اياد محسن
الحوار المتمدن-العدد: 2238 - 2008 / 4 / 1 - 10:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كان من المفترض وقبل كتابة مقال عن القمة العربية ونتائجها الاطلاع على البيان الختامي لهذه القمة والذي يتضمن مقرراتها وخلاصة أعمالها , ولكن اعتقد كما يعتقد معي الكثيرون إن الحكم على نجاح أي قمة تجمع عدد من الدول يحتاج إلى التفحص في بيانها الختامي ومدى ما يتضمنه من حلول للمشاكل الداعية إلى عقد القمة إلا القمة العربية فانك لا تحتاج الاطلاع على بيانها الختامي لتحكم على نجاحها فحتما ستكون أمام قرارات تتناول حلول لجميع المشاكل العربية لكنها ستذهب مع أدراج رياح الطائرات وهي توصل الرؤساء إلى بلدانهم .
قمم وقمم انعقدت لم تستطع أن تضع بلسما لجراح الفلسطينيين ولم تستطع أن تجد حلا لمشكلة لبنان الأزلية ولم تنهي الأزمة في دارفور قمم رضيت أن ينحر ملايين العراقيين تحت مضلة قومية صدام العربية .
المشكلة هي في الأسس التي تريد من خالها الجامعة العربية أن تنطلق إلى تحقيق الوحدة العربية وهذه الأسس هي ذاتها التي قرانا عنها في كتب التاريخ وحفضناها مرغمين عن ضهر قلب هذه الأسس هي وحدة القومية واللغة والتاريخ , وطوال كل هذه السنين لم تستطع الجامعة العربية بأسس وحدتها أن تمنع صدام من دخول الكويت ولم تنجح في أيجاد موقف موحد إزاء إسرائيل ولا موقف موحد أمام ما يجري في العراق من تغيير في السلطة ونظام حكم , فمثلا وعلى صعيد العلاقة مع إسرائيل والقضية الفلسطينية المركزية للأمة العربية وكما يسميها القوميون هناك دول راحت تنئا بنفسها عن سياسة الحرب والمقاطعة السياسية والدبلوماسية وراحت تغير من أسلوب تعاطيها مع الدولة المحتلة حتى وصلت الأمور إلى مستوى تبادل فتح السفارات مع الدولة اليهودية كمصر , ولعجز الجامعة العربية عن إيجاد أسس للوحدة العربية راحت الكثير من الدول تبحث عن علاقات مع دول أجنبية قافزة على وحدة المصير والتاريخ والقومية فأقامت دول الخليج علاقات إستراتيجية عسكرية واقتصادية مع الولايات المتحدة وبداءت تجني ثمار هذه الاتفاقيات خصوصا على المستوى الأمني , وهناك دول مثل ليبيا بداءات ترمي بثقلها على الاتحاد الإفريقي وتجد فيه ما يحقق مصالح الدولة الليبية أكثر مما تحققه الجامعة العربية وقمتها , العرب امة تمتلك الكثير من المشتركات بها تستطيع أن تشكل ثقل لا يستهان به في المنطقة إلا إن الخواء يدب في أوصال هذه الأمة التي قضت عمرها في ترديد الشعارات الفارغة التي تتشبث في التاريخ وتقفز على الواقع العربي المر.
الدول الأوربية تتكون من شعوب تنحدر من قوميات مختلفة وتتحدث لغات متباينة وليس هناك تاريخ واحد ولا مشتركات جامعة ولان الله انعم على هذه الشعوب وعلى سياسييها بوعي مدني وحضاري راحت تبحث عن تشكيل اتحاد يجمعها ويحقق مصالحها ومصالح أبنائها ويجعل من القارة الأوربية قوة يحسب حسابها ,الأساس الذي بني عليه الاتحاد الأوربي هو مصلحة الشعوب الأوربية وتحقيق الرفاهية للمواطنين والرغبة في العيش الكريم وتبادل المنافع ولم يكن بين دول الاتحاد الأوربي روابط مشتركة كالتي تجمع العرب ومع ذلك راحت تؤسس لوحدة اقتصادية وسياسية هائلة وحدة على مختلف المجالات والأصعدة كان من ابرز ثمارها توحيد العملة وجعلها عملة واحدة يتم تداولها من قبل مواطني جميع البلدان وهي (اليورو) ورفع الرسوم الكمر كية على البضائع المستوردة والمصدرة بين البلدان وكان من ابرز ثمارها أيضا إصدار جواز سفر موحد لمواطني جميع البلدان وهوية موحدة لجميع أبناء الاتحاد يستطيع بها المواطن أن يجوب كل رقعة في القارة الأوربية دون قيد أو شرط ولا زال السعي حثيثا من اجل اصدرا دستور الاتحاد الأوربي الذي يمثل مشتركات قانونية وسياسية ملزمة لجميع الدول هذا إضافة إلى التعاون في المجال العسكري والاجتماعي والخدمي منجزات تحقق الوحدة بين المختلفين وتقرب المبتعدين , منجزات ايجابية تمس حياة المواطن بالمباشر وهنا نجد من الطبيعي أن لا يهتم المواطن العربي بانعقاد القمة العربية ومقرراتها ومن الطبيعي أن ينضر إلى زعمائها بعين السخرية طالما إن الققم آل(19) السابقة لم تحقق له تقدما وتطورا مهما على صعيد حياته الاقتصادية والسياسية ولم تحل مشكلة من المشاكل التي تعاني منها أمته العربية وهو لا يحتاج لان يذكر كل سنة باستخفاف قياداته السياسية ممثلة برؤساء الدول حين يدخلون مسرح القمة لتمثيل نفس المسرحية بنفس الشخوص في كل سنة .
لم تقل القمة العربية لسوريا انك سبب الفراغ السياسية الذي تعيشه لبنان ولم تطلب منها أن توقف زحف الإرهابيين عبر أراضيها إلى الداخل العراقي لم تقل لرؤساء الدول الذين مضى على ولايتهم أكثر من (20) سنة أن شعوبكم بحاجة إلى دماء جديدة وفكر جديد واستراتيجيات جديدة تؤثر إيجابا في المنطقة لم تقل للفلسطينيين إن إسرائيل بنت مؤسساتها وبناها التحتية وأضحت قوى كبرى في الوقت الذي كنتم فيه تتقاتلون ويكفر بعضكم الأخر لم تقل للمصريين والسعوديين إن صدام كان يقتل الملايين من العراقيين وانه بفعله هذا لا يستحق ان يكون قائدا للأمة العربية وانه لم يكن حاميا للبوابة الشرقية حين غزا الكويت ونهب مالها وحلالها لم تقل للشعوب العربية إنكم ترقدون في سبات عميق دفع ساستكم لاستغفالكم والاستهانة بمصالحكم وحيث أن أربع سنوات تكون كافية لتغيير رئيس الوزراء ووزارته في اغلب بلدان العالم فان (20) او (30) او (40) سنة لم تكن كافية لتغيير رؤسائكم وان كانت كافية لنهايتهم فانها ستكون بداية لولاية الابن الذي سيسلمها للحفيد وحينها سوف لن تكفي عقود من الزمن لتغيير العائلة التي تقف على راس السلطة كانت جميع القمم للهرب من الواقع العربي المؤلم ومحاولة لتغطية الفشل بعقد اجتماع صوري امام الفضائيات . .
المحامي / اياد محسن
[email protected]
#اياد_محسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