لا يمكن وصف الطريقة التي تعامل بها الأتحاد العام للأدباء والكتاب العرب مع وفد أتحاد الأدباء العراقيين في مؤتمره الثاني و العشرين في الجزائر سوى أنها طريقة مخجلة و مهينة و لايمكن أن تصدر عن شعراء و أدباء و مثقفين يفترض أن يكونوا الطليعة في دولهم و أن يمثلوا الوجه المشرق و الراقي لبلدانهم من حيث سمو الأخلاق و القيم التي يحملونها .. فعدم دعوة الوفد العراقي لحضور المؤتمر و منعه فيما بعد من المشاركة بل و حتى دخول قاعة المؤتمر يمثل سابقة خطيرة في طريقة تعامل النخب العربية مع مستجدات الأمور في العالم العربي .. فما حدث في المؤتمر كان أشبه بهيستيريا أصابت بعض الوفود المشاركة بمجرد سماعها بحضور الوفد العراقي و رغبته في المشاركة في جلسات المؤتمر دفعت بالبعض منها الى التهديد بمغادرته في حال دخول الأدباء العراقيين الى قاعة المؤتمر .. فعبدة الطواغيت من الكتبة القومجيين لا يتوافقون بالتأكيد مع رسل الحرية من الأدباء و الكتاب العراقيين .
و بدلاً من أن يُكفّر هؤلاء الكتبة خلال مؤتمرهم المشبوه هذا عن سكوتهم عما كان يجري للعراقيين أيام حكم الطاغوت بل و تواطؤ البعض معه و تطبيل البعض الآخر له و لممارساته ضد شعبه خلال هذا المؤتمر و يعتذروا لزملائهم العراقيين و لعموم الشعب العراقي .. نراهم على العكس و كعادة أمثالهم من عبدة الآيديولوجيات القومجية يكابرون و يعمهون في غيهم ظاربين عرض الحائط كل القيم و الأعراف و الأخلاق و مصرين على الأمعان في أذلال العراقيين خصوصاً بعد أن رؤوا بأم أعينهم تهاوي صنم الدكتاتور صدام في ساحة الفردوس و من ثم القاء القبض عليه كالجرذ في أحد الجحور .. فأغلبهم كانوا من مريديه و أتباعه و وصل عشق و هيام البعض به الى حد العبادة و التقديس .. كل هذا طبعاً بسبب الهبات و العطايا التي كان يغدقها عليهم الطاغية بلا حساب من خيرات الشعب العراقي .
المهزلة و المضحك المبكي في هذا الموضوع هو أن عدوى الوراثة في الحكم قد أنتقلت على ما يبدو من السياسيين الى الأدباء في العالم العربي .. فرغم أن البند 13 من النظام الأساسي للأتحاد ينص على عدم أمكانية تجديد عهدة الأمين العام للأتحاد سوى لمرة واحدة و هو الأمر الذي ينطبق على عهد أمينه العام الحالي .. نرى أن الأمين العام للأتحاد و أحد أشهر وعاظ السلاطين في العالم العربي ( علي عقلة عرسان ) قد أعيد أنتخابه للمرة الثانية خلافاً لقوانين الأتحاد لنفس السبب الذي يبرر به أغلب الرؤساء العرب أعادة أنتخابهم للمرة الألف و توريثهم الحكم لأبنائهم و هو ( الظروف السياسية الضاغطة التي تواجهها دولة السيد عرسان ) و كأن السيد عرسان فارس من فرسان الصمود العربي و لن يتم الظفر بالأعداء ألا بوجوده و ليس هو من كان يحث النخب من السياسيين و الأدباء والكتاب العرب عبر ندائاته الأستغاثية أيام حرب تحرير العراق على الأنضمام الى جيش المجاهد صدام ليشاركوا معه و مع أمثاله في قتل العراقيين .. فلم يكفي السيد عرسان كل هذه البحور من الدماء التي قدمها الشعب العراقي للخلاص من حكم الطاغية صدام الذي يهيم السيد عرسان حباً و هياماً فيه و في أمثاله من الطغاة .
