أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عماد الاخرس - من يقف وراء كارثة وأد العقول العراقية ؟















المزيد.....


من يقف وراء كارثة وأد العقول العراقية ؟


عماد الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 2243 - 2008 / 4 / 6 - 11:07
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ليطلع القارئ الكريم على هذه المأساة البشرية .. وأد العقول العراقية !! التي وردت في تقرير مجلة (المشاهد السياسي) البريطانية والمنشور في موقع المرصد العراقي بتاريخ 3/4/2008..( لسهولة الاطلاع على محتوى التقرير تم نشره كاملا في نهاية مقالي الجاري ).
إن كل إنسان عراقي شريف سيقرأ هذا التقرير ستنزف عيناه دَما ً لهذه الكارثة ولن أبالغ القول إن قلت سيصرخ ويبكى بصوت هستيري عالي أو يصاب بالجنون الدائم !!
لذا أقولها من البداية .. الحكومة العراقية ملزمه بالتوضيح للعراقيين اجمع عن كل ما ورد في هذا التقرير.
حقا انه تقرير محزن يتضمن اتهامات وإحصائيات وتوضيحات لأمور تتعلق بالقتل المستمر للعلماء والكفاءات العراقية .. وبعيدا عن دقة الأعداد الواردة في الإحصائيات ومدى صحة أو كذب البعض منها .. فكل العراقيين سمعوا وتابعوا الكثير منها ويتذكرون آخرها اغتيال الدكتور الجراح خالد ناصر ( رحمه الله ) في مدينة البصرة .. لذا فلابد من التوضيح.
إن ضحايا هذه النخبة الخيرة من شعب العراق لم يرتكبوا أي جرما سوى أنهم أناس أذكياء لهم اهتمامات علميه متميزة همهم خدمة العراق والبشرية جمعاء بها.. وأما عن استهدافهم من قبل الأعداء وأعنى بهم الموساد الإسرائيلي المتغلغل في قوات الاحتلال وكما ورد في التقرير أمر لا عجب فيه حيث غايته تفريغ العراق من العلماء والكفاءات وبالتالي إيقاف عجلة تطوره.. إنهم قتلة وأفعالهم تقزز الأبدان و في حرب معلنه يدافعون عن كيان يريدون له البقاء والدوام بكل السبل والصيغ التي تؤمن لهم ذلك .
أما الغرض من مقالي فهو ضرورة الكشف عن كل الجهات التي تقف وراء اغتيال العلماء والتأكيد على ضرورة اهتمام الحكومة العراقية بهذه الشريحة وتوفير الحماية وسبل العيش الرغيد لهم والأمن الذي يستحقونه.
لقد تناول التقرير جريمة وأد العقول العراقية وتزايده بشكل ملحوظ خلال السنين الخمس الأخيرة حيث ضعف الدولة وفقدان الأمن أي الاتهام غير المباشر للحكومات المتلاحقة بعد إسقاط صدام و إلى يومنا هذا.
إن الإحصائيات التي وردت في التقرير بدأت مع الاحتلال لذا فالجهات المسئولة عنه هو الجهة التي شرعت الاحتلال واعني بها الأمم المتحدة وكونها شريك لهذه الحكومات في هذه الجرائم.
ولنترك الأمم المتحدة وتشريعاتها وقوى الاحتلال ومصائبهم فنواياهم معروفه ولديهم مصالح لابد من تنفيذها ولا يهمهم حرق البلد المحتل وشعبه.
