|
الجزء الثاني 2 من كتاب حول تاريخ الثورة الروسية وتناقضات نظرية الثورة على مراحل
بشير الحامدي
الحوار المتمدن-العدد: 2236 - 2008 / 3 / 30 - 10:49
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
3ـ حول نظرية الثورة على مراحل
أ) تحول الثورة الديمقراطية إلى ثورة إشتراكية مفهوم ستاليني ماوي كتب محمد الكيلاني في كتاب التروتسكية والتروتسكيون في تونس يقول:«كان لينين أول من وضع فكرة إمكانية تحويل الثورة البرجوازية الديمقراطية إلى ثورة إشتراكية في سنة 1905 مجسما بذلك فكرة الثورة الدائمة الماركسية.» ويستشهد بجمل للينين أخذها من مسائل اللينينية لستالين لتأكيد استنتاجه وهي: «... دون أن نسقط في المغامرية ودون أن نخون وعينا العلمي أو نلهث وراء شعبية سهلة. لا يمكننا القول ولا نقول إلاّ شيئا واحدا.» بكل قوانا نساعد كل الفلاحين على القيام بالثورة الديمقراطية حتى يسهل علينا نحن حزب البروليتاريا المرور بأسرع ما يمكن إلى مهمة جديدة وأرقى ــ إلى الثورة الأشتراكية . (1) لقد اختلطت الأمور على الكيلاني فهو يعمد إلى حشر هذا المقتطف من لينين ليدعم به فكرته التي تعود في أصولها إلى الأطروحات الستالينية التحريفية التي تخلت عن المركسية اللينينية. إن مقتطف لينين الوارد أعلاه لا يدعم أطروحة الكيلاني بل أنه يناقضها ويؤدي إلى استنتاج ماهو عكسها تماما فلينين على عكس ما يرى الكيلاني وستالين من قبله يحذر في هذا المقتطف من السقوط في المغامرية ويبين بكل وضوح الدور الذي على البروليتاريا أن تقوم به في الثورة الديمقراطية فهي ستساعد كل الفلاحين وبكل قواها على القيام بالثورة الديمقراطية لتسهل على حزب الطبقة العاملة المرور إلى مرحلة الثورة الإشتراكية. ماذا يمكن أن نستنتج من ذلك؟ إننا نستنتج أن لينين قبل 1917 يؤكد على أن مرحلة الثورة الديمقراطية هي مرحلة مستقلة بذاتها منفصلة عن مرحلة الثورة الاشتراكية برغم الدور الذي ستلعبه البروليتاريا فيها، وبرغم طابع السلطة التي ستنبثق عنها وليس كما يزعم الكيلاني أن الثورة البرجوازية ستتحول إلى ثورة اشتراكية. فلينين نفسه قد بين وفي كل كتاباته التي سبقت موضوعات أفريل بشكل عام ضرورة الفصل بين المرحلتين واعتبار كل مرحلة منهما مستقلة عن الأخرى حسب طبيعة القوى الطبقية التي ستقود العملية الثورية وحسب طابع المهمات التي ستنجزها (2). لقد عمل الكيلاني على انتقاء مقتطفات منزوعة من سياقها العام من كتابات لينين وفي أغلب الحالات اكتفي بما أورده ستالين للينين في محاولة لتدعيم إجاباته حول المسائل المتعلقة بالثورة في البلدان المتخلفة فجاءت إجاباته مجرد محولات تلفيقية لا تمت إلى البحث الجدي بأي صلة. إن فكرة لينين في الاستشهاد الذي أورده صاحب «التروتسكية والتروتسكيون» تحدد بدقة مهمات البروليتاريا في الثورة الديمقراطية وتضبطها في مساعدة الفلاحين في الثورة الديمقراطية من أجل تسهيل مهمة النضال في سبيل الإشتراكية ودكتاتورية البروليتاريا كمهمة ستعقب المرحلة الديمقراطية. كان لينين قبل 1917 يرى أن على البروليتاريا أن تشارك الفلاحين في قيادة الثورة الديمقراطية من أجل تحقيق موقع متقدم يسهّل عملية النضال من أجل الاشتراكية ولم يكن كما أراد الكيلاني أن يقنع قراءه يعمل على أن تتحول الثورة الديمقراطية إلى ثورة اشتراكية وتتحول الدكتاتورية الديمقراطية للعمال والفلاحين إلى دكتاتورية للبروليتاريا وتتحول سيطرة البرجوازية كطبقة إلى سيطرة البروليتاريا كطبقة. كان لينين يرى أن مهمة البروليتاريا في الثورة الديمقراطية تنحصر في مساعدة الفلاحين على الاستمرار بالثورة الديمقراطية وتوسيع مداها الذي لم يكن يعني في آخر التحليل غير ضمان سيطرة الطبقة البرجوازية كطبقة في الاقتصاد و السياسة و استخدام الدكتاتورية الديمقراطية في مصلحة البروليتاريا بانجاز مطالب الحد الأدنى كما وضح ذلك قرار المؤتمر الثالث لحزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي الذي يقول:«إن هذا الانقلاب الديمقراطي في روسيا نظرا لنظامها الاجتماعي و الاقتصادي الحالي، لم يضعف بل سيعزز سيطرة البرجوازية التي ستحاول حتما في لحظة معينة ودون التراجع عن شيء أن تسلب بروليتاريا روسيا أكبر قسم ممكن من مكتسباتها في المرحلة الثورية. يقرر المؤتمر الثالث لحزب العمال الاشتراكي ــ الديمقراطي الروسي : أ ـ من الضروري أن يصار في صفوف الطبقة العاملة على نشر مفاهيم ملموسة عن سير الثورة الأكثر احتمالا وعن ضرورة نشوء حكومة ثورية مؤقتة في لحظة معينة من الثورة حكومة تطالب بها البروليتاريا لتلبية جميع المطالب الاقتصادية و السياسية المباشرة الواردة في برنامجنا (برنامج الحد الأدنى) . ب ـ تبعا لنسبة القوى وغيرها من العوامل التي يستحيل تحديدها مسبقا بدقة، يمكن القبول باشتراك أشخاص مفوضين من قبل حزبنا في حكومة ثورية مؤقتة، بغية النضال بلا هوادة ضد جميع المحاولات المعادية للثورة و الدفاع عن المصالح الخاصة للطبقة العاملة». (3) إن فكرة تحول الثورة الديمقراطية إلى ثورة إشتراكية فكرة ستالينية ماوية ابتدعتها الأممية الثالثة في عصر انحطاطها، ولا تمت بأي صلة لأطروحات لينين قبل أو بعد 1917، ولا نظرية الثورة الدائمة عند ماركس أو تروتسكي. لم يتحدث لينين قبل سنة 1917عن تحويل ثورة من الطابع خاص كالثورة الديمقراطية إلى ثورة اشتراكية هي في جوهرها تتوجه إلى تحطيم الدولة البرجوازية وإلغاء الملكية الخاصة و إرساء دكتاتورية البروليتاريا على أنقاض مؤسسات الدولة البرجوازية. لقد كانت أفكار لينين قبل 1917 على درجة كبيرة من الانسجام مع الاتجاه العام لتحليله الذي يقوم على فصل الثورة الديمقراطية ع الثورة الاشتراكية و اعتبار كل واحدة مرحلة مستقلة بذاتها بقواها الطبقية وبطبيعة السلطة التي ستتولد عنها . فالثورة الديمقراطية لن تضعف بل ستعزز سيطرة البرجوازية وستقيم جمهورية ديمقراطية وسلطة حكومية للعمال و الفلاحين. والثورة الديمقراطية بقيادة البروليتاريا و الفلاحين ستكنس بكل حزم بقايا الماضي بقايا القنانة و تؤمن على أكمل وجه تطورا رأسماليا بمنتهى الأتساع و السرعة. فنجاح الانتفاضة الفلاحية التام و إعادة توزيع الأرض على الفلاحين كما يذكر لينين «لن يقضي إطلاقا على الرأسمالية بل إنه على العكس، يحفّز تطورها ويعجل التمايز الطبقي بين الفلاحين بالذات.» فالثورة الديمقراطية لن تتحول إلى ثورة اشتراكية بل ستساعد البروليتاريا على النضال من أجل الإشتراكية «والثورة البرجوازية لا غنى عنها إطلاقا في مصلحة البروليتاريا. وبقدر ما تكون الثورة البرجوازية أكمل و أحسم وبقدر ما تكون أوفي انسجاما، بقدر ما تتوافر للبروليتاريا امكانية النضال في سبيل الإشتراكية ضد البرجوازية». (4) هكذا فالمرور إلى الثورة الإشتراكية عند لينين مشروط بتحقيق الثورة الديمقراطية. كذلك لم يدع لينين سنة 1917 إلى تحويل الثورة الديمقراطية إلى ثورة اشتراكية. فلما أسقطت القيصرية وصعدت البرجوازية الليبرالية إلى السلطة نظرا لنقص وعي وتنظيم البروليتاريا ولم تتحقق دكتاتورية البروليتاريا و الفلاحين الديمقراطية أدرك أن المهمات الديمقراطية أصبحت تتطلب لانجازها و أتمامها إلى النهاية دكتاتورية البروليتاريا، فعدل برنامج الحزب بما يتماشى والواقع الملموس وتجاوز الصيغ القديمة وطالب بعدم دعم الحكومة المؤقتة وعدم المساومة مع الديمقراطية البرجوازية الصغيرة بالمحافظة على استقلالية حزب البروليتاريا سياسيا وتنظيميا.