أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - اسماء محمد مصطفى - اطفالنا والعنف .. الذاكرة المخدشة














المزيد.....

اطفالنا والعنف .. الذاكرة المخدشة


اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة

(Asmaa M Mustafa)


الحوار المتمدن-العدد: 2251 - 2008 / 4 / 14 - 10:25
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


ابنتي .. بحيرة صافية يسبح فيها القمر ، كأي طفل بريء ..
ابنتي تنوح من شدة الصدى .. صدى طرقات الشبابيك الراجفة والابواب المترنحة ..
ابنتي التي تبلغ الرابعة تصرخ قائلة .. أمي .. هذا انفجار ..
من علّمك ِ تهجي هذه الكلمة ؟!
من انساك غناء الأطيار في عالم مجنون ؟!
ابنتي بحيرة صافية تعكرها احجار العنف ..
أحكي لها حكايات الاميرات الجميلات ، وتردد بعفوية وبلكنتها الطفولية بعض المفردات التي تسمعها في نشرات الاخبار السوداوية..!!
قصصت عليها حكاية وجدتها في مجلة للاطفال ، وكانت ذات منحى توجيهي .. قلت لها بكلمات بسيطة : كان هناك طفل يعبر الشارع من غير أن ينظر الى جانبي الطريق تحسباً لسيارة قد تكون قادمة .. مرّت سيارة فصرخ به السائق ان ينتبه ، ثم عبر الطفل الشارع بسلام .. بعد انتهائي من قص الحكاية عليها طلبت منها ان تحكيها لي .. فسردت الحكاية على النحو الآتي وبلهجتها الطفولية المحببة :
كان هناك طفل يعبر الشارع ( ضربوه طلقة ) ( وتقصد اصابوه باطلاقة نارية )!
طلبت منها إعادة سرد الحكاية كما حكيتها لها ، قالت : كان هناك طفل يعبر الشارع .. صار انفجار ومات !!
طلبت منها ثانية اعادة سرد الحكاية كما حكيتها ، فقالت : كان هناك طفل يعبر الشارع .. أجوي الامريكان ضربوه طلقة !!
لنتأمل الصورة المأساوية التي تختزنها طفلتي ، وهي ليست صورة محفوظة في ذهنها وحدها ، بل في اذهان كل اطفال العراق ممن اعتادوا الانفجارات ، وشهدوا احداث العنف وسمعوا احاديثنا عنها في بيوتنا ، وسمعوا معنا نشرات الاخبار ، فتلقفوا منها تلك المفردات ، وحفظتها ذاكراتهم ، ولايخفى على احد إن ذاكرة الاطفال طرية تحفظ ولاتنسى .. وقلوبهم زجاجية شفافة تكسر بسرعة مع أضعف ضربة .. فما الذي ينتظر صغارنا حين يكبرون على الهم والقهر والعنف .. هل سيدركون معنى اللطف والوداعة وهل سيفهمون حقوق الانسان ؟
هل سيشعرون بالفرح ، وإن افهمناهم ان العنف خطأ ، ولايرتكبه جميع الناس ؟ وإن الحق هو المنتصر ، ويتمثل بمن يحب الناس ولايقتلهم ؟
وماذا عن الاطفال الذين يلعبون ألعاباً قتالية طائفية !! يتقمصون ادواراً مقيتة تدل على الطائفية ؟! ماذا عن هؤلاء ؟ من ينتشل اذهانهم وذاكراتهم من الصورة البغيضة التي وجدوا انفسهم داخل اطارها مرغمين ؟؟
ليس الامر هيناً ، ويستحق الاهمال ، بل به حاجة الى اهتمام المجتمع وبشكل جاد ، لكي لايتفاقم شعور ابنائنا بالقهر ، وتتشح ذاكراتهم بكل ماله بالعنف من صلة ..
اذن، هي دعوة صادقة من قلوب الأمهات والآباء العراقيين الى المؤسسات التربوية والتعليمية والاكاديمية والمراكز المتخصصة في المشاكل النفسية والاجتماعية ، وكذلك المؤسسا ت الاعلامية للنظر بعين الاهتمام الى اطفال العراق المبتلين باحداث العنف ، بشكل غير مسبوق .. صحيح انهم عرفوا الحرمان من جراء الحصار والحروب ، وظهرت لدينا ظاهرة تسول الاطفال وعملهم في الشوارع والاسواق ، صحيح ان الكثيرين منهم عرفوا معنى فقدان الآباء ، ومعنى الجوع ، لكنهم اليوم يعانون اكثر ، فأستمعوا الى اصداء صرخاتهم ، والى أنينهم ، والى همساتهم الخافتة في ليالي الخوف وأصبح اللاجدوى ..
امسكوا باياديهم ، لاتدعوهم يغرقون في هذاالبحر الغادر .. وعلينا نحن الاهل،ايضا، ان نفعل شيئا ، لنحمي ذاكرات اطفالنا من هذا الزحف العنفي القاتل .. لأننا لانريد مستقبلاً بشعاً لهم لاتحلق في فضاءاته الاطيار أو لا يبتسم القمر على وجه ماء بحيرته الصافية.



#اسماء_محمد_مصطفى (هاشتاغ)       Asmaa_M_Mustafa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خمس سنوات من الغرق في السعادة والرفاهية ..!!
- غارة نسائية : المبدعة وأنيابهم
- هروب المرأة الفراشة الى الحرية
- قصة قصيرة هواجس صاخبة
- قصة قصيرة صبي الاشارة الضوئية
- ميزانيات انفجارية ، لكن في الهواء !!
- وداعاً.. ايها الشهاب
- الفقراء يدفعون الثمن دائماً !
- شاطئ الورد..شوهته المفخخات!!
- قبلة قبل الموت
- الفرح في وطنٍ مُغتصَب .. مسروق .. مجروح ؟!!
- وطني .. ابكي عليك
- الفصول لاتشيخ
- حال الدنيا : اكذوبة حرية التعبير
- حال الدنيا : غربة
- الدنيا حب وحرب : غربة
- قصة قصيرة : اسوار الجميلة النائمة
- اعمار النفوس .. طريق الخلاص
- بلاء كل يوم
- مغادرة الطفولة بالقوة


المزيد.....




- الحرب بيومها الـ413: قتلى وجرحى في غزة وتل أبيب تبحث خطةً لت ...
- الجامعة العربية ترحب بمذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت
- اعتقال حارس أمن السفارة الأميركية بالنرويج بتهمة التجسس
- الأونروا: النظام المدني في غزة دمر تماما
- عاصفة انتقادات إسرائيلية أمريكية للجنائية الدولية بعد مذكرتي ...
- غوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
- سلامي: قرار المحكمة الجنائية اعتبار قادة الاحتلال مجرمي حرب ...
- أزمة المياه تعمق معاناة النازحين بمدينة خان يونس
- جوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
- العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا بشكل رسمي


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - اسماء محمد مصطفى - اطفالنا والعنف .. الذاكرة المخدشة