أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - من أجل ماذا سلام سوري إسرائيلي؟














المزيد.....

من أجل ماذا سلام سوري إسرائيلي؟


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2245 - 2008 / 4 / 8 - 10:34
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


عادت إلى التداول الإعلامي مؤخرا معلومات عن مسودة اتفاق سوري إسرائيلي تؤول بموجبه السيادة على مرتفعات الجولان إلى سورية بينما تصان السيادة الإسرائيلية على المياه، وتنزع الصفة العسكرية عن المنطقة التي يفترض أن تحول إلى منتزه دولي يسمى "منتزه السلام"، وسوف يجري تطبيع العلاقات بين سورية وإسرائيل، ويوضع جدول زمني لانسحاب المحتلين من الهضبة خلال مدة تتراوح بين 5 سنوات و15 عاما،.
ليست عادلة هذه "المعادلة البسيطة والجميلة" على نحو ما وصف إبراهيم سليمان، الأميركي السوري الأصل، الحل الذي توصل إليه مع مفاوضين إسرائيليين في تركيا وسويسرا. فسورية أكثر من إسرائيل تعاني من مشكلات مياه، والإنصاف يقتضي توزيع المياه إما وفقا لمبدأ السيادة المطلقة لكل بلد أو بصورة تراعي حاجات البلدين المعنيين، أو أقله بصورة تتفق والقوانين الدولية التي نفترض أنها لا تقر سيادة إسرائيلية مطلقة على المياه. وكانت "المجموعة الدولية لمقاربة الأزمات" (إنترناشنال كرايزز غروب) قدمت في نيسان 2007 تصورا أقل بساطة وأكثر رهافة من المعادلة "السليمانية" البسيطة والجميلة.
غير أنه يتعين تحكيم العقل في مشاعر العدالة والإنصاف التي قد تتملكنا. فربما يكون من مصلحة سورية عقد اتفاق غير منصف مع عدو قوي يستحسن تفادي مواجهته عسكريا إن كان من شان الاتفاق معه أن يمكن البلاد من تحقيق مكاسب على مستويات أخرى. إن سلاما مع إسرائيل قد يتيح لسورية تفرغا اكبر لإصلاح اقتصادها ومؤسساتها ونظامها القانوني، وحريات وعدالة أكبر لمواطنيها ونزعا للصفة الاستثنائية لنظامها السياسي. ولا بأس بالتطبيع مع إسرائيل إن كان مدخلا لتطبيع الحياة السياسية للبلاد على الأسس المقررة عالميا. والحال إن الشيء الوحيد الذي قد يسوغ اتفاقا غير عادل مع إسرائيل هو هذا، أعني بناء إجماع وطني سوري جديد، ديمقراطي. بل إن من شأن إرساء إجماع وطني جديد أن يضفي شيئا من شرعية بعدية على أزمنة أليمة قبل نحو ثلاثة عقود، ولا نزال نجر أثقالها اليوم. فإن لم يتحقق ذلك، أي إن لم يندرج سلام مع إسرائيل في مسار يدرّ مزيدا من العدالة والسلم الأهلي في سورية، فسيتعذر تسويغ اتفاق لا يحمل تسويغه في ذاته لأنه لن يكون منصفا قطعا. وبينما قد يتقبل معارضون اتفاقا غير عادل مع إسرائيل إن اقترن هذا بإصلاح عميق في النظام السياسي، فإن طيف المعارض قد يتسع إن اجتمع حشف الاتفاق مع سوء كيلة النظام، ما يلغي أية ميزة للاتفاق، بل ما قد ينقل جبهة الصراع إلى الداخل السوري.
وعند هذه النقطة من النقاش قد يتساءل المرء عما إذا كان ثمة علاقة أصلا بين استثنائية النظام السياسي السوري وبين نوعية العلاقة مع إسرائيل. فإذا كان يمكن استنباط طبيعة النظام السوري من "حالة الحرب" المفترضة مع إسرائيل، على نحو ما توحي إيديولوجية النظام ذاته، كان من المنطقي أن يطالب من أنكرت حرياتهم وحقوقهم بسبب المواجهة تلك بتغيير أساسي في النظام بعد السلام المأمول. وأن يعتقل الناس في ظل حالة الاستثناء وقوانينها السارية اليوم هو ذاته ما يدعو إلى تحريرهم بعد الاتفاق مع إسرائيل وزوال الاستثناء. هذه "معادلة بسيطة وجميلة" فعلا، أليس كذلك؟
أما إذا كان لا علاقة بين نظام الاستثناء وبين حال الحرب مع عدو محتل، فعلى أي أساس عقلاني يقوم النظام السياسي؟ وكيف يمكن تبرير ممارسات ماضية وراهنة تخرج عن قواعد العدالة والحق؟ وإن لم نهتم بأساس عقلاني للنظام، ألا ينفتح الباب واسعا أمام حكم الاعتباط والقوة، الحكم الذي يمنح الحق للأقوى، لمن يستطيع تحطيم خصومه؟ وفي هذه الحالة هل يمكن تقديم قضية متسقة ضد احتلال إسرائيل للجولان وغير الجولان أصلا؟
وكيف، في هذه الحالة، نقمع الشبهة في أن مرتفعات الجولان ذريعة لشيء آخر؟
يقول آلون ليئيل، شريك سليمان في التفاوض: "لا يستطيع أولمرت توقيع اتفاقية سلام مع سوريا ما لم تتضمن الاتفاقية خروج سورية من الحلف مع إيران". صح! ولا يستطيع صاحب القرار السوري أن يوقع اتفاقية مع إسرائيل دون تأمين نظامه. صح؟ هذا على الأرجح ما يدركه الطرف الإسرائيلي جيدا. وهو مصدر ممانعة الأميركيين للاتفاق حاليا. وهو قبل ذلك محرك مفاتحات السوريين السلمية في بضع السنوات الأخيرة. وهو كذلك ما يدفعهم إلى اشتراط مشاركة الأميركيين في المفاوضات: "فتوقيع السلام مع إسرائيل عليه أن يأتي ضمن سلة متكاملة (...) لذا، من أجل أن تنقل أحدا من المعسكر الإيراني إلى العسكر الغربي، على الولايات المتحدة أن تقرر ذلك" حسب السيد ليئيل. وأن تكفله. وتكفل في السلة ذاتها استمرار "الأحد" واستقراره. دمشق هي الرهان، وواشنطن هي الكفيل الممكن: هذا هو حجر الزاوية في الحل السليماني "البسيط والجميل"، حسبما توحي تصريحات ومواقف متواترة من مفاوضنا، في واشنطن وفي تل أبيب وحيثما سمع له صوت.
الأشياء الأخرى تفاصيل. وكذلك هضبة الجولان.
فإذا صحت التقديرات هذه، على ما نخشى، فلن يكون السلام نهاية للممانعة وبداية للسياسة، ولن يكون زوال الاحتلال نهاية "الصمود" وبداية التغيير. سوف نشهد على الأرجح طورا جديدا من الممانعة وأخواتها، وسوف تخترع مواجهات جديدة وجبهات جديدة. فالعدو من لوازم الممانعة، ليس إلا.