و نادى الحزب البلشفي بأن تأخذ السوفييتات السلطة وعمل على كسب الأغلبية داخلها ليس على أساس أن الثورة البرجوازية قد حققت مهامها أو أن الدكتاتورية الديمقراطية قد تحققت في الواقع، بل لأنه تبين بالملموس أن الأطروحات القديمة التي تقوم على اعتبار المرحلة الديمقراطية مرحلة مستقلة بذاتها قد تبين خطؤها وتناقضها، فلم يكن البلاشفة يعتقدون أن الثورة ستسلم السلطة للبرجوازية ولما تحقق ذلك بالملموس بعد أن تنازل جهاز السوفييتات عن السلطة وسلمها للبرجوازية الليبرالية و اكتفى بمجرد تمثيلية أقلية في الحكومة التي توجهت ومنذ يومها الأول إلى التحالف مع البقايا الملكية القيصرية، أصبح من الضروري العمل على التحضير لدكتاتورية البروليتاريا لانجاز المهام الديمقراطية المتداخلة مع مهام البناء الأشتراكي، وهو ما تحقق في أكتوبر1917 حيث لم تتمكن الطبقة العاملة وهي في السلطة، من ممارسة قيود ذاتية تحول بينها وبين البدء في انجاز مهام البناء الأشتراكي، وحل المهمات الديمقراطية عرضا، بوصفها نتاجا ثانويا لعمل البروليتاريا الرئيسي في الثورة الإشتراكية. إننا لا نعثر في كتابات لينين ولا عند دراسة تاريخ الثورة الروسية على مثل المفاهيم التي يدعي الكيلاني انتسابها للينينية. فآطروحات الكيلاني المتعلقة بنظرية «الثورة المتحولة» لا تعكس في الحقيقة غير تناقضات المفاهيم الستالينية و الماوية الخاصة بالثورة في البلدان المتخلفة، هذه المفاهيم التي اتخذها صاحبنا مرجعه الوحيد ومرشده في العمل فخوفه من الوصول إلى الاستنتاجات التي توصل إليها تروتسكي في سنة 1917 ووضحها بشكل متكامل في كتاب الثورة الدائمة فيما بعد على ضوء التجربة الملموسة للثورة الروسية، والحقبة الثورية التي تلتها، جعل الكيلاني عند دراسته لتاريخ الثورة الروسية ولأفكار لينين يتعمد بوعي تحريف اللينينية خشية الوقوع في التروتسكية التي يعتبرها عدوه اللدود دون أن يبذل أي جهد لفهمها. فتصبح الثورة الديمقراطية مرحلة مستقلة بذاتها ستتحول تحت قيادة الطبقة العاملة إلى ثورة إشتراكية وبالتالي يمكن المرور بالسلطة من «الدكتاتورية الشعبية» إلى دكتاتورية البروليتاريا القائمة على تحالف العمال و الفلاحين الفقراء، فهو يقول:«ومن دون شك فعندما تضطلع الطبقة العاملة بقيادة الثورة، يصبح المرور من المرحلة الأولى إلى الثانية يتم في الأساس بصورة سلمية باعتبار أن السلطة المنبثقة عن الأولى لا تمثل مصالح الطبقات الاستغلالية بل مصالح الطبقات الكادحة المضطهدة،وهي بالتالي تمثل الثانية في شكلها الجنيني»(5). يتبين مما سبق أن أطروحات الكيلاني التي يجتهد في إظهارها على أنها أطروحات ماركسية لينينية مناقضة لأبسط تعاليم المركسية حول مفهومي الدولة و الثورة ــ فكيف يمكن لثورة كالثورة الديمقراطية إذا اعتبرنا تعريف لينين للثورة على أنها «هدم بالعنف لبناء فوقي سياسي قديم ولى عهده وأدى تناقضه مع علاقة الإنتاج الجديدة في لحظة معينة، إلى إفلاسه»(6) أن تتحول وبصورة سلمية إلى ثورة اشتراكية هي في أصلها نقيض للنظام الرأسمالي، وللديمقراطية البرجوازية، ولايمكن أن تقوم إلا على أنقاضهما؟ وكيف يمكن لسلطة «شعبية» أن تمثل نواة دكتاتورية ثورية عمالية في مرحلة أولى ثم تتحول وبصورة سلمية في مرحلة ثانية إلى دكتاتورية بروليتارية خالصة لقد تبنى الكيلاني البدعة الستالينية الماوية حول«الدكتاتورية الثورية للشعب» هذه الصيغة المبهمة التي تنفي التناقضات في صلب«الكتلة الشعبية» ذاتها بافتراضها أن طبقات متنافرة ومتناقضة المصالح يمكنها أن تشكل سلطة واحدة تتحول بشكل سلمي إلى دكتاتورية للطبقة العاملة. إن مفهوم «الدكتاتورية الثورية للشعب» مفهوم تحريفي يتعمد تزوير الماركسية الثورية وقد أوضح لينين في الكثير من كتاباته وردوده هذه المفاهيم التي تعود في أصولها إلى الأطروحات الشعبوية، وسنورد جملة من الشواهد لنوضح الموقف المركسي اللينيني من هذه المسألة تفنيدا لمزاعم الستالينية حول «الدكتاتورية الثورية للشعب». 1) «إن كل من لا يتكلم اليوم إلا على «الدكتاتورية الثورية للبروليتاريا و الفلاحين» يتأخر عن الحياة، وهو قد انتقل بالتالي عمليا إلى البرجوازية الصغيرة ضد النضال الطبقي البروليتاري. ويستحق أن يحال إلى أرشيف العجائب «البلشفية» السابقة للثورة»(7). 2) ««الدولة الشعبية الحرة» كانت مطلبا في برنامج الاشتراكيين الديموقراطيين الألمان في سنوات العقد الثامن، وشعارا من شعاراتهم الشائعة. وهذا الشعار خال من كل مضمون سياسي عدا الوصف البرجوازي الصغير الطنان لمفهوم الديمقراطية. ولما كانوا يلمحون فيه علنا إلى الجمهورية الديمقراطية كان أنجلس مستعدا إلى « تبرير» هذا الشعار «بعض الوقت» من وجهة نظر التحريض. ولكن هذا الشعار كان انتهازيا لأنه لم يفصح فقط عن تجميل الديمقراطية البرجوازية بل كذلك عن عدم فهم النقد الاشتراكي لكل دولة بوجه عام. نحن نؤيد الجمهورية الديمقراطية لأنها بالنسبة إلى البروليتاريا الشكل الأفضل للدولة في عهد الرأسمالية، ولكن لا يحق لنا أن ننسى أن عبودية العمل المأجور هي نصيب الشعب حتى في الجمهورية البرجوازية الأكثر ديمقراطية. وبعد إن كل دولة هي«قوة خاصة» لقمع الطبقة المظلومة ولذا فكل دولة ليست حرة وليست شعبية...» (8). 3) إن تعاليم النضال الطبقي التي يطبقها مركس على مسألة الدولة وعلى مسألة الثورة الإشتراكية تفضي لا محالة إلى الاعتراف بسيادة البروليتاريا السياسية، بدكتاتوريتها، أي بسلطتها التي لا تقتسمها مع أحد و التي تستند مباشرة على قوة الجماهير المسلحة. أن إسقاط البرجوازية لا يمكن أن يتحقق عن غير طريق تحول البروليتاريا إلى طبقة سائدة كفء لقمع ما تقوم به البرجوازية حتما من مقاومة يائسة ولتنظيم جميع جماهير الشغيلة و المستثمرين للنظام الاقتصادي الجديد»(9). 