أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نصرت مردان - تينور في قفص الطيور















المزيد.....

تينور في قفص الطيور


نصرت مردان

الحوار المتمدن-العدد: 694 - 2003 / 12 / 26 - 06:11
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


  نازلي أراي  - ترجمة   نصرت مردان  
 ثباتي :  أتعرف ماذا فعلت اليوم ؟ آه ، سوف لن تستطيع أن تخمن ذلك. لقد حققت حلمي الذي كان يراودوني منذ الطفولة.بالتأكيد ستثور زوجتي بسيمة، حينما تعلم إنني قد أنفقت مستحقاتي من الراتب التقاعدي في سبيل ذلك .قبل اسبوعين ظللت مشغول البال بالكناري الذي رأيته في قفص داخل سوق الطيور.كان هناك المئات من الأقفاص تغرد فيها الطيور ، وتتناول الحب..لفت انتباهي كناري بدين ، لأن تغريده كان مختلف تماما عن الطيور الأخرى.كان يغرد دون توقف بطبقات صوتية متعددة.كان صوته ساحرا حقا.همت به بمجرد رؤيتي له ، فقررت شراءه مهما كان الثمن.اليوم حينما استلمت مستحقاتي من راتبي التقاعدي ، هرعت إلى هناك ،ووجدت طائر الكناري المغرد الساحر في قفصه وكأنه ينتظر أن أقتنيه .
( يخفض صوته ) إياك أن تسمع بسيمة ، لقد دفعت الراتب بكامله لشرائه .أنه هنا الآن أمامي .وضعت ستارة على قفصه ، سأرفعها ليرى المسكين ضوء الشمس .
( يسمع صوت تغريد الكناري )
ثباتي :آه يا صغيري يا لتغريدك الساحر ! ، بسيمة بسيمة ! تعالي وانظري ماذا اشتريت لك ؟
بسيمة : ماذا اشتريت يا ثباتي ؟ دعني أنظر ، ما هذا ؟ طائر في قفص !
ثباتي :سيدتي انه كناري لا مثيل له .انظري كيف ينفخ صدره استعدادا للتغريد .يبدو أنه سيغرد .
( صوت تغريد الكناري)
بسيمة : آه ، ثباتي ،انه كناري رائع . يا الهي ما أروع تغريده  الصافي كالبللور .بكم اشتريته ؟
ثباتي : لا تسأليني يا عزيزتي .سعره لم يكن زهيدا على كل حال .بالتأكيد لا يمكن شراء طائر مثله بسعر زهيد.. أليس كذلك؟ لقد اشترينا صوتا ساحرا ، لا ترينه كطائر عادي بل كصوت .
بسيمة : فعلا انه لكذلك .هيا دعنا نعلق القفص قرب النافذة .هل اشتريت غذاءه من البذور؟
ثباتي : اشتريت علبة .ضعي البذور في هذا الإناء الصغير ، لا تنسي أن تضع له الماء في الإناء ، وضعي ماءا فاترا لاستحمامه في هذا الحوض الصغير. كما قلت لك لقد اقتنينا صوتا وليس طائرا.
بسيمة : كل شيء أصبح جاهزا .لقد ملأت حوض استحمامه بالماء . كما فرشت على أرض القفص ورقة براقة.
ثباتي : جميل جدا يا عزيزتي انظري انه يتناول البذور.آه لقد صعد الآن ليتمرجح في القفص !
بسيمة :انه ينفخ صدره ، سيغرد سيغرد .
( تغريد الكناري)
بسيمة : سأذهب إلى غرفة الطابق العلوي لخياطة شرشف اللحاف.
( تصعد بسيمة درجات السلم ، يبتعد صوت خطواتها)
ثباتي : ما أروعه من طائر !ما أسحر صوته ! صوته يسحرني فعلا .يقودني إلى طفولتي، إلى الريف الساحر الممتدد كالبساط.
الكناري: سيدي ، هلا نظرت إلي قليلا ؟
ثباتي (باندهاش):من الذي يتحدث ؟ صوت من هذا ؟
الكناري : انه أنا يا سيدي أنا ، طائر الكناري .
ثباتي : يا الهي ، هل أنت ببغاء ؟ لا أستطيع أن اصدق ما أسمع !
الكناري : أنا لست بببغاء ، بل أنا المغني الإيطالي لوشيانو بافاروتي .لعلك سمعت بي .لوشيانو بافاروتي .
ثباتي : هل أنت مغني إيطالي؟ألست طائر الكناري الذي اشتريته من السوق ؟
الكناري : حبا بالله ، وأنى لطائر يباع في السوق أن يكون له صوت مثل صوتي ؟ ألم يسترعي انتباهك صوتي المميز ؟
