أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد يوسف المصري - المفكر الليبي عز الدين اللواج في‮ ‬رؤيته لإشگالية‮ -‬الخانق والمخنوق‮-‬















المزيد.....



المفكر الليبي عز الدين اللواج في‮ ‬رؤيته لإشگالية‮ -‬الخانق والمخنوق‮-‬


محمد يوسف المصري

الحوار المتمدن-العدد: 2248 - 2008 / 4 / 11 - 10:51
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


‬عندما فرغت من قراءة هذا الكتاب شعرت بأن مجمل صفحاته وعلى الرغم من الأضواء الساطعة القوية التي‮ ‬تسلطها على بعض من أُمهات الإشكاليات العربية والدولية المعاصرة،‮ ‬إلاَّ‮ ‬أنها تصنع في‮ ‬مجملها أيضاً‮ ‬صرخة قوية عميقة خشيت عليها في الضياع من صحراوات العرب الواسعة،‮ ‬والتي‮ ‬كثيراً‮ ‬ما تضيع فيها مثل هذه الصرخات المستنيرة‮!.‬
ربما من أجل ذلك شعرت بضرورة أن أتوجه بالتحية مرتين مرة‮ "‬لمنشورات المؤتمر‮" ‬التي‮ ‬يشرف عليها الإعلامي‮ ‬العربي‮ ‬الكبير الأستاذ محمود البوسيفي‮ ‬والتي‮ ‬تتيح لقراء العربية داخل ليبيا وخارجها فرصة الاطلاع على هذه المختارات الإبداعية الواعية والمتميزة التي‮ ‬تقدمها عبر سلسلة إصداراتها الثقافية والسياسية والفكرية ومن بينها هذه الصرخة القوية المضيئة‮!.‬
والمرة الثانية للصديق الأستاذ عز الدين اللواج رئيس تحرير جريدة قورينا والذي‮ ‬أمكنه أن‮ ‬يدفع بطاقة هائلة من الرغبة في‮ ‬تحريك سواكن الكتب التي‮ ‬يمكن أن تكون متاحة في‮ ‬سائر المكتبات العربية سواء عبر الإشكاليات التي‮ ‬يثيرها في‮ ‬كتابه‮ "‬الخانق والمخنوق‮" ‬أو المراجع العديدة التي‮ ‬عاد إليها لتعزيز ما‮ ‬يذهب إليه وما‮ ‬يقول به،‮ ‬أو لوجهات النظر والآراء التي‮ ‬أبداهاـ عبر كتابه‮ "‬الخانق والمخنوق‮" ‬في‮ ‬بعض من أُمهات القضايا العربية والعالمية التي‮ ‬يبدو واضحاً‮ ‬أنه انتقاها بدقة وعناية سواء من مقالاته المنشورة بمجلة‮ "‬المؤتمر‮" ‬أو بحوثه التي‮ ‬نشر البعض منها بمجلة السياسة الدولية ومركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام‮ ‬،‮ ‬حيث‮ ‬يعرف عن المؤلف أنه أمضى ردحاً‮ ‬من حياته باحثاً‮ ‬في‮ ‬مراكز دراسات محلية مثل المركز العالمي‮ ‬للكتاب الأخضر،‮ ‬ودولية مثل مركز دراسات الوحدة العربية،‮ ‬وأنه تميز دائماً‮ ‬بتحليلاته ورؤاه ونزوعه نحو المعرفة الشاملة والموسوعية وخصوصاً‮ ‬في‮ ‬مجال العلوم السياسية‮. ‬