4)«إن النقطة الأكثر أهمية التي لا يفهمها الاشتراكيون وتعبر عن قصر رؤيتهم النظرية و انغلاقهم على الأفكار البرجوازية و خيانتهم السياسية تجاه البروليتاريا هي أنه في المجتمع الرأسمالي ما أن يشتد الصراع الطبقي الموجود في أساسه حتى لا يعود هناك وسط بين دكتاتورية البرجوازية وبين ديكتاتورية البروليتاريا فكل الأحلام بحل وسطي ليست سوى ولولة رجعية من قبل برجوازيين صغار»(10). 5) «...إن الإيمان بأن «الديمقراطية» بوجه عام هي العلاج الذي يشفي كل الأمراض و انعدام فهم كونها ديمقراطية برجوازية محدودة تاريخيا من حيث فائدتها وضرورتها، إن هذا الإيمان و انعدام الفهم هذا قد استمر عشرات السنين وحتى قرونا وبصورة حية قوية، بخاصة في صفوف البرجوازية الصغيرة، في جميع البلدان أما البرجوازي الكبير فقد رأى كثيرا من صروف الدهر، وهو يعرف أن الجمهورية الديمقراطية شأنها شأن كل شكل أخر من أشكال الدولة في ظل الرأسمالية ليست سوى آلة لسحق البروليتاريا... بيد أن البرجوازي الصغير نظرا لوظعه الاقتصادي ولكل ظروف معيشته، يمتاز بأهلية أقل لأدراك هذه الحقيقة بل إنه يهدهد نفسه بالأوهام حول أن الجمهورية الديمقراطية تعني«ديمقراطية صرفة»«دولة شعبية حرة» وسلطة شعبية قائمة خارج الطبقات أو فوقها ومجرد ظاهرة لإرادة الشعب بأسره وما شابه به و هلمجر. إن تمسك الديمقراطيين البرجوازيين الصغار العميق بهذه الأوهام هو النتيجة المحتومة لابتعادهم عن النضالات الطبقية الحداة.... ومن المناقض إطلاقا للماركسية أن نتوقع استئصال هذه الأوهام في فترة وجيزة وبواسطة الدعاية فقط» (11). ب ـ الثورة على مراحل: مفهوم للتحول السلمي وإلغاء للثورة الإشتراكية
ينطلق محمد الكيلاني من أطروحته التي تقول «إن تحول الثورة بصورة سلمية من مرحلتها الأولى إلى الثانية لا يمكن أن يتم إلا في حالة ما إذا كانت الطبقة العاملة في قيادة العملية الثورية»(12). وطبق هذا القانون الجديد الذي أبتدعه على الثورة الروسية و الثورة الألبانية فتوصل إلى أن «الثورة الديمقراطية البرجوازية في روسيا ــ فيفري 1917 تحولت إلى ثورة إشتراكية في أكتوبر 1917 بصورة سلمية في البداية ثم بصورة عنيفة منذ جويلية 1917 ووصلت إلىالإنتفاضة المسلحة في أكتوبر1917 (13). أما في ألبانيا فإن «الثورة الوطنية المعادية للفاشية» وعلى عكس الثورة البرجوازية في روسيا قد تحولت وبصورة سلمية إلى ثورة إشتراكية. يقول الكيلاني متحدثا عن الثورة الألبانية:«وعلى أساس الخط العام الذي سارت عليه ثورة الشعب التحريرية ثمّ تحرير كامل التراب الألباني في 29 نوفمبر 1944 وتركزت السلطة الديمقراطية الشعبية في ألبانيا وتمثل هذه السلطة دكتاتورية العمال والفلاحين بقيادة الطبقة العاملة الممثلة في حزبها الشيوعي إن النظام السياسي الجديد في ألبانيا يوجد كليا بين أيدي القوى الديمقراطية الثورية وعلى رأسها الحزب الشيوعي. وعلى هذا الأساس فإن النظام الجديد لا يمثل دكتاتورية ديمقراطية للقوى الثورية وإنما هو نظام يحمل نواة دكتاتورية البروليتاريا التي تنمو بسرعة... جرى التحول الاشتراكي في ألبانيا بدون ثورة مسلحة. لم تكن البروليتاريا في حاجة لذلك كي تقود الثورة إلى مرحلة أرقى ... تركزت دكتاتورية البروليتاريا عبر سيرورة سلمية (أي تحول سلمي، بمعنى ما) وتعززت بدون الالتجاء إلى ثورة مسلحة»(14). فما حقيقة هذا «القانون الجديد» الخاص بتحول الثورة الديمقراطية إلى ثورة إشتراكية و بصورة سلمية والذي يضيفه الكيلاني إلى قوانين النظرية المركسية الثورة المتعلقة بالتحولات الاجتماعية وبمفهوم الدولة و الثورة. يشترط «قانون الكيلاني » أن تكون البروليتاريا في قيادة العملية الثورية و على رأس القوى الديمقراطية في السلطة كي يتسنى المرور من مرحلة الثورة الديمقراطية إلى مرحلة الثورة الإشتراكية وتركيز دكتاتورية بروليتاريا بدون ثورة عنيفة أي بدون انتفاضة مسلحة لأن البروليتاريا لن تكون في حاجة لذلك كي تقود الثورة إلى مرحلة أرقى. إن الكيلاني بقانونه الجديد ينفي أن الثورة الإشتراكية هي هدم بالعنف لجهاز الدولة البرجوازية المتألف من جهازي البوليس، والجيش الدائم، وفئة البيروقراطية البرجوازية والسجون الخ... وهي كذلك تحطيم لأسس النظام الرأسمالي، لإلغاء الاستغلال ومجتمع الطبقات. وأن البروليتاريا لا تستطيع فقط الإستيلاء على جهاز الدولة البرجوازية وتحريكه بل عليها أن تحطمه وتبني على أنقاضه مؤسسات دولة من طابع جديد هي بتعبير ماركس«البروليتاريا المنظمة بوصفها طبقة سائدة». إن الطبقة العاملة لا يمكنها أن تحطم مؤسسات الدولة البرجوازية وتقيم دكتاتوريتها الخاصة بغير ثورة عنيفة لأنها«إذا كانت الدولة نتاج استعصاء التناقضات الطبقية، وإذا كانت قوة فوق المجتمع «وتنفصل عن المجتمع أكثر فأكثر» فمن الواضح أن تحرير الطبقة المظلومة فضلا عن أنه لا يمكن بدون ثورة عنيفة، فإنه لا يمكن بدون القضاء على جهاز سلطة الدولة الذي أنشأته الطبقة السائدة والذي يتجسم فيه هذا«الانفصال»(15). فالطبقة العاملة إذا تمكنت من قيادة العملية الثورية وتوصلت إلى تحطيم الدولة البرجوازية لن يبقى أمامها من بديل غير إرساء دكتاتوريتها التي ستكون بالضرورة مختلفة ومتعارضة مع أي شكل من أشكال السلطة البرجوازية. ففي عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية لا يمكن الحديث عن سلطة وسط بين دكتاتورية البروليتاريا ودكتاتورية البرجوازية فلا«الدكتاتورية الديمقراطية للعمال والفلاحين» و لا سلطة «الدكتاتورية الشعبية» تقدران على حل مسائل الثورة في البلدان المتخلفة أين تداخلت مهمات البناء الأشتراكي بالمهمات الديمقراطية ( التحرير الوطني، الأصلاح الزراعي، الخ.) وحدها الطبقة العاملة المتحالفة مع الفلاحين الفقراء في مستطاعها وعبر الإطاحة بالسلطة البرجوازية وتحطيم مؤسسات الدولة البرجوازية عن طريق الثورة العنيفة تقدر على انجاز مثل هذه المهمات و بشكل جذري دون التوقف في منتصف الطريق. فالطبقة العاملة التي ستقود العملية الثورية. لن ترسي غير دكتاتورية البروليتاريا المسندة إلى الفلاحين الفقراء. وهكذا فالثورة الإشتراكية لن تتحقق بواسطة تحول الثورة الديمقراطية الوطنية إلى ثورة اشتراكية، والبروليتاريا إن توصلت إلى قيادة الفلاحين في الثورة وتمكنت من الانتصار على الطبقة البرجوازية وحطمت مؤسسات دولتها فهي إما أن ترسى دكتاتوريتها الخاصة بها كطبقة و بذلك تكون قد حققت في الواقع دكتاتورية البروليتاريا، ويصبح الحديث عن«دكتاتورية شعبية» أو «دكتاتورية ديمقراطية للعمال و الفلاحين» حديثا مغلوطا من أساسه وإما أن تحجم عن الإمساك بالسلطة