أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - الثقافة والسياسة















المزيد.....

الثقافة والسياسة


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 2242 - 2008 / 4 / 5 - 12:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تكمن أهمية الثقافة بكونها حقل إبداع معرفي وإنتاج نظري متنوع ومتباين كما الواقع الملموس في تنوعه وتباينه، ومن خلالها يتم تكثيف الواقع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي معرفياً ... ، والمثقف أياً كان موقعه الطبقي والاجتماعي فهو ملتزم بداهة بمواقف وأهداف تتحدد بما يتلائم مع موقعه ومصالحه الطبقية والاجتماعية . وبالتالي فإن الثقافة تعبير مكثف للسياسية لكونها إنتاج للفكر السياسي والمعرفة النظرية التي عليها تتوطد الممارسة السياسية الإستراتيجية أولاً والتكتيكية المرحلية ثانياً . وعليه فإن المرحلة الراهنة تتطلب عملاً ثقافياً متخصصاً وأكاديمياً يقوم على تعزيز أشكال إنتاج معرفي جماعي يقوم على توسيع وتعميق الورش الثقافة لذوي الاختصاص والمهتمين والباحثين ، وتكمن ضرورة هذا التوجه لعدة أسباب : أولها : تلاشي الفاعلية الاجتماعية والسياسية للقوى السياسية المغيّبة قسراً . ثانياً : التأسيس النظري والفلسفي والمعرفي ... للمساهمة في إعادة صياغة تشكيلات سياسية تعتمد المنهجية العلمية في آليات ممارستها السياسية بعدما تخلت أغلب القوى السياسية عن معظم مفكريها أو همشتهم لأسباب متعددة . ثالثاً : وتكمن أيضاً أهمية العمل الثقافي الورشي والممأسس بكونه أكثر قدرة وفاعلية وعمق في الإنتاج المعرفي ، وأيضاً لكونه يمكن أن يشكل نويات لمراكز بحوث مستقبلية ترفد وتغذي المجتمع بدراسات وأبحاث متخصصة ، والتي من المؤكد أنها سوف تساهم في تفكيك وتحليل الواقع معرفياً و تحديد آليات وأشكال تجاوز أزماته الاجتماعية . إضافة إلى كونه يكرس ظاهرة التعاون والممارسة الديمقراطية بأشكال ملموسة .
وإذا سلمنا بأن الواقع الاجتماعي يعاني جملة من التناقضات والسلبيات والتشوهات .. السياسية ، الاقتصادية ، الاجتماعية ، الأخلاقية .. فإن المثقف هو نتاج ذات البنية الاجتماعية الملوثة والمتناقضة ، ولكون المثقف لا يمكن أن يكون إلا داخل المجتمع فهو بذلك نتاج هذا الواقع المأزوم والمحكوم بأزمة عامة ومركبة ، وعليه فإن المثقف أياً تكن المنظومة المعرفية التي تتحدد بمقتضاها ممارسته السياسية فإنه يبقى تعبيراً واقعياً و ملموساً لواقع اجتماعي يعاني جملة من التناقضات والإشكاليات التي لا بد أنها تؤثر سلباً على الفرد أياً كان موقعه الاجتماعي . وبالتالي فإن جزءاً كبيراً مما يعانيه المثقف من ارتكاسات وإرهاصات وانكسارات .. تعتبر نتيجة للواقع الاجتماعي المأزوم والمشوه ، ولكون الإنتاج المعرفي هو خاصية الإنسان المثقف سواءً كان متخصصاً أو مهتماً بشأن العام فإن مهمته مضاعفة لكونه يجب أن يخوض بشكل لحظي صراعاً دائماً مع ذاته لكي يتمكن من تجاوز التناقضات الاجتماعية المنعكسة على ذاته والتي تؤثر بأشكال مختلفة ومتباينة على إنتاجه المعرفي وعلى ممارسته السياسية المباشرة . وهذا يرتبط بكون المثقف ( منتج المعرفة والفكر السياسي ) يمثل التعبير الملموس للمشروع الاجتماعي الذي يتجسد في سياق تحول الفكر إلى قوة مادية في سيرورة الممارسة السياسية والتحولات الاجتماعية ، و الذي يفترض أن يكون متجاوزاً لإشكاليات وتناقضات الواقع الراهن .
وبما أن المثقف نتاج واقع ملموس والفكرة نتاج ذات الواقع ، فإن إمكانية تحول الفكرة إلى قوة مادية تكمن في توفر الحوامل الاجتماعية التي ترى وتشعر بأن الفكر أو مجموعة الأفكار التي يقدمها المثقف والتي يفترض أن تحملها القوى السياسية بكونها تجسيداً للمشروع الاجتماعي المستقبلي تعبر عن مصالحها الاجتماعية ، ولهذا من الضروري أن يكون الفكر عموماً و السياسي تحديداً تعبيراً عن مصالح الإنسان في الحرية والعدالة والتحرر.
