ربما يبدو هذا العنوان غريباً أو غير مألوف، إذ المعروف أن مرض السكر يلازم المصاب به طوال حياته إلى أن يغادر هذا العالم الفاني. ولكنَّ التجربة التي مررت بها تقول إنَّ المبتلى بهذا الداء قد يتخلص منه إذا عرف ما يجب عمله.
كان ذلك اليوم الذي رنَّ فيه جرس الهاتف وسمعت صوت صديقي الطبيب يخبرني بصوت مرتعش بأنَّ نتيجة التحليل تدل على أنني مصاب بمرض السكر عصيباً حقـاً. اضطربت بادئ الأمر، وأنكرت صحة التحليل، وهذا أول شيء يخطر ببال المصاب به. لكن شكوكي تبددت سريعا، حينما تذكرت بعض علائمه الذي كان واضحا علي قبل هذا الفحص المختبري، من عطش شديد وذهاب مستمر إلى دورة المياه، وجفاف في الفم، كما أنَّ المختبر كان ذا خـبرة سنين طوالا في ميادين التحاليل الطبية.
ولما سألت صديقي الطبيب عن تركيز سكر (كلوكوز) الدم (صباحا وقبل الفطور، وهو المعوَّلُ عليه في تشخيص مرض السكر)، جاء برقم عال جدا، وهو 8ر15 مليمول/لتر (284 مليغم/ديسيلتر).
فأجبته برباطة جأش أنْ لا بأسَ من ذلك وأني في طريقي إليه، ولكن غيمة الكآبة أخذت تخيم عليّ وجال في خاطري قولُ الشاعر :
إذا لم تكن إلا الأسـنـَّة ُمركباً فما حيلة المضطر إلا ركوبها
وشددت الرحال اليه حيث يعمل في عيادة تابعة لمستشفى تعليمي.
جاءت مكالمة الطبيب بعد ساعتين من تناولي طعام الفطور وتوا بعد الانتهاء من تناول قطعتين متوسطتيْ الحجم من الرقي (البطيخ الأحمر). وبعد سياقة نصف ساعة كنت في المركز الطبي.
أثناء انتظاري دخلت إحدى الممرضات، فطلبت منها أن تقيس لي سكر الدم، ففعلت، فماذا كانت النتيجة؟ أعطى جهاز قياس سكر الدم اليدوي (كلوكومتر) رقماً فلكياً، ألا وهو 22 مليمول/لتر (396 مليغم /ديسيلتر). عند هذا تأكدت أن الأمر ليس مزحة، وليس إلى نكران الواقع من سبيل، وما عليَّ إلا الرضوخ لواقع الأمر، ومعالجة هذا المرض بالطرق اللازمة.
وقد كان لزاما أن أتخذ الإجراءات اللازمة قبل وقوعه، وذلك بالفحص السنوي، إذ أن مرض السكر (يصمت) سنين طوالا ويظهر بعدها عنيفا. لذا يكون لزاما على من يبلغ الأربعين عاما أو يتجاوزها أنْ يفحص سكر الدم سنويا أو كل سنتين على الأقل، وخصوصاً إذا كان له أب، أمّ ٌ أو أشخاص قريبون منه جدا أصيبوا به، ولا سيما إذا كان بدينا أو يزيد وزن جسمه عن المعتاد. كان استنتاجي بعد رؤيتي نتيجة الفحص أنني كنت مصابا به حوالي السنتين اللتين سبقتا الفحص المختبري، لتذكري أعراضاً نجمت، كانت أعراضه. لم يكن الوقت متأخراً أو حرجاً، فالمضاعفات الخطرة تحدث بعد مدة 5-10 سنين من الإصابة أو تزيد عنها، وهذا يعتمد طبعا على حال المصاب ونمط حياته. لذا كان علي أن أحمل الأمر محمل الجد للتخلص من هذا (الخناق) الأثيم قبل فوات الأوان. ولماذا أسميه (خناقا)؟ ذلك أن ميزة هذا الداء هي (تضييق) الأوعية الدموية، وتأثير هذا التضييق على الأعصاب والأنسجة حيث يحرمها من الكمية الضرورية من الغذاء والأوكسجين، ثم بجعله الدم كثيفا وثقيلا تتحطم الأوعية الدموية الدقيقة قي الكلية والعين، وهذا ما يسبب تلفهما، وبتحطيمه الألياف العصبية تفقد الأعصابُ وظائَفها فتتأثر الانسجة المرتبطة بها فتضطرب وظائفها . كان أول عمل قمت به هو اللجوء الى الكتب والنشرات الطبية والانترنت لمعرفة كنْه هذا المرض تفصيلاً . إذ أن معرفة مواطن الضعف في العدو هي الخطوة الأولى للتغلب عليه أو لتجنب عواقبه على الأقل. فكيف يعمل هذا المرض وما هي آلية فتكه بالأنسجة المتعددة في الجسم كالقلب والعين والكلية والأعصاب؟.