بتعلة أن الثورة. ثورة ديمقراطية وطنية و بالتالي فالطبقة العاملة لا يمكن لها أن تحتكر لنفسها جهاز السلطة في هذه المرحلة و«تعوض بقية الطبقات الشعبية في الثورة وفي التمتع بمنجزاتها» والكلام للكيلاني، وبذلك تخون مصالحها نفسها ومصالح الفلاحين وترضى بالمشاركة في الحكم ويصبح الحديث أيضا عن «دكتاتورة للشعب»أو «دكتاتورية ديمقراطية للعمال و الفلاحين »حديثا لا معنى له ومن قبيل تسمية الأشياء بغير أسمائها لأن السلطة السياسية في هذه الحالة ستكون إما دكتاتورية الأغلبية الفلاحية ممثلة في حزب أو أحزاب برجوازية صغيرة أو دكتاتورية برجوازية خالصة إذا ما عجزت هذه الأحزاب الديمقراطية البرجوازية الصغيرة عن تشكيل سلطة بمفردها وهو ما أثبتته التجربة التاريخية في كثير من الثورات المجهضة. يعترض الكيلاني على التروتسكيين لأنهم يعتبرون أن المهام الديمقراطية في البلدان المتخلفة، نظرا لتحول الطبقة البرجوازية إلى قوة مضادة للثورة، قد ألحقت بالطبقة العاملة وأصبح أمر انجازها بصورة جذرية يتطلب إرساء دكتاتورية البروليتاريا قائلا:«خطيئتهم تمكن في أنهم يقرنون آليا بين الدور القيادي للطبقة العاملة وبين طبيعة الثورة وطبيعة السلطة التي ستتولد عنها»(16). فلنكشف مغالطات الكيلاني.فهو يؤكد على أنه لا يجب أن نقرن بين دور البروليتاريا في قيادة الثورة وبين طابع الثورة وطابع السلطة التي ستنبثق عنها. فأي دور يمكن أن تقوم به الطبقة العاملة إذا لم تعمل على طبع الثورة والسلطة بطابعها البروليتاري الثوري بوصفها ستكون قائدة العملية الثورية التي ستطيح بالطبقة البرجوازية؟ ليس لها من دور انسجاما مع مغالطات الكيلاني غير أن تسّلم السلطة للبرجوازية أو تبحث لها عمن يتسلمها. لكن الحلول لم تعوز الكيلاني فقد عثر على مخرج ـ فالسلطة ستتسلمها القوى الديمقراطية وعلى رأسها الحزب الشيوعي وتصبح بذلك«دكتاتورية ثورية للشعب». وهكذا تتخلص الطبقة العاملة من «عقدة الذنب» تجاه رفاق الطريق:«القوى الديمقراطية الثورية» بما فيها «البرجوازية الوطنية» ولا تحرمها من «التمتع بمنجزات الثورة» ويصبح النظام الجديد لا يمثل دكتاتورية القوى الديمقراطية وإنما نظام يحمل نواة دكتاتورية البروليتاريا ! لقد تجاوز البلاشفة أثناء ثورة1917 مثل هذه الصيغ المتناقضة (والتي أصبحت لدى الكيلاني أكثر تناقضا و التباسا) و التي كانت لا تقرن بين الدور القيادي للطبقة العامة في العملية الثورية وبين طبيعة السلطة التي ستنشأ عن هذه الثورة. فالكل يعلم أن الحكومة المؤقتة في روسيا لم تحقق ولو مطلبا واحد من مطالب الحركة الثورية كالإصلاح الزراعي والجمعية التأسيسية وحتى يوم العمل من ثماني ساعات الخ... وأن هذه المهام بقيت معلقة طيلة ثمانية أشهر ولم يبدأ في انجازها إلاّ حين استولت البروليتاريا عن السلطة، ولم تمثل هذه المهمات الديمقراطية التي بقيت دون حل رغم وجود البرجوازية في السلطة عائقا أمام الحزب البلشفي في نضاله من أجل الإشتراكية ودكتاتورية البروليتاريا بل لقد جعل البلاشفة من انتصار الثورة الاشتراكية ومن دكتاتورية البروليتاريا شرطا لا يمكن بدون تحقيقه أن يصار إلى أجراء الإصلاح الزراعي و إقامة الجمعية التأسيسية وعقد الصلح الديمقراطي العادل لإنهاء الحرب. لقد جعل البلاشفة من الدور القيادي للطبقة العاملة شرطا من شروط نجاح الثورة و إرساء دكتاتورية البروليتاريا. إنهم لم يقرنوا فقط بين طابع الثورة وطابع السلطة والدور القيادي للطبقة العاملة بل جعلوا من هذا الاقتران شرطا لا بد منه لانتصار الثورة و الإطاحة بالطبقة البرجوازية وتحطيم مؤسسات دولتها. وقد مثلت هذه الأطروحات القاعدة التي تجاوز على أساسها البلاشفة غموض الصيغ القديمة التي مازال الكيلاني إلى اليوم متشبثا بها. ويواصل الكيلاني رده على التروتسكيين فيقول :«لقد أدى بهم هذا الخلط إلى أن لا يروا إلا نمطا واحدا من السلطة المنبثقة عن الثورة في أي من مرحلتيها ألا وهو الدكتاتورية البروليتاريا،في حين أن السلطة المنبثقة عن الثورة الديمقراطية الوطنية بقيادة الطبقة العاملة لا يمكن أن تكون دكتاتورية البروليتاريا بل هي الدكتاتورية الثورية للشعب أي العمال و الفلاحين. وهي تمثل نواة دكتاتورية البروليتاريا لأن قيادة الطبقة العاملة للثورة في مرحلتها الأولى تساعد على إنجاز مهماتها بصورة جذرية... وبذلك تتوفر شروط المرور إلى المرحلة الموالية أي الإشتراكية وبالتالي المرور بالسلطة من الدكتاتورية الشعبية إلى دكتاتورية البروليتاريا القائمة على التحالف العمال و الفلاحين الفقراء. ومن دون شك فعندما تضطلع الطبقة العاملة بقيادة الثورة يصبح المرور من المرحلة الأولى إلى الثانية يتم في الأساس بصورة سلمية»(17). إن آراء الكيلاني هذه التي تعني أنه من المستحيل على البروليتاريا في البلدان المتخلفة الوصول إلى السلطة السياسية و إنجاز المهمات الديمقراطية دون المرور بالمرحلة الديمقراطية وبالسلطة الشعبية التي هي في حقيقتها سلطة برجوازية، إن آراءه هذه في أصولها تعود إلى الموقف المنشفي القديم الذي يحمل رايته اليوم الستالينيون و الماويون ورثة هذا التيار داخل الحركة الشيوعية العالمية. فالكيلاني يرى أن الثورة الديمقراطية الوطنية مرحلة لا بد منها لأنها في نظره مرحلة ستوفر القاعدة وتحضر الظروف للاشتراكية ولا يمكن القفز عليها نظرا لتأخير البنية الإقتصادية للمجتمع. فلكي يمكن المرور إلى الإشتراكية لا بد من أن تتطور قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج وتبلغ درجة من التقديم، فالثورة الديمقراطية غير مطروح عليها إزالة الرأسمالية. يكتب الكيلاني موضحا هذا الرأي:«إن الثورة الديمقراطية و المعادية للإمبريالية المنتصرة، وهي تضرب الاحتكارات القديمة تمكن بدون أدنى شك الرأسمالي الوطني من الانتعاش»(18). يظهر الكيلاني هنا على حقيقته الإصلاحية التي أجتهد في إخفائها، إنه يردد حججا إصلاحية برجوازية صغيرة على درجة كبيرة من الابتذال بالنسبة للشيوعيين. فالثورة الوطنية الديمقراطية المعادية للإمبريالية حسب رأيه غير معادية للاستغلال الرأسمالي، فهي بدون«شك ستمكن الرأسمالي الوطني من الانتعاش»ـــ وما هي القوى الطبقية المحركة للثورة و التي لها مصلحة فيها حسب الكيلاني:إضافة إلى العمال و الفلاحين هناك قسم من البرجوازية يحجم عن تعريفه ـــ وهو لا شك «البرجوازية الوطنية» فهي تمثل في نظره قوة«لا يجب الاستهانة بها باعتبارها تمثل إحتيطايا هاما للثورة». وفي تحديده للطبقة البرجوازية يقول «تنقسم البرجوازية في الثورة الوطنية الديمقراطية إلى فئتين واحدة تتحالف مع الإقطاع و الرأسمال الإمبريالي ـــ عرفت بالبرجوازية العملية ــ وتتوجه الثانية إلى التحالف الثوري لأن الاحتكار الإقطاعي الإمبريالي الكمبرادوري يضر بمصالحها ويخنق إمكانية تطورها وتوقها إلى وضع يدها على خيرات البلاد وعلى السوق المحلية . إن مصلحتها تكمن في ضرب الاحتكار القديم وتعويضه باحتكارها الخاص...