‮ ‬الأزلية وملامح‮ الواقع؟‮!
‬ ‬
ومنذ اللحظة الأولى لقراءة ما‮ ‬يقدمه عز الدين اللواج من معلومات أو مرجعيات‮ ‬يخلص منها إلى آرائه ويستند إليها في‮ ‬بناء وجهات نظره في‮ ‬سائر القضايا التي‮ ‬ضمنها كتابه‮ "‬الخانق والمخنوق‮" ‬يبدو واضحاً‮ ‬أمام القارئ أنه أمام باحث ومحلل‮ ‬يتمتع بقدرة أصيلة على إثارة الجدل فيما‮ ‬يثيره من قضايا وإشكاليات،‮ ‬وأن هذه الطبيعة التي‮ ‬يبدو أنها أصيلة فيه إنما تكشف عن مدى إيمانه بتعددية الفكر وتطلعه إلى الرأي‮ ‬الآخر،‮ ‬وشعوره العميق بأن الرأي‮ ‬الواحد ليس من طبيعته أن‮ ‬يكون قادراً‮ ‬على كشف الحقيقة في‮ ‬كل الأحوال‮.‬
إنه هذا البعد الإيماني‮ ‬الكامن في‮ ‬أعماق الشخصية العربية بصفة عامة الذي‮ ‬يتفجر من بين سطور الخانق والمخنوق مؤكداً‮ ‬على أزلية الصراع بين قوى الخير وقوى الشر،‮ ‬إنها ليست ظاهرة عابرة أو موقف لحظي‮ ‬آني‮ ‬في‮ ‬حياة البشر،‮ ‬ولكنه قانون سرمدي‮ ‬خالد‮ ‬يحكي‮ ‬مقاصد ومضامين ومفاهيم وقيم الحركة البشرية التي‮ ‬هي‮ ‬قوام الوجود الإنساني‮ ‬فوق الأرض‮. ‬ولعله بذلك‮ ‬يفتح نوافذ الأمل وبوابات الدعوة إلى العمل الذي‮ ‬ينفع الناس ويمكث في‮ ‬الأرض إزاء قتامة المشاهد العربية القائمة ورداءة السلوكيات الصادرة عن هذه المشاهد وتخلف القوانين الحاكمة لمضامينها ونواتجها السلوكية والحركية خصوصاً‮ ‬وأن الآفاق العالمية سواء في‮ ‬جوانبها العدوانية أو المتحضرة تظل ماثلة على نحو‮ ‬غير مباشر في‮ ‬كل سطور الكتاب وطول الوقت‮.


إشكاليات الحكم‮ ‬ المستبد،‮ ‬وخصوصيات ‮ ‬القهر الثقافي‮.

على أن صعوبة حقيقية سرعان ما تواجه الرغبة في‮ ‬تقديم عرض أو تلخيص لكتاب‮ »‬الخانق والمخنوق‮« ‬فمهما كانت المحاولة ناجحة فإنها لا‮ ‬يمكن أن تغني‮ ‬عن ضرورة الرجوع إلى الكتاب نفسه وقراءة ما‮ ‬ينطوي‮ ‬عليه من آراء ووجهات نظر على نحو مباشر سواء بالنظر إلى أهمية القضايا والإشكاليات التي‮ ‬تصدّى لها الباحث عز الدين اللواج وهي‮ ‬في‮ ‬مجملها قضايا جوهرية نرى ضرورة أن‮ ‬يكون القارئ العربي‮ ‬والأكثر ثقافة على وجه الخصوص ملماً‮ ‬بأبعادها،‮ ‬ومتابعاً‮ ‬لمنابعها ومن أين جاءت؟ وكيف تمضي؟‮.‬
أو لأن وجه الصعوبة الآخر‮ ‬يتمثل في‮ ‬أن الباحث تحوّل إلى جراح دقيق ماهر وهو‮ ‬يمسك بمشرطه التحليلي‮ ‬شارحاً‮ ‬ومشرحاً‮ ‬لمكونات كل إشكالية من هذه الإشكاليات تحديداً‮ ‬للأسباب التي‮ ‬يكون في‮ ‬تقديمها على وجه الجملة نوعٌ‮ ‬من الإهدار لجهود الباحث واستخلاصٌ‮ ‬النتائج التي‮ ‬يكون في‮ ‬تقديمها على وجه الجملة تكراراً‮ ‬لذات الخطأ‮.‬