إنَّ وجودَ السكر في الدم بكمية كبيرة يجعل الدم سائلاً كثيفاً أشبه ما يكون بالعصير (Syrup) ، وهذا العصير الدموي بثـقـله غير الطبيعي في أوعية الدم، والذي هو حصيلة اتـِّحاد السكر بالمواد البروتينية (الزلالية) الموجودة في الجسم، يكون أشبه بالغراء (الصمغ) مما يجعل الأوعية الدموية ضيّقة وغير مطاطة، كما أنه يسبّب التهاباً يؤدّي إلى تضخّم الأنسجة الناعمة للأوعية الدموية، وإلى تكوّن مادة صلبة داخلها في حال تعرف بـ (تكوّن التصلّب atherogenesis ). هي حال تسبّب تلف العين والكلية والجهاز العصبي والأعضاء الأخرى في الجسم. تصوّر دماً ثقيلاً يجري في أوعية شعرية دقيقة باطن العين أو داخل النيفرون (وحدة تصفية الدم في الكلية)، هذه الأوعية الدقيقة لا تتحمّله، فتتمزق وتـتـلفُ الأنسجة التي تـتـزّود بالدم منها . أما محاور (ألياف) الخلايا العصبية، واسطة الاتصال بين الخلايا، فتـتـلف فينعدم الاتصال، ويُفـقـَد الاحساس والشعور بالحرارة والألم في تلك المنطقة ذات الأعصاب التالفة، فتكون الاستجابة للمؤثرات الخارجية معدومة. ورغم أن الهيموغلوبين يرتبط بالأوكسجين ارتباطاً وثيقاً، ألا إنه يحرّره (يطلقه) عند وصوله الخلايا والأنسجة فتتزوّد به. ولكن اتحاد السكر بتركيز عالٍ مع الهيموغلوبين، في حال تدعى بـ(الهيموغلوبين المتسكّر glycosylated haemoglobin ) يعيق تحرّر الأوكسجين، فـتـُحرم الخلايا منه فيكون التلف نصيبها. أما عند ارتباط السكـّر بالألبومين (مادة زلالية صغيرة الحجم) وخلايا الدم البيض، فانه يعيقها عن القيام بوظائفها الاعتيادية. ولما كانت وظيفة الخلايا البيض مكافحة الجراثيم في الاصابات التي تحدث في الجسم، تكون محاربة الجراثيم عندئذ بطيئة وضعيفة، مما يتطلب (إستعانة) من خارج الجسم، وذلك بتناول كميات قد تكون كبيرة جداً في بعض الأحيان من المواد مضادة الحياة (antibiotics)، والتي قد تكون غير ضرورية في الأحوال الطبيعية.