لذا أوجه كلامي الى السادة و الأخوة الأدباء في أتحاد الأدباء العراقيين بشكل عام و السيد حميد المختار رئيس الأتحاد العراقي بشكل خاص مباشرة مناشداً أياه عدم السكوت عن هذه الأهانة الموجهة للشعب العراقي بشكل عام و ليس لأتحاد أدبائه فقط .. أذ على الأتحاد و ثأراً لكرامته و كرامة العراقيين التي أهينت في هذا المؤتمر المشؤوم أعلان أنسحابه بشكل رسمي من أتحاد الأدباء العرب أو على الأقل تجميد عضويته في هذا الأتحاد الى حين تقديم أعتذار رسمي من الأتحاد العام و من جميع الأتحادات المشاركة في المؤتمر واحداً واحداً .. خصوصاً تلك الأتحادات المسخرة التي هدد أعضائها و جلهم من وعاظ السلاطين بالأنسحاب من قاعة المؤتمر في حال سمح لأعضاء الوفد العراقي بالدخول و المشاركة في المؤتمر .. و يجب على الأدباء العراقيين أشتراط أعادتهم لعضويتهم في أتحادالأدباء العرب بتطهيره من وعاظ السلاطين الذين يعشعشون في أحشائه كالسرطان الذي ليس منه علاج .. أذ لا يشرفنا و نحن في طور بناء العراق الديمقراطي الجديد الأنتساب لمثل هذا الأتحاد و بشكله البائس الحالي .
واحدة أخرى من أقذر و أوضع الأهانات للعراق و للشعب العراقي و التي تنم عن حقد و كره دفينين لهذا الشعب العظيم بشيعته و سنته و عربه و أكراده و أسلامه و مسيحييه هي تلك الأهانات و التجاوزات و التخرصات التي صدرت بحق الشعب العراقي و رموزه الوطنية على لسان المرتزق خالد بيوض التميمي عضو حركة فتح و عضو المجلس الوطني الفلسطيني في موقع ( فلسطين أونلاين ) قبل أيام و التي طالت جميع العراقيين بدون أستثناء .. فقد وجه هذا المرتزق الموتور أهانات و كلمات بذيئة وجارحة الى العديد من رموز العراق الوطنية و الدينية واصفاً أياها بكلمات لا تصدر حتى من أوضع الناس ثقافة و أخلاقاً محاولاً أثارة الحساسيات الطائفية بين العراقيين و متكلماً بلسان البعض منهم وهو من العراق و العراقيين براء .. أن ما صدر من هذا الشخص الحاقد تجاه العراقيين بنعت شيعتهم بالمجوسية لمجرد كونهم شيعة أنما هو دليل على أنه و أمثاله من ذوي العقول المريضة و الفاسدة طائفيون و عنصريون مقيتون و لا يتحلّون بذرة من خلق الأسلام الحنيف الذي يقول رسوله الكريم محمد عليه و على آله أفضل الصلاة و السلام ( لا فرق بين عربي و أعجمي ألا بالتقوى ) .. فمن أنت يا بيوض لتزايد على كلام سيد العالمين ؟ و هل أنت و أمثالك من القومجية بأفضل مكانة و منزلة من سلمان الفارسي الذي قال عنه الرسول الكريم ( سلمان منّا أهل البيت ) لمجرد أنه فارسي و أنك عربي ؟ و كيف تجرؤ على التطاول على شخص تقي و فاضل و ورع كآية الله السيستاني و ما يحمله و يملكه من علم يزنك و مئات من أمثالك ؟ أكلُّ هذا الكلام البذيء و هذه الهيستيريا التي أصابتك وأصبت أشباهك من المثقفين العرب هي لأنكم ترونها قد أفلتت من أيديكم بعد أن ( تلاقفتموها منذ مئات السنين تلاقف الغلمان للكرة ) ؟
فليسمع بيوض وأمثاله من القومجية و ليعلموا جيداً و يضعوها ( حلقة في آذانهم ) بأن العراق كان و سيبقى للعراقيين فقط سواء كانوا من أصول عربية أو كردية أو أيرانية أو تركية و سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو صابئة أو يزيديين .. فالأمة العراقية العظيمة حصر على شعبها العراقي العظيم ذو الفسيفساء الجميلة ولا مكان للغرباء من أمثال بيوض فيها مهما كانت جنسياتهم و قومياتهم و لن تنفعه و أشباهه من القومجية البهلوانيات التي يتشدق بها عن العروبة و عن مقاطعة الشيعة العراقيين فهو بمقاطعته لنا قد ( زار و خفف ) و أراحنا منه ومن أمثاله ممن لا نريد أن نسمع بهم و لا أن نرى وجوههم الصدامية الكالحة و ليعلم بأن رجله ستكسر أذا فكر يوماً بدخول العراق و بأن سيده الجرذ صاحب العطايا و الهبات قد ولّى وأنتهى الى مزبلة التأريخ و سيكون حكم العراقيين عليه أن شاء الله بوضعه في قفص وضيع يليق بوضاعته في أحدى الساحات العامة في بغداد ليكون مضحكة و ملطشة و مسخرة لجميع العراقيين و لكي يبصق من يريد أن يبصق في وجهه الشيطاني البغيض .
