أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سندس جليل العباسي - الله.. بين ذيل البقرة وذيل الحصان















المزيد.....


الله.. بين ذيل البقرة وذيل الحصان


سندس جليل العباسي

الحوار المتمدن-العدد: 2250 - 2008 / 4 / 13 - 07:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


انتشرت في الآونة الأخيرة وبشكل لافت للنظر ظاهرة الصور ومشاهد الفيديو على مواقع الانترنيت وفي محلات بيع الأقراص المدمجة.. تتحدث عن المعجزات المتمثلة بقدرة الله على الانتقام والغضب، الى جانب ابتهالات و أدعية موسومة بعناوين تبشر المسلمين بان غضب الله وانتقامه آت لا محالة، مستهليها بأسماء الله كالجبار والمتكبر والقهار والمذل والمقيت والمسيطر والمميت والضار متجاهلين عن عمد أسماءه الأخرى الداعية الى الرحمة والرأفة كالرحمن والرحيم والسلام والغفور والرؤوف.. فبركة صور لنباتات وحيوانات ترسم عليها لفظ الجلالة أو اسم النبي محمد (ص)، أو فبركة صور أو خيالات في العقول المريضة لرؤية اسم الجلالة على سطح موجة بحر أو على جلد بقرة!!..الخ .. وكأن الله يعجز عن إبراز قدرته إلا بالاستعانة بتلك الخرافات.. أو كأن الله يحتاج الى تلك الدلالات لاثبات وجوده وقدرته..
عند مشاهدتك لتلك الأشرطة والصور ستبرز أمام ناظريك مشاهد مؤلمة لأطفال واجنة وحيوانات مشوهة أو صور لبعض الأماكن أو لطرق عامة قد خسفت بمن فيها وظهرت كفجوة كبيرة ترهب الرائي البسيط...
وبغض النظر عما إذا كانت تلك المشاهد والصور حقيقية أم مفبركة، إلا إنها تنم عن تشفي وحقد وضغينة شرقيين.. الجاني هنا هو الله جل وعلى، وهو الذي يضرب ويشوه ويخسف ويقتل هؤلاء ليس بجريرة ظاهرة بل لمجرد انهم من سكان هذه الأرض التي غدت كالعجوز المريضة تنوء بأحمالها ونتانتها..
بالطبع كل تلك الصور والمشاهد ليست سوى ترهات وأكاذيب وتجني على الله سبحانه.. ولو أراد الله أن ينتقم من كل من تطاول أو قذف به وبكتبه وأنبياءه أو عبد آله غير الله أو ترك دين الإسلام، لوجب عليه إحراق دول كثيرة كالهند لعبادتها البقرة ولخسف الأرض بالصين لعبادتها بوذا... أو على الأقل لرفع من شأن المسلمين وقلل من شأن أعدائهم .. وما هذه الفبركات والأحاديث إلا استخفاف بعقول العرب والمسلمين الذين استمرأوا الجهل والخرافة والأسطورة على مر التاريخ ..
تلك الصور عادت بذاكرتي المتعبة الى العواصف الرملية التي شهدها العراق أبان الحرب الأخيرة التي انتهت بسقوط صدام والتي أخرت زحف الأمريكان اتجاه بغداد أياما معدودة ليس إلا .. روج بعض مشايخ الإسلام البعثي أن تلك العاصفة إنما تحمل جند الله جاءوا لمساعدة المجاهدين!! بعض العراقيين والعرب وباقي المسلمين يتقبلون تلك الحكايات عن قناعة دون محاكمة لعقولهم الخاوية التي اعتادت الخرافة والأوهام والبطولات الأسطورية.. فمن المعلوم أن الصحراء والأراضي القاحلة تشكل اكثر من نصف العراق وهو بلد مجاور لبلدان جلها صحراء قاحلة.. وبالتالي فان العواصف الرملية خلال شهر آذار ونيسان تعتبر من الظواهر الطبيعية التي تمر بالعراق والمنطقة منذ دهور قبل وبعد واثناء الزحف الأمريكي .. وكذلك يتداول البعض صور لعناكب كبيرة قيل إنها ساهمت في المعركة ضد الأمريكان !! الكل يعلم أن تلك العناكب تكثر في المناطق الصحراوية القاحلة وبالتالي ستبحث عن الطعام بمجرد وصول أي زائر سواء كان مسلما أم بوذيا أم .. فهي ليست سوى كائنات تبحث عن سبل البقاء.. أما بالنسبة لترهات انخساف بعض الأماكن والطرق وزلازل وبراكين تضرب دول العالم الإسلامي وغير الإسلامي!! فهناك أسباب علمية كثيرة وراء تلك الظاهرة، أولا وقبل كل شيء إنها تحدث منذ آلاف إن لم نقل ملايين السنين، إذ أوضح الكثير من العلماء إنها تحدث نتيجة