ثم إذا عرفنا أن الشعيرات الدموية الموجودة جوف العين دقيقة جداً، يمكننا تصوّر حالها نتيجة وجود دم ثـقـيل مشبـَّع بالسكر يجري داخلها، ألا وهو تحطـّم هذه الشعيرات الدقيقة داخل العين، مما يحدث نزيفاً فيها، ونشوء شعيرات جديدة أخرى بديلة لها، وتحطمها مرة أخرى، ونشوء شعيرات أخرى وتحطمها وهكذا، مما يؤدي إلى (عتمة) فجوة العين وانعدام وصول الضوء الكامل للصور الخارجية، فتضعف الرؤية وتكون النتيجة عمى العين في النهاية. أما الكلية، وهي التي تحتوي على مليون وحدة تصفية (نيفرون) تقريباً، وهذا العدد يتباين حسب عمر الفرد وحاله، يمكننا تصور صغر هذه الوحدة ودقة الشعيرات الدموية داخلها، فيكون تحطمها نتيجة الثقل (الصمغي) للدم أمراً لا مفر منه. والنتيجة هي عدم تصفية الدم بصورة كاملة ونضوح بعض البروتينات من الكلية الى مجرى البول، ومن ثم طرحها خارجاً مع البول. لذا يكون البول حاوياً البروتين اذا تفاقم مرض السكر وكلما اشتد المرض وأهملت السيطرة عليه، يزداد عدد الوحدات التالفة، وتكون النتيجة فشل الكلية وزرع كلية جديدة سليمة بدلاً عنها . أما عن القلب والأعصاب المركزية والمحيطية التي تسيطر على وظائف الجهاز الهضمي ـ المعدي المعوي ـ والاطراف وتأثير زيادة السكر في الدم عليها، فهى أمور خطيرة جداً تؤدي إلى الجلطة الدماغية والسكتة القلبية وبتر الأقدام والأطراف.
بعد أن قابلت صديقي الطبيب الذي أراني نتيجة الفحص المختبري والذي يتبيّن منه أن تركيز سكر (كلوكوز) الدم هو 8ر15 مليمول/لتر (285 مليغم/دل) ، وهو تركيز عال جداً (قبل الإفطار) حيث كمية كلوكوز الدم الطبيعية بعد صوم 8 ـ 12 ساعة يجب أنْ تكون بين 70 ـ 110 ملغم/دل (9ر3 ـ 1ر6 مليمول/لتر) كان التشخيص، بلا شك، الإصابة بالسّـكـّر نوع (2)، والذي يكون سببه عدم وجود الانسولين بكمية كافية، أو عدم فعاليتها الكاملة أو مقاومة خلايا الجسم لها أو كل هذه الأمور. وهذا يختلف عن مرض السكّر نوع (1) الذي يسببه عدم استطاعة البنكرياس إفرازالأنسولين ويحدث هذا عادة أوائل العمر. . ولما كان النوع الثاني يعالج عادة بالتغذية الصحيحة وممارسة التمارين الرياضية وتخفيض الوزن، عادة يكون المصاب به مفرط الوزن. تمَّ الاتفاق بيني وبين الطبيب اللجوء الى هذه الوسائل الثلاث بادئ الأمر، فإنْ لم تـنجح في تخفيض تركيز كلوكوز الدم الى ما يقرب التركيز الطبيعي، فاستعمال الحبوب أمر لا مفـَرَّ منه . بدأت التجربة بتخفيض الوزن، بتقليل كمية الطعام وتغيير نوعه، وخصوصا البروتينات (اللحوم والحليب ومشتقاتهما) لتأثيرهما على الكلية. وكان استعمال جهاز قياس كلوكوز الدم اليدوي ضرورياً جداً لتتبع ومعرفة تركيز الجلوكوز قبل وجبات الطعام وبعدها .
بعد مرور عشرة أيام
كانت النتيجة هبوط تركيز كلوكوز الدم الى 156 ملغم/دل (7ر8 مليمول/لتر) صباحا وقبل الفطور، بعد أن طرحت من وزني خمسة كيلوغرام (11 رطلا) خلال الأيام العشرة. وعندما وُجد تركيز كلوكوز الدم ساعتين بعد وجبة الطعام يتجاوز 216 ملغم/ دل (12 مليمول/ لتر)، كان استعمال مادة ميتـفـورمـين (metformin) ، حبة ذات 500 ملغم صباحا وأخرى مساءً، زيدت بعدها الى ثلاث مرات يومياً.
