أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - الدولة والمواطنة «المنقوصة»!















المزيد.....

الدولة والمواطنة «المنقوصة»!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2253 - 2008 / 4 / 16 - 10:28
المحور: حقوق الانسان
    


مثلما هي فكرة الدولة حديثة جداً في المنطقة العربية، فإن فكرة المواطنة تعتبر أكثر حداثة منها، وجاءت انبثاقاً عنها رغم وجود تجارب «دولتية» أو ما يشابهها في العهد الراشدي الأول وما بعده، أو عند تأسيس الدولة الأموية بدواوينها ومراتبيتها التي توسعت وتطورت في ظل الدولة العباسية وفيما بعد الدولة العثمانية، خصوصاً في الفترة الأخيرة من تاريخها، حيث تأثرت بمفهوم الدولة المعاصرة في أوروبا وبالأفكار الدستورية والقانونية الحديثة، لاسيما فكرة المواطنة التي اغتنت في القرن العشرين، باعتبارها «حقاً» من الحقوق الأساسية للإنسان.
وإذا كان مفهوم المواطنة جنينياً في الدولة العربية-الإسلامية، لاسيما فيما يتعلق بتحديد مسألة الهوية ناهيكم عن الحقوق الإنسانية، فإن هذا الحق، تساوقاً مع التطور الفقهي على المستوى الدولي، اكتسب بعداً جديداً في الدولة العصرية ومنها الدولة العربية، رغم النواقص والثغرات التي ما تزال تعاني منها قياساً للتطور الدولي. وقد تكرّس مبدأ الحق في المواطنة في أواسط القرن العشرين، خصوصاً بصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عام 1966 والعديد من الوثائق الدولية، التي أكدت أن «لكل فرد في أي مكان من العالم الحق في أن تكون له صلة قانونية بدولة من الدول».
ويستخدم في القانون الدولي مصطلح المواطنة الذي يوازيه مصطلح الجنسية بالتبادل فيما بينهما، حين يتم الحديث عن منح الأشخاص الحق في حماية دولةٍ ما إلى جانب حقوقٍ سياسيةٍ ومدنية، تلك التي تشكل ركناً أساسياً في هوية الفرد-الإنسان. ويمكن تعريف المواطنة الحيوية أو العضوية بأنها «الحق في الحصول على الحقوق والتمتع بها بصورةٍ عادلة».
وإذا كان الحق في المواطنة قد ضمنه القانون الدولي الذي حظر حرمان أي شخصٍ من مواطنته أو جنسيته التي أكدتها المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي نصت على أن «لكل إنسان الحق في الحصول على جنسية ولا يجوز حرمان إنسان بصورةٍ تعسفيةٍ من جنسيته ولا من حقه في تغييرها»، فإن ذلك لم يمنع من بقاء ملايين البشر في جميع أنحاء العالم بدون جنسية، الأمر الذي ينتقص من مبدأ الحق في المواطنة، بغض النظر عن أن حالات انعدام الجنسية قد تنشأ من التعارض في القوانين، ونقل تبعية الإقليم، أو حالات الزواج أو وجود تمييز أو عدم تسجيل المواليد أو إسقاط الجنسية.
ولعل المثل الأكثر سفوراً في العالم العربي هو تهجير الفلسطينيين منذ عام 1948 وإسقاط حقهم في وطنهم، وبالتالي جعلهم عرضةً لحالات انعدام الجنسية. ولا شك أن اتساع وانتشار حالات اللاجئين وأوضاعهم هي التي دفعت الأمم المتحدة إلى إنشاء مكتب للمفوضية السامية للاجئين كإحدى وكالات الأمم المتحدة المسؤولة عنهم، وللحد من ظاهرة انعدام الجنسية.
وقد عرف الوطن العربي حالات كثيرة من المواطنة المنقوصة، سواء من أفراد أو مجموعات بشرية، وبهضم حقوقها أو انتزاع أو عدم حصولها على الحق في الجنسية، كما حصل للمهجرين العراقيين، لاسيما عشية الحرب العراقية-الإيرانية وخلالها، ومعظمهم من الأكراد الفيليين، إذ انتزعت منهم جنسيتهم وصودرت أملاكهم في العراق بحجة التبعية الإيرانية، ولم يعترف بهم في إيران أيضاً، فعاشوا بدون جنسية وبدون وطن ولا مواطنة. وكذلك حالات ما سمّي بالمكتومين من الأكراد السوريين الذين لم يحصلوا على الجنسية، وبالتالي على حقوق المواطنة، وحالات الـ «بدون» في الكويت وبعض دول الخليج التي حرمت عشرات الآلاف من حقوق المواطنة. إضافةً إلى الكثير من الحالات والإشكالات بسبب الزواج من فلسطينيين أو أشخاص بلا جنسية أو من جنسيات أخرى وحصول حالات طلاق، الأمر الذي جعل الأبناء بلا جنسية. إذ إن الغالبية الساحقة من قوانين البلدان العربية لا تسمح بالحصول على الجنسية عن طريق الأم، الأمر الذي خلق مشاكل لا تتعلق بالحقوق المدنية والسياسية فحسب، بل بالحق في التعليم والرعاية الصحية والعمل وغير ذلك.
