أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعد هجرس - الحجاب- الفرنسى .. و-النقاب- الأمريكى!















المزيد.....

الحجاب- الفرنسى .. و-النقاب- الأمريكى!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 698 - 2003 / 12 / 30 - 04:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بعد أن كان المصريون والعرب يرفعون شعار "الاستقلال التام أو الموت الزؤام" فى عصر ازدهار حركة التحرر العربى ومقاومة الاستعمار بكل صوره وأشكاله ..
أصبح شعارهم المفضل فى عصر الانبطاح واجترار الادعاءات التافهة والمتهافتة التى تبرر للإمبراطورية الأمريكية عدوانها الشامل عليهم وعلى ترابهم الوطنى وثقافتهم القومية هو "الحجاب التام او الموت الزؤام".
وليس فى هذه المفارقة الكاريكاتورية ذرة من المبالغة . فها هم المصريون والعرب قد شاءوا أن يختتموا عام 2003 بإعلان الحرب على فرنسا ، لا لشئ إلا لأن الرئيس شيراك أعلن عن تدابير تتعلق باحترام مبدأ العلمانية فى بلاده ، من بينها حظر المجاهرة بأى علامات دينية فى المدارس الحكومية ، تشمل القلنسوة اليهودية والصليب المسيحى والحجاب الإسلامى .
وليس المهم هو تقييم إعلان الرئيس شيراك ، بالاتفاق أو الاختلاف معه .. فهو موضوع قابل للجدل بطبيعة الحال.
المهم حقاً هو الشكل العصبى الذى أخذه رد الفعل العربى.
فنجد أولاً أن معظم الكتابات والتعليقات والمواقف التى اتخذت بهذا الصدد انطلقت من معلومات غير دقيقة وروجت لاستنتاجات مجافية للحقيقة .
حيث تم تصوير الأمر وكأن المقصود به هو الحجاب الاسلامى فقط فى حين أنه يشمل كل الرموز الدينية ، إسلامية أو يهودية أو مسيحية.
كما زعم الكثيرون أن القرار يعنى حظر ارتداء الحجاب فى فرنسا بصورة عامة ، وهذا أيضاً غير صحيح لأنه يقتصر على المدارس والمعاهد الإعدادية والثانوية الحكومية فقط. أى لا ينطبق إلا على التلميذات اللائى لم يتجاوزن سن الثامنة عشرة تقريباً، ولا يسرى بالتالى على الحياة العامة فى الشارع وغيره من الأماكن العامة وأماكن العمل ، بل إنه لا يسرى أيضاً على التلميذات فى المدارس الخاصة أو الجامعات.
فإذا وضعنا فى الاعتبار أن الشريحة الموجودة التى نتحدث عنها لسن كلهن أو معظمهن من المحجبات ، فاننا نجد أن القضية تتعلق بأقلية من الفتيات المسلمات الأقل من 18 عاماً وأثناء ساعات الدراسة فقط.
وإذا كان قرار الرئيس شيراك ليس فوق مستوى الجدال فان الطريقة العصبية المبالغ فيها لتناول هذا القرار فى الأوساط المصرية والعربية تثير الحيرة.
فكأن المصريين والعرب المعاصرين لا يرون شيئاً مهماً فى الدين الإسلامى يستحق الغيرة والثورة سوى "الشكل" ، مثل الحجاب .. مع أن هذا الشكل ليس هو الأساس بأى حال من الأحوال فى ديننا الحنيف الذى يصر بعضنا على اختزاله فى مظاهر سطحية.
وكأن العرب والمسلمين لا يواجهون تحديات كبرى تكاد تعصف بوجودهم ذاته ، سوى الاعتداء على حجاب بضعة مئات أو آلاف من الفتيات المسلمات المقيمات فى فرنسا.
وكأن ملايين الفتيات والنساء المسلمات لا يسرن فى الشوارع العربية بدون حجاب.
وكأن القوانين فى عدد من البلاد العربية لا تحظر العلامات الدينية ، ومنها قوانين المرور فى مصر التى تحظر وضع أى علامات دينية على المركبات العامة أو الخاصة.
كل ما سبق يبين النفاق فى الحملة العصبية التى تؤجج نيرانها كثير من الدوائر العربية ضد فرنسا ، وكأن فرنسا هى التى تحتل العراق وفلسطين، فى حين أنها إحدى الدول التى تعارض – بدرجة ما – السياسة الإمبراطورية الأمريكية ، والسياسة العنصرية الاستعمارية الاستيطانية الإسرائيلية.
وهذا يبين العمى السياسى لتلك الدوائر التى تغذى حملة "الحجاب" كما تبين نفاقها.
والنظرة المتفحصة لهذه الحملة العمياء تؤدى بنا إلى اكتشاف أن معركة الحجاب تلخص المشهد العربى عام 2003. فهى فى حقيقة الأمر ليست معركة من أجل الحجاب "الدينى" ، وإنما معركة لفرض حجاب سياسى زائف على واقعنا المتردى.