هبوط مستوى كلوكوز الدم
بعد أشهر ثلاثة من (التجويع) بتناول غذاء يحتوي على قليل من السعرات الحرارية، مع تقليل كميته والمثابرة على التمارين البدنية، التي كانت بين مشي سريع نسبياً واستعمال دراجة ثابتة، مدة تتراوح بين ساعة الى ساعتين يوميا، انخفض الوزن أكثر من 15 كيلوغرام، وهبط مستوى الكلوكوز في الدم قبل الفطور،كما أظهرها الفحص المختبري، إلى 3ر6 مليمول/لتر (حال طبيعية تقريباً). وبعد مرور ثلاثة أشهر أخرى أصبح كلوكوز الصباح حسب الفحص المختبري 7ر5 مليمول/لتر (طبيعي) وكنت أفحص كلوكوز الدم يومياً، مرة أو مرتين، بواسطة آلة قياس السكر، لأتابع تركيزه يومياً .
وجدتُ بعد قياس تركيز كلوكوز الدم الصومي (قبل الإفطار) كل يوم تقريباً أن التركيز قد أصبح 90 ملغم/دل (5 مليمول/لتر) وفي بعض الأحوال قد هبط إلى 80 ملغم/دل، فارتأيت تخفيض جرعة الميتفورمين، من ثلاث حبات الى حبتين، والى حبة ونصف ثم حبة واحدة وبعدئذ إلى نصف حبة يومياً، وقد شجعني على تخفيضها قراءة تركيز الكلوكوز الذي استمر بمعدل (90) ملغم/دل. وفي اليوم الأول من تشرين الأول عام 2000، انقطعت عن تناول الميتفورمين تماماً، فارتفعت قراءة الجلوكوز الصومي إرتفاعا طفيفا ثلاثة ايام متتالية حتى وصلت 116 ملغم/دل، فلم أكترث لها، بل واصلت الاعتماد على التغذية والتمارين البدنية (المشي والدراجة)، فاخذ الكلوكوز يتراجع تدريجيا حتى عاد إلى (90) ملغم/دل أو ما يقاربه. وكان الفحص المختبري بعد (5) أسابيع من عدم استعمال الميتفورمين، يظهر أن الكلوكوز الصومي هو (100) ملغم/دل. وبعد الاستمرار على هذه الحال سبعة أشهر متتالية، كان الفحص المختبري اللاحق مطابقا لسابقه تقريبا . فمن يقرأ نتائج التحاليل التي تـلـتْ والتي كان آخرها قبل شهرين، لا يعتقد أنني مصاب بالسكـر، لأن القراءة تشير الى أرقام طبيعية، فهل يعني هذا أنني برئت منه ؟
يختلف الباحثون في هذا الأمر. فبعضهم يقول إنه شفاء وإنَّ البنكرياس أ ُصلِحَ عطـبـُها، والأنسولين أصبحت فعالة كما كانت، وإن المقاومة لها قد تلاشت أو ضعفت. وبعضهم يقول إنه شفاء مؤقت، يعود المرض إذا واجه الشخص ظروفا مشابهة للظروف التي أدَّتْ إلى مرضه، وآخرون يقولون إنه السيطرة التامة وليس الشفاء.