يدور الصراع معها في مرحلة الإعداد للثورة حول القيادة. وعند انتصار الثورة يتحول الصراع حول سلطة الدولة حول المدى التي ستأخذه الثورة. وهذا يعني أن الصراع يأخذ أشكالا مختلفة حسب تطور العملية الثورية وحسب موقعها من الثورة. أما الوحدة معها فهي ظريفة ومحدودة المدى ومع ذلك لا يجب الاستهانة بها باعتبارها تمثل احتياطيا هاما للثورة في مرحلة من مراحلها»(19). لنتصور اللوحة المبتذلة المتناقضة التي يرسمها الكيلاني لثورته هذه. تقود الطبقة العاملة جماهير الشعب أي الفلاحين والبرجوازية الوطنية في الثورة الديمقراطية للإطاحة «بالاحتكار القديم » و«البرجوازية العملية». وبقيادة الطبقة العاملة ستنبثق عن الثورة سلطة «ديمقراطية شعبية» تمثل عند صاحبنا نواة لدكتاتورية البروليتاريا وتختلف عن الديمقراطية البرجوازية فهي لا يمكن أن تكون ديمقراطية وشعبية «إذا لم تضرب في العمق الاحتكار القديم ولم تفتح طريق التحول الاشتراكي أمام الثورة»(20). وبهذه الصورة تتحول الثورة الديمقراطية الوطنية إلى ثورة اشتراكية وتتحول السلطة الشعبية إلى دكتاتورية للبروليتاريا بصورة سلمية لأن الطبقة العاملة هي التي قادت«التحالف الثوري» في المرحلة الديمقراطية الوطنية !! فالثورة الديمقراطية الوطنية ستمكن «الرأسمالي الوطني» من الانتعاش وفي نفس الوقت ستتحول إلى ثورة اشتراكية !! وبصورة سلمية أيضا !! إن الكيلاني هنا يسقط في تناقضات لا مخرج منها مهما تستر بنسب أضاليله إلى لينين، ومهما غلف خطابه بجمل لا معنى لها مثل«إننا نقر بالتداخل بين مهام الثورة الديمقراطية ومهامها الإشتراكية لكننا في نفس الوقت نفرق بين هذه وتلك لأن كل واحدة منهما تحدد طبيعة المرحلة التاريخية التي تمر بها الثورة، وتنظم طبقات معينة لتحقيق الأساس من الأهداف المرسومة لتلك المرحلة»(21). و«الثورة الوطنية الديمقراطية بقيادة البروليتاريا تحضر الظروف للثورة الإشتراكية وتنجز مهام ذات طابع اشتراكي و الثورة الإشتراكية تتمم مهام الثورة الوطنية الديمقراطية التي لم يكن بالإمكان أنجاز من قبل» (22). يوضح الإستشهدان السابقان حدة التناقضات التي عليها أفكار الكيلاني. ففي المثالين لا يمكن أن نميز هل أن الرجل يتحدث عن ثورة وطنية ديمقراطية ذات مهام إشتراكية أم أنه يتحدث عن ثورة إشتراكية ذات مهام ديمقراطية. فهو يقر في الاستشهاد الأول بالتداخل بين المهام الديمقراطية والمهام الإشتراكية. ولكنه في نفس الوقت يفصل بينهما. فالثورة في رأيه ستمر بمرحلتين تاريخيتين تنظم في كل مرحلة طبقات معينة لتحقيق الأساسي من الأهداف الخاصة بتلك المرحلة، إلا أنه في الاستشهاد الثاني يتراجع عن كل ما تقدم ليؤكد على أن الثورة الوطنية الديمقراطية ستحضر الظروف للاشتراكية وستنجز كذلك مهام من طابع اشتراكي، ولا يعنى بتحديدها. هكذا تبدو اللوحة التي يرسمها الكيلاني للثورة متداخلة ومتناقضة ويتمادى في أكسائها المزيد من الغموض. فالثورة الوطنية الديمقراطية التي ستمكن رأس المال «الوطني» من الانتعاش ستنجز مهام ذات طابع إشتراكي وستتحول إلى اشتراكية فقط لتستكمل بعض المهام التي لم يكن بالإمكان انجازها. هكذا يفهم الكيلاني التداخل بين المهام الإشتراكية والمهام الديمقراطية ويواصل قائلا: «... لكن هل سيتم القبول ـ بكل العناصر الرأسمالية للمدينة والريف ـ كأمر لا حول ولا قوة للبروليتاريا عليه؟ كلاّ باعتبار الدور الحاسم لتدخل البروليتاريا في الإسراع بعملية التحول. إن اجتياز المرحلة الأولى من الثورة بالسرعة اللازمة يقضي على إمكانية تعزيز قاعدة ـ العناصر الرأسمالية للمدينة والريف ـ ».(23) كيف ستتدخل البروليتاريا للتسريع بعملية التحويل؟ على قاعدة أي برنامج سيتم القضاء على العناصر الرأسمالية في الريف والمدينة؟ لماذا يتم معارضة دكتاتورية البروليتاريا بدكتاتورية الشعب؟ كيف ستتحول الثورة الديمقراطية الوطنية إلى ثورة إشتراكية؟ كيف سيتسنى للثورة الوطنية الديمقراطية أن تنجز مهام إشتراكية؟ ما هي هذه المهام؟ إننا لا نعثر على إجابات محددة على هذه المسائل. إن مفاهيم الكيلاني المبنية على نظرية الثورة على مراحل لا يمكن أن تقود إلاّ إلى إستراتيجية الجبهة الوطنية الديمقراطية البرجوازية في الأساس. وباسم التناقضات التي يختلقها في صفوف الطبقة البرجوازية يزج بالبروليتاريا في مثل هذه الجبهة التي لن تكون غير تحالف مبني على قاعدة أرضية مطالب ديمقراطية برجوازية مهما أكّد الكيلاني على أنّ الطبقة العاملة هي التي تقود الجبهة. فهل من الممكن أن تقود البروليتاريا البرجوازية؟ إن الكيلاني لا يكتفي بالتحالف مع البرجوازية الوطنية إنه يتعداه إلى إمكانية الوحدة معها «أما الوحدة معها فهي ظرفية ومحدودة المدى ومع ذلك لا يجب الاستهانة بها باعتبارها ـ البرجوازية الوطنية ـ تمثل احتياطيا هاما للثورة في مرحلة من مراحلها».(24) على أي قاعدة ستبنى هذه الوحدة؟ وعلى أي برنامج ملموس ستتوحد البروليتاريا مع البرجوازية الوطنية؟ هل ستقبل البرجوازية الوطنية ببرنامج من المفروض أن يكون مناقضا لمصالح البرجوازية ككل؟ وهل من الممكن أن تقبل البرجوازية الوطنية سلطة من المفترض أن تستهدف سيطرتها الإقتصادية والسياسية هي بالذات؟ إن مثل هذه الوحدة لا يمكن أن تتمّ إلاّ على قاعدة توفيقية إصلاحية يتذيل فيها حزب البروليتاريا الثوري للطبقة البرجوازية. قاعدة تكون ملائمة لبرنامج الثورة الوطنية الديمقراطية يدفع حزب الطبقة العاملة ثمنها بتخليه عن مطالب البروليتاريا ويتحول إلى ذيل للديمقراطية البرجوازية ووقتها يصبح الكلام عن قيادة الثورة وعن برنامج ثوري للطبقة العاملة من قبيل الأماني الطيبة التي لن تتحقق مطلقا على أرض الواقع الملموس. إن نظرية الثورة على مراحل وتحول الثورة الديمقراطية إلى ثورة إشتراكية مفاهيم ستالينية تلغي الثورة الإشتراكية وإستراتيجية أدّت تاريخيا وتؤدي إلى هزيمة كل حركة بروليتارية أخضعت أو تخضع نضالها لهذه الإستراتيجية. 4 ـ تناقضات الستالينيين حول مفهومي دكتاتورية البروليتاريا و المجتمع الإشتراكي