محاور إشكالية الثقافة ‮ ‬وخلاصة نتائج

في‮ ‬صفحات هذا الكتاب الأولى‮ ‬يبحث عز الدين اللواج‮ ‬في‮ ‬جبروت الخانق وآهات المخنوق حيث تبدو صورة المثقف العربي‮ ‬وتحدي‮ ‬الدولة التسلطية وكأنها جهد متواصل من جانب الدولة التسلطية لحرمان المثقف من الحياة دون إخراجه منها‮!!. ‬وبطبيعة الحال فإن مثل هذه العلاقة من الشروع الدائم في‮ ‬القتل لا تكون قاصرة على المثقف وحده إنها تكون مناخاً‮ ‬عاماً‮ ‬ينتج ما‮ ‬يتعرض له الكاتب بالشرح والتوضيح على أن المثقف هو الذي‮ ‬يظل دائماً‮ ‬في‮ ‬موقع البؤرة والهدف من هذه الأجواء‮. ‬والباحث المحلل عزالدين اللواج‮ ‬يتطرق في‮ ‬تشريعه لهذه الإشكالية الأولى إلى عدد من المحاور الصانعة للإشكالية وطبقاً‮ ‬لما وردت في‮ ‬أوراق الكتاب فإنه‮ ‬يرتبها على النحو التالي‮: ‬