ورغم تضارب الآراء، هل يستطيع من يقرأ نتائج التحاليل الأخيرة القول إنني مصاب بالسكر؟
وقبل أن أذكر كيفية التعامل مع مرض السكر، قاصداً النوع َ الثاني منه، إذ أنَّ للنوع الأول منه شأناً آخر مختلفاً تماماً، أود أن أذكر بايجاز كيفية حدوثه. ولنبداْ من الأول، حيث أن تناول الكاربوهيدرات ( السكريات ) يحفـِّز غدة البنكرياس للقيام بإفراز هورمون الإنسولين وضخـِّها إلى مجرى الدم، وهذه الأخيرة تذهب بدورها إلى الخلايا العضلية فتفتح (أبوابها) لتدع السكر (الكلوكوز) الناتج عن تأيض ( ميتابولزم ) الكاربوهيدرات إلى الدخول إلى هذه الخلايا التي تحتاجه كطاقة للقيام بوظائفها. فزيادة تناول السكريات يقابلها زيادة إفراز الإنسولين، فبهذه العملية أو الآلية يكون ثـمة تركيز ثابت تقريباً للسكر في الدم في الحال الطبيعية. أما إذا كان إفراز الإنسولين غيرَ كافٍ لخلل في البنكرياس أو لـ (إرهاقها أو إجهادها ) لكثرة تناول السكريات، أو لوجود تشوه في جزيئة الإنسولين، أو مقاومة الخلية للإنسولين نتيجة تشوه مستـقـبـِل ( بكسر الباء ) الإنسولين على سطحها، أوكل هذه الأشياء مجتمعة، يزداد تركيز السكر في الدم وتركيز الإنسولين أيضاً، مما يؤدي إلى مرض السكر ومضاعفاته بعدئذ، إذا لم تتخذ الإجراءات اللازمة في حينها. فما هي هذه الإجراءات؟
إذا عرفنا أنَّ الإنسولين تـُـفـرَزُ كـ( بروإنسولين ) – غير فعالة – ولكنها تُصبح فعالة بالتجـزء الخميري خلال 15 دقيقة بعد إفرازها في الشخص غير المصاب، فزيادة تركيز السكر في الدم تختفي بعد ساعتين من تناول الطعام. أما في مريض السكر، فيكون ( تفعيل ) الإنسولين بالتجزء الخميري خلال ساعتين من تناول الكاربوهيدرات، مما يؤدي إلى تركيز سكر عال في الدم في هذه الفترة إضافة إلى ما ورد أعلاه من أسباب أخرى، وخصوصا مقاومة الخلية. فما يجب عمله في هذه الحال هو ( حرق ) سكر الدم بإيصاله إلى الخلية دون مساعدة الإنسولين، وذلك بالتمارين الرياضية. ففي هذا تنتفي الحاجة إلى وجود الإنسولين، فيكون إفرازها قليلاً مما يعطي الفرصة للبنكرياس لـ(ترميمها) بعدم إجهادها. فبمرور الزمن تنتج ما هو كافٍ من الإنسولين لحرق السكر دون تمارين رياضية، وهذا ما وجدته من تجاربي على نفسي. لذا أنصح المصاب بمرض السكر أن يقوم بتمارين بدنية بعد ساعة أوساعتين من تناول الطعام ولتكنْ لمدة 30 دقيقة على الأقل، وإنْ زادت عن هذه المدة فأحسن. وليكن الطعام متوازناً وبكميات قليلة كل وجبة ويستحسـن أنْ يكون طعام خفيف
Snack بين الوجبات. كما أنَّ نوع الطعام مهم. فيفضل ما قلَّ دهنه وكثرت أليافه، كالخضروات والفواكه الطرية والخبز المعمول من القمح كله دون تنقية، ومن اللحوم الأسماك والدجاج، ولكن بكمية معتدلة.
إنَّ قياس سكر الدم مرة أو مرتين أو ثلاثاً، حسب الظروف، هام جداً لتـتـبّع تركيزه، واتخاذ ما يلزم فوراً.
إنّ تخفيض وزن الجسم إلى الطبيعي منه ضرورة لازمة. فقد وُجد أنَّ البدانة تسبب المقاومة للإنسولين، وأنَّ إنقاص الوزن أعطى نتائج كبيرة في معالجة مرض السكر وتخفيض تركيز سكر الدم. ولا يُعرف سبب المقاومة، إذ ليس ضروريا أنْ يكون الشخص بديناً لتقاوم خلاياه الإنسولين، فثمة من هم بوزن طبيعي أو بنحافة ولديهم مقاومة، وثمة من هو مفرط الوزن ولكن دون مقاومة.