إذن لم تبقى سوى الحكومات المتعاقبة على حكم العراق الجديد في ظل الاحتلال والأجهزة الأمنية والمخابرات العاملة بأمرها.. ولهم أوجه أسئلتي .. ابدأها .. ألا يستحق التقرير المنشور في هذه المجلة توضيحا من قبلكم ورداً على المعلومات الواردة فيه عسى أن يخفف من حزننا وألمنا ويطمئن البقية الباقية من العلماء ممن لم تصل لهم أيادي الغدر لحد الآن ؟ ألا يدخل الحزن قلوبكم وانتم تقرؤون اغتيال هذا العدد الكبير الرهيب من العلماء العراقيين ؟ هل هناك صعوبة بتوفير الأمن لهذه النخبة الخيرة من المجتمع ومراعاة الأسبقية في تأمين الحماية لهم ؟ ألا يستحق هؤلاء عيشاً آمناً والأفضلية والتمييز عن بقية شرائح المجتمع ؟ هل يعجبكم أن يصبح العراق خاليا من العلماء والكفاءات وهل لديكم فكره عن ظروف عيشهم في البلدان المتطورة ؟
وأعود لأسئلتي التي تتعلق بسير التحقيقات الجارية بهذا الموضوع ..ابدأها .. لماذا تُسَجَلْ كل الجرائم التي تخص اغتيالات هذه النخبة الخيرة ضد مجهول والخشية والخوف من ذكر الجهات الساندة لها ؟ هل من الصعب على الحكومة ولمدة خمسة سنوات متواصلة من الاغتيالات تشخيص الجهات التي تقف وراء هذا الاستنزاف لقادة العلم والتطور في العراق ؟ هل من المعقول أن يتم اعتقال شبكه تعدادها 8000 مجرم متهمين بهذه الجرائم ويتم إعدام 600 منهم ولم يتم الإمساك بخيط من خيوط هذه الجريمة أو الجهات التي تقف وراءها ؟ ألا يفهم من توجيه الاتهام لهذا العدد الكبير بان ما يراد منه خلط الأوراق وتمييع الجريمة ؟ ألا تقع على عاتق الاحتلال مسؤولية حماية كل الأفراد في البلد المحتل ومنهم العلماء و لماذا الصمت وعدم توجيه الاتهام المباشر لهم ؟ وأخيرا .. اذا عجز محققيكم عن كشف خيوط هذه الجريمة النكراء فلماذا لا يتم الاستعانة بمحققين دوليين وألا تستحق هذه النخبة وهذا العدد هذا الاهتمام ؟
هذه بعض الأسئلة التي تدور بخلد المواطن العراقي .. وعلى الحكومة العراقية وبالذات أجهزتها الأمنية والمخابرات التابعة لها إثبات نزاهتها ومصداقيتها بتقديم أجابه تفصيلية مدعومة بالدلائل والشهادات على كل ما ورد في التقرير وعليهم أيضا تقديم جرد مفصل يُعْلَنْ على الملأ عن ظروف اغتيال كل عالم عراقي والجهات والعناصر المنفذة التي تقف وراءه.. و إذا كان هذا صعب عليهم .. إذن عليهم الاعتراف بفشلهم وترك العمل في هذه المؤسسات لعدم امتلاكهم الكفاءة للعمل فيها.
إن أكثر الدلائل تشير على إن الاحتلال وراء الكثير من هذه الاغتيالات لأنها تجرى في عهده وعليه تحمل مسؤوليتها .. وأما الحكومات العراقية المتعاقبة في ظله فتتحمل المسؤولية الكاملة بالتستر عن هذه الجرائم بسبب خجلها أو خوفها من البوح بالحقيقة!!
أخيرا أقولها عذراً لأصحاب نظرية إخراج الاحتلال بالطرق السلمية .. فان هذا الرأي لا يصلح مع احتلال تقوده دوله امبرياليه مثل أميركا يتحكم بقراراتها رجال رأس مال الصهاينة وان ما ورد في هذا التقرير هو حقيقة أفعالهم و جرائمهم والعلماء والكفاءات أول ضحاياهم واستمرار الاحتلال معناه وأد المزيد من العقول العراقية بين قتل وتهجير !!


مجلة المشاهد السياسي البريطانية تفتح ملف اغتيال العلماء العراقيين وتكشف عن قتل ٥٥٠٠ عالم عراقي «الفاعل مجهول»





2008-04-03


MarsadIraq.Com

في معلومات وردت لمجلة ا«المشاهد السياسي» البريطانية أن عملية وأد العقول العراقية التي بدأت في اليوم الثاني لسقوط بغداد، تتوزّع بين أطراف ثلاثة:
ـ الطرف الأول هو «الموساد» الذي أوفد مجموعات سرّية الى العراق لمطاردة العلماء والباحثين والمفكّرين والأطباء، لا سيما الطاقمين النووي والكيميائي، وتصفيتهم بناء على قرار اتخذ على أعلى المستويات الأمنيّة في إسرائيل.