لتآكل التربة من الأعماق مما يؤدي الى تهرأ و ذوبان القشرة بفعل المياه مما يؤدي الى تخسفها وعمل فجوة في ذلك المكان أو تلك المنطقة مسببة أحيانا فجوات كبيرة ... وبالتأكيد أن حدوث تلك التخسفات هو ظاهرة علمية بحتة لا علاقة لها بانتقام السماء .. و ليست نتيجة لغضب الرب وانتقامه من سكان تلك البقاع .. فتطور وسائل الأعلام المرئي والمسموع والمكتوب هو الكفيل بنشر أية أخبار مهما كانت تافهة.. وان عدم سماعنا بها من قبل لا يبرر عدم وجودها.. حدث ذلك من قبل ويحدث اليوم في كثير من بقاع المعمورة.. في دول إسلامية وغير إسلامية.. فقد حدث ذلك قبل سنوات في جواتيمالا والمكسيك وهما دولتان فقيرتان نسبيا ولا تتمتعان بأية موارد طبيعية تتناسب وعدد سكانها.. وهذا ليس من شيم القدير العزيز أو انتقام القوي ..أما التشوهات الخلقية فهي تشوهات جينية حدثت منذ الأزل وما زالت تحدث نتيجة لخلل في الكروموسومات أو الحامض النووي DNA و أسباب علمية أخرى غيرها.. و إلا ما ذنب الأطفال أو الحيوانات ليصب الله غضبه عليها؟! ... علما أن تلك الظواهر و التشوهات موجودة أيضا في النباتات وليست مقتصرة على الإنسان أو الحيوان..
منذ الصبا والكثير من الأسئلة تساورني عن معاني كثيرة تتعلق بعالم الغيب كالجنة والنار وعذاب القبر ونعيمه وقرأت العديد من الكتب التي تتحدث عن الفتن والملاحم والدجال وأوصاف المنقذ المنتظر وأحوال الجان ومراتبهم الى آخر تلك الكتب التي لا طائل من ورائها إلا البحث عن السراب .. ولطالما تساءلت عن مدى جدية تلك الكتب.. لم ولن اصل الى قناعة ولو بسيطة بتلك الأوهام والخرافات المسطرة في كتبنا التاريخية الخاوية .. بيد أن ما آلمني و أرهقني هو اطلاعي على كتب وخطب لا تتحدث إلا عن جبروت وبطش ومكر الله والشرائع غير المرنة التي تصل أحيانا الى حد التعجيز.. وأظل ألف وأدور متسائلة في نفسي مرات و مرات، ترى هل ينبغي أن لخالقي أن يكون بهذه القسوة ؟؟!.. ذلك الخالق الذي طالما كنت أتحدث أليه ويتحدث الي في أوقات عجزي ومحنتي وغبطتي فاجده دائم التواصل محب للمساعدة وفعل الخير حتى مع أقسى العباد.. هل حقيقة أن هذا الآله المتسامح والغفور سيضعني في النار لاني لم ارتد الحجاب أو لم افعل كذا وكذا أو أتوانى في صلواتي أو اغفل عن بعض قواعد الوضوء؟!!... اعتدت أن اقضي ليال أفكر ترى كيف سيكون مآلي في المستقبل وأنا أتعايش كل يوم مع أناس يفكرون بتكفيري أو قتلي لاني خالفت أو ناقشت ما يعتبرونه غير قابل للنقاش ... كانت والدتي رحمها الله تحكي لي قصص كثيرة على الرغم من كونها لاتعرف القراءة والكتابة عن الله الغفور والرحيم والرؤوف الذي ينظر ألي ليس لكوني مؤمنة به وبتعاليمه بل أولا وقبل كل شيء ينظر الى أعمالي وقدرتي على فعل الخير للآخرين المحتاجين.. واعتادت أمي أن تتجنب الحديث عن الله المتغطرس والمتكبر والمنتقم والمميت ... لأنها تريدني أن احبه لا أن أخافه .. ومن تلك القصص التي بقيت ذاكرتي محتفظة بتفاصيلها، هي أن النبي إبراهيم عليه السلام اعتاد على أن يشعل نارا على مرتفع ليرشد التائه الى مكانه كي يستضيفه ويطعمه.. وفي إحدى المرات جاءه ضيف وكان متعبا جائعا فدعاه النبي الى الإيمان بالله الواحد فلم يقتنع الضيف، فخيره النبي بين أن يؤمن وبذلك يستطيع أن يتناول طعامه وان لم يؤمن فهو لا يطعم كافر .. فأبى الضيف ذلك وترك المكان، فنزل جبرائيل عليه السلام وقال لإبراهيم إن الله يسألك لماذا تركت عبدي جائعا؟؟ فرد النبي إبراهيم انه لا يؤمن بالله، فجاء رد الله سريعا: من خلقه أنت أم أنا ؟؟ أنا الكفيل به، وما يضرني أن عبدني أو لم يعبدني، فان آمن بي فلنفسه وان لم يؤمن فعليها وحسابه يوم القيامة، أني لم أرسلك قاضيا لتحكم وتحاسب باسمي بل رسولا تبشر بي ليس إلا، وما على الرسول إلا البلاغ المبين... وما أدري صدق تلك الحكاية، إلا أنى استمرأتها في حينها بسهولة..