استراتيجية الطبقة المتمجدة .‮ ‬


فخاخ الإغراءات التي‮ ‬تنصبها هذه الطبقة المتمجدة‮ ‬للمثقفين وبدائلها والنتائج التي‮ ‬يمكن أن تفضي‮ ‬إليها وتأثيراتها على المجتمع المعني‮ ‬ككل‮. ‬
‮> ‬المثقف المخنوق وعقبة الخطاب السلطوي‮.‬
‮> ‬عندما‮ ‬يتحول المثقف إلى جُرذ‮.‬
‮> ‬عنف المثقفين وأسبابه؟‮!‬
عبر تشريحه للمحاور الأربعة السابقة‮ ‬يتوصل الباحث إلى مجموعة من الاستخلاصات المقتضبة التي‮ ‬يرتبها على‮ "‬حجم الملامح المأساوية التي‮ ‬تتضمنها جدلية الخانق والمخنوق في‮ ‬خضم ملمحها المتعلق بالمثقف الإصلاحي‮ ‬المهموم بقضايا مجتمعه‮" ‬ويشير الباحث في‮ ‬هذه الاستخلاصات المقتضبة أيضاً‮ ‬إلى مدى خطورة التداعيات السلبية المترتبة على انعدام متغير الحكم الصالح في‮ ‬منطقتنا العربية التي‮ ‬يغلب على منظومتها السياسية طابع تسلطي‮ ‬قائم على ثنائية‮ "‬أبوية،‮ ‬رعوية‮" ‬تتم بشخصنة السلطة،‮ ‬حيث‮ ‬يرتب هذه الاستخلاصات على النحو التالي‮: ‬
سلوكية تضييق الخناق على المثقف العربي،‮ ‬ونفوذها إلى أدنى العلاقات والتفاصيل الحياتية بأشكالها المختلفة‮. ‬سعي‮ ‬الطبقة المتمجدة إلى لعب دور بارز في‮ ‬تفكيك المشهد الثقافي‮ ‬المحلي‮ ‬من خلال الاحتواء بالمال أو المنصب من ناحية والإقصاء من خلال العنف المادي‮ ‬والمعنوي‮ ‬من ناحية أخرى‮. ‬
التداعيات السلبية للخطاب الذي‮ ‬تتبناه الدولة التسلطية العربية على المثقف المخنوق وإنتاجه الإبداعي‮ ‬وفي‮ ‬المقابل محاصرته بنسخة معرفية واحدة وتبني‮ ‬ثلة من الغوغاء لمفردات هذا الخطاب المتشدد الذي‮ ‬يجسد في‮ ‬العادة ملمح التوظيف السلبي‮ ‬المنغلق للأيديولوجيا السياسية‮.‬
الممارسات السلوكية السلبية واستفحال أمر العنف الثقافي‮ ‬سواء على صعيد قيم التفكك وإنكار الآخر أو على صعيد الممارسات النفسية القمعية للخانق وذئابه المفترسة‮. ‬
لذلك كله‮ ‬يدعو عز الدين اللواج إلى ضرورة تكثيف الجهود الرامية إلى تعميق وعي‮ ‬المثقف الإصلاحي‮ ‬المهموم بقضايا واقعه المجتمعي‮ ‬بأبعاد ومضامين جدلية الخانق والمخنوق والتي‮ ‬يقول‮: ‬إن مقاربته البحثية ليست إلاَّ‮ ‬عبارة عن رؤوس أقلام مختزلة أراد من خلالها تفتيح بعض الحقائق المرتبطة بموضوعية معاناة المثقف العربي‮ ‬مع دولته التسلطية أو دولة الثقب الأسود على حد قوله‮. ‬
على أن عز الدين اللواج لا‮ ‬يتوقف عن تشريحه لهذه الإشكالية قبل الوصول إلى تحديد أشكال وأنماط عنف المثقفين،‮ ‬وكذلك تحديد الأسباب التي‮ ‬تسفر عن مظاهر عنف المثقفين حيث‮ ‬يشير في‮ ‬هذا الإطار إلى أربعة محاور رئيسية‮ ‬يرتبها بدورها على النحو التالي‮:‬
‮ ‬أولاً‮: ‬سيطرة التأويل الفكري‮ ‬المغرض بين جمهور المثقفين‮. ‬
ثانياً‮: ‬انقسام المثقفين إلى مجموعات ثقافية‮ ‬يقول إن من أبرز مميزاتها رفض التنوع الهادف إلى تفعيل آليات الحوار الحضاري‮ ‬الخلاق وإن الظروف إذا مكنت لإحدى هذه الجماعات فإنها سرعان ما تسعى إلى تهميش باقي‮ ‬هذه الجماعات‮. ‬
ثالثاً‮: ‬وعلى المحور الثالث‮ ‬يشير الباحث إلى تنوع وتعدد وسائل وأساليب العنف الثقافي‮ ‬ويذكر من بينها انتشار الغيبة والنميمة والتشكيك في‮ ‬أمانة‮ ‬غير المرضي‮ ‬عنهم،‮ ‬والتشهير بواسطة بث الشائعات الكاذبة والسعي‮ ‬من أجل التقليل من إنجازات وإبداعات المختلف معهم وتسخير ما‮ ‬يسمي‮ ‬بصحافة ومجلات الفضائح الثقافية من أجل ممارسة التشهير والقمع‮.‬
رابعاً‮: ‬تسيير المشهد الثقافي‮ ‬المحلي‮ ‬بعناصر قيادية تنتمي‮ ‬في‮ ‬تكوينها الشخصي‮ ‬إلى ما‮ ‬يسميه الباحث بنمط‮ "‬المثقف الجاهل‮" ‬والذي‮ ‬يصفه المبدع الراحل الصادق النيهوم بأنه‮ "‬نمط شخصوي‮ ‬متعلم واسع الاطلاع منحاز إلى الحق واثق من أقواله صفته الظاهرة أنه‮ ‬يملك إجابة نهائية عن كل سؤال لأن معلوماته مستمدة في‮ ‬رأيه من مصدر علوي‮ ‬غير قابل للخطأ‮" ‬على أن الباحث لا‮ ‬يقصر رؤيته على مرحلة آنية لكنه‮ ‬يتطرق بالمقارنة إلى ما تحتويه صفحات التاريخ عن بعض نماذج المبدعين الذين كتب لأعمالهم الخلود حتى‮ ‬يومنا هذا وربما لعصور طويلة قادمة‮!.‬