ـ الطرف الثاني هو المخابرات الأميركية المركزية، التي قدّمت عروضاً مغرية للعلماء العراقيين من أجل التعاون معها، بينها تأمين عقود عمل لهم في الولايات المتحدة وضمان سلامتهم، والذين رفضوا هذه العروض تمّت مطاردتهم وتصفيتهم على مراحل.
ـ الطرف الثالث هو فريق عراقي وقد صدرت إليه التعليمات بالانخراط في حملة التصفية بناء على توجيهات خارجية.
حتى الآن، كل ما صدر عن السلطات العراقية يقول إن «جماعات مسلّحة مجهولة» قتلت عشرات الأكاديميين والباحثين، واستهدفت كذلك الأطباء والمهندسين وكبار الموظّفين الحكوميين السابقين، لكن هذه «الايضاحات» لا تكشف هويّة هذه الجماعات لا بصورة مباشرة ولا غير مباشرة، وكأن المقصود أن يستمر التعتيم على المجرمين كي تتواصل عملية الذبح التي تستهدف الجامعيين العراقيين الى ما لا نهاية.
اللائحة الأولى التي نشرت، والتي ضمّت مئات العلماء العراقيين الذين تعرّضوا للاغتيال، ظهرت في موقع إلكتروني عراقي هو موقع «البيّنة» انفرد بنشر أسماء بضع مئات من الأكاديميين والباحثين خطفوا وقتلوا في جامعات العراق، من دون تعليق اللائحة. الثانية إن عملية خطف العلماء تتّسع ولا يستبعد أن تكون هناك «جهات أجنبية» وراء الظاهرة لإفراغ العراق من كوادره المميّزة. والتصريحات الأولى التي صدرت حول هذه العمليات جاء على لسان طبيب في وزارة الصحّة العراقية هو الدكتور محمود العباسي الذي قال: إن هذه الظاهرة تحتاج الى بحث واستقصاء لأنها ليست عملاً عبثياً، وإنما هي من تخطيط جهات أجنبية، وأصابع الاتهام تتجه نحو «الموساد» الإسرائيلي الذي يعتبر الجهة الوحيدة التي تمارس مثل هذه الجرائم، لأنه سبق أن اغتال عدداً من علماء الجامعات العراقية وأساتذتها، لا سيما في بغداد والمنطقة الشمالية. في وقت لاحق كشفت مصادر في وزارة الداخلية أن إجراءات أمنيّة مشدّدة اتخذت لمواجهة عمليات الخطف والتصفية التي تتولاّها عصابات مسلّحة في حق العلماء والأطباء، بقصد حرمان العراق من عقوله المبدعة.
كل هذا حصل في مرحلة الحكم الانتقالي، مباشرة بعد سقوط بغداد، مع حديث تكثّف في تلك المرحلة عن دخول مجموعات من «الموساد» مختلف المدن العراقية، في حماية الجيش الأميركي، بحثاً عن علماء الذرّة العراقيين وأشهر علماء الكيمياء. في الفترة نفسها، وبعد مضي بضعة أشهر على انتهاء الاجتياح، نشر موقع «العراق ـ ٥» الإلكتروني معلومات أكثر تفصيلاً. وقد استند الموقع الى تصريحات أدلى بها الدكتور زياد عبد الرزاق، وزير التعليم العراقي السابق (في زمن صدّام) يقول فيها: إن ١٥٥٠٠ عالم وباحث وأستاذ جامعي عراقي فصلوا من أعمالهم في سياق الحملة الأميركية ـ الإسرائيلية التي استهدفتهم، وقد تكتّمت وزارة الداخلية العراقية على نتائج التحقيقات التي طاولت المتّهمين في عمليات الاغتيال ضد أصحاب الكفايات العلمية العراقية، في حين أطلقت السلطات الأميركية عدداً منهم ورفضت الكشف عن نتائج التحقيقات التي أجريت معهم.