هناك قول عربي وان يكن مستمد من العهد القديم يقول ((إن الله خلق الإنسان على صورته)) .. والاصوب أن يقال العكس بان الإنسان خلق الآله على صورته بكل تناقضاته وسلبياته وإيجابياته وغرائزه... إذ نلاحظ أن أغلب الديانات السماوية تقدم لنا الله ككائن مستبد, سريع الغضب والانتقام ,عديم الشفقة, شديد التوق الى أن يعبد ويسبح بحمده.. وفي هذا الصدد ذكر الكاتب والمفكر الإيراني علي الدشتي في كتابه (23 عاما من الهجرة) ((أن أهل البلدان التي تتسم بالبداوة يصنعون الله وفق صفاتهم هم ككائن صنعي عرفي، وان إيمانهم بوجوده يستند الى إيمان وضعي محسوس)) وهذا الكلام فيه جانب كبير من الصحة، إذ إن الأعراب يتميزون بأنهم ذوي مزاج متقلب لا يلبث بيت من الشعر أن يستثير فيهم الغضب.. ومع كون الأعراب ليسوا ميالون بطبعهم نحو التأمل والتفكير، تراهم لا يتوانون عن الافتخار بالصفات السيئة بما في ذلك نقاط ضعفهم بل وجرائمهم وخشونتهم ومكرهم وكانوا من الجهالة حد الوقوع فريسة سهلة للوهم والخرافة، فهم مهيئون دائما لرؤية شيطان يترصد بهم خلف كل صخرة أو شجرة.. وما كانوا يتصفون به من صفات أعاروها لله، فلا يكون إلها إن لم يذل ويقهر ويميت ويمكر ويضر ويستبد وينتقم من معارضيه ومخالفيه .. ووضعوا تحت تصرفه قطيع من البشر ونعتوها بعدة صفات (جند الله ,حزب الله, ثأر الله, آية الله, حجة الله...)), وكأن الله سبحانه ليس سوى شيخا هرما يحتاج الى من يدافع عنه وينصره لانه لم يعد قادرا على نصرة نفسه.. لذا اصبح العنف سمة رئيسية ألصقت بهم أو الصقوها هم بأنفسهم، وهي ذات الصفة التي الصقها اليهود به في توراتهم في سفر اشعيا إذ يقول الرب ((هاأنذا بزجري أجفف البحر واجعل الأنهار قفرا وينتن سمكها بعدم الماء ويموت من العطش, البس السماوات سوادا واجعل كسوتهن المسح...)).. أما المسلمون، فقد وضع فقهاء (الويل والثبور) وأئمة (الردة) ودعاة (القطيعة) لكل من يخالفهم في الرأي حدودا للقتل والنحر والنهب ونعتهم بالمرتدين، مع العلم أن الردة ليست في نظري سوى اختلاف في وجهات النظر والمصالح، بدليل ليس لها حدود في القران، فقد أشار القران في اكثر من آية بان الله في غنى عن المرتدين، دون أن يضع لهم عقوبة في الدنيا بل في الآخرة فقط، ومن الآيات التي تشير الى ذلك:
1- " يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين" المائدة /54
2- " ومن يرتد منكم عن دينه فليمت وهو كافر" البقرة/217
3- " فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما انت عليهم بوكيل" يونس/ 108
4- " فاعبدوا ما شئتم من دونه" ق/54

وعليه، أدعو كافة الاخوة المتبصرين والمطلعين على تلك الترهات أن يقفوا موقفا حازما اتجاه اللعب بعقول أبناءنا وإخواننا من قبل ثلة من المشايخ ارتضت الضحك على عقولنا، بالتبشير بالخوف تارة والويل والثبور تارة أخرى.. لنضع حدا لتلك الترهات وننقذ ما استطعنا إنقاذه من الأجيال التي قد تقع فريسة في فخ هؤلاء الأشرار..



#سندس_جليل_العباسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معتصمون وعاصون رغم انوفهم
- مولاي الجليل.. لا تقتلوا الامام الحسين مرتين..
- الابداع ومعاول الفقهاء المعاصرين
- في بيتنا هبل واللاتي والعزة...!!
- رعاة وقطيع من نساء
- مسيرة مارثونية مليونية لانفاذ اطفال العراق
- الكرامة والشهامة في ميزان الحضارة
- من له إذنان صاغيتان فليسمع، أين حقي؟
- كي تتعلم وتفهم
- ابو الهول أكثر صخبا من برلمانياتنا


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سندس جليل العباسي - الله.. بين ذيل البقرة وذيل الحصان