة والأقاليم والثروات وصولاً إلى عناوين صغيرة في جهاز حكومي مشوه ومختل التركيب تنتعش في ظلاله دورة الفساد والعنف والخراب، أما القوى المعارضة فقد (أحيت) وبجدارة التقاليد الوحشية في تراثنا في التنكيل بالخصوم وقطع رؤوسهم وإثارة الفوضى وتدمير البنية التحتية بالإغارة على أنابيب ضخ النفط ومحطات توليد الكهرباء وخطف الرهائن وقتل الأكاديميين والأطباء والمهندسين بقصد إيقاف الحياة ، وعلى مدى أربع سنوات لم يصاحب تلك الأعمال الإجرامية خطاب سياسي واضح ومقنع يقدم للناس على انه خطاب المقاومة للاحتلال وبرنامج وطني للإنقاذ من الهيمنة الأمريكية!! هل بالخضوع مرة أخرى للتوتاليتارية البعثية أو إلى نسخة أخرى اشد عسفاً وكراهية . وما أحداث العنف المستمرة واحتمالات الاندفاع نحو حرب أهلية إلا نتاج لذلك النشاط الإجرامي وتداعياته في تمزيق البناء النفسي للشعب وتحويله إلى خنادق متقابلة ، من اللافت ان هذه الممارسات الدموية تحظى بدعم ورعاية مؤسسات وقوى إقليمية عربية من منطلق ما يسمى بالتضامن مع المقاومة العراقية، على ان هناك اتجاهات عقلانية يمكن تقصيها في عمل وممارسة بعض القوى والشخصيات الإسلامية التي تطمح إلى إكساب خطاب المقاومة مضموناً وطنياً وديمقراطياً وهذه الاتجاهات غائرة في فوضى الأعمال المسلحة والتخريب وطقوس الذبح الكريهة والصراع المذهبي بتجلياته المختلفة. بينما تعاني القوى الديمقراطية واليسار التي هي الأدوات الفاعلة للديمقراطية والتحديث والإصلاح المنشود قصوراً واضحاً يتمثّل في ضعف تأثيرها في مجرى الأحداث استناداً الى ضعف قاعدتها الشعبية بسبب عوامل تاريخية واجتماعية وما لاقته إبان عهد الدكتاتورية من قمع وتصفيات جسدية وسياسية والمناخ السياسي والثقافي الذي نشكّل في ظروف الحروب العبثية والحصار الاقتصادي التي تسببت في خراب البنية التحتية وتشوّه التركيبة الاجتماعية ، والآثار النفسية والسوسيولوجية التي وسمت حياتنا بالتشوه والارتداد عن منحى الحداثة والتحرر الوطني والانكفاء نحو دهاليز الماضي المعتمة .
إن الوضع في العراق ينطوي على مفارقة يعبر عنها هذا النزيف المستمر والخراب والفساد المستشري والتناحر الطائفي إلى حدود مخيفة ، أهو ثمرة الاتجاهات الخاطئة في إدارة عملية الانتقال من التوتاليتارية إلى الإصلاح السياسي ؟ أهو ثمرة صعود الأصولية والقوى غير الديمقراطية على حساب تطلعات شعبنا نحو الحرية وتصفية التركة الثقيلة للدكتاتورية وعلى حساب قيم الديمقراطية والحريات.
إن عراقاً يتداعى وهو يخوض في انهار الدم لأمر يبعث على الفزع، وان قوى عديدة عراقية وإقليمية ودولية متورطة في استكمال فصول التراجيديا العراقية.



#قاسم_حنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - قاسم حنون - البديل الديمقراطي في العراق -عقبات وتحديات-