في السياق نفسه، اتّهم وكيل وزارة الصحّة العراقية عامر الخزاعي «أيادي خفيّة وخبيثة» بالوقوف وراء هذه الظاهرة، بهدف تعطيل عملية النهوض بالعراق من جديد»، وشاركت في هذا الاتهام رئيسة مركز الدراسات الفلسطينية في جامعة بغداد هدى النعيمي التي قالت إن «الموساد» يقف وراء التصفيات، وأن عروضاً إسرائيلية قدّمت الى فريق من العلماء العراقيين للعمل في إسرائيل، وتبلّغ أصحابها رسائل تقول: عليكم أن تختاروا بين القبول أو الاغتيال!
وقد تكثفت التهديدات الى حدّ ان مجموعة كبيرة من الباحثين العراقيين وجهت رسائل عبر الإنترنت بعنوان: «علماء الأمّة مهدّدون» طلب موقّعوها من الجهات العربية المعنيّة العمل على إنقاذهم من عمليات الدهم والاغتيال والتصفية التي يتعرّضون لها، خصوصاً الخبراء منهم في مجال التسلّح. وفي ١٥ أيار (مايو) نشرت صحيفة «المنار» الفلسطينية الأسبوعية، أن الولايات المتحدة نقلت اليها أكثر من سبعين عالماً عراقياً، ودفعت بهم الى معسكرات خاصة كي تضمن عدم قيامهم بتسريب معلومات أو معارف عسكرية الى جهات تصفها الدوائر الأميركية بأنها «معادية» وتشكّل خطراً على المصالح الأميركية. وتشير مصادر الصحيفة الى أن هؤلاء العلماء موجودون في المكان نفسه الذي نقلت اليه مجموعة علماء من مختلف الجنسيات. كما يعملون في برامج تطوير الأسلحة الليبية في طرابلس الغرب على أيدي رجال المخابرات الأميركية.
في مجال آخر، كشفت «المنار» أنه رغم التعاون الوثيق بين «الموساد» و«سي آي إيه» في عملية التحضير للحرب على العراق، إلا أن صراعاً نشأ بين الجهازين محوره استقطاب العلماء العراقيين بطرق خاصة الى الداخل الأميركي كما الى الداخل الإسرائيلي، وقد استخدمت إسرائيل في هذه المحاولة الأسلوب الذي استخدمته بعد تفكك الاتحاد السوفياتي عندما استدرجت عشرات العلماء الروس مع برامجها التسليحية ونقلتهم الى قاعدة سرّية في وسط إسرائيل.
وما يؤكّد الدور الإسرائيلي في خطف وقتل أو استقطاب العلماء العراقيين، التصريحات التي أدلى بها في ٨ نيسان (أبريل) ٢٠٠٤ جنرال فرنسي متقاعد الى القناة الخامسة في التلفزيون الفرنسي، أكد فيها أن أكثر من ١٥٠ جندياً من وحدات «الكوماندوس» الإسرائيلية دخلوا الأراضي العراقية في مهمة تستهدف اغتيال العلماء العراقيين الذين كانوا وراء برامج التسلّح العراقية الطموحة في أيام النظام السابق، وقد قدّمت أسماء الإسرائيليين الى لجنة مفتشي الأسلحة الدولية التي ترأسها هانز بليكس في حينه. ومما قاله الجنرال الفرنسي: إن مخطط الاغتيال هذا تمّ وضعه من قِبل مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، وأن لديه معلومات دقيقة عن الغرض المقصود منه، وهو تصفية العلماء الذي خطّطوا للقوّة الصاروخية العراقية ووضعوا أسس البرنامج النووي، كما ساهموا في برنامج الأسلحة الكيميائية الذي أرعب إسرائيل، وعددهم ٣٥٠٠ عالم من ذوي الخبرات
العالية، بينهم نخبة تتكوّن من ٥٠٠ عالم اشتغلوا في تطوير مختلف الأسلحة.
