|
لو كانت أجاثا كريستي على قيد الحياة !!
يوسف ابو الفوز
الحوار المتمدن-العدد: 127 - 2002 / 5 / 11 - 08:56
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
نقلت وكالات الأنباء مؤخرا خبرا ، طبّلت له وسائل إعلام النظام العراقي ، والخبر عن استعادة أجهزة النظام العراقي المعنية ، وعن طريق وزارة الخارجية ، ومن بريطانيا قطعتين أثريتين سرقتا قبل عشر سنوات . ولا نود ان نتحدث هنا عن مصير وحال وطن سرق بكامله ، وعن مسؤولية السارق ورده بالحديد والنار على أصوات الحق ورفضه أي مطالبة برد الحقوق الى أهاليها ، بل نود هنا ان نتحدث عن مصير آثار هذا البلد وتردي أحوالها ، وتحديدا أثارة سؤال : من يا ترى المسؤول عن كل هذا الخراب الذي تتعرض له شواهد تأريخ بلد كالعراق ؟
ان سرقة الآثار من بلاد ما بين النهرين ، الذي شهد العديد من الحضارات الإنسانية التي ترجع أقدمها وهي الحضارة السومرية إلى 3700 قبل الميلاد ، كانت عملية تواصلت بأشكال مختلفة ، أبرزها الشكل الاستعماري وذلك بنهب ثروات العراق من الشواهد الأثرية ، وليس من خلاف حول أن ثمة أجنحة حالية كاملة في بعض من متاحف العالم تحوي آثارا عراقية لا تقدر بثمن . وعلى الرغم من كون هناك قوانين عراقية ، صدرت من مختلف الحكومات التي تعاقبت على كراسي الحكم ، بما فيها النظام الحاكم الحالي ، وتمنع هذه القوانين تصدير الآثار العراقية أو النفائس القديمة ومنها قانون يمنع تصدير وبيع لوحات فنانين متوفين ، وحدث ان نفذت أحكام قانونية مختلفة بحق من خرقوا هذه القوانين ، منها عمليات إعدام حصلت في أوائل عام 1998 لمجموعة حاولت تهريب راس ثور مجنح يعود الى العهد السومري بعد تقطيعه ، على الرغم من كل هذا إلا ان عملية بيع آثار عراقية في السوق السوداء خارج العراق ظلت عملية متواصلة ، وتتناقل وكالات الانباء وقائعها وفضائحها ، خاصة في العقود الأخيرة . ويشير هذا الى واقع صار يسوء يوما بعد أخر لا يمكن فيه صيانة وحفظ الآثار من النهب والسرقة ، ناهيك عن التقارير الصادرة من جهات علمية مختلفة ، بما في ذلك مؤسسات النظام العراقي نفسه ، والتي تحذر من المخاطر الجدية لعوامل التلف وضعف عمليات الصيانة التي تتعرض لها الآثار العراقية . ويتحدث المسؤولين العراقيين عن سرقة الآثار العراقية ويتباكون بكون السرقات تستهدف "جذور الأمة " ، ويجدون في شماعة الحصار الاقتصادي خير منقذ لتحميلها أسباب تلف الآثار العراقية وانخفاض مستوى الصيانة والحراسة ، لكنهم يتهربون من الحديث عن السرقات المنتظمة في سنوات حكمهم ، ويتجاهلون اعترافات المساهمين في هذه السرقات والتي تشير إلى من يقودها ويتستر عليها إلا وهم رجالات القصر من بطانة النظام ، والذين فاحت روائح التنافس فيما بينهم على سلب ونهب ثروات البلاد بدون أي واعز اخلاقي او شعور بالمسؤولية . السيدة
( هنريتا مكول ) ، الباحثة والاختصاصية في الآثار الشرقية ، والمشرفة على معرض
( اغاثا كريستي والآثار : غموض في حضارة الرافدين ) الذي نظم تشرين الثاني (نوفمبر) العام الماضي في لندن ، وفي حديث صحفي أشارت إلى حادث بليغ الدلالة ولا يمكن إلا ان يرسخ في البال ، قالت السيدة مكول: " هناك آثار يجري تهريبها من العراق إلى لندن لتباع في السوق السوداء ، وقد اشترينا بعضها واعدناها إلى العراق لقيمتها التاريخية ، إلا اننا فوجئنا بها تهرب من جديد إلى لندن " !! ، والسؤال هنا : يا ترى من هو القادر على مثل هذا الفعل ؟ هل يجرؤ على مثل هذا الفعل مهرب عادي ؟ ان لم يمكن من صفوت رجالات النظام ، ويكون مالكا لمفاتيح سحرية تمنحه القدرة على مواصلة العبث بتأريخ شعب والمتاجرة به في السوق السوداء ؟؟ ولو كانت السيدة اجاثا كريستي ، الكاتبة الشهيرة ، والمعروف عنها علاقتها الحميمة مع بلدان الشرق واثارها وولعها بالعراق الذي زارته وافردت له صفحات كثيرة في مذكراتها ، أقول ، لو كانت على قيد الحياة لربما دفعها تعلقها وحبها لاثار العراق التي الهمتها بعض من اشهر رواياتها البوليسية ، لكتابة واحدة من اسهل رواياتها البوليسية وستخالف فيها أسلوبها التقليدي الذي تدفع فيه القارئ الى التيه في سلسلة من الأحاجي والمفاجآت ثم لتفاجئه في اخر الصفحات بالمجرم الحقيقي الذي في كثير من الاحيان يكون بعيدا عن الشبهات ، أقول لو كانت السيدة أجاثا كريستي حية وتشهد ما تتعرض له اثار العراق لكتبت لنا رواية بوليسية يتم فيها الاشارة إلى المجرم الحقيقي من الصفحات الاولى !
#يوسف_ابو_الفوز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الامتحانات
-
الى الوراء … در!
-
قطار الموت
المزيد.....
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
-
نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا
...
-
-لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف
...
-
كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي
...
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|