سعيد موسى
الحوار المتمدن-العدد: 2237 - 2008 / 3 / 31 - 11:22
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
((مابين السطور))
سلام الله على من اتبع الهدى وبعد
إلى السيدة التي أثارت بطرحها المناهض لكل نواميس الإسلام الغيبية والمحسوسة المقدسة, وقد انبرى الجميع ابتغاء مرضاة الله ورسوله في مهاجمتها, رغم قوة حجتها في السلوك الإنساني, وضعف حجتها في الإعجاز الرباني, رغم منطقيتها في نقد لاذع لفهم إسلامي جامد. في حوار الآخر بأسلوب إسلامي راقي, يدفعه إلى مراجعة ذاته, على الأقل بينه وبين نفسه, فيقال أن الكفر عناد, لأننا إن كنا بحلبة صراع سلوكي, ونتحرى استقطاب الآخر, هذا إذا ماكان فعلا الإيمان يملأ قلوبنا والمحبة للسيرة النبوية الطيبة تعمر كياننا, فعلينا أن نكون على خلق عالي, وان نقابل السيئة بالحسنة, وان نستوعب من صقلته بعض السلوكيات التي لا تمت للإسلام بصلة, ان يشعر في حوارنا معه بالأمان الذي يؤدي إلى ترسيخ وتمتين الإيمان, سيدتي أنا لست من جهابذة علماء النفس, ولا من أقطاب الفلاسفة, ولا من أدعياء بلوغ ذروة العلوم الدينية الفقهية منها والعقدية, أنا إنسان عادي لم يجبرني احد على أن "اشهد بان لا الاه إلا الله وان محمدا رسول الله" , ولست متطرفا بمعنى رفض الآخر ومحاكمته بالقذف والسباب والتكفير إذا ما خالف عقيدتي, لأنني اعتبر الهجوم عجز يفسر تقاعسي في أداء واجبي" فالإيمان الحق هو ماوقر في القلب وصدقه العمل" ولعلي اعترف بأنني فعلا أخذتني الحمية عندما شاهدت واستمعت لمداخلتك في فضائية الجزيرة, وكتبت مقالا طويلا عريضا , طوعت فيه كل أبجديات اللغة من اجل رد حججك بالتطاول على الحبيب محمد إلى نحر ثقافتك, إلا أنني تذكرت أن هذه المقالة هي تعبير عن عجز, ونظرت إلى المستقبل أكثر من الماضي والحاضر, وسالت نفسي ماذا قدمت من حجج أنا مؤمن بها حقا, ومن ردود مقنعة لدحض ادعاءاتك , وإقناعك بأنك على خطأ, لأنني على يقين بان مثلك ممن يصلون إلى ذروة المساس بمشاعر الآخرين المقدسة, والمساس بسيرة نبينا" محمد صلى الله عليه وسلم" العطرة, بأنك على عتبات بلوغ الحقيقة, والتي ستنير قلبك وتملاءه بحب هذا الرجل الذي بُعث فينا بالحق, بل لا اشك بأنني يوما أتمناه لك قريبا, بان تكوني من العلماء المعدودين للحديث عن رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام بالخير وتكون لكلمتك في حب حبيب الله لحلاوة , وفي حجتك القوية لطلاوة, لأنك لست مثلنا أو لم ترتضي لنفسك مثل طريق إيماننا, وربما نحن لم نرتضي لأنفسنا مثل إيمانك , واقصد الوصول للحقيقة التي لابد بإذن الله انك واصلة لها وان طال الشك, نتجت عن إيمان عقلي قبل أن يكون إيمان قلبي, داعيا المولى عز وجل , أن يكرمك ولا يطمس على قلبك.
وهنا اكتب لك هذه الكلمات من منطلق الشعور بالمسئولية في حب الله ورسوله, ولست كما ستعتقدين إنني من مشايخ الأمة بل يصنفونني كما غيري من العلمانيين, وما أنا غير مثقف ومؤهل علميا وكاتب متواضع, واشعر بأنني صاحب رسالة وطنية وإنسانية وإسلامية , حين ننظر إلى الإسلام انه منارة الهدى, وانه مخرج الإنسان من الظلمة إلى النور, وكان "محمد" صلى الله عليه وسلم" علم الهدى داعية إلى التوحيد والى السلام, فكم كانت في الجاهلية من حقائق يندى لها جبين البشرية من عبادة الأوثان ووئد البنات, وظلم مابعده ظلم فأرسله الله بالحق وانزل عليه الكتاب"لاياتيه الباطل" هدى للعالمين.