مثلت معالجة الكيلاني لمسألة دكتاتورية البروليتاريا وكذلك لطابع الصراع الطبقي و الطبقات في المجتمع الاشتراكي مراجعة معلنة صريحة لأهم مسألة من مسائل النظرية الماركسية ألا وهي مسألة طبيعة الدولة والسلطة المناسبة لمرحلة التحول من المجتمع الرأسمالي إلى المجتمع الشيوعي والتي يتوقف على فهمها فهم مجمل القضايا المتعلقة ببناء الإشتراكية. إن دكتاتورية البروليتاريا حسب الكيلاني سلطة تحالف طبقي. والانقسام الطبقي الذي يستمر في المجتمع في ظل دكتاتورية البروليتاريا لن يؤدي إلى تناحر بين طبقتي العمال و الفلاحين بل يؤدي إلى وحدة وتعاون بينهما . فهو يعرّف دكتاتورية البروليتاريا على أنها«تحالفا متينا بين العمال و الفلاحين تحت قيادة الأولين. وهذا الانقسام الطبقي لا يؤدي كما في المجتمعات الطبقية السابقة إلى تناحر بين الطبقتين بل إلى وحدة وتعاون بينهما لتقارب مصالحهم وتوافقها»(25). إن مفهوم الكيلاني هذا لدكتاتورية البروليتاريا مفهوم تحريفي مناف للمركسية و للديالكتيك المادي وفكرة طوباوية تصور المجتمع الانتقالي على أنه مجتمع ينتفي فيه الصراع الطبقي ويحل محله مفهوم للوحدة بين الطبقات. لم يتحدث لا ماركس ولا انجلز ولا لينين و لا تروتسكي هن مفهوم لدكتاتورية البروليتاريا بالمعني الذي يتحدث عنه الكيلاني. فلينين قد أكد في الدولة والثورة أنه «لا يستوعب فحوى تعاليم مركس بشأن الدولة إلا الذي يفهم أن دكتاتورية الطبقة الواحدة هي ضرورة ليس فقط في كل مجتمع طبقي بوجه عام، ليس فقط للبروليتاريا التي أسقطت البرجوازية بل أيضا لمرحلة تاريخية كاملة تفصل الرأسمالية عن« المجتمع اللاطبقي» عن الشيوعي» (26). إن طبيعة الدولة التي تتناسب مع مرحلة الإنتقال إلى المجتمع الشيوعي والتي تنبثق عن انتصار الطبقة العاملة في الثورة الإشتراكية هي دولة دكتاتورية البروليتاريا أي سلطة عمالية ثورية لا تقتسمها البروليتاريا مع أي طبقة أخرى، وتستند مباشرة على قوة العمال المسلحين، إن مثل هذه الدكتاتورية لا يمكن أن تتحقق إلا إذا تحولت البروليتاريا إلى طبقة سائدة في المجتمع بإمكانها تنظيم جماهير الشغيلة من أجل تحويل المجتمع تحويلا ثوريا إلى مجتمع إشتراكي. إن ضرورة الدولة في الطور الأول من الشيوعية يتأتي من حاجة البروليتاريا إليها بوصفها طبقة سائدة لقمع أعدائها و لاستخدام سلطتها ضد كل المستثمرين وكل بقايا المجتمع القديم كما أن اضمحلال الطبقات يستلزم ويتطلب في الفترة الانقلابية دكتاتورية الطبقة العاملة. يقول لينين:«في مرحلة الإنتقال من الرأسمالية إلى الشيوعية يظل القمع أمرا ضروريا ولكنه يغدوا قمعا للأقلية المستثمرة من جانب الأكثرية المستثمرة ويبقى الجهاز الخاص الآلة الخاصة للقمع «الدولة» أمرا ضروريا ولكنها تغدوا دولة انتقالية تكف عن أن تكون الدولة بمعنى الكلمة الخاص ... وأخيرا الشيوعية هي لوحدها التي تجعل الدولة أمرا لا لزوم له البتة لأنه لا يبقى عندئذ أحد ينبغي قمعه.أحد بمعنى الطبقة.بمعنى النضال المنتظم ضد قسم معين من السكان»(27). يأخذ المفهوم الطبقي لدكتاتورية البروليتاريا في تعريف الكيلاني مفهوم تحالف بين طبقتي العمال و الفلاحين بينما يتحدث ماركس و بالاستناد إلى تجربة كومونة بالريس مبينا الأشكال الملموسة التي اتخذها تنظيم البروليتاريا قائلا :«ولما كان العمال وحدهم تقريبا أو ممثلوهم المعترف بيه هم الذين يجلسون في الكومونة فقد حملت المقررات التي اتخذتها طابعا بروليتاريا صريحا»(28). إن القول بأن دكتاتورية البروليتاريا كسلطة ضرورية للمرحلة الانتقالية التي تفصل المجتمع الرأسمالي عن الشيوعي يتناقض مع جعل هذه الدكتاتورية دكتاتورية مشركة لطبقتين. إن الكيلاني يخلط بين شروط انتصار البروليتاريا في الثورة الإشتراكية على الطبقة البرجوازية و التي تتطلب تحالفا متينا بين العمال و الفلاحين الفقراء وفئات من البرجوازية الصغيرة التي يدمرها أسلوب الإنتاج الرأسمالي، خاصة في البلدان المتخلفة و التابعة و التي تقف في مرحلة ما إلى جانب نضال البروليتاريا من أجل الإطاحة بالطبقة البرجوازية وبين شروط تحويل المجتمع تحويلا ثوريا إلى مجتمع تنتفي فيه الطبقات و تضمحل فيه الدولة وتناسبه مرحلة انتقال سياسي« لا يمكن أن تكون الدولة فيها سوى الدكتاتورية الثورية للبروليتاريا». إن سياسة البروليتاريا تجاه فئات الفلاحين لن تكون وفي كل الحالات سياسة واحدة . فالسياسة و الإجراءات المتعلقة بتنظيم الإنتاج التي ستدفع البروليتاريا فئة الفلاحين الفقراء للانخراط فيها ليست هي نفس السياسة و الإجراءات التي سيوجه إليها الفلاحون الصغار أو المتوسطون. وقد بين انجلز سياسة البروليتاريا تجاه مختلف هذه الفئات في مقال«مسألة الفلاحين في فرنسا وألمانيا» الذي كتبه سنة 1894 (29) وكذلك لينين في الوثائق التي أقرها المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي «البلشفي» في روسيا سنة 1919. إن الكيلاني يخلط سياسة البروليتاريا هذه بطبيعة السلطة لا بد أن تكون بروليتارية أي دكتاتورية خالصة للطبقة العاملة المنظمة بوصفها طبقة سائدة. إن سياسة التحالف مع الفلاحين وبصورة أوضح قيادة العمال للفلاحين في ظل دكتاتورية البروليتاريا لا تعني تحول دكتاتورية البروليتاريا إلى سلطة يتقاسمها العمال و الفلاحون و لا يؤدي كما يتصور ذلك الكيلاني إلى انتفاء للصراع الطبقي وانتفاء للتناقضات بين هاتين الطبقتين كما بيّن في كتابه عن الماوية الذي يتحدث فيه بصورة مطلقة تقريرية جازمة عن مجتمع اشتراكي متكون من طبقات متضادة انتفى الصراع بينها لأنها طبقات غير مستغلة إطلاقا، فهي طبقات صديقة و«الصراع لا يقابل بين الطبقات المتضادة في المجتمع الإشتراكي بل هو بين الطبقات الصديقة التي تكون التشكيلة الاجتماعية للمجتمع الاشتراكي وبين العناصر المتفسخة وبقايا المجتمع القديم والامبريالية و التحريفية و الرجعية العالمية»(30). إن الانتقال من المجتمع الرأسمالي إلى المجتمع الشيوعي مرحلة تاريخية كاملة لا ينتفي فيها الصراع الطبقي، والقول بآنتفاء التناقضات بين الطبقة العاملة وطبقة الفلاحين وتحول علاقتها إلى علاقة تعاون ووحدة إبان هذه المرحلة الانتقالية مجرد أوهام برجوازية صغيرة ناتجة عن تصورات طوباوية لقانون الصراع الطبقي ينطبق عليها قول لينين التالي:«إن خطأ أممية «برن» أو الأممية الصفراء، هو أن زعمائها لا يعترفون إلا قولا بالنضال الطبقي وبدور البروليتاريا القيادي، أنهم يخشون التفكير إلى النهاية، يخافون بالضبط هذا الاستنتاج المحتوم الذي يرعب البرجوازية أشد الرعب و الذي لا يمكنها أبدا القبول به. إنهم يخافون من الاعتراف بأن دكتاتورية البروليتاريا هي أيضا مرحلة من مراحل النضال الطبقي الذي هو محتوم طالما لم تمح الطبقات والذي تتغير أشكاله و تشتد ضراوته وحدّته ويغدو جد أصيل في الأزمنة الأولى التي تلي إسقاط الرأسمال. إن البروليتاريا