سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر
(Sohel Bahjat)
الحوار المتمدن-العدد: 2252 - 2008 / 4 / 15 - 08:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كنت أُشاهد العراقية "مــباشر" فرحا مستبشرا، كان المذيع الطيب يتنقل بمايكروفونه الصغير بين أهالي مدينة السماوة، و كان يطرح بصوته الشجي ذلك السؤال اللذيذ الذي طالما حلمنا كعراقيين بسماعه:
ــ ما رأيك أخي المواطن بالأوضاع بعد مرور خمس سنوات من تحرير العراق.."؟؟ و كان ما أعجبني أكثر هو أولئك الناس الطيبون الذين لم يكن لهم همّ إلا إيصال صوتهم و شكواهم و حاجتهم الماسّة إلى الخدمات و العمل و رخص الأسعار و حلّ مشكلة السكن، تلك الشكاوي كانت ألذّ عندي من أي لحن أو أغنية، فهذا ما نحتاجه حقا، صحيح أنّ تلك المدن تعاني من كل هذه المشاكل، لكن هذه الثقافة "إزعاج المسئولين و الإلحاح في الطلب" هو الحل الوحيد للتغيير نحو الديمقراطية، و ما أروع ذلك الرجل السّماوي الذي قال:
ــ يا مسئولين إسمعوني زين .. إذا ما حليتم مشاكلنا ترى نرميكم على الرصيف، الانتخابات جاية و راح نصوت لغير ناس.."!! كلماته هذه كانت تعني فهما حقيقيا لـلبّ الديمقراطية و جوهرها، فما دمنا سنبدأ بإخافة المسئولين ـ كلّ المسئولين ـ بأننا سوف لن نصوّت لهم بلّ لآخرين، فإن ذلك سيعني حتما أن المسئول سيبدأ بالخوف على سلطته إذا لم يقم بأداء واجبه و أنّ المسئول يقع دوما تحت طائلة المحاسبة.
أعلم تماما أن الأوضاع ليست مثالية ثقافيا و اجتماعيا و من كل النواحي الأخرى، لكن هذه العقلية التي أخذت تتطور و تتقدم تُبشّر بالخير، و حينما شاهدت ذلك البرنامج المباشر تذكّرت تلك المقولات التي كان "وُعّـاظ السلاطين" يروِّجونها، بعضها كان يُنسب إلى الحجّـاج الثقفي و أحيانا إلى شخصيات أخرى، كانت هذه المقولات تدور حول شيء واحد: أنّ أهل العراق هم أهل شقاق و نفاق.. و أنّ العراقيين لا يرضون قطّ عن أي حاكم.. و أنّهم دائموا الشكوى لا يرضون عن الحاكم مهما أعطاهم.."!! كانت هذه الصفات التي كان وعّـاظ السلاطين يروّجونها على أنها "شتيمة"!! لا تعني إلا فضـــيلة في حقيقتها، فعدم الرضا و المطالبة الدائمة بالأحسن هي إحدى أهم صفات الشعوب الديمقراطية، خصوصا إذا كانت مطاليب الشعب كلّها معقولة و واقعية تنطلق من أرض غنية بالنفط و الأنهار و الزراعة، بالتالي من حقهم الطبيعي أن يحلموا بالعيش كسُكّان أي دولة مُرفهة مثل "أمريكا" و "الدول الاسكندنافية".
هذه هي فضيلة الديمقراطية، فباستطاعة الشعب دوما أن يُهدد الحاكمين بثورة "ديمقراطية" عبر صندوق الاقتراع بلا سلاح أو دم، ثورة عقلية تتم بدون أي عنف، على عكس الطريقة القديمة التي كانت الحكومة فيه مكانا للمغامرين و الحالمين بالثروة و النفوذ.
لديّ طلب وحيد من المرجعية في النجف و كربلاء، أن يعلنوا بصراحة أن الشعب حرّ في التصويت و أن لا أحد يملك حق استغلال اسم المرجعية في انتخابات محلية أو غير محلية.
فسلام إلى أهل الجـــنوب و إلى كلّ العراقيين الذين يعشقون الحرية و العدالة و المساواة.
Website: http://www.sohel-writer.i8.com
Email: [email protected]
#سهيل_أحمد_بهجت (هاشتاغ)
Sohel_Bahjat#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