وهذا التحول مرتهن بقدرة التشكيلات السياسية والمدنية في تكوين وتمتين جذورها الاجتماعية ،وعلى بناء ذاتها موضوعياً على قاعدة الممارسة الديمقراطية التي يشكل فيها المثقف القاعدة الأساسية لنشوء وتطور هذه التشكيلات ، وإلا فإن الطلاق بين السياسية والثقافة باق ٍ .
وكما نوه الأستاذ عطية مسوح فإن الثقافة بلا سياسية خيال والسياسية بلا ثقافة عمياء ، فإن ما نحتاج إليه لتطوير وتفعيل الممارسة السياسية هو التأسيس الجديد للسياسية المرتكزة على المفاعيل الثقافية والمعترفة بذات الوقت بفاعلية وضرورة عمل المثقف الملتزم بقضايا الإنسان والوطن . وحيث أشار الدكتور طيب تيزيني إلى ضرورة البدء بتطوير الممارسة الثقافية والفكرية من خلال مأسستها ، فإن نقطة الانطلاق في مأسسة الممارسة المعرفية المنتجة للفكر السياسي النظري تحديداً تكمن في تشكيل الورش الثقافية التي يجب أن تفكر في آليات منهجية لتجاوز الإشكاليات والتناقضات الواقعية الراهنة في سياق تطوير وتفعيل الممارسة السياسية وتوسيع وتعميق دائرة الإنتاج الثقافي والعمل على توسيع الحاضن الاجتماعي المهتم بالثقافة والرافع بذات الوقت للمشاريع الثقافية الاجتماعية على قاعدة ( بداية الفكرة عمل ونهاية العمل بداية الفكرة) ( ابن رشد ) .
وهذا يفترض التأكيد على أهمية بقاء الفكر في ميدان الممارسة لأن خروجه من ساحة الفعل والممارسة يعني نهايته الوجودية ، ومن الضروري ربط الفكر بالعمل والعمل بالفكر على قاعدة التعدد والتنوع الديمقراطي في سياق مواجهة التناقضات الذاتية والموضوعية الناتجة عن المفاعيل الموضوعية لأشكال الممارسة السياسية الشمولية .
إضافة إلى ما ذكرناه من تناقضات فإن المثقف عموماً و العلماني بشكل خاص يقع في المرحلة الراهنة بين سندان تنامي ظاهرة المد الأصولي السلفي ومطرقة تضخم الأنا السلطوية التي تعمل على تحويل الفرد إلى أداة في ماكينة عملها السلطوية ، وعليه فإن من الأهمية بمكان التأكيد على إبراز ضرورة المثقف العلماني في سياق عمل جمعي ، ورشي منهجي يساهم في تحديد الأزمات الراهنة و أشكال تجاوزها . ومن الواضح حتى الآن بأن المثقف المرتكز على قاعدة الفكر الماركسي بمختلف تبايناته الوطنية الديمقراطية خير ممثل لمصالح الفئات الاجتماعية المضطهدة . وتكمن أهمية المثقف الملتزم بمصالح مجتمعه ، بقدرته على قراءة الواقع المتغير وتحديد أشكال الفكر السياسي الاقتصادي الاجتماعي المتجاوز لتناقضات التحولات الراهنة ، ومن هذه الزاوية فإن ما يطرأ من تغير على الفكر الماركسي يمكن اعتباره تحولاً موضوعياً نتيجةً لتغير الشرط التاريخي الموضوعي ، لكن بشرط أن يبقى هدفه الأساس تحقيق مصالح المتضررين من تناقضات النظام الرأسمالي العالمي وتجلياته وتعبيراته المحلية .
وضرورة الثقافة لا تكمن فقط في التأسيس الموضوعي للممارسة السياسية ، بل في نقل الممارسة السياسية القائمة على العنف والاحتكار والبراغماتية الانتهازية... إلى فعل وممارسة سياسية ترتكز على قيم أخلاقية تكرس المصداقية وتتجاوز الفكر الأحادي و أمراض الأنا الشخصية المتضخمة في سياق تكريس التعددية الديمقراطية ،والتحرر الذهني من التابوات المغلقة والمتحجرة والجامدة وصولاً إلى التحديد الموضوعي للتغيرات والتحولات الاجتماعية ، والتي من خلالها يمكن رسم أشكال إنجاز المهام المجتمعية بمفاعيل وطنية ديمقراطية تؤسس لموقف معرفي وسياسي من السلطة السياسية بكافة أشكالها وتجلياتها .
وتتجسد ضرورة المثقف الملتزم بقضايا مجتمعه ومهامه الوطنية والديمقراطية في دفع القوى السياسية في إطار التعاون المتبادل إلى الممارسة الديمقراطية ، والاعتراف بالاختلاف والتناقض في إطار الوحدة والتحالف لتجاوز الفكر الأحادي والشمولي المولد لأشكال الممارسة الاستبدادية ، والابتعاد عن الممارسة الفكرية التعميمية والانتقال إلى تخصيص المفاهيم وضبطها معرفياً و موضوعياً لتكون تعبيراً عن واقع معين ومحدد يُفترض تجاوز تناقضاته على قاعدة التأسيس النظري المعرفي الفكري المتلازم جدلياً بالممارسة السياسية الديمقراطية العلمانية التعددية المدنية.
====================================================