في وقت لاحق نشر «مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية» تقريراً مفصّلاً عن أبعاد المخطط الأميركي ـ الإسرائيلي الذي يهدف الى منع العراق من إعادة بناء ترسانته العسكرية، واستقصاء المصادر التي استقى منها العلماء العراقيون معلوماتهم ومعارفهم، ومنع انتقالهم الى أي بلد عربي أو إسلامي، وتحذيرهم من معاودة نشاطاتهم تحت أي صورة من الصور، في المجلاّت التي ترى واشنطن أنها محظورة عليهم.
ويوضح التقرير أن المخطط يقوم على عدد من المحاور الرئيسية وأبرزها:
تدمير البنية التحتية العراقية المتطوّرة التي سعى العراق الى بنائها منذ مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، مستفيداً من قدراته المالية التي وفّرت له التكاليف الباهظة لامتلاك الأسلحة المتطوّرة، ومستثمراً حالة الدعم الأميركي والغربي له تحت مظلّة التحالف الذي كان قائماً بينهما في ذلك الوقت. وقد بدأ تنفيذ هذا المخطّط عندما قامت إسرائيل بقصف المفاعل النووي العراقي «تموز» في حزيران (يونيو) من العام ١٩٨١، ثم أُعقب باستصدار واشنطن مجموعة من القرارات غير المسبوقة من مجلس الأمن تدعو الى تدمير هذه البنية ونزع أسلحة العراق عقب حرب الخليج الثانية، وبقيام بوش باستغلال هذه القضية كمبرّر لإعلان الحرب على العراق، وغض القوّات الأميركية الطرف عن عمليات النهب والسلب التي أعقبت احتلال بغداد، والتي طاولت أكثر من ٧٠% من المختبرات والأجهزة داخل الجامعات ومراكز البحث العلمي في العراق.
ـ أما المحور الثاني من المخطّط فيقوم على ملاحقة العلماء والخبراء الفنّيين العراقيين والعرب الذين عملوا في برامج التسليح العراقية. وفي هذا السياق، يقول التقرير إنه منذ بدء البرنامج النووي العراقي، عملت إسرائيل على تعقّب العلماء العرب الذين كانت لهم صلة بتطوير هذا البرنامج، وهو ما حدث مع عالم الذرّة المصري يحيى المشدّ الذي استعين به كحلقة وصل مع مؤسّسة الطاقة الذرّية في فرنسا. لكن عناصر من «الموساد» استطاعت اغتياله في باريس أثناء مهمّة له هناك في صيف العام ١٩٨٠. كذلك يوضح التقرير، أنه رغم أن النفط كان وما زال الدافع الرئيسي لتلك الحرب، فإن استهداف العلماء العراقيين كان عاملاً مهمّاً أيضاً، وهو ما عبّر عنه البريغادير جنرال فينسنت بروكس من مقرّ القيادة المركزية الأميركية قبل شهرين من الحرب، عندما تحدّث عن أهمية العلماء العراقيين بالنسبة الى الولايات المتحدة، حيث قال: «إن واشنطن لها أهداف أخرى غير الاطاحة بصدّام، على الأخص مقدرة العراق على تطوير أسلحة نووية أو كيميائية أو بيولوجية ضمن برنامج القضاء على أسلحة الدمار الشامل»، كما عبّر عن ذلك بوضوح جاك بوت رئيس بعثة الوكالة الدولية للطاقة الذرية في العراق قبل الحرب حين قال: «يجب أن نحدّد ما إذا كانت توجد قدرات نووية في العراق أم لا؟، وبالنسبة لي فإن ذلك يشمل العقول والأسلحة». كما تحدّث العديد من الدوائر داخل أميركا عن هذا الموضوع، فقد دعا «جون بي ولفثال» عضو برنامج حظر انتشار الأسلحة النووية في مؤسّسة «كارنيغي» وهو مستشار سابق لسياسات منع الانتشار النووي في وزارة الطاقة الأميركية.. إلى استقطاب علماء العراق مذكّراً بما حدث بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، حيث تعاونت الولايات المتحدة وأوروبا واليابان على إغراء علماء الأسلحة السوفيات، لضمان عدم قيامهم ببيع خبراتهم أو أي مواد تحت تصرّفهم كسباً للرزق، وأوضح أنه يمكن تبنّي الحل ذاته في العراق، فبدلاً من تعقّب هؤلاء العلماء والخبراء، فمن الأفضل أن يمنح غالبيتهم عفو عام مقابل تعاونهم. وكتب مارك كلايتون في صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» في تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٢، محذّراً من العقول المفكّرة التي تقف وراء المخزون العراقي من الأسلحة، وقدّم لائحة بأسماء علماء العراق الذين تدرّبوا في الولايات المتحدة، وقال: «إن هؤلاء العلماء والفنّيين أخطر من أسلحة العراق الحربية، لأنهم هم الذين ينتجون هذه الأسلحة»، ودعا المفتشين الدوليين إلى ضرورة إيجاد هؤلاء الأشخاص إلى جانب مهمّتهم في البحث عن أسلحة الدمار الشامل العراقية.