لا تكف عن النضال الطبقي بعد الاستيلاء على السلطة السياسية إنما تواصل النضال حتى محو الطبقات ولكن، طبعا، في أحوال أخرى، بشكل آخر، بوسائل أخرى» (31) . لا يميز الكيلاني بين مجتمع في طور التحول إلى مجتمع إشتراكي في ظل دكتاتورية البروليتاريا وضمن شروط داخلية و محيطة تفعل فعلها وتؤثر على سير تطوره وبين مجتمع اكتملت فيه شروط بناء الإشتراكية و اضمحلت فيه الدولة والطبقات و أصبح مجتمع منتجين أحرارا لا وجود فيه لأي علاقات استغلال. إن صيغة الكيلاني «الطبقات المتضادة و الصديقة التي تكوّن التشكيلية الاجتماعية للمجتمع الاشتراكي» صيغة متناقضة لا يمكن أن نفهمها إلا إذا كانت لنا مقدرة الكيلاني وجرأته أيضا على قول الشيء ونقيضه في نفس الوقت. إنه من أجل انتفاء الصراع الطبقي ومحو الطبقات لا يمكن للبروليتاريا أن تتوقف عند المرحلة الأولى التي تلغى فيها ملكية العقاريين و الرأسماليين إنما يجب عليها أيضا إلغاء كل ملكية خاصة لوسائل الإنتاج و إزالة الفروق بين العمال اليدوي و العمل الفكري ونفي الفوارق بين المدينة و الريف وهو ما لا يتحقق إلا إذا ما تطورت القوى المنتجة تطورا كبيرا وأصبح الإنتاج من الوفرة بمكان. إنه وفي مجرى نضالها من أجل هذا التغيير ستواجه البروليتاريا لا محالة عراقيل شتى على رأسها المقاومة العنيدة التي ستبديها جماهير غفيرة من طبقة الفلاحين ستظل متعلقة بالملكية الخاصة وخزانا لبقايا الإنتاج الصغير. يقول لينين متحدثا عن دكتاتورية البروليتاريا وعلاقتها بالفلاحين أثناء البدء في إعادة تنظيم الإنتاج تنظيما اشتراكيا طوال المرحلة الانتقالية:« سيصطدم الانقلاب بمقاومة الرأسماليين وكذلك بمقاومة معاونيهم العديدين من وسط المثقفين البرجوازيين، الذين يقاومون عن وعي، وبمقاومة جماهير الشغيلة فئات بمن فيها الفلاحون التي ترزح تحت وطأة العادات و التقاليد البرجوازية الصغيرة... إن الترددات أمر محتم بين هذه الفئات من السكان ... تنبغي دكتاتورية البروليتاريا .... تنبغي قوتها الممركزة... ونفوذها المعنوي بنظر شغيلة الريف أو شغيلة الإنتاج الصغير المبعثرين ، الأقل تطورا، الأقل ثباتا، في ميدان السياسة لكي تتمكن البروليتاريا من اجتذاب الفلاحين وراءها وجميع الفئات البرجوازية الصغيرة بوجه عام. وليس هنا أي وزن أو تأثير للتعابير الطنانة حول«ديمقراطية» أو حول « وحدة ديمقراطية العمل» حول «مساواة» جميع أهل «العمل»... إن محو الطبقات يتطلب نضالا طبقيا طويلا، صعبا، عنيدا، لا يزول بعد دك سلطة الرأسمال، بعد تحطيم الدولة البرجوازية بعد إقامة دكتاتورية البروليتاريا.. إنما يتغير شكله فقط ويزداد حدة على حدة في العديد من النواحي. ففي غمرة النضال الطبقي ضد مقاومة البرجوازية ــ ضد تحجر البرجوازية الصغيرة ــ ضد رتابتها ضد تذبذبها ضد تردداتها ينبغي للبروليتاريا أن تصون سلطتها ... لأجل محو الطبقات تنبغي مرحلة دكتاتورية تمارسها طبقة واحدة تمارسها بالضبط الطبقة القادرة بين الطبقات المظلومة، لا على إسقاط المستثمرين وحسب... بل أيضا على قطع الصلة الفكرية بكل الإيديولوجية الديمقراطية البرجوازية بكل الجمل التافهة الضيقة الأفق حول الحرية و المساومة بوجه عام» (32). إن الصراع الطبقي سيستمر في عهد دكتاتورية البروليتاريا باستمرار بقاء الإقتصاد النقدي و الإنتاج البضاعي الصغير الذي يمثل القاعدة الأساسية لتوالد وتجدد نمط الإنتاج الرأسمالي و سيقابل هذا الصراع بالضرورة بين طبقتي العمال و الفلاحين باعتبار أن الإقتصاد الفلاحي هو أحد فروع الإقتصاد التي ستظل ولفترة طويلة محافظة على الإنتاج الصغير وعليه لا يمكن القول كما يدعي الكيلاني أن علاقة هاتين الطبقتين ستتحول إلى علاقة وحدة ينتفي معها أي شكل من أشكال الاستغلال و لا تؤدي كما في المجتمعات السابقة إلى تناحر بين الطبقتين. إن تجربة الثورة الروسية خير دليل على ما نقول. فلقد استمرت الانتفاضات الفلاحية و استمر الصراع بين طبقتي العمال والفلاحين طيلة كامل الفترة الأولى في ظل النظام البيروقراطي الذي أنحرف وشوه تجربة التحول. والأهم من ذلك و الذي لا بد من توضيحه هو أن حل هذه التناقضات الإقتصادية و الاجتماعية لا يمكن أن يتم كما يدعي الكيلاني على قاعدة وحدة العمال و الفلاحين الذين تقاربت مصالحهم وتوافقت على قاعدة السلطة السياسية المشركة لهاتين الطبقتين بل على قاعدة صراع طويل وحاد تخوضه البروليتاريا وبأشكال مختلفة ومتنوعة وبواسطة دكتاتوريتها وحدها كطبقة في مواجهة الطبقة و الفئات التي تعتبر الممثلة التقليدية للملكية الخاصة ولكل ماهو محافظ ففي مجرى النضال ضد هذه الفئات على البروليتاريا أن تمارس دكتاتوريتها وتفرض نفوذها وبكل الأشكال من أجل جرها إلى طريق الإشتراكية ومنعها من التردد و التمسك بما هو قديم و بال. إن مفهوم الكيلاني القائل بأن ديكتاتورية البروليتاريا تعني تحالفا بين طبقتي العمال والفلاحين في السلطة مفهوم برجوازي صغير يضع الطبقة الفلاحية على قدم المساواة مع الطبقة العاملة في قيادة عملية تحويل المجتمع تحويلا ثوريا ويطمس التناقضات بين هاتين الطبقتين، و يتغاضى عن طبيعة الفلاحين الموسومة بتقديس الملكية الخاصة يقول لينين:«لقد بين انجلز منذ زمن بعيد في كتابه «ضد دوهرينغ» أن مفهوم المساواة الذي يعكس علاقات الإنتاج البضاعي يتحول إلى وهم إذا لم يفهم المرء المساواة بمعنى محو الطبقات. إن هذه الحقيقة الأولوية حول ما يميز المفهوم الديمقراطي البرجوازي عن المفهوم الاشتراكي حول مساواة،تنسى على الدوام، و الحال إذا لم تنس هذه الحقيقة يغدو من البديهي أن البروليتاريا تحقق خطوة حاسمة نحو محو الطبقات حين تقلب البرجوازية،و أنه ينبغي على البروليتاريا من أجل إنهاء هذه المهمة أن تواصل نضالها الطبقي مستخدمة جهاز سلطة الدولة ومطبقة شتى أساليب النضال والتأثير و العمل إزاء البرجوازية المقلوبة و البرجوازية الصغيرة المترددة»(33). عرف ماركس المرحلة الانتقالية إلى الشيوعية في نقد برنامج غوتا بقوله:«بين المجتمع الرأسمالي و المجتمع الشيوعي تقع مرحلة تحول المجتمع الرأسمالي تحولا ثوريا إلى المجتمع الشيوعي وتناسبها مرحلة انتقال سياسي لا يمكن أن تكون الدولة فيها سوى الدكتاتورية الثورية للبروليتاريا »(34). هذه الصيغة المتكاملة و الواضحة و المعروفة جدا و التي لا تغيب عن بال كل إنسان ينسب نفسه إلى الانتماء إلى المركسية حولها الكيلاني إلى صيغة مبهمة غامضة بقوله ناسبا الكلام لماركس:«تفصل المجتمع الرأسمالي عن المجتمع الشيوعي مرحلة التحول من هذا إلى ذاك»(35). إن هذه الصيغة إن أخذت كما أوردها الكيلاني منزوعة عن سياقها