أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فهد راشد المطيري - الحرية بين الشرق والغرب














المزيد.....

الحرية بين الشرق والغرب


فهد راشد المطيري

الحوار المتمدن-العدد: 2251 - 2008 / 4 / 14 - 08:24
المحور: المجتمع المدني
    


لا أريد التحدث عن التفاوت في مقدار الحرية بين الشرق والغرب، فهذه مسألة تجريبية يمكن للقارئ التحقق منها بسهولة من خلال إجازة صيفية قصيرة، إنما أريد التطرق إلى اختلاف أساسي حول مفهوم «الحرية» بين الشرق والغرب، وهو اختلاف يساهم في فهم أسباب الإخفاق في قيام مجتمع مدني في أي بقعة جغرافية من المحيط إلى الخليج.
الحرية بمفهومها الغربي المعاصر تشير إلى منظومة من الحقوق المتعلقة بالفرد من حيث هو نواة للمجتمع، مثل حق الحياة وحق التعبير عن الرأي والمعتقد الديني وحق التملك، ومعظم الدساتير الغربية الحديثة تتضمن مبدأ الدفاع عن هذه الحقوق الفردية، فهي (أي الحقوق) بمنزلة الأساس الذي تقوم عليه الديموقراطيات الغربية، وهي أيضا بمنزلة المعيار الذي تقاس من خلاله مشروعية قيام أي حزب سياسي، الأمر الذي يفسر سبب حظر بعض الأحزاب الفاشية في الغرب! من هنا نستنتج أن مفهوم «الفرد» يشكل الحجر الأساس في تعريف معنى «الحرية» حسب القاموس السياسي الغربي.
الحرية بمفهومها الشرقي، وفي الثقافة العربية على وجه الخصوص، لاترتبط بالفرد بقدر ارتباطها بمجموعة من الأفراد، ذلك أن معنى الحرية لدينا يشير إلى قائمة من الحقوق المتعلقة بالأسرة أو القبيلة أو الدولة أو الدين. تمنح الثقافة العربية-الإسلامية مفهوم «الجماعة» الأولوية بالقياس إلى مفهوم «الفرد»، فجرائم الشرف تشكل مظهراً من مظاهر أولوية حقوق الأسرة على حقوق الفرد، بينما يعتبر حد الردة شكلا من أشكال أولوية حقوق الدين على حقوق الفرد! ولعل طغيان مفهوم «الجماعة» على مفهوم «الفرد» هو أحد الأسباب وراء انتشار تيارات سياسية من دون غيرها في الوطن العربي، مثل القومية والاشتراكية والإسلام السياسي، فهذه التيارات السياسية تشترك في إعلاء قيمة «الأمة» على حساب قيمة «الفرد».
عندما تسلّم «جمال عبدالناصر» الحكم في مصر، تأجلت المطالبة بحرية المواطن المصري إلى حين تحرير الأمة العربية كلها، وعندما استولى «الإمام الخميني» على السلطة في إيران، ضاعت المطالبة بتحرير المواطن الإيراني بين شعارات القضاء على بقايا الملكية وتصدير الثورة وتحرير الأمة الإسلامية بأسرها! صفة «القائد» ترتبط بالمحافظة على حرية الشعب، وصفة «الدكتاتور» تتعلق بانتهاك حرية الفرد، وعندما يقتصر مفهوم «الحرية» لدينا على الشعب من دون الفرد، يصبح من الطبيعي أن تجتمع صفتا «القائد» و«الدكتاتور» في شخص واحد! الدعوة إلى تحرير فلسطين، ومحاربة الإمبريالية والصهيونية، والحذر من الأطماع الخارجية، كلها شعارات نجحت في دفع الشعوب العربية إلى الاحتفاء بصورة «القائد» وغض النظر عن صورة «الدكتاتور»، ولكن الفهم العقيم لمعنى الحرية لدى هذه الشعوب ساهم في التسامح مع صورة «الدكتاتور» في سبيل المحافظة على صورة «القائد»!
مفهوم «الحرية الفردية» هو جوهر المجتمع المدني، فليس هناك مجتمع من دون أفراد، وليست هناك مدنية من دون حقوق فردية. بإمكاننا إنشاء وزارة كاملة تحت مسمى «وزارة حقوق الإنسان»، كما هي الحال في دولة المغرب مثلاً، ولكننا لانستطيع اتخاذ وجود مثل هذه الوزارة كدليل على ضمان الدولة لحقوق الإنسان! بالمثل، بإمكاننا إقامة المئات من منظمات المجتمع المدني، ولكننا لن نستطيع إخفاء حقيقة عدم وجود مثل هذا المجتمع! من السخف تقييم أداء منظمات المجتمع المدني من خلال حجم نشاطاتها الاجتماعية، فهذا المعيار ربما يصلح أن يكون مقياساً لمدى شعبية «ديوانية»، وأما التقييم الجاد لمنظمات المجتمع المدني فيكون من خلال معرفة مدى نجاحها في أداء وظيفتها، وهي وظيفة رقابية تهدف إلى حماية حقوق الفرد وصونها من سلطة الأسرة أو الدولة أو الدين!
ليس من العار ألا يكون للمتشرد منزل يؤويه، ولكن العار في الرفض المبدئي لفكرة المنزل! شاءت الأقدار ألا ينتمي مفهوم «المجتمع المدني» إلى ثقافتنا العربية، ولكن لا ينبغي أن تثنينا هذه الحقيقة عن المحاولة في وضع حجر الأساس لمجتمع مدني عربي يعلي من شأن الفرد وكرامته، رغم التقاليد ورغم الطقوس! ربما تطلّب بناء مثل هذا المجتمع مئات السنين، ولكن عدم المحاولة سيتطلب الدهر كله! استغرق بناء كاتدرائية «دوومو» في قلب مدينة «ميلانو» خمسة قرون، فكم من الأجيال أفنت حياتها في تشييد بناء لم تتمكن من مشاهدته، ولكن ها هي «دوومو» تقف اليوم شامخة في سماء «ميلانو»، تذكّر أجيال اليوم بإخلاص أجيال الأمس!