سيدتي ليس ذنب الرسول أن بأمته ظلالة , ولا عيب الدين الإسلامي أن به غلاظ السلوك, والدين الإسلامي لايدعو للقتل كما تصورينه أو تبرهنين على حجتك ببعض السلوكيات, بل على العكس الدين الإسلامي رحمة ودعوة لمنع القتل, فمن قتل نفس بغير حق كأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها كأنما أحيا الناس جميعا, هذا من روح الدين , ومحمد صلى الله عليه وسلم قال فيه ربي وربك " انك على خلق عظيم" فلا يعقل أن ينسب له أفعالا دموية بالباطل, فأما بالحق فالقوانين الإلهية والوضعية تجيز القصاص والعقاب وحتى الدولة التي تنتمين إليها وحتى لا أثيرك بنقدها لتسميني جاهلا أو متحاملا أو متطرف, كدولة مارقة أو إرهابية, فهم أهلها من أسموها بذلك أشهر علمائها وساستها,((( وادعوك لقراءة كتاب " وليم بلوم" الدولة المارقة واني على يقين بان أفكارك وفخرك بالأمركة سينقلب رأسا على عقب, من هول الجرائم الشيطانية المثبتة بالقول والدليل لتلك الدولة المارقة, و"بول فندلي" من يجرؤ على الكلام, "وجاك تيني" الأخوة الزائفة , بها ظلما ودموية وظلام يندى له الجبين))), فهناك كذلك بقوانينهم لمواطنيهم والتي تعتبر قمة العدل هناك القتل بالكرسي الكهربائي والإعدام بالشنق والرمي بالرصاص للمجرمين, فما بالك بالإرهاب الأمريكي الذي يرتكب بمجازر جماعية في كل من العراق وأفغانستان وفلسطين ولبنان, مهما بلغت الحجج والذرائع فان القتل الجماعي الواقع والموثق هو إرهاب وجريمة دولية وإنسانية لا يحكمها سياسة ولا دين ولا أخلاق, والتطرف المضاد بالقتل من قبل الحركات الإسلامية والقومية, هو صنيعة البطش والظلم والمجازر والهيمنة الأمريكية وربيبتها الصهيونية يا سيدة وفاء.
أهم ماجعلني كتابة هذه الرسالة, وربما كتبتها بعد أن اطلعت على حوارك في "الحوار المتمدن" وكنت انوي إرسالها فقط لبريدك الالكتروني, وأفكر فعلا بنشرها الآن كمقالة, خلاصتها وهدفها, لأطلب منك طلب خاص, عندما ينير الله قلبك بحب رسول الله, أرجو أن تردي رسالتي وتتذكري أن هناك إنسان ما هاجمك بل دعا لك ببلوغ حقيقة الحق فيكفي من يهاجموك ويزيدون شراستك في إيذاء حبيب الله, أرجو أن تكوني ممن سيشفع لهم يوم العرض والحساب, أرجو بهذه الكلمات البسيطة واعلم انك بكلمات استخفاف وردة فعل أن ترديها وكأنها إساءة وتصفيها بالجهل, فلا تتسرعي وهنا قبل أن انهي اكرر أنني لست داعية إسلامي بل أريد أن أذكرك بان الدين عند الله الإسلام, ولك أن تتأملي وأنت الأقدر على التأمل, طالما هو دين إرهاب وظلم وإجرام حاشى لله, فلماذا يدخل في الإسلام يوميا عشرات الآلاف من العصاةة دون سيف أو عصا , قريبا جدا ياسيدة وفاء سلطان ستكتشفين الحقيقة , وهي اقرب إليك من حبل الوريد, إنها الدماء التي تجري في عروقك, في مضغة الاهية هي الإعجاز الآدمي " القلب" أغمضي عيونك وضعي يدك على قلبك وحاولي نسيان الإساءة من الغير, وتذكري اسائتك فقط ليس للغير من المخلوقات غير محمد ابن عبد الله "صلى الله عليه وسلم" فكري بأنك حقيقة غدا ملاقية ربك وحبيبه المصطفى المختار, فربما يمن الله عليك بانفجار الدمع ندما وحبا لا أقول خوفا, علما أن قمة الإيمان هو الخشية والثقة في نفس الوقت من غضب الله ومن كرمه, قريبا ياسيدة وفاء والعمر قليل جدا, الحياة الدنيا قصيرة ياوفاء سلطان, فما أجمل حب النبي محمد وكل الأنبياء, قبل أن تبلغ القلوب الحناجر, تأملي بينك وبين نفسك نفسك, واعتزلي هذه المناكفات وما توصفين به نفسك عند الآخرين بالتطاول على نبي الهدى وعلى أسماء الله الحسنى, التي