|
غرباء في الوطن .. مواطنون في الغربة
مصطو الياس الدنايي
الحوار المتمدن-العدد: 2242 - 2008 / 4 / 5 - 06:37
المحور:
حقوق الانسان
لا شك أن العنوان أعلاه ينطبق على العراقيين في هذه المرحلة ، إذ أنه ملاحق داخل وطنه و مهدد بالقتل و الخطف و نهب ممتلكاته و سلب أمواله ناهيك عن حالة الجوع و العوز المعيشي .. فَمنذ تغيير الواقع العراقي و حتى قبل ذلك كان العراقي و ما زال يعاني حالة الغُربة داخل الوطن و هو يلهث و يركض وراء المعيشة ، هل ستأتي وجبة المواد الغذائية أم لأ ؟ ، هل سيقطعون أُذني أم لأ ؟ لأنني لم اذهب لخدمة العلم ، هل سيقتلونني لأنني سني أو أنني شيعي أو كوردي مسلم أو كوردي أيزدي أو صابئي أو مسيحي أو تركماني ، و متى سأبني بيتا خاصاً بي و بعائلتي و أطفالي ؟ ووووو ... الخ ، و زيادة عن ذلك انه ملاحق من أمراء الموت و المفخخات . كل تلك التساؤلات كانت و ما زالت تدور بذهن المواطن العراقي الذي لا ينقصه شيء من سُبل الحياة فَما حالة ذلك المواطن البسيط الذي يرعى عائلة و أطفال و لا يملك راتباً أو مصدر معيشة !!! حتى الرياضة العراقية و منذ الثمانينات تعيش حالة الغُربة و خاصة منتخب كرة القدم و هو يلعب باستمرار خارج العراق دون أن يستمتع بمؤازرة جماهيره في مختلف المحافل . جميعنا نعلم أن الدولة بحكومتها و مؤسساتها وجدت لخدمة المواطن كي يعيش عيشة كريمة بظلّ المواطنة الحقيقية بما له من حقوق و عليه من واجبات لكننا نرى أن الدولة العراقية وجدت لخدمة الحكماء و مسؤوليها فبإمكان المسؤول الكبير شراء ما يشاء و الذهاب حيثما يشاء وبالطرق الرسمية و جميعنا سمعنا تلك الحقوق و الامتيازات التي منحت و بقرار رئاسي لأعضاء مجلس الوزراء و أعضاء البرلمان من خلال إمكانية حصولهم على الحقوق المادية أسوة بمجلس الرئاسة و إمكانية سفرهم و سفر عوائلهم متى شاءوا إلى خارج العراق و يبقى عراقيّ محصناً بكامل حقوق المواطنة الحقّة دون أن يفكر باللجوء للحدود التركية أو المخاطرة بالمياه اليونانية و الوقوع بأيدي تجار البشر فيها . أخذ المواطن العراقي يفكر بالبديل عن دولته أو على الأقل بالبديل كي تعيش عائلته حياة كريمة بما بقي له و لعائلته فَتركَ كلّ شيء وراءه قاصداً بلاد الغربة و الرحيل حيث البلاد البعيدة . و ما أن يصل لتلك البلاد حتى يضعونه في ( الكمبات ) الإقامة أو الحجز الجبري لحين التحقيق معه حتى يهبونه اللجوء في تلك الدول و اغلبها أوروبية ، و ما أن يحصل على حق اللجوء حتى يكسب من تلك الدولة البيت و الراتب الشهري له و لأولاده و زوجته حتى أصغر طفله الرضيع دون التأكيد على فصيلته و شكله و لونه ، حيث يعطونهم الرواتب و حقوق العيش و المواطنة و يكون لهم رعاية طبية خاصة و يتم تبديل ملابسهم و أغطية نومهم و فرش البيت الخاص بهم بين كل مدة و أخرى . حتى الذين نزحوا إلى سوريا و سجلوا أسمائهم ضمن قوائم الراغبين بالرحيل لأوروبا تأتي إليهم الرسائل بوجوب تواجدهم بمراكز استلام حصتهم من المواد الغذائية و الأرزاق في سوريا ، لكنهم هنا في العراق ينتظرون تلك الحصة المقررة لهم شرعا و قانونا و لا تأتيهم و إن أتت فالإرهاب بانتظار السيارات المحملة أو الناقلة لتلك المواد كي يفجرونها و يحرقوا سائقيها . بلد النفط و الزراعة و الكبريت و الحضارات يلجئ أبنائه للعالم الخارجي كي يعيش .. من اجل المعيشة و الحياة فقط ، بينما جيران هذا البلد يسافرون للبلاد الأوروبية من اجل السياحة و الاستجمام و التجارة فقط ، هؤلاء الجيران الذين حلموا دائماً بأن يدرسوا في مدارس العراق غايتهم تلك المدارس العظيمة و أساتذتها العظام و هم الآخرون قد رحلوا إلى حيث لا عودة مع الإشارة إلى مَن بقي منهم حياً بعد أن طال أيادي الإرهاب المنظم الكثيرين من هؤلاء العقول النيّرة ، هذا الإرهاب البشع الذي عمل على قتل كل شيء جميل و مميز في العراق . قبل فترة توجهت عائلة فقيرة مادياً و معنويا من أهالي سنجار ( شنكال ) .. محرومة من كلِّ شيء قاصدة كوردستان العراق حيث مدينة السليمانية من أجل العمل بإحدى مزارع الدواجن عبر طريق سنجار ــ ربيعة ــ كوردستان ، فَكان الإرهاب بانتظار السيارة التي تقلّهم أو بالأحرى كان يبحث عن صيدٍ جديد كي يلطخ يداه بدمائهم كما يفعل يوميا فأمطر الإرهابيون الذين كانوا يتابعون تلك السيارة بأسلحتهم و راح ضحيتها الابن الشاب من تلك العائلة ذي السادسة عشرة من عمره فضلا عن جرح شقيقه الأصغر منه و جرح طفل و جرح والدته في ساقها و عندما تحدث والده بعد اصطحابهم للمستوصف القريب حيث نكون تحدث للمتواجدين .. ماذا شاهدوا لدينا كي يفعلوا بنا ذلك ؟ هل كانوا يحسدوننا على عيشتنا .. أم أنهم ظنوا بنا لسنا عراقيين ، أم أننا مكتوب لنا الموت بعدما كُتِبَ علينا البؤس و الشقاء و الحرمان و الجوع ؟؟؟ هذه هي الحالة العراقية اليومية و التي يعيشها المواطن العراقي البسيط منه ، و القادر على كلّ شيء ، لا يفكرون بشيء غير الرحيل و الحصول على مواطنة في الغربة و ما يلزمهم من بيت و أكل و راتب تلك المقومات التي تعتبر من ابسط مقومات العيش الكريمة التي تنادي بها الإنسانية و التي لا تتوافر في وطنهم العراق ، الذي خدموا من اجله مئات السنين بل آلاف السنين كي يبقى اسم هذا البلد عراق . إذاً العراقيون جميعا كانوا غرباء في وطنهم و ما زالوا حتى الآن ، و ما (( أصعب الحالة على الإنسان و يا عظمة تعاسته عندما يكون غريبا في بيته )) . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ شنكال = سنجار .. مركز قضاء سنجار التابعة لمحافظة نينوى
#مصطو_الياس_الدنايي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ
...
-
أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق
...
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال
...
-
البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن
...
-
اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
-
البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا
...
-
جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا
...
-
عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س
...
-
حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|