قراءة في‮ ‬أهم فصول‮ ‬حياتنا‮:‬
‮ "‬الإعلام العربي‮ ‬
وتحديات العولمة‮"!‬

نقطتان جوهريتان كانتا تسيطران على وجداني‮ ‬عندما شرعت في‮ ‬قراءة هذه الإشكالية الثانية من بين جملة الإشكاليات التي‮ ‬يثيرها الكاتب والباحث عزالدين اللواج في‮ ‬كتابه الذي‮ ‬نعرض لإشكالياته عبر هذه الأوراق‮ »‬الخانق والمخنوق‮«.‬
النقطة الأولى هي‮ ‬أن الإعلام سواء كحرفة أو كوظيفة ليس عملاً‮ ‬في‮ ‬المطلق ولكنه عمل منظم وحرفة موظفة،‮ ‬وأن الإعلام إذا لم‮ ‬يوظف في‮ ‬خدمة الشعوب ومصالحها،‮ ‬فإنه سوف‮ ‬يجد من‮ ‬يوظفه ضد مصالح هذه الشعوب،‮ ‬لأن الإعلام هو حرفة لا‮ ‬يمكن الاستغناء عنها وخصوصاً‮ ‬مع تعقيدات الحياة الاجتماعية والدولية الحديثة‮. ‬
ثم إن أكثر من ثلاثين عاماً‮ ‬من العمل الصحفي‮ ‬في‮ ‬كبريات الصحف العربية وربما في‮ ‬أدق مواقع المسؤولية الصحفية جعلتني‮ ‬على قناعة كاملة بأن هناك قاعدة‮ ‬غير مرئية تعد من أهم القوانين الحاكمة للأنشطة الإعلامية الآن وعبر كل عصور التاريخ وهي‮ ‬أن الباحثين عن الأخبار أو المروجين لها كانوا‮ ‬يذهبون إلى ساحات‮ ‬
المعارك أولاً،‮ ‬ثم أن الجنود كانوا‮ ‬يذهبون إلى ميادين القتال بعد ذلك‮!.‬
وحسناً‮ ‬فعل الكاتب والباحث عز الدين اللواج حين قدم لإشكالية الإعلام العربي‮ ‬وتحديات العولمة بتوطئة تاريخية عاد معها إلى المنابع التاريخية التي‮ ‬نبعت منها حرفة الإعلام سواء كتعبير عن‮ ‬غريزة حب المعرفة لدى الإنسان الفرد أو كإحدى أسلحته في‮ ‬مواجهة المجهول من ناحية والعمل على تأمين مصالحه لدى الآخر من الناحية الأخرى‮. ‬
صحيح أن هناك العديد من الإشكاليات المتعلقة بحرفة الإعلام‮ ‬–صناعة الإعلام‮- ‬وخصوصاً‮ ‬في‮ ‬ظل ثورة الاتصالات وثورة المعلومات سواء تعلقت هذه الإشكاليات بأخلاقيات هذه الصناعة العصرية الضخمة أو القوانين الحاكمة لأنشطتها والمنظمة لأدائها بالمقاييس الحضارية التي‮ ‬تتحدث عنها البشرية كثيراً‮ ‬ولا تصادفها‮ -‬فى الواقع إلاَّ‮ ‬قليلاً‮ ‬إلى‮ ‬غير ذلك من إشكاليات المهنة‮. ‬
إلاَّ‮ ‬أن الباحث تعمد الدخول مباشرة إلى صلب الإشكالية التي‮ ‬حددها سلفاً‮ ‬والتي‮ ‬أرى أنها إحدى أهم إشكاليات الوجود العربي‮ ‬المعاصر وهي‮ ‬إشكالية الإعلام العربي‮ ‬وتحديات العولمة وقد رأى عز الدين اللواج أن‮ ‬يقوم بتحليل هذه الإشكالية عبر المحاور التالية‮: ‬
‮> ‬ما هي‮ ‬ظاهرة العولمة؟ وما تجليات هذه الظاهرة؟