تقولين فيها أنها تقشعر الأبدان, فكما هو الجبار على من طغى وتجبر, انه الحليم والرحيم على من كان للخلق محبة ورحمة, فكما تقشعر الأبدان خشية من بعض أسماءه الحسنى تباركت, فان القلوب ترقص طربا لثوابه وعونه ورحمته في الدنيا وفي الآخرة, ولانني فعلا لست بعالم دين وعلمي على قدر معرفتي, فلن أخوض خلال هذه الرسالة البسيطة, في تفنيد كل ما قلتيه ظلما وبهتانا بحق الحبيب طه صلى الله عليه وسلم, وان لا تكابري في العزلة والتفكر آناء الليل والنهار لوصول إلى الحقيقة, ولا تخشين في الله لومة لائم فقط أحبي الله ورسوله, أو كما يقول المثل الغربي لأقرب لك الصورة كما تعتقدين" إن لم تكن سعيدا فادعي السعادة تسعد" وهذه نظرية نفسية سيكولوجية ذات تداعيات فسيولوجية, لا أخال مثلك يجهلها, وأنا على يقين بان الله ورسوله سيحبونك ومن طبع الإسلام وأخلاق الرسول السماحة, فكم عذبوه وكم حاولوا قتله, وكم القوا القذارة أمام بيته ومن فوق رأسه, فحماه الله , وأحسن معاملتهم وعندما نصره الله قال لهم" اذهبوا انتم الطلقاء, واتبعت دعوته للحق مليارات البشر, فلا تختاري من بينهم من أساء للإسلام واعتقد انه يحسن الصنع لتأخذيها حجة على الله ورسوله, ورغم أنني لست داعية إسلامي بالمفهوم الوظيفي والرسمي والمعرفي, إلا أنني جاهز لمناظرتك, بالمقالة طالما تجيدينها ليس تحديا وعنادا, وإنما لان اثبت لك واختزل كل حججك على الإسلام وعلى الحبيب محمد, في عدة أحداث كانت بالنسبة لك معاناة وشكلت لديك معلم القسوة وعقدة ,جراء ظلم ذوي القربى, التي دفعتك عن غير القناعة التي ستصلين لها قريبا بإذن الله, أن تزيدي من عنادك وهجومك هدانا وهداك الله يا وفاء., ولتكتشفي في نهاية المطاف القصير والمختزل في توليفة فكرية على مدار أربعة عقود ونتيجة تراكمات ومعاملة شخصية ظالمة من آخرين, لتكتشفي أن تلك المحاججات أضحوكة وظلال وعناد, عندها وكما تعتبرين نفسك انك مخضرمة كما تدعي وكأنك تعتبري الثلاثة عقود التي عشتيها في كنف الإسلام بأنها عصر الإسلام الأول, وكأنك كنت شاهدا على مايقال باطلا في رسول السماحة والمحبة, ومن ثم انتقلتي إلى عقد النور والمحبة في أمريكيا, لتكملي رحلتك بإذن الله إلى جادة بوصلتها وصوابها, بالعودة إلى دولة الحق والسماحة في ذاتك , وليس لدى البشر القساة, والتي اعتبرتيهم يمثلون الله ورسوله, فرجمتي بالباطل أحب خلق الله إليه "محمد صلى الله عليه وسلم" والله لايضيره من عصى, لكن الله يفرحه بعبده عندما يهتدي بعد عصيان., لتكملي رحلة العودة من الظلال إلى النور والهداية, وستصلين لذلك بنفسك وبلحظة خشوع هي اقرب إليك من ذاتك إذا ما طلبتيها.
م- الحقيقة إنني دون تخطيط وربما لأنني كاتب في الشأن السياسي ووسط ذروة المظاهرة السياسية "القمة العربية" في وضعنا العربي والوطني العصيب, لا ادري لماذا اتجهت بأصابعي وبقلبي وإرادتي لكتابة هذه الكلمات, بأسلوب على غير عادة الحدة في مخاطبة أمثال السيدة وفاء سلطان, لكني وبعد أن أنهيت مقالتي انتبهت بأنني أنهيت شيء اعتبره رسالة وواجب, وربما عند مراجعتي لما كتبت اتسائل ما الذي كتبته ولماذا, فهذه مهمة العلماء الدينيين وليس المثقفين الذين يوصفوا بالعلمانيين, لكني كتبت وتوكلت على الله, فان أصابت مقالتي فلي حسنة استحسان دعوة الغير لمحبة الله ورسوله, وان لم تصب فإنني فعلت ما ارتأيت انه يعبر بأسلوب عن قناعاتي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,, والله من وراء القصد
#سعيد_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