|
محمود أمين العالم: الماركسية لم تسقط ومشروعها للمستقبل يقوم على التنمية ادعو لجبهة وطنية ديمقراطية تضم الوفد والتجمع والشيوعيين والقوميين
محمود أمين العالم
الحوار المتمدن-العدد: 699 - 2003 / 12 / 31 - 04:33
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
ـ اليسار ليس فى حاجة الى اعادة لمراجعة مواقفه تجاه قضيته الديمقراطية، و انما المطلوب فقط هو الفهم الصحيح للرؤية الماركسية تجاه الديمقراطية، والتطبيق السيئ فى الاتحاد السوفييتى لايعنى خطأ النظرية التي سعت لاقامة حالة من حالات التعايش السلمي مع كافة الأنظمة والقوى المغايرة، ولكن المشكلة الحقيقية أن الاتحاد السوفييتى كان مكوناً من قوميات متعددة ومختلفة،والحزب الشيوعي قاد ثورة شاملة، لذلك كان من الطبيعى أن يتولى الحكم، وحينما جاء »ستالين« فرض ديكتاتورية بشعة، كان أحد أهم أسبابها الهجوم النازى على روسيا، وانتظار الغرب سقوط الاتحاد السوفييتى تحت أقدام الألمان، وهو ما أدى الى قيام ستالين باستخدام سلطات قمعية واسعة لاحكام سيطرته على الدولة لمواجهة الغزو النازى.والتحليل الماركسى الحديث للديمقراطية، يفهم الديمقراطية على أساس أنها مشاركة الجماهير فى صياغة القرارات وقدرتها على الدفاع عن مصالحها، وحقها فى التعبير، باعتبارها القوى المنتجة فى المجتمع، فالماركسية تركز على المفهوم الاجتماعى للديمقراطية، وذلك ما نفذ بالفعل فى كوبا وفى الصين.ـ لست ماركسياً؟! ـ*........؟ـ أنا شخصياً لدى انتقاد على تجربة الاتحاد السوفييتي لأنه بدلاً من أن يقدم تجربة انسانية ديمقراطية، دخل فى منافسة مع الرأسمالية الغربية والأمريكية، وانشغل عن قضية التنمية بتطوير صناعة الصواريخ وبالتالى لم ير العالم فى تجربته العدل والابداع والتقدم الذى كان يمكن أن تقدمه التجربة الماركسية فى الاتحاد السوفيتى.وعموما ليست هناك ماركسية مطلقة وكل دولة يجب أن تتميز بخصوصيتها الخاصة، وهناك مقولة شهيرة لماركس قال فيها إنه ليس ماركسيا، ولكن لا ينفى ذلك عدم وجود صراع طبقى داخل المجتمعات المختلفة بأشكال مختلفة، ومفهومى للطبقة العاملة واضح فكل من يشارك فى العملية الانتاجية عامل، سواء كان عاملا أو مثقفا وبوضوح النظرية الماركسية استهدفت تغيير الواقع، ولكن يبقى الخلاف قائماً ما بين النظرية والتطبيق.ـ ديمقراطية عدوانية ـ*........؟ـ الديمقراطية من وجهة نظرى هى ذلك النظام الذى يحقق للانسان ذاتيته ويحفظ له شخصيته، ويصون حريته وكرامته، وفى ذات الوقت يكفل للمجتمع العام التنمية والتقدم والديمقراطية أيضاً لا تعني عدم الاعتداء على الآخرين ولا تقسيم فئات المجتمع وهو ما لا يتحقق فى المجتمعات التي تدعى أنها ديمقراطية، فأمريكا وسياساتها العدوانية لا تعبر أبداً عن الديمقراطية أو الليبرالية، وفى اليونان القديمة حيث نشأت الديمقراطية وما يسمى بحكومة الشعب، كان هناك عبيد، ولم تكن المرأة أو الرجل العادى يشارك فى التصويت، الذى كان حكرا فقط على أصحاب المال ولمصلحتهم فقط، وببساطة شديدة الأمريكان يريدون فرض ديمقراطيتهم هم على العالم، واعادة صياغة العالم وفقا لأفكارهم الخاصة وهذه ليست الديمقراطية.ـ الارتباط بالتنمية ـ*.....؟ـ أعلم أن أمريكا ليست النموذج الوحيد، بل لا يوجد نموذج مطلق بالتأكيد ولكنى ما أريد قوله هو ان جوهر الأمر فيما يتعلق بالديمقراطية هو الارتباط بالتنمية، ومعيارى للحكم على الديمقراطية المطبقة فى أى مكان فى العالم هو مستوي التنمية وعدالة توزيع الثروة فيه، بالاضافة الى مشاركة الأفراد بالرأى فى صياغة القوانين وأن يكون التعليم مكفولا للجميع، وأن تكون الثقافة حرة فى حدود احترام قيم المجتمع وقواعده العامة.