‮> ‬أهم سمات وخصائص إعلام العولمة‮.‬
‮> ‬أهم ملامح الواقع الراهن للإعلام العربي‮ ‬ومدى قدرته على مواجهته التحديات التي‮ ‬تفرضها العولمة الإعلامية‮.‬
لكي‮ ‬يخلص من التحليل الذي‮ ‬قدمه لكل محور من هذه المحاور إلى تقديم عدد من المقترحات التي‮ ‬يرى أنه من الواجب إقدام الإعلام العربي‮ ‬عليها في‮ ‬سبيل المواجهة الفعالة لتلك التحديات‮.‬
ولأن الاقتراحات التي‮ ‬يقدمها الباحث في‮ ‬ختام تحليله لعناصر هذه الإشكالية تكشف الأخطاء في‮ ‬مناسبة تقديمها للحلول المقترحة فإننا نكتفي‮ ‬بالإشارة إلى هذه الاقتراحات والتي‮ ‬رتبها الباحث على النحو التالي‮: ‬
‮< ‬تطوير‮ »‬ميكانيزمات‮« ‬المشهد الديمقراطي‮ ‬العربي‮ ‬عبر توسيع نطاق المشاركة الشعبية الفاعلة ووضع حد لنمط الدولة التسلطية‮ "‬الدولة التي‮ ‬تنزع إلى الاحتكار الفعال لمصادر السلطة والقوة،‮ ‬عن طريق اختراق المجتمع،‮ ‬وتحويل مؤسساته إلى تنظيمات تضامنية تعمل كامتداد لأجهزة الدولة‮".‬
‮< ‬الاستغلال الأمثل للعقول العربية المتميزة في‮ ‬مجال تقنيات الثورة المعلوماتية والاتصال والسعي‮ ‬الحثيث نحو توطين تقنية تلك الثورة ومن ثم الاستفادة منها في‮ ‬المجال الإعلامي‮. ‬
‮< ‬تفعيل الاتفاقيات الإعلامية الموقعة بين مختلف الدول العربية وعدم التعامل معها من منطلقات قطرية ضيقة‮. ‬
‮< ‬تطوير الآليات التنموية والحراك الاقتصادي‮ ‬في‮ ‬المنطقة العربية‮. ‬
‮< ‬تحديث الخطاب الإعلامي‮ ‬العربي،‮ ‬من خلال تطوير مضمونه وجعله‮ ‬يتضمن أسساً‮ "‬أمبيريقية‮" ‬تتجاوب مع متطلبات المرحلة‮. ‬
‮< ‬الاستفادة من دراسات وأبحاث علم النفس في‮ ‬مجال تطوير وسائل التأثير على المتلقي‮ ‬العربي‮. ‬
‮< ‬الانتباه لأزمة القيادات المسيّرة لقطاعات الإعلام في‮ ‬النظم السياسية العربية واختيار الرجل المناسب في‮ ‬المكان المناسب وتأهيل ورفع مستوى العناصر الإعلامية المسيرة له‮. ‬
‮< ‬أهمية إعطاء دور فاعل ومؤثر لمؤسسات المجتمع المدني‮ ‬المرتبطة بقطاع الإعلام،‮ ‬وعدم تضييق الخناق عليها،‮ ‬ومساعدتها على تطوير منظومة حقوق الإعلاميين العرب‮. ‬
‮< ‬تطوير المقررات الدراسية الموجودة في‮ ‬كليات وأقسام الإعلام الموجودة في‮ ‬مختلف الجامعات العربية وكذلك العمل على تفعيل الخطاب التربوي‮ ‬العربي‮ ‬بشكل عام‮. ‬