العام و مقتضبة بهذا الشكل، تغفل التعرض إلى الشكل الذي سيتم به هذا التحول وتسقط الحديث عن الطبيعة الطبقية للدولة التي ستكون مناسبة لهذه المرحلة. فالصيغة كما يوردها الكيلاني تحتمل عديد الافتراضات و لا تستبعد أطروحة التحول السلمي المتعارضة كليا مع جوهر النظرية الماركسية في الدولة و الثورة. لقد أكد مركس في كل كتاباته على أن التحول من المجتمع الرأسمالي إلى المجتمع الشيوعي لا بد أن يتم بشكل ثوري . إن مرحلة الانتقال إلى المجتمع الشيوعي بوصفها مرحلة انتقالية من المفروض أن يبدأ فيها القضاء تدريجيا على التضادات الطبقية و تبدأ فيها الدولة بالاضمحلال إلى أن تزول نهائيا. لم يكن بمقدور لا ماركس ولا انجلز تقديم مخطط مسبق ونهائي لكيفية تحقق هذا الانتقال لإدراكها أن ذلك محكوم بالشروط التي ستدور فيها عملية التحول الثوري إلا أن هذا لم ينتعهما من تحديد السمات الجوهرية العامة للمجتمع الاشتراكي. وقد وضّح ذلك انجلز في رسالة له بتاريخ 1890 بقوله:«إن ما يسمى [المجتمع الاشتراكي] ليس حسبما أعتقد شيئا ما أعطي مرة واحدة وإلى الأبد بل ينبغي اعتباره مثله مثل كل نظام اجتماعي آخر قابلا لتغيرات وتحولات دائمة. إن ميزته الفاصلة عن النظام الحالي [ أي البرجوازي] تقوم بالطبع في تنظيم الإنتاج على أساس الملكية العامة لأمة واحدة في البدء لجميع وسائل الإنتاج وأنا لا أدري أي مصاعب على الإطلاق تعترض سبيل تحقيق هذا الانقلاب غدا بالذات إذ أن المقصود تحقيقه تدريجيا»(36). أما بالنسبة للينين و تروتسكي (37) فالأمر يختلف حيث أنهما باشرا أول تجربة بناء إشتراكي وأشرفا على تسييرها في سنواتها الأولى وهو ما مكّنهما من معالجة القضايا التي طرحت أثناء الفترة الأولى والمتعلقة بالاقتصاد والسياسة في ظل دكتاتورية البروليتاريا أو كذلك أثناء هيمنة البيروقراطية العمالية بالنسبة لتروتسكي. وقد قدما إجابات لا غنى عن دراستها فهي بدون شك تساعد على إيجاد الحلول للإشكاليات التي تطرحها أي تجربة بناء إشتراكي. يقول ارنست مانديل:«إن الصورة التي ستكون عليها الإشتراكية قد توضحت بطريقة سلبية وإلى حدّ كبير من خلال مثلين بارزين هما المساران المأساويان لكل من الثورتين الروسية والصينية وهذا ما يسهّل أمام الماركسيين الثوريين أن يقولوا وبشكل بات ما ليست عليه الإشتراكية وبالتالي فالاشتراكية ليست ولا يمكن أن تكون مجتمعا يبقي أو حتى يزيد الفروقات الكبيرة في المداخيل والبضائع الاستهلاكية وفي التعليم العالي والإعلام ومراكز السلطة السياسية والاجتماعية وبالاتجاهات العامة للتطور الاقتصادي من قبل عدد قليل من الناس بدل أن تأخذ من قبل جمهور السكان بعد سجال ديمقراطي علني حول اقتراحات وحلول بديلة. الإشتراكية لا يمكن أن تكون مجتمعا ما زال الإنتاج البضاعي والمال فيه يؤثران بشكل حاسم على التصرفات الفردية والجماعية مع جميع النتائج التي تتأتى عن ذلك»(38). عرّف الكيلاني الإتحاد السوفياتي طيلة فترة حكم ستالين على أنه مجتمع إشتراكي مكتمل البناء انتفى فيه الصراع الطبقي وانتفت فيه علاقات الاستغلال وزالت فيه الانقسامات الطبقية وأصبح مجتمع تعاون بين الطبقات رغم أن الإنتاج البضاعي وعلاقات السوق والاقتصاد النقدي بقيت قائمة وكذلك الطبقات بوصفها طبقات متضادة وكذلك الدولة. يقول متحدثا عن الإتحاد السوفياتي:«إن تفكيك الطبقة البرجوازية ومخلفات المجتمع القديم يجعل المجتمع متكونا من الطبقات الصديقة فقط... فلا وجود لطبقات مستغلة إطلاقا»(39). يتبنى الكيلاني في تعريفه لطبيعة المجتمع في الإتحاد السوفياتي طيلة الفترة الستالينية الأطروحات التحريفية للبيروقراطية الستالينية القائلة باكتمال بناء الإشتراكية في الإتحاد السوفياتي منذ سنة 1936 ويتخذ منها مصدرا لمفاهيمه. ففي حديثه عن الصراع الطبقي والطبقات في المجتمع الاشتراكي أخفى الكيلاني أنه يتحدث عن تجربة معينة وهي التجربة السوفياتية ولجأ إلى التعميم. إلاّ أن استنتاجاته كانت مفضوحة فقد كشفت عن التناقضات التي سقط فيها بتبنيه للمقولات الستالينية وللأطروحات التي جاء بها كتاب موجز الاقتصاد السياسي الذي أصدره الحزب الشيوعي السوفياتي في عهد ستالين الذي يعتمده في توضيح المسائل المتعلقة بمرحلة الانتقال إلى الشيوعية هذا الكتاب الذي حوّل النظرية الماركسية في الاقتصاد إلى نظرية تبريرية لقرارات وسياسات البيروقراطية الستالينية. إن التعميم المفضوح الذي لجأ إليه الكيلاني وإن كان في كل الحالات ذريعة يلجأ إليها عادة من تعوزهم الحقائق فهو بالذات [ أي التعميم] إذا كان متعلقا بمثل المسائل التي تطرق إليها الكيلاني يصبح بمثابة [الجريمة] التي لا يعي صاحبنا مقدار ما يمكن أن تلحقه من ضرر بالعمال. إن استنتاجاته التي توصل إليها وحاول تقديمها على أنها استنتاجات لا تخص تجربة بذاتها حول طبيعة السلطة العمالية والصراع الطبقي في المرحلة الانتقالية إلى الشيوعية هي نفس الاستنتاجات التي قدمها منظرو فترة الانحطاط البيروقراطي في الإتحاد السوفياتي وهي نفسها التي قدمها موجز الاقتصاد السياسي وكذلك ستالين قي بحثه للمسائل الإقتصادية المتعلقة بالاشتراكية في الإتحاد السوفياتي (40). إن التجربة السوفيتية المشوهة بالذات تقوم برهانا قاطعا عند تحليلها على خطأ مواقف الكيلاني واستنتاجاته وهي دليل يفند مزاعمه حيث لا يمكن أن تنطبق أفكاره إلاّ على مجتمع من صنع خياله لا علاقة له بواقع التجربة الإشتراكية في الإتحاد السوفياتي كما هي ولا يتقارب معها لا من بعيد ولا من قريب. يقول ارنست مانديل متحدثا عن النظريات التحريفية التي تصور المجتمع السوفياتي مجتمعا اشتراكيا مكتمل البناء:«إن الأطروحة الرسمية السوفياتية القائلة بأن بناء الإشتراكية قد انتهى في الإتحاد السوفياتي منذ عام 1936 بينما تزال مقولات [البضائع والقيمة والمال] سارية المفعول تمثل تحريفا للنظرية الماركسية حول المجتمع الاشتراكي. ويدافع موجز الاقتصاد السياسي المنشور في آب 1954 والمتبنى لمقال ستالين المشكلات الإقتصادية للاشتراكية في الإتحاد السوفياتي يدافع عن هذه الأطروحة نفسها. فهو يؤكد أن بقاء الإنتاج البضاعي ناجم عن وجود شكلين من الملكية الإشتراكية ملكية الدولة والملكية الكولخوزية في حين أن بقاء الإنتاج البضاعي هذا ناجم في الواقع عن التطور الناقص للقوى المنتجة. وهكذا أمكن طرح وتطوير فكرة مجتمع اشتراكي مستوى تطور قواه المنتجة أدنى من مستوى البلدان الرأسمالية الأكثر تقدما ومثل هذه الفكرة تتناقض مع الأطروحة الأساسية للماركسية. إن الطابع التبريري التقريضي لهذه التصورات جلي واضح. فهي قد صيغت بعديا لتبرير أطروحة سياسية قال