ثباتي : حقا إن صوتك من طراز خاص .إذن أنت مغن إيطالي ؟
الكناري : أجل . إنني أغني في أشهر صالات الأوبرا العالمية.في متروبوليتان ، وغوفنت غاردن والمسرح البولشوي في موسكو .
ثباتي : حسنا ، ولكن ما الذي قادك إلى قفص في سوق الطيور ؟
الكناري : حينما كنت أؤدي أوبرا (الفلوت الساحر ) لموزارت ،حدث ما حدث بسبب خطأ المخرج .لا يهم.المهم أن تخرجني من هذا القفص ، وسترى أمامك ليشيانو بافاروتي بلحمه وشحمه .
ثباتي : شيء لا يصدق .انك ستنطلق طائرا فور فتحي لباب القفص .لقد دفعت راتبي في سبيل الحصول عليك.
الكناري : لن أطير إلى أي مكان .أقول لك أنا بافاروتي ،أشهر مغني اوبرالي في العالم . أغني مع السوبرانو الاسترالية كيري تي كاناوا . ويدير الاوركسترا الموزع الموسيقي الهندي زوبين مهتا .اسمع سأغني لك نابوليتان ( يبدأ بالغناء )
ثباتي : هذا صوت إنسان !
الكناري : ألا تزال تشك فيما قلته لك ؟ إليك قطعة من أوبرا (البوهيمية) لبوكسيني ( يبدأ بغناء مقطع ).
ثباتي : صوت خارق للعادة حقا .لقد سحرني صوتك يا سيد بافاروتي .
الكناري : سيدي ، أفتح باب القفص . لن تندم على ذلك قط.سوف تكون أنت وزوجتك ضيفا شرف دائم لحفلاتي في مختلف مدن العالم .وسيكون مكانكما في الصفوف الأولى محجوزا لكما دائما .ستشاهدان أوربا وأمريكا وكل دول العالم .
ثباتي : لكنني لو أصغيت السمع لكلام طائر ، ستنطلق يا أخي ؟ تحدثني عن السفر بالطائرة ، وتنسى بأنني مجرد موظف بسيط .لقد أنفقت راتبي في سبيل الحصول عليك .الأفضل أن تبقى في قفصك ، وسوف لن نهمل الاهتمام بك .
الكناري : أيعقل ذلك ؟ كيف يمكنني أن أبقى في هذا القفص ؟..فالعروض والحفلات في انتظاري .علي أن احضر غدا بروفات أوبرا عايدة ، حيث أقوم بدور رادامس .
ثباتي : انني في حيرة .فهذه أمور أجهلها .دعني أفكر .
( ينادي زوجته ) بسيمة ، بسيمة !
بسيمة ( من فوق ) : ماذا هناك ؟
ثباتي : تعالي إلى هنا ، فطائر الكناري يدعي بأنه المغني المعروف لوشيانو بافاروتي .يقول لي " افتح باب القفص لأخرج " غدا سيحي حفلة في أمريكا ، والبطاقات كلها قد بيعت .
بسيمة : يا لك من ساذج ! انه  يخدعك ويكذب عليك .فهو من أجل الخروج من القفص ينتحل شخصية الآخرين .
ثباتي : إذن أنت لا تعرفين صوت لوشيانو بافاروتي ، التينور المعروف؟! . اسمعي هل بامكان أي طائر أن يجيد غناء مقطع من أوبرا مدام بوفاري ؟
بسيمة : مقطع من أوبرا مدام بوفاري ؟ لكن زوجي دفع جزءا راتبه للحصول عليك . كيف تريدنا أن نفتح لك باب القفص ؟
ثباتي : علي الاعتراف يا بسيمة ، لقد دفعت كل راتبي .
بسيمة : ماذا ؟ أنت مجنون .هل يعقل أن تدفع كل ما تملك من أجل شراء طائر ؟!
الكناري : انك تقسين علي يا سيدتي .فالذين يحضرون لسماعي يدفعون ما يمكن اعتباره ثروة قياسا إلى ما دفعتموه أنتم .
بسيمة : ومن الذي حملك إلى طائر في قفص ؟
الكناري : هل حدثت زوجك عن الحادث.لكنني سأعود إلى وضعي الطبيعي عند فتحكم لباب القفص .لا أصدق كيف يمكنكم أن تشكوا فيما أقوله .
( ينطلق صوت بافاروتي  مع تغريد الكناري )
ثباتي : هل تسمعين يا عزيزتي ، أنه يترنم بلحن كلاسيكي .
بسيمة : في الحقيقة انني حائرة ، ولا أدري ماذا أقول ؟ ولكن كيف أنفقت راتبك في سبيل شراء هذا الطائر؟
الكناري : سأخاصمكما تماما لو واصلتما عني الحديث، على انني مجرد طير .فانا لم اتعود أن يعاملني أحد بهذا الشكل !
ثباتي : من أين أنت يا أخي ؟
الكناري : أنا من مودين .
( يغني مقطعا اوبراليا )