‮< ‬وفي‮ ‬توصيته الأخيرة،‮ ‬في‮ ‬مجال الخطوات الواجب على الإعلام العربي‮ ‬اتخاذها في‮ ‬مواجهة تحديات إعلام العولمة‮ ‬يطالب الباحث عز الدين اللواج بضرورة تكاثف الجهود من أجل تجاوز الأزمات الذاتية التي‮ ‬تمر بها منظومة الثقافة العربية،‮ ‬والتي‮ ‬يرى أن تداعياتها قد انعكست على القطاعات الإعلامية باعتبار أن الإعلام هو أهم الأدوات الناقلة للثقافة‮. ‬
جانب من المحنة العراقية‮ "‬الإشكالية الثالثة للخانق والمخنوق‮"!‬
الجهد الكبير والمتميز الآخر الذي‮ ‬يكشف عنه كتاب‮ »‬الخانق والمخنوق‮« ‬للكاتب الأستاذ عز الدين اللواج تكشف عنه صفحات الإشكالية الثالثة،‮ ‬من بين ما‮ ‬يعرض له‮ »‬الخانق والمخنوق‮« ‬من إشكاليات جوهرية عربية في‮ ‬عالمنا المعاصر والباحث هنا‮ ‬يكثف بحثه حول المحاور التالية‮:‬
‮< ‬صدام حسين شهيد الفوضى الخلاقة‮. ‬
‮< ‬خطة بوش الجديدة في‮ ‬العراق واللاَّ‮ ‬مفكر فيه‮ ‬–كفرضية‮- ‬في‮ ‬هذه الخطة‮. ‬
‮< ‬ماهية ما سمي‮ ‬بالاستراتيجية الأمريكية الجديدة في‮ ‬العراق‮. ‬
‮< ‬بريجنسكي‮ ‬وثغرات بوش‮. ‬
‮< ‬جانب من اللاَّ‮ ‬مفكر فيه في‮ ‬خطة بوش‮.‬
الاستخلاصات النظرية‮!‬
وعبر تشريحه لكل محور من المحاور السابقة والتي‮ ‬اعتمد عليها المحلل عز الدين اللواج في‮ ‬تصديه لهذا الجانب من المحنة العراقية خلص إلى جملة من النتائج التي‮ ‬يمكن ترتيبها هي‮ ‬الأخرى على النحو التالي‮: ‬
الملمح المعلن وغير المعلن فيما سمي‮ ‬خطأ بالاستراتيجية الأمريكية الجديدة في‮ ‬العراق لا‮ ‬يعدو أن‮ ‬يكون مجرد خطة ذات إضافات تكتيكية محدودة‮. ‬
السمة البارزة لدوائر صناعة القرار واتخاذه في‮ ‬إدارة بوش‮ ‬يرتبط بما أسماه الأمريكي‮ ‬مليتون روكيش بالصرامة العقلية بمعنى عدم قدرة الفرد على تغيير جهازه الفكري‮ ‬أو العقلي‮ ‬عندما تتطلب الشروط الموضوعية ذلك‮. ‬
بالنسبة لـ"اللاَّ‮ ‬مفكر فيه‮" ‬في‮ ‬خطة بوش فإنه‮ ‬يتعلق بمتغيرين رئيسيين الأول هو تجاهل تداعيات‮ "‬الأزمة الدولية‮" ‬والثاني‮ ‬هو خطورة التلاعب بالورقة الإثنية في‮ ‬العراق‮. ‬
إن أطروحة الفوضى الخلاقة جاءت بأوضاع إقليمية في‮ ‬صالح إيران‮. ‬ثمة أوراق كركوك تداعيات قانون اجتثاث البعث رفض الدستور من قبل ثلاث محافظات عراقية‮ ‬توظيف الخطاب الديني‮ ‬بشقيه السني‮ ‬والشيعي‮ ‬وإقدام بعض الأطراف على استخدام الأطفال والشباب في‮ ‬معترك الاحتراف المذهبي‮ ‬هي‮ ‬أوراق حساسة ومعقدة‮ ‬يفترض الإسراع في‮ ‬وضع حلول نهائية حاسمة لها‮.‬