ـ تجربة عبدالناصر ـ*........؟ـ ما لدينا الآن فى مصر وما يتردد من دعاوي الاصلاح يؤكد أننا بصدد ديمقراطية شكلية فى حين أن تجربة عبدالناصر رغم ما بها من أخطاء، نجحت فى اقامة ديمقراطية مجتمعية، حفظت كرامة المجتمع، ونفذت مشروعات عملاقة انتاجية كبيرة مثل مشروع السد العالى وتأميم قناة السويس وكفلت مجانية التعليم للجميع لذلك كان انحياز الجماهير له واضحا حتى فى جنازته، لأنه رغم كل أخطائه شهدت مصر على يديه التصنيع لأول مرة فى تاريخها، كما نجح فى مواجهة الاقطاع من خلال قوانين الاصلاح الزراعى التى وزعت الأرض على الفلاحين، لذلمك كنا كاشتراكيين فى بعض المواقف ضده، ولكن كنا فى مواقف عديدة معه.لذا أتساءل ما الذى تقدمه الديمقراطية الليبرالية الآن، هذه الديمقراطية ترفض الموافقة على تأسيس جمعية للمثقفين، وتجعل من البرلمان ممثل السلطة التشريعية، جزءاً من السلطة التنفيذية، وتلغى مجانية التعليم من خلال الدروس الخصوصية، وتصادر المعرفة باسم المعلوماتية. لذلك أؤكد من جديد على أن الديمقراطية التى يربطها بالتطور الاقتصادى هدف التنمية الشاملة ديمقراطية مرفوضة.وعودة التصنيع*.........؟ـ أزمة المجتمع الحقيقية ليست فى غياب الديمقراطية الليبرالية التى أراها ديمقراطية شكلية، وانما فى عدم وجود خطة تنمية حقيقية شاملة تقوم على التصنيع الثقيل، والاعتماد بشكل أساسى على التصنيع كأساس لاقتصاد مصر، مثلما كان لدينا فى الماضى المصانع الحربية، وصناعة المراجل البخارية، وأن يعاد صياغة دور وسائل الاعلام من جديد، فالتليفزيون وبرامجه على سبيل المثال، تتناقض وقيم الديمقراطية والعقلانية، ومقرطة المجتمع فى اطار يسمح بمشاركة الجماهير مشاركة حقيقية فى صناعة القرار والقدرة على الدفاع عن مصالحها.ـ العولمة ـ*............؟ـ الماركسية لم تنته أو تسقط، ولكنها يمكن أن تسعى لفهم اشكاليات التطبيق طبقا لظروف كل دولة على حدا، وأنا أفضل أن أطق عليها الاشتراكية العلمية فالعالم يتقدم ويتطور وماركس ذاته استفاد من هيجل ومن تجارب الفرنسيين والانجليز بل ومن أرسطو والأبيقورنيين، وماركس كان يري أن الثورة الاشتراكية سوف تنشأ فى انجلترا والمانيا باعتبارهما أكثر المجتمعات تطورا من الناحية الصناعية ومع ذلك الثورة تحققت وقامت فى بلد متخلف اجتماعيا واقتصاديا ومتعدد القوميات وهو الاتحاد السوفيتى.والماركسية سعت لتوحيد العالم من خلال فكرة الأممية التى كانت مجرد حلم تحققت الآن فيما يسمى بالعولمة ولا يمكن أن تتناقض الماركسية والعولمة اذا كانت العولمة حركة لها مشروعية دولية ديمقراطية، وكانت ملتزمة باحترام قومية وخصوصية كل ثقافة وكفلت حرية وخصوصية كل ثقافة، واقامة مؤسسات بمساحة دولية للمساهمة فى نشر السلام وتوطيد ومعاقبة مجرمى الحروب ومنتهكى حريات وحقوق الانسان مثل المحكمة الجنائية الدولية..ـ الجبهة الوطنية ـ*.......؟