#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحولات الاقتصادية والطبقية في سوريا
- بخصوص توضيحات هيئة الحوار
- إشكالية المرأة في المجتمعات المتخلفة
- الإعلام الرسمي العربي
- من أجل توحيد اليسار العراقي لبناء الدولة الديمقراطية
- العلمانية
- ظاهرة التضخم
- المعارضة السياسية بين الأنا ووهم الممارسة
- الوطنية في سياقها المفاهيمي والسياسي
- الاقتصاد السوري : على هامش مؤتمر اتحاد العمال
- التناقضات النظرية والسياسية في أشكال الدولة الفلسطينية
- إشكالية الوعي الشبابي
- الأزمة في تجلياتها السياسية والاقتصادية/ تعقيب على نتائج الل ...
- جدلية العلاقة بين الداخل والخارج
- ناشطو مناهضة العولمة في سوريا :واقع وآفاق
- ما العمل
- الجزء الأخير : نقض النقد : متابعة الحوار مع : السيد فؤاد الن ...
- الجزء الثالث : نقض النقد : متابعة الحوار مع : السيد فؤاد الن ...
- الجزء الثاني :نقض النقد : متابعة الحوار مع السيد : فؤاد النم ...
- الجزء الأول :نقض النقد : متابعة الحوار مع السيد فؤاد النمري


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - الثقافة والسياسة