#فهد_راشد_المطيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آفة الطاعة وأنواعها
- خرافة علم الأنساب
- تشويه المفاهيم الغربية
- انحسار الخطاب العلماني
- العدل والديمقراطية
- الثنائية المزيفة: إما حكم الأغلبية...وإما حكم الأقلية
- الوطنية و حلبة الصراع من أجل السلطة
- الديمقراطية و استبداد الأغلبية
- حوار في الدين و السياسة و التعليم
- الرقابة في عصر -الأنوار- الإسباني
- نقد العقل الجبان
- التفكير النقدي: طريق الخلاص
- الأفكار الجديدة و التقاليد الموروثة
- المثقف بين الطموح و تسويق الذات
- ماذا أقول له؟
- شعوب تحدق في السماء
- لا حاجة إلى حوار بين الأديان
- أسطورة بابا نويل
- زمن ولىّ و أثر باقٍ
- قراءة في محاضرة بابا الفاتيكان


المزيد.....




- عودة النازحين السريعة إلى بلداتهم.. رسالة إيمان ونضال
- اليونيسيف: وضع شمال قطاع غزة في غاية الصعوية والمأساوية ويزد ...
- اليونيسيف: وضع شمال قطاع غزة في غاية الصعوبة والمأساوية ويزد ...
- اليونيسيف: 30% من أطفال قطاع غزة يعانون من سوء التغذية الحاد ...
- اليونيسيف: 2500 طفل في قطاع غزة بحاجة الى اجلاء طبي عاجل
- اليونيسيف: 95% من المدارس التي تؤوي نازحين بقطاع غزة دمرت بش ...
- جيل دوفير.. ماذا نعرف عن مهندس مذكرات اعتقال نتنياهو وجالانت ...
- كم تنفق مصر على اللاجئين على أراضيها؟
- البرد وغرق الخيام يفاقمان معاناة النازحين بمخيم جباليا
- الأونروا: إسرائيل أحبطت 91 محاولة أممية لإيصال المساعدات للم ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فهد راشد المطيري - الحرية بين الشرق والغرب