ـ نحن لدينا كماركسيين مشروع ديمقراطى للمستقبل، يقوم على خطة تنمية حقيقية، والمشاركة الشعبية الواسعة، واتاحة التعليم والمعرفة العامة أمام الجميع، وليست الماركسية وحدها فى ذلك مرجعيتنا الوحيدة، وانما نحن نستفيد فيه من خبرات العالم من حولنا ونحترم فيه تراثنا. كما ندعو فيه الى انشاء »الجبهة الوطنية الديمقراطية« والتي تشمل حزبى »الوفد« و»التجمع« و»القوى الشيوعية« و»القوميين« وأزعم بدون أية شوفينية أو تعصب أن مصر قادرة على ممارسة دور كبير فى المنطقة، وذلك ما كان فى الماضى، وهو ما ينبغى أن يكون فى المستقبل، لأننا كمصريين لدينا كنوز ورؤية وتاريخ وحضارة أثرت العالم. وتعرضنا على مدى كل العصور لغزوات واحتلال أجنبى من العثمانيين والفرنسيين والانجليز والآن الأمريكان، ومع ذلك هضمنا كل الثقافات وحفظنا تراثنا وثقافتنا ومازلنا باقين فى التاريخ والجغرافيا وصوتنا يصل لكل الدنيا.ـ خطة استراتيجية ـ*..........؟ـ أهم خطوات الاصلاح فى رأىى تكمن فى أن تقوم هذه الجبهة الوطنية بوضع خطة طويلة المدى ذات مراحل متعددة، وفى اطار رؤية استراتيجية واضحة وثابتة لمدة عشر سنوات قادمة، وتقوم هذه الخطة على استراتيجية عمل للاصلاح الاقتصادى، وتطوير حركة الجماهير وتثقيفها، والارتقاء بوعيها، بالاضافة الى القيام بتغيير الدستور الحالى، فعلى الرغم من أن الواقع ليبرالى، إلا أن الدستور يستند فى بعض نصوصه إلى المذهب الاشتراكى، ولا أفهم لماذا يوجد فى الدستور حتى الآن نص يتحدث عن نظام المدعى الاشتراكي فى ظل توجهات الدولة الحالية. كذلك يجب أن تبدأ مرحلة التغيير والتطوير باطلاق الحق فى تكوين الاضراب، والغاء كافة القيود المقيدة للحريات العامة كذلك أيضاً يجب أن نسعى الى اقامة وحدة عربية حقيقية اقتصادية وسياسية يراعى فيها مصالح الدول والاختلافات داخل المجتمعات حتي لا نكرر اخطار الوحدة الاندماجية مع سوريا.ـ تاريخ الهيمنة ـ*.............؟ـ العلاقة مع الغرب قضية متشابكة ومعقدة، فأنا من الناحية المبدئية لست ضد ثقافة الآخرين، ولست من أصحاب ثقافة الانعزال عن الغرب، وأنا لست ضد العولمة باعتبارها ظاهرة اجتماعية وتاريخية ولكننى ضد الهيمنة الأمريكية، فالعلومة تعنى أن العالم واحد، وأنا أري فيها امكانية لصياغة علاقات جديدة بين دول العالم فى اطار مشروعية دولية حقيقية فى مجلس الأمن والأمم المتحدة، ومقرطتها وكفالة خصوصية خاصة قومية محلية لكل دولة، مقابل نظام عالمى ديمقراطى يفتح النوافذ بين كافة دوله لصالح الشعوب.أما فيما يختص بالعلاقة مع أمريكا فالموقف يختلف تماما، فأمريكا من الناحية العملية تمتلك خطة خاصة بها تقوم على فرض سيطرتها على العالم وبسط نفوذها على كافة دوله لضمان مصالحها الاستراتيجية، والقضية لا تحتاج الى وضوح، فليس هناك دليل واحد على رغبة أمريكا فى ضرب الارهاب، ولكن الأدلة واضحة على تغذيتها للارهاب، ولا ترغب أمريكا على الاطلاق فى أن تشاهد أنظمة ديمقراطية فى منطقتنا، أمريكا تسعى فقط للسيطرة علينا بل على أوربا واليابان أيضاً، لأنها تدرك أهمية موقعنا، والذى تعتبره نقطة وثوبا وتوسعا لفرض هيمنتها على دول أخرى وأمريكا تقف موقف العداء الصريح لكافة قضايانا، ومن هنا فمعركتنا الأساسية والحقيقية ضد أمريكا وهى معركة حضارية مصيرية، يجب أن نحشد لها كل القوى سواء فى مصر أو فى العالم العربى.وأقول للداعين الى اقامة علاقة وثيقة واستراتيجية مع أمريكا، راجعوا مواقفكم وانظروا جيداً للتاريخ الأمريكى، وستدركون حينها أنه تاريخ الهيمنة والاستعباد للأفارقة، والتدمير والفناء للهنود الحمر ولحضارتهم.وخلاصة الأمر أمريكا تطبق ليبرالية دعه يحمل دعه يمر التى عفا عليها الزمن وهم يسعون الآن للمرور على اقتصادنا وديننا باسم التغيير.
#محمود_أمين_العالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العولمة وحدت العالم توحداً شريراً
المزيد.....
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|