هل الحياة تجري كالمعتاد ؟
بعد أن اتخذت الاجراءات اللازمة لمعالجة مرض السكر تمّت السيطرة عليه تماماً، وقد تم ذلك في فترة تقل عن السنة، بعد بذل جهد غير قليل وتضحية بملذات الطعام، وهذا لا يعني أن كل شئ على ما يرام، وأني راجع الى حياتي السابقة كالمعـتاد، فالحذر واجب وإدامة السيطرة ضرورية. فرغم أني لا أشعر عملياً بأنني مصاب بالسكر إذ أنني أتناول مختلف الطعام تقريبا، ولكن بحذر وخصوصاً السكريات، إلا أنّ مجرى حياتي تغيّر، فأنا أمارس التمارين البدنية، وخصوصا الخفيفة منها، كالمشي واستعمال الدراجة الثابتة، يوميا (حرقا) للكلوكوز وتنشيطا للخلايا وتقليلا لمقاومتها وحفاظاً على الوزن الطبيعي الذي لا يتم بها وحدها ولكن بالتقليل من الأغذية وخصوصا الدسمة منها. وأمارس likm الصيدلة في فترات معينة دون تعب أو إعياء، والقراءة والكتابة كثيراً، أي أن حياتي طبيعية ولكن مقيدة نسبيا. فتغيير منوال الحياة بعض الشيء كان في صالحي،حيث الانغماس في الملذات قد يورث المنغصات. والتقدم في العمر هو التغير في الجسم، وهذا يتطلب نمطا آخر غير ما كان عليه في أوائل العمر . إذْ بتغيّر الأنسجة والأعضاء تتغير الاستجابة، وفي اكثر الحالات تضعف. ولكن هذا يعتمد على (الصيانة) أول العمر، كما هي الحال في الآلات التي نستعملها كل يوم.
الاستنتاج
*****
إن كلمة (راقب) نفسك حين تتجاوز الأربعين عاما من العمر تصحّ كثيرا في الوقاية من مرض السكر ، وقد تصحُّ ايضاً قبل بلوغ الاربعين، وخصوصاً إذا كنت بدينا، أو كان لك أب، أمّ أو أشخاص قريبون جدا منك مصابين بمرض السكر، فتحليل الدم لمعرفة تركيز السكر فيه كل سنتين تقريبا بعد الأربعين ضروري جداً، أو اذا كان ثمة علامة أو علامات لمرض السكر ظاهرة عليك كعطش شديد دوماً، تبول مستمر في فترات قصيرة (وخصوصاً اثناء الليل) تدعوك إلى الإستيقاظ مرتين أو أكثر ، هذا إذا كان ما شربت أو أكلت في وجبة العشاء معتدلا)، أو ضعفٍ وإعياءٍ. فمراجعة الطبيب ضروري لتشخيصه ومن ثم علاجه إن وقع . وفي أكثر الأحيان يمكن تفاديه قبل وقوعه، بتخفيض وزنك، إن كان زائداً، واتباع نظام غذاء جيد، مع ممارسة التمارين البدنية. هذه الأمور الثلاثة هي أهم عوامل الوقاية أو السيطرة .
أما إذا حدثت الاصابة، فلا تظن أنّ الحياة قد انتهت، ولكنها تغيَّرتْ، والتغير يعتمد عليك، اذ تستطيع أنْ تجعله أقرب الى ما كان عليه أوْ أحسن منه في بعض الأحيان! فالصورة الأصلية فريدة، لا تستطيع أن تجعلها صورتين (توأمين)، ولكنك تستطيع أن تستنسخها كأحسن ما يكون أو أسوأ ما يكون، معتمداً على براعتك في فن التصوير. ثم إن العزم على نيل المرام يتطلب تضحية، فبغيرها لا يُنال المرام. والاعتراف بالواقع هو أول خطوة لتغييره نحو الأحسن إذا لم تكن قانعاً منه، واليأس في هذا الشأن هو طريق الفناء !
ِ