حجاب للتستر على المعتدين الحقيقيين الذين ينتهكون السيادة الوطنية والقومية ويحتلون التراب الوطنى ويشنون حرب إبادة ضد شعبين عربيين ويهددون باقى العرب بالويل والثبور وعظائم الأمور اذا لم يرفعوا الراية البيضاء ويدخلوا بيت الطاعة الأمريكى والإسرائيلى .
حجاب للتستر على المشاكل الحقيقية التى يواجهها العرب ، وفى مقدمتها مشكلة الاصلاح السياسى والديموقراطى ، والاصلاح الاقتصادى الجاد الكفيل بكسر طوق التخلف والتبعية والفقر المستشرى ، والاصلاح الثقافى والفكرى الذى يعيد الاعتبار لفكرة المواطنة ويمحو وصمة الأمية وفجوة المعرفة الرهيبة.
كل هذه القضايا الحقيقية ، وليست الوهمية ، نخفيها وراء "الحجاب" الفرنسى !
والأعجب أن هذه "الشراسة" التى تبديها الدوائر المصرية والعربية التى تؤجج نيران حملة الحجاب ، لا نجد عشر معشارها أمام عنجهية الإسرائيليين وبلطجة الأمريكيين فى الأمور الجدية ، بل نجد نفس هذه الدوائر تنصحنا بـ "التعقل" و "الواقعية"         و"ضبط النفس" .. لكنها فى معركة الحجاب لا تقبل بأقل من إعلان الحرب على فرنسا!!
والملفت للنظر – حقاً – أن الإدارة الأمريكية ، والحكومة البريطانية ، بالذات عملتا على تأجيج هذه المعركة ، بإعلان معارضتها لقرار شيراك ووصفه بأنه مناهض لحرية العقيدة رغم أنهما – بالذات – هما اللتان شنتا حرباً "صليبية" على المسلمين ، بنص تعبير جورج بوش نفسه ، كما أن الإدارة الأمريكية بالذات قد تطاولت على الإسلام والمسلمين بصورة وقحة منذ 11 سبتمبر وحتى الآن.
فهل لا تجد الدوائر العربية المتحمسة لهذه المعركة مفارقة فى دفاع واشنطن ولندن عن الحجاب فى نفس الوقت الذى تستبيحان  فيه حرماتنا الوطنية والقومية بالفعل .. وليس بالقول فقط ؟!
ثم ألا تجد نفس هذه الدوائر مفارقة فى دفاعها المستميت عن حق الفتيات الفرنسيات فى ارتداء الحجاب فى المدارس الحكومية بينما تصمت هذه الدوائر نفسها أمام الانتهاكات الفظة لحرية العقيدة وحرية الرأى داخل العالم العربى والإسلامى ؟!
إن معركة "الحجاب الفرنسى" تلخص حال العرب عام 2003.
ولكى لا يساء فهم ما قلته .. أود أن أختتم هذا المقال الغاضب بتبيان أن لدىّ ابنتين رائعتين .. الصغرى ( وهى فنانة تشكيلية) محجبة ، والكبرى ليست كذلك.
وليس لدىّ ، أو لديهما ، مشكلة فى ذلك .. فشعارنا جميعا هو : أنت حر ما لم تضر.
وكل عام وأنتم بخير.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة طــائــر جميــل.. في غـابــة لا تعـتــرف إلا بالغــربان
- ثقافة الاحتفاء بالصغائر والتفريط فى الكبائر
- تراجيديا ثلاثية المثقف والسلطة والمال كاتب كبير .. مات ثلاث ...
- لماذا تسلل رئيس الدولة الأعظم إلى عاصمة الخلافة العباسية مثل ...
- لا تفكـــروا فى الـذهــاب الى لنـــدن .. يــوم الأربـعــاء !
- الســحابـة الســــوداء .. والكتــاب الأبيــض
- مفارقة - الابراهيمين - .. صنع - الله - وسعد - الدين -
- العولمــــة المتوحشــــة والعولمــة البديلــــة حيرة العرب ب ...
- ضمير مصر .. لا ينام في الاسكندرية .. ولا يرقص علـى سـلالم ال ...
- دولة تحت الإنشاء - القناة - و - القاعدة - و - المؤسسة - .. ث ...
- عين الصاحب - .. تذرف الدموع وعلامات التعجب
- صحوة حزب استمرأ النوم فى العسل الميرى
- إدوارد سعيد ... الرجل الذى كره اسمه واحترم نفسه
- انتــفاضـــة كانكــون !
- مع الاعتذار لأمينها العام عمرو موسى جـــامعـــة الـدول العــ ...
- بمناسبة اجتماعهم المليون فى القاهرة اليوم رسالة مفتوحة إلى أ ...
- أهمــية الكـــتاب ... يـا نــاس !
- مانديلا يرفض مصافحة بوش .. والعرب يقبلون يد بريمر
- ماذا لو أن -مانديلا- كان عربيا؟!


المزيد.....




- القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل- ...
- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعد هجرس - الحجاب- الفرنسى .. و-النقاب- الأمريكى!