المؤشرات الاقتصادية،‮ ‬هي
‮ ‬مرآة السياسات
‮ ‬الناجحة‮!‬

في‮ ‬أحد البرامج التلفزيونية القاهرية سُئلت‮: ‬ما هي‮ ‬السياسة من وجهة نظرك؟‮! ‬وكانت إجابتي‮ ‬الفورية تقول السياسة عندي‮ ‬هي‮ ‬تلك النتائج التي‮ ‬تحدث بمجرد أن‮ ‬يلتقي‮ ‬شخصان معاً‮ ‬ناهيك طبعاً‮ ‬عن الصيغ‮ ‬الأوسع والأكبر وصولاً‮ ‬إلى العلاقات الإقليمية والدولية‮. ‬
ولحسن الحظ أن مثل هذه الرؤى الأشمل والمفاهيم الأعمق لم تكن‮ ‬غائبة عن اختيار الباحث عز الدين اللواج للإشكاليات التي‮ ‬تضمنها كتابه الخانق والمخنوق إذ أن المبحث الأخير جاء بعنوان‮ "‬قراءات سيسو اقتصادية‮" ‬إنها قراءات لتقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية الصادر عن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام العام‮ ‬ 2007. وهو التقرير الذي‮ ‬اختار منه الباحث أن‮ ‬يتوقف أمام أداء الاقتصاد العالمي‮ ‬وفشل المحافظين الجدد في‮ ‬أمريكا ونجاح شافيز في‮ ‬فنزيلا وخطورة محاصرة إيران اقتصادياً‮ ‬والدروس المستفادة من الخبرة النووية الكورية منتقلاً‮ ‬بعد ذلك إلى التحديات التي‮ ‬تواجه الاقتصاديات العربية وما قدمه التقدير من مؤشرات ومعطيات تضمنت اقتصاديات الخليج وسؤال الطفرة النفطية الثالثة والنظر إلى منظومة الاقتصاد الفلسطيني‮ ‬وتقييم المساعدات العربية المقدمة إلى هذا الشعب واستمرارية قضية الصراع المائي‮ ‬الآن وفي‮ ‬المستقبل‮. ‬
لذلك‮ ‬كله أقول أن الخانق والمخنوق هو كتاب‮ ‬جدير بالقراءة العربية على نطاق واسع لأنه‮ ‬يكشف عن موهبة بحثية وتحليلية أصيلة
‮ ‬تدرك مخاطر اللحظة ولديها الرؤية‮ ‬
الأفضل لصناعة الغد المأمول‮.


قراءة وتحليل‮:
محمد‮ ‬يوسف المصري
نائب رئيس تحرير الأهرام





#محمد_يوسف_المصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- دراجون يرتدون زي -سانتا كلوز- يجوبون شوارع الأرجنتين.. لماذا ...
- فيديو: افتتاح مراكز لتسوية وضع عناصر -جيش الأسد- في دمشق
- الدفاع الروسية: تحرير بلدتين في خاركوف ودونيتسك والقضاء على ...
- صحة غزة: الجيش الإسرائيلي ارتكب 4 مجازر جديدة بالقطاع
- تقرير المكتب السياسي أمام الدورة الخامسة للجنة المركزية
- رغم الخسارة التاريخية أمام أتلتيكو.. فليك راضِِ عن أداء برشل ...
- خامنئي: أمريكا والكيان الصهيوني يتوهمان أنهما انتصرا في سوري ...
- يسرائيل كاتس: لن نسمح لـ-حزب الله- بالعودة إلى قرى جنوب لبنا ...
- الشرع: لبنان عمق استراتيجي وخاصرة لسوريا ونأمل ببناء علاقة ا ...
- -حزب الله- يكشف عن -المعادلة الوحيدة- التي ستحمي لبنان


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد يوسف المصري - المفكر الليبي عز الدين اللواج في‮ ‬رؤيته لإشگالية‮ -‬الخانق والمخنوق‮-‬