ثباتي : ما العمل يا بسيمة ؟ هل نطلق سراحه ،ونفتح باب القفص ؟
بسيمة : يالك من رقيق القلب ! ترفع الراية البيضاء من أول وهلة . هل تثق بكلام طير ؟
( تخاطب الكناري)
سنواصل الاهتمام بمأكلك ومشربك وكل ما يتعلق براحتك على شرط أن تتخلى عن هوسك بالأوبرا والتينور ..
الكناري : لماذا لا تحاولين فهمي يا سيدتي ؟ أقول لدي حفلة غدا ؟
ثباتي ( بغضب ) : وماذا نفعل نحن ؟ لقد دفعت كل راتبي في سبيلك . هل تريد أن يذهب كل جهودي هباءا ؟ أرجو أن تقدر أنت ظروفنا  يا أخي . ليست لديك ضمانة على صحة ما تدعيه .
بسيمة : آي ، أشعر بالصداع . أنه أمر غريب ، فهو يتحدث كإنسان عادي .
الكناري ( بغضب )الم يشفع لي كل مقاطع الأوبرالية التي غنيتها لكم ؟
ثباتي : سأغطي بالستارة القفص , فأنا بحاجة للتفكير .
الكناري : لا تغطي القفص يا سيدي  فانا أشعر بالضيق منها .لا تريدون أن تفهموا .
بسيمة : خذ الستارة لتغطي القفص .
الكناري ( يصرخ ): انني ساخط عليكما  سوف لن أتفوه بكلمة . لا تريدون أن تفهموا بافاروتي العظيم  سحقا لن أتحدث قط  .
ثباتي : لقد خاصمنا  .
بسيمة : لم يعد يتحدث إلينا .
ثباتي : ترى هل أخطأنا يا عزيزتي ؟
بسيمة : لا يا عزيزي إطلاقا ..انه مجرد طير .
ثباتي : لم يعد يغرد ، خاصمنا فعلا .
بسيمة : مجرد نزوة فنان . هيا غطه بالغطاء جيدا.لينام قليلا .
ثباتي : أتفضلين ذلك ؟..
بسيمة : هل أنت مجنون ؟ تريد إطلاقه وقد أنفقت عليه كل راتبك ‍؟!
ثباتي : صحيح . لكنني تأثرت بمقاطع الأوبرا الكلاسيكية التي رددها لي .
بسيمة: دعك من ذلك .أنا ذاهبة لإتمام خياطة اللحاف . وأنت دع الطائر يبقى لوحده ، يكفي انشغالك به .
ثباتي :حسنا يا عزيزتي ، وأنا بدوري سأذهب إلى المقهى لألعب النرد مع أصدقائي وسأعود بعد ساعة .إلى اللقاء  !
                   ( مقطع حزين من بافاروتي )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ* تينور : المغني الذي يمتاز بأداء أعلى الطبقات الصوتية في الغناء الأوبرا لي ( تينور) ، وتقابله (سوبرانو) بالنسبة لمغنيات الأوبرا.
*    ليشيانو بافاروتي : أعظم مغني السوبرانو ولد   1935في مدينة (مودين ) الإيطالية  .
                                                                                         المترجم 



#نصرت_مردان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الروائية التركية نازلي آراي : عالمي الروائي فوضوي وغريب..بين ...
- قصائد برقية إلى شعراء مدينتي
- إبراهيم الداقوقي يرسم صورة الأتراك لدى العرب
- كتابات في قفص الاتهام- بودلير يغرد في جحيم البؤس ود.هـ .لورا ...


المزيد.....




- بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن ...
- مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية ...
- انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
- أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ ...
- الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو ...
- -يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2 ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
- عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم ...
- فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ ...
- لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نصرت مردان - تينور في قفص الطيور