عبد الله الحريف الكاتب الوطني للنهج الديمقراطي يصرح للصحيفة العدد 141 – 19/25 دجنبر 2003
يجب التأكيد أولا بأن السلطة الحقيقية في المغرب ليست بيد الحكومة بل القصر. كما أن الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية تتحكم فيها بالدرجة الأولى الإمبريالية الفرنسية والأمريكية إما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عبر مؤسساتها المالية كصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية. الحكومة هي خليط لا يجمعه أي شيء سوى خدمة المخزن وتوجهات الطبقات السائدة. الحكومة مجرد منفذ لاختيارات لا تضعها, لكن هذا لا يبرر كونها مسؤولة عن مجموعة من السياسات الاقتصادية والاجتماعية, فاتفاقية 30 ابريل مثلا كان الهدف منها فقط تمرير مدونة الشغل, إنها انتصار كبير للبورجوازية على حساب العمال باسم مدونة الشغل وتشجيع الاستثمار, كما أن القوانين المالية المختلفة لا ترسخ سوى ضعف الاستثمار العمومي وغياب مناصب الشغل. كما نؤكد استمرارية التوجهات والتوازنات المالية على حساب التوجهات الاقتصادية والاجتماعية كالتقشف وتسهيل تحكم المخزن في الاقتصاد والزيادة في تمركز الثروات في يد بعض العائلات, كما أن اتفاقيات التبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية ربح لهذه الأخيرة على حساب المغرب. ما الذي نملكه نحن لنبيعه لأمريكا؟ّ! كما نسجل استمرار تبذير الخيرات والثروات. أما على المستوى الاجتماعي, فهناك اندحار للطبقات المتوسطة على المستوى السياسي والمدني. ثمة تراجع في الحريات (قمع الحركات الاحتجاجية, اعتقالات, محاكمات, تعذيب اختطافات...) كل هذا باسم مكافحة الإرهاب. فاستصدار قانون الإرهاب جاء ليشرعن الإرهاب للدولة. أما بالنسبة للانتخابات الجماعية الأخيرة, فكانت مهزلة بسبب انتشار أسلوب بيع وشراء الذمم والتحالفات اللامبدئية بين الأحزاب. خلال هذه السنة كثر الحديث عن الشفافية ومحاربة الرشوة واختلاس المال العام, لكن لا شيء من هذا تم تفعيله, حتى أن بعض المحاكمات فيما يتعلق بالاختلاسات, وصلت إلى الباب المسدود. على المستوى الدولي, تم تسجيل تراجع كبير في المواقف خصوصا عند استقبال وزير خارجية الكيان الصهيوني في وقت كانت فيه آلة إبادة الفلسطينيين تشتغل بشكل جيد, نفس الشيء في الأمم المتحدة, إذ تبنى المغرب العديد من المواقف المساندة لغطرسة الولايات المتحدة الأمريكية.