أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد البشيتي - أذِلُّوهم بتجاهلهم!














المزيد.....

أذِلُّوهم بتجاهلهم!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2237 - 2008 / 3 / 31 - 11:27
المحور: الصحافة والاعلام
    


بعد أزمة الرسوم الكاريكاتورية الدنماركية، جاءت أزمة البث الإلكتروني لفيلم "فتنة" للنائب اليميني الهولندي غيرت فيلدرز. وعلينا، من الآن وصاعداً، أن نتوقَّع مزيداً من تفجير قنابل إعلامية مشابهة ما دامت سبباً لـ "شُهْرة" مفجِّريها وأعمالهم، وما دامت تعود بالنفع والفائدة على قوى لها مصلحة حقيقية في إثارة وإذكاء النعرة الدينية بين المسلمين والمسيحيين. ولا شكَّ في أنَّ قوى يهودية يمينية متعصِّبة ومنظَّمة، مع حلفاء لها من قوى مسيحية غربية على شاكلتها، ولها ثقل ونفوذ كبيرين في إدارة الرئيس بوش، هي التي تُنظِّم وتقود هذا الصراع، ولو لم يقع هذا الاتِّهام موقعاً حسناً من نفوس أولئك الذين تمجُّ أسماعهم وعقولهم "نظرية المؤامرة"، التي إنْ نبذناها، أو قلَّلْنا من شأنها، اليوم، بدعوى النأي بتفكيرنا السياسي عن كل ما يُفْسِد موضوعيته وعلميته، لن نتمكن من فهم وتفسير كثيرٍ من الأحداث والتطوَّرات في العالم الواقعي للسياسة، فـ "المؤامرة" تظل جزءاً من السياسة"، ولا تَعْدلها.

وأنا لا أجانب الحقيقة التاريخية، والواقع الموضوعي، إذا ما قُلْت إنَّ من يقود مركز الرأسمالية العالمية، الذي هو الولايات المتحدة، ويُسيِّر (ما استطاع) رياح العولمة بما تشتهي سفينته، ليس لديه من خيار تاريخي (واقعي) الآن، أو من الآن وصاعداً، سوى رفع منسوب الوحشية، بأوجهها كافة، في وسائل وطرائق وأدوات الصراع على المستوى العالمي، وفي كثير من أهدافه وغاياته، وليس أدل على ذلك من هذا المَيْل الذي يُظْهِرون إلى الزجِّ بالعالم في صراعٍ ديني، وفي كل صراع يتَّخِذ كل عصبية تافهة وحقيرة وقوداً له.

هؤلاء إنَّما جُبِلوا، أي جبلتهم مصالحهم الضيِّقة والتافهة، على شيء واحد هو العيش في الحرب، وبالحرب، فاختراع الأعداء، وكل عداء من النمط الذي يعمي أبصار وبصائر الناس، ويجعلهم وقوداً للحروب، هو كل ما بقي لديهم من عمل تاريخي يؤدَّونه على خير وجه، فالعلاقة مع "الآخر" يجب أن تقوم، بحسب شريعة مصالحهم، على كل عداء، يبقيهم، مع مصالحهم، في بروج مشيَّدة لا يدركها الموت.

لقد استسهلوا واسترخصوا واستمرأوا هذا الأسلوب لاستفزاز المشاعر والعواطف الدينية لنحو مليار ونصف المليار مسلم، لا يستطيعون لأسباب تكمن في صُلْب معتقدهم الديني أن يخوضوا الصراع ضدَّهم بالوسائل والأساليب ذاتها، فاحترام أنبياء ما قبل الإسلام هو جزء لا يتجزأ من الإيمان الديني للمسلم.