ويشير التقرير إلى أن واشنطن اتخذت العديد من الاجراءات لتحقيق هدفها في تفريغ العراق من علمائه قبل إعلان الحرب عليه، فقد أصرّت على تضمين قرار مجلس الأمن الرقم ١٤٤١ الذي صدر في العام ٢٠٠٢، فقرة تجبر العراق على السماح للمفتشين الدوليين باستجواب علمائه وفنّييه حتى لو تطلّب الأمر تسفيرهم هم وعائلاتهم خارج البلاد، لضمان الحصول على معلومات منهم عن برامج التسلّح العراقية. كما أقرّ الكونغرس الأميركي في مطلع العام ٢٠٠٣ قانون «هجرة العلماء العراقيين» الذي ينص على منح العلماء العراقيين الذين يوافقون على تقديم معلومات «ذات صدقيّة» بشأن برامج التسلّح العراقية تصريح إقامة دائمة في الولايات المتحدة. وقد حصلت بعد الحرب على العراق على قوائم بأسماء هؤلاء العلماء، خصوصاً الذين ساهموا في برنامج التسلّح العراقي، من لجان التفتيش التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرّية التي تعاقبت زياراتها للعراق قبيل الحرب.
ويشير التقرير إلى أن الخطة الأميركية عملت على إجبار العلماء العراقيين على الاختيار بين عدّة بدائل هي:
ـ العمل داخل العراق شريطة التزامهم عدم تقديم خبراتهم إلى دول معيّنة تحدّدها واشنطن، وقد أعدّت الخارجية الأميركية في هذا الصدد خطة حملت اسم «مبادرة رعاية العلوم والتكنولوجيا والهندسة في العراق» فاقت ميزانيتها ٢٠ مليون دولار، من أجل توظيف العلماء العراقيين في أبحاث سلمية داخل العراق.
ـ إغراء هؤلاء العلماء بالعمل في الولايات المتحدة ذاتها، مع منحهم حق الاقامة فيها.
وقد أكّدت مصادر علمية رفيعة المستوى في العراق، أن ثمّة مفاوضات تدور مع الكثير منهم لنقلهم إلى مراكز بحثية غربية، كما عرض على العديد منهم السفر إلى إسرائيل، والعمل في جامعاتها ومعاملها التي تتسم بدرجة عالية من التطوّر والتقدم التكنولوجي والعلمي، والحصول منها على درجات علمية. وقد استجاب بعضهم بالفعل لمثل هذه الدعوات، وعلى رأس هؤلاء الدكتور كنعان مكية رئيس قسم الدراسات الشرق الأوسطية في جامعة بوسطن والمحاضر في العديد من الجامعات الأوروبية، وطاهر لبيب أستاذ علم الفيزياء النووية، ومحمود أبو صالح المتخصّص بالتكنولوجيا. أما من يرفض من العلماء العراقيين التعامل مع هذه الخيارات السابقة، فإن المصير الذي ينتظره ما زال مكتنفاً بالغموض.