وقد أدرك العديد من الحكومات أنه لم يعد بإمكانها اليوم التملّص من حالات المساءلة بموجب القانون الدولي بإلغاء أو سحب أو حجب حق المواطنة عن الأفراد والجماعات الذين يمكنهم إثبات وجود علاقة حقيقية وفعالة بينهم وبين بلدهم، سواء عن طريق رابطة الدم «البنوّة» للآباء رغم أن العديد من البلدان العربية ما زالت تحجب هذا الحق عن الانتساب إلى جنسية الأم، في حين أن القانون الدولي لحقوق الإنسان يعطي مثل هذا الحق، أو عن طريق «الأرض»، أي الولادة في الإقليم أو الحصول على جنسيته ومواطنته أو اكتساب الجنسية نظراً للإقامة الطويلة والمستمرة والتقدم بطلب إلى السلطات المسؤولة عن ذلك.
وإذا كان انشغال النخب العربية بفكرة «الأمة الإسلامية» أو «الجامعة الإسلامية» في القرن التاسع عشر وربما في بدايات القرن العشرين، فإن الانبعاث القومي العربي بدأ يتعزز لاحقاً، حيث بدأت النخبة الثقافية والتنويرية الإسلامية والعلمانية الاهتمام بالفكرة الحديثة عن الدولة التي تعتبر المواطنة أحد مظاهرها الأساسية. فالشعب والحكومة والأرض والسيادة أركان الدولة وعناصر وجودها التي تستقيم وتتعزز في ظل احترام الحقوق والحريات، وتكريس مبدأ المساواة الكاملة والمواطنة التامة في إطار سيادة القانون. وبالإمكان القول إن الموقف الذي حكم الدولة العربية الحديثة ومجتمعها الأبوي التقليدي كان قاصراً واستعلائياً في نظرته إلى المواطنة والأقلية، وهذه النظرة أعاقت ترسيخ سلطة الدولة، فالأقلية قومية أو دينية حسب وجهة النظر هذه، قد تكون «متآمرة» أو «انفصالية» أو تاريخها غير «مشرّف» أو «مسؤولة عن كوارث الأمة» أو غير ذلك من الأفكار السائدة التي تأخذ الأمور بالجملة وعلى نحو سطحي، دون الحديث عن جوهرها، لاسيما: الحقوق والمساواة والحرية وتكافؤ الفرص والمواطنة العضوية القائمة على قاعدة العدل. وقد أضعفت هذه النظرة من التوجه نحو المجتمع المدني ابتداءً بالانتقاص من مفهوم المواطنة إلى الضغوط الاجتماعية المسنودة بالمؤسسة التقليدية العشائرية والدينية في الكثير من الأحيان.
واستندت الدولة العربية الحديثة على بعض النخب «الأقلوية» على حساب الأغلبية الساحقة من الشعب، ولذلك أصبحت دولاً «سلطوية» أو «تسلطية»، لاسيما بغياب مبادئ المساواة وتهميش الأقلية وحجبها عن حق المشاركة، والهيمنة على الأغلبية وإبعادها عن الحكم، والاستعاضة عن ذلك بأقلوية ضئيلة، على حساب مبدأ المواطنة!
وظل المجتمع العربي يعاني من الموروث السلبي، بما فيه الديني، الذي جرت محاولات لتوظيفه سياسياً بالضد من تطور فكرة المساواة والحرية والعدالة، وصولاً للمواطنة الكاملة والتامة باتجاه المواطنة العضوية أو الديناميكية، خصوصاً في النظرة الدونية إلى المرأة، وعدم الإقرار بالتعددية السياسية والفكرية والاجتماعية والقومية والدينية، الأمر الذي ينتقص من مبدأ المواطنة!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلّة ساركوزي المتوسطية اتحاد أم شراكة؟!
- التسامح وأوروبا: فصل الخيط الأسود عن الخيط الأبيض!
- استحقاقات المواطنة «العضوية»
- حقوق الإنسان الصورة والظل!
- الثقافة الانتخابية... والمعايير الدولية!
- «ثقافة الاستقالة» في الفكر العربي السائد!
- ثقافة الانتخابات.. افتراض أم اعتراض؟
- علاقات واشنطن - طهران بين التصعيد والتجميد!!
- مسارات التدليس والتدنيس.. احتلال العراق في عامه السادس
- الميثاق العربي لحقوق الإنسان: السؤال والمآل!
- مجالس الصحوة ونظرية الضد النوعي
- تحطيم العراق كان أحد أهداف الاحتلال الأمريكي
- العرب والأكراد : بعيدا عن المجاملات أو الاحتقانات
- مفهوم المجتمع المدني ..بين التنوير والتشهير !!
- كامل الجادرجي حين يكون الاستثناء هو القاعدة !
- ضوء جديد في قضية المهدي بن بركة!!
- خالد علي الصالح- على طريق النوايا الطيبة: تجربتي مع حزب البع ...
- فرادة الوسطية والاعتدال! سعد صالح نموذجاً
- العراق-إيران: شفط النفط بين التسييس والتدليس!!
- اعلام وارهاب!


المزيد.....




- ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ ...
- أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال ...
- الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق ...
- العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال ...
- البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن ...
- اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
- البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا ...
- جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا ...
- عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س ...
- حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - الدولة والمواطنة «المنقوصة»!