#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في -المسألة الكردية- وتمثيل الذات الوطنية السورية
- الممانعة وامتناع السياسة
- عناصر رؤية عقلانية لمواجهة إسرائيل (2)
- من -الديمقراطية البرجوازية- إلى -الليبرالية الجديدة- و.. -ال ...
- عناصر رؤية عقلانية لمواجهة إسرائيل (1 من 2)
- اللاعقل يحكم الشرق الأوسط
- شركاء في العالم، نشبهه ونتشبه به..
- في أصول نظام الاستثناء السوري: محاولة ماركسية
- الفساد الصغير ثقافة والفساد الكبير سياسة!
- من إسرائيل إلى أخرى: في أصل حاجتنا إلى شيطان رجيم
- سورية بين 1978 و2008: عود على بدء!
- جوزف سماحة: المناضل ضد المثقف
- -المسألة الدينية- موضوعا لتفكير نقدي
- من تطييف المجتمع إلى استلام الطائفية للسلطة
- هل يمكن لتركيا أن تكون مثالا إيجابيا للسوريين؟
- من صنع إسرائيل؟ ومن هم -عملاؤها-؟
- أزمة حركات المعارضةالعلمانية العربية ... فكرية
- في نقد الثقافة السياسية السورية
- نحو شرعية الفرد لا شرعية الهوية.. ونحو ثقافة نقدية لا قومية
- إيديولوجيات السوريين وصعود الجيوسياسي


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق ...
- جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
- فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم ...
- رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
- وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل ...
- برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية ...
- الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في ...
- الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر ...
- سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - من أجل ماذا سلام سوري إسرائيلي؟