ومن خلال مراجعة دراسات أخرى تعود الى مطلع التسعينيات من القرن الفائت، يتبيّن أن المـؤسسات الأمنيّة والعسكرية الأميركية كانت منذ ذلك الوقت تركّز على الخبرة التي يملكها العراقيون. وفي مقال لمارتن أنديك نشر في مجلة «الشؤون الخارجية» في العام ١٩٩٣، نقرأ: إن الاهتمام الأميركي بالعراق يرجع الى أسباب عدّة أهمها الخبرة العراقية الكبيرة والمتراكمة في مجال التصنيع العسكري والبحث العلمي، وهناك آلاف العلماء العراقيين الذين يشكّلون بحق مصدر خطر في الشرق الأوسط لأنهم قد ينقلون خبراتهم الى دول عربية وإسلامية.
ولم يخف الأميركيون اهتمامهم بموضوع العلماء العراقيين منذ بدء التحضير للحرب الأخيرة، إذ ركّزوا عى الأسماء وطالبوا المحقّقين في لجنة الأنفوميك» بضرورة إعطاء الأولوية لاستجواب هؤلاء العلماء، وتحديد أسمائهم، الأمر الذي مهّد في مرحلة ما بعد الاحتلال لملاحقتهم، وتنفيذ خطط موضوعة سلفاً للتعامل معهم. وفي بعض الاحصاءات غير الرسمية أن شهر أيار (مايو) ٢٠٠٣ شهد مقتل ٤٥٨ عالماً وباحثاً عراقياً، وأن العدد ارتفع الى ٧٥١ في حزيران (يونيو) ثم الى ٨٧٢ في آب (أغسطس). وقد استقرّ متوسط عدد هذه الاغتيالات على ٦٥٠ ضحيّة في الشهر، اعتباراً من آب (أغسطـس) ٢٠٠٣ حتى أوائل العام ٢٠٠٤. وتقول إحصائية صادرة عن عدد من المنظّمات غير الحكومية التي قامت بزيارة العراق بعد الحرب، أن صناعة الاغتيال التي ازدهرت بعد سقوط بغداد، حملت آلاف الأطباء والمهندسين والباحثين والجامعيين على مغادرة العراق قبل أن تشملهم لائحة التصفيات الطويلة في غياب الرادع الأمني. وتؤكد هذه المنظّمات أن التصفيات كانت تجري في الشارع من دون إنذار مسبق، قبل أو بعد صلاة الجمعة، عندما يتأكد الجناة هويّة الشخص المراد قتله، وفي كل الحالات كانت التحقيقات تحفظ تحت عنوان أن «الفاعل مجهول».
إحصائية أخرى أعدّتها «رابطة الأساتذة الجامعيين» في بغداد تؤكّد أن ٨٠ في المئة من عمليات الاغتيال استهدفت العاملين في الجامعات، وأكثر من نصف القتلى يحملون لقب أستاذ أو أستاذ مساعد، وأكثر من نصف الاغتيالات وقعت في جامعة بغداد، ثم البصرة، ثم الموصل والجامعة المستنصرية، و٦٢ في المئة من العلماء الذين تمّت تصفيتهم يحملون شهادة دكتوراه دولة من جامعات غربية، ثلثهم مختص بالعلوم والطب، و١٧ في المئة منهم أطباء ممارسون، وقد قتل ثلاثة أرباع الذين تعرّضوا لمحاولات اغتيال والربع الذي نجا فرّ الى الخارج.
وتبقى شهادة ذات دلالة خاصة وردت على لسان العالم العراقي الدكتور نور الدين الربيعي الأمين العام لاتحاد المجالس النوعية للأبحاث العلمية، رئيس أكاديمية البحث وأحد أبرز العلماء العراقيين في مجال التكنولوجيا النووية. يقول الربيعي: إن التقدّم التقني للعراق كان أحد أسباب الحرب، وقد سبق لمادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأميركية أن صرّحت «ماذا نستطيع أن نفعل مع العراق غير تدمير عقوله التي لا تستطيع القنابل الذرية أن تدمّرها، فتدمير العقول العراقية أهم من ضرب القنابل».