وعليه لا يملك هذا المسلم الذي اسْتُفِزَّت مشاعره الدينية إلاَّ أن يخرج إلى الشارع للتعبير عن غضبه وسخطه، وللمطالبة، التي ليست بمجدية على وجه العموم، بمقاطعة البضائع.. بضائع الدنمارك، من قبل، وبضائع هولندا الآن. وقد يؤدِّي هذا الاستفزاز، مع الشعور بالعجز عن وضع حدٍّ لتلك الظاهرة، إلى جعل بعض المسلمين أكثر مَيْلاً إلى مواقف وأفكار وأعمال وقوى تَزْعُم إدارة الرئيس بوش، مع حلفائها من حكومات غربية أخرى، أنَّها تَبْذُل وسعها لتجفيف مصادر تغذيتها بين المسلمين.

إنَّها "الضارة" التي أتت إلينا، وستظل تأتي، من يمينيين متعصبين حقيرين في الغرب، يفضِّلون العيش في عالمٍ على صورتهم وهيئتهم، لا يعرف من الصراع، على ثرائه، إلا الذي يتلوَّن بلون كل عصبية تافهة. وأحسبُ أنَّ هذا الذي قاموا ويقومون به يتحدَّانا على أن نبذل وسعنا لجعل هذه الضارة نافعة، فنصارعهم؛ ولكن ليس بوسائلهم وأدواتهم وأساليبهم وأسلحتهم، وليس بما يجعل مواقفنا متَّفِقة مع توقُّعهم، أو تُحقِّق لهم الأهداف التي من أجلها أشعلوا فتيل هذا الصراع.

وأحسب، أيضاً، أن تجاهلهم، وإبداء اللاَّمبالاة بما يرسمون وينشرون..، هما خير وسيلة لخوض الصراع ضدهم، ولجعلهم كنارٍ لم تَجِد ما تأكل، فأكلت نفسها. وهذا الذي قُلْت إنَّما هو جزء مما ينبغي لنا وعيه، وعمله، توصُّلاً إلى العيش في عالم "القرية الإلكترونية الكبيرة"، فهذا العالم يسمح لكثيرين بأن يمارسوا الحق في حرِّية التعبير بما يسيء إلى الهدف الإنساني والحضاري الكامن في هذا الحق، وإلى الديمقراطية، بأوجهها كافة، والتي لا يمكننا فهمها إلاَّ على أنَّها نمط عيش وتفكير، يُحرِّر صاحبه من كل عصبية تافهة وحقيرة، ويُمكِّنه من مدِّ مزيدٍ من الجسور مع "الآخر"، ما دام هذا "الآخر" في هيئة اجتماعية وتاريخية نابذةٍ طاردةٍ لكل نعرة يتسلَّح بها ذوو المصالح الضيِّقة والتافهة.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قمة بدأت أعمالها بعد إعلان نتائجها!
- القمة العربية الفضلى هي التي لم تُعْقَد بعد!
- إسرائيل في دستورها المقترَح!
- نَقْصُ -الجدل- أفْسَدَ كثيراً من التصوُّرات الكوزمولوجية!
- ال -B.B.C- تقود الحملة من أجل -حرِّية العبادة-!
- -البنوك الإسلامية-.. مصلحة رأسمالية في -أسْلَمَة- الرِبا!
- -داركولا- النفط العراقي!
- الدولار يغزو رواتبنا!
- لن -تُسْحَب-!
- ألمانيا مهدَّدة بما يتهدَّد إسرائيل!
- تخلُّف -السؤال-!
- ظاهرة -تمدُّد الكون-.. في تفسير افتراضي آخر!
- عمرو موسى يستأنف التشاؤم!
- -التجارة- و-السياسة-.. عربياً!
- الطريق إلى تحرير -القطاع-!
- -التهدئة- التي تريدها إسرائيل!
- عملية القدس الغربية.. سؤال ينتظر إجابة!
- لُغْز -الزمن-!
- -الشتاء الساخن-.. نتائج وتوقُّعات!
- عندما تتسلَّح -جرائم الحرب- ب -القانون الدولي-!


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد البشيتي - أذِلُّوهم بتجاهلهم!