المرتزق الآخر الذي بدأ التجاوز على أسياده من العراقيين هو سيد نصار ذلك الفدائي الصدامي الذي ( يطيّر الفيالة ) عيني عينك على الناس في مقالاته و تصريحاته السمجة من أجل تبييض وجه طاغية العراق سود الله وجهه و وجه من أحبه في الدنيا و الآخرة .. ففي تجاوز صارخ على العراقيين و في تزوير سخيف و مفضوح من هذا الوراق للحقائق و للتأريخ ذكر في مقالته المنشورة في ( الشرق الأوسط بتأريخ 15 / 12 / 2003 ) و المعنونة ( دفاعاً عن صدام .. كل شعب يستح زعيمه ) بأن صدام قد قام بأنجازات و قدم خدمات كبيرة للعراق والعراقيين منها أنه ( حول بغداد من قرية موحشة الى واحدة من أهم العواصم العربية ) و هذا الكلام أقل ما يقال عن صاحبه هو أنه جاهل بالتأريخ .. فأبسط تلميذ في المرحلة الأبتدائية يعلم أن بغداد قد بنيت منذ مئات السنين من قبل الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور لتكون عاصمة لدولته الفتية و بقيت منذ ذلك الحين و حتى سقوط الدولة العباسية على يد المغول عاصمة الدولة العباسية و حاضرة الخلافة العربية و الأسلامية فهي ( دار السلام ) و ( عاصمة الرشيد ) عندما لم يكن لا لصدام و لا للعوجة وجود .. وهي التي قالت عنها أم كلثوم ( بغداد يا قلعة الأسود .. يا كعبة المجد والخلود ) و قالت عنها فيروز ( بغداد و الشعراء و الصور ) في الوقت الذي كان فيه صدام لا يزال ( حرامي فراخ ) يسرق الفراخ ليعطيها لزوج أمه أبراهيم الحسن الذي علمه ( النشالة ) .. كما أن بغداد هي المقصودة في المقولة المصرية الشهيرة ( ما تتبغددش ) و التي يقولها الأخوة في مصر للشخص المُتبَطّر و المتباهي و الأنفة دلالة على الرفاهية و حياة الرقي و البذخ التي كان يعيشها البغداديون أيام الخليفة العباسي هارون الرشيد في مدينتهم و عاصمة الخلافة العباسية بغداد .. فكيف أذاً بعد كل هذا مما يعرفه القاصي و الداني و الغريب قبل القريب عن بغداد يقول نصار بأن بغداد كانت قرية و صدام هو الذي جعلها مدينة و عاصمة ؟ و هل بلغ الأرتزاق ببعض القومجية الى الدرجة التي تجعلهم يهينون و يقللون من قيمة مدن العرب و حواضرهم التأريخية من أجل تعظيم و تبجيل و تسويق رمز من رموز الأستبداد و الطغيان كصدام ؟ فمَن الأهم و الأعز عندك يا نصار بغداد أم صدام ؟ لأن ما قلته اليوم عن بغداد و هي تاج على رأسك و على رؤوس أمثالك من القومجية من الممكن أن تقوله عن مدينة و حاضرة عربية أخرى و أيضاً من أجل طاغية آخر ؟ فأنت و أمثالك أذاً صداميون و ليس قوميون كما تدعون لأنكم بعتم عروبتكم و أشتريتم بها رضى صدام و أمثاله من الطغاة .
في أعتقادي أن مسلسل أهانة العراقيين و النيل منهم كشعب لن ينتهي في وقت قريب .. و لن يقتصر و كما حدث في مؤتمر الأتحاد العام للأدباء و الكتاب العرب على منع الأدباء العراقيين من الحضور و المشاركة في المؤتمر أو مهاجمتهم من قبل مجموعة من وراقي أحد الوفود و نعتهم بعملاء أمريكا .. كما أن مسلسل أهانة العراقيين من قبل هذا أو ذاك من أساطين الأرتزاق في العالم العربي لن يتوقف .. فهذا المسلسل المخزي سيستمر ما دامت عملية تحرير العراق من بقايا الديكتاتورية و عملية نشر الديمقراطية فيه مستمرة .. و ما دامت أمريكا مصرة على الأستمرار في مشروعها التأريخي الذي يهدف لديمقرطة المنطقة و الذي سيطال بدون شك كراسي و عروش تمثل مصدر الأرتزاق الوحيد للكثير من الكتبة و الوراقين و مدعي الثقافة في العالم العربي .