يضيف الربيعي: لقد تحقّق الوعيد الذي أطلقه جيمس بيكر في وجه طارق عزيز وهما مجتمعان في جنيف في العام ١٩٩٩، إذ قال: إذا لم تتعاونوا معنا فسوف نعيدكم الى عصور ما قبل الوسطى». ويستطرد: «إن اغتيال علماء العراق جزء من استراتيجية الفوضى المنظّمة التي اعتمدها الاحتلال لتطويع العراقيين وإخضاعهم، وعلى أساسها تمّت استباحة قصور الدولة ومنشآتها الحكومية ومصارفها وجامعاتها ومصانعها ومراكزها الهندسية العسكرية ومتاحفها ومكتباتها الى جانب كنوزها التراثية».
ويبقى السؤال مطروحاً: لماذا التغطية على المجزرة التي استهدفت علماء العراق، ولماذا لا يتم نشر محاضر التحقيق كاملة مع الموقوفين المتّهمين، أو عناوينهم العريضة على الأقل؟
واضح تماماً أن التحقيقات التي تمّت كشفت بالأدلّة القاطعة هويّة الفاعلين والجهات التي تقف وراءهم، لأن أحكاماً قضائية صدرت في حقهم تراوح بين الاعدام والسجن المؤبّد، فلماذا تتلكأ السلطات العراقية في الجهر بالحقيقة من أجل حماية من بقي حيّاً في المجتمع الأكاديمي العراقي؟



#عماد_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توجيه صائب للأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي .. طال انتظا ...
- شُكْراً أبا داود .. وَصَلَتْ التحية
- ما هو شكل التحسن الأمني والمنطقة الخضراء تحت مرمى قذائف الإر ...
- الخطوط الجوية الكويتية تسعى لحجز الأملاك العراقية في الخارج ...
- تعزية الحكومة العراقية للإخوة المسيحيين مقبولة .. بشرط !!
- رسالة إلى الحزب الشيوعي العراقي.. افعلها أبا داود ولا تََتَر ...
- رئيس الوزراء نورى المالكي .. افعلها ولا تَتَرَدَدْ !!
- الأستاذ ياسين البدرانى .. شكراً لتصويبك مقالي
- قراءه موضوعيه لزيارة الرئيس الإيراني نجادي إلى العراق
- الأستاذ لبيد عباوى .. ماذا عن استغلال الكويت لحقولنا النفطية ...
- ارفعوا الجدران الكونكريتيه التي تُقَطِعْ أوصال مدينة السلام
- متى يتم منع المظاهر الدينية في الأماكن العامة ومؤسسات الدولة ...
- دور الموساد الاسرائيلى في الساحة العراقية
- يوم الشهيد الشيوعي.. ذكرى الأبطال الخالدين
- نعم .. إنها الحقيقة وراء الغزو الصدامى للكويت
- تحالف اليسار .. من اجل بناء الدولة الديموقراطيه المدنية في ا ...
- ألعراق الآن.. بحاجه لدعم دور العلم أم دور ألعباده
- الحملة الايمانيه لنصير شمّه
- تنظيمات ( الصحوه ) وإختراقها من قبل البعثيين
- هل يُتابِع ألبرلمانيون إستغاثات العراقيين ؟


المزيد.....




- -خطوة مهمة-.. بايدن يشيد باتفاق كوب29
- الأمن الأردني يعلن مقتل مطلق النار في منطقة الرابية بعمان
- ارتفاع ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان وإطلاق مسيّرة بات ...
- إغلاق الطرق المؤدية للسفارة الإسرائيلية بعمّان بعد إطلاق نار ...
- قمة المناخ -كوب29-.. اتفاق بـ 300 مليار دولار وسط انتقادات
- دوي طلقات قرب سفارة إسرائيل في عمان.. والأمن الأردني يطوق مح ...
- كوب 29.. التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداع ...
- -كوب 29-.. تخصيص 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة لمواجهة ...
- مدفيديف: لم نخطط لزيادة طويلة الأجل في الإنفاق العسكري في ظل ...
- القوات الروسية تشن هجوما على بلدة رازدولنوي في جمهورية دونيت ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عماد الاخرس - من يقف وراء كارثة وأد العقول العراقية ؟