أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كريم الهزاع - فلسفة الفرح














المزيد.....

فلسفة الفرح


كريم الهزاع

الحوار المتمدن-العدد: 2250 - 2008 / 4 / 13 - 07:36
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لم يكن سبينوزا يطرح على نفسه هذا السؤال: ماذا يجب أن أفعل؟

وإنما: ماذا يجب أن أفعل كي أفوز بالسعادة؟

ولن نحيد عن الصّـواب إذا عرّفنا الأخلاق السبينوزية بأنها أخلاق السعادة، وفلسفته بأنها فلسفة الفرح، باعتبار أن الطرح الأخلاقي لقضية الفرح والسعادة في كتاب علم الأخلاق، لايخرج عن نطاق التساؤل الآتي: «كيف أضمن لنفسي أكبر عدد من انفعالات الفرح وأقل عدد من انفعالات الحزن؟».

لذت في عزلتي أبحث في حواري الداخلي عن إجابة ولو كانت مؤقتة، حيث رأيت أن أكثر الأحداث تواترا في حياة الناس، تلك التي ينظرون إليها، مثلما يستخلص من أعمالهم كلها، على انها الخير الأعظم، إنما هي تنحصر في ثلاثة: الثراء والمجد واللذة الحسية، وهي تشغل الفكر عن التركيز على أي خير آخر؛ فالنفس تتعلق باللذة كما لو كانت قد وجدت الخير الذي ترتاح إليه، فتكون عاجزة إلى أقصى حد عن التفكير في خير آخر؛ ومن جهة أخرى، يتلو المتعة حزن شديد يربك الفكر ويضعفه ويثبطه؛ أما السعي إلى الثراء والمجد، فهو لايشغل الفكر أقل من اللذة؛ ولا سيما السعي إلى الثراء، إذا كنا نبحث عنه لذاته، لأنه سيظهر آنذاك. بمظهر الخير الأعظم؛ وأما المجد، فهو يشغل الفكر ويصرفه عن كل شيء آخر، لأننا ننظر إليه في الغالب على أنه الخير بذاته وعلى أنه الغاية القصوى التي ترمي إليها جميع أعمالنا. ثم إن الثراء والمجد لايعقبهما الندم، مثلما الحال بالنسبة إلى اللذة؛ بل على العكس من ذلك، كلما زاد فوزنا بأحدهما، زاد شعورنا بالفرح، وزاد بالتالي دأبنا أكثر فأكثر على مضاعفتهما؛ لكن لو شاءت بعض الظروف أن تخيب آمالنا، لانتابنا آنذاك حزن شديد. وأخيرا فإن المجد يقف هو الآخر حائلا كبيرا، لأن الفوز به يقتضي من المرء أن يوجه حياته وفقا لما يراه الناس، أي أن يتجنب ما يتجنبوه عموما وأن يسعى إلى ما يسعون إليه، ولدينا فعلا أمثلة عديدة عن أشخاص عانوا الاضطهاد والموت بسبب ثرواتهم، وأيضا عن أشخاص عرضوا أنفسهم لمخاطر عديدة سعيا وراء الكسب والمال، فكلفهم جنونهم حياتهم. وليس أقل منهم عدد الأشخاص الذين عانوا الأمرين بسبب سعيهم إلى بلوغ المجد أو الاحتفاظ به. وأخيرا لايحصى عدد أولئك الذين عجل حبهم المفرط للذة موتهم. ويبدو أن هذه الشرور متأتية عن توقف سعادتنا وبؤسنا على نقطة واحدة هي: بأي شيء تربطنا عاطفة الحب؟ فالشيء غير المحبوب لن تنشأ حوله خصومة؛ فلو هلك هذا الشيء، ما شعرنا بالحزن؛ ولو أصبح بحوزة غيرنا، ما حسدناه عليه وما شعرنا لا بالخوف ولا بالكراهية، وبإيجاز، ما حصل في أنفسنا أي اضطراب. وعلى العكس من ذلك، تكون جميع هذه الانفعالات من نصيبنا إذا كان موضوع حبنا الأشياء الفانية، كالأشياء التي تحدثنا عنها سابقا. أما إذا أحببنا شيئا أزليا لا متناهيا، فحبنا هذا سيملأ أنفسنا بهجة خالصة من كل حزن، فيكون خليقا بأن نرغب فيه ونشتاق إليه بكل قوانا. بيد أني لم أكتب عبثا الكلمات التالية: لو فكرت فقط مليا بالموضوع. إذ مهما كان إدراكي لما تقدم إدراكا واضحا، فإني لم أستطع بعد أن أتخلى تماما عن الخيرات المادية وعن الملذات والمجد ولكن سبينوزا يقول في كتابه «رسالة في إصلاح العقل»: «لا مضرة في الكسب واللذة والمجد ما لم تكن رغبتي في هذه الأشياء لذاتها وطالما نظرت إليها على أنها وسائل في خدمة غاية أخرى».

وفي هذا المنحى لابد قبل كل شيء من التفكير في وسيلة لشفاء العقل وتطهيره قدر الإمكان حتى يوفق في إدراك الأمور على أحسن وجه ودونما خطأ. مع كل ما سبق يظل السؤال يطرح نفسه في وسط هذا التشظي والركام البشري والقهر: -كيف نصنع الفرح؟



#كريم_الهزاع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يمنحنا أجنحة للطيران؟
- أوغست كومت بعد قرن ونصف من رحيله
- بهجة الاحتضار ومراوغات الجثة
- الإرادة : حينما لا أجد شيء يقلقني فهذا بحد ذاته يقلقني
- خطوة في التوجس . خطوة في اليقين


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كريم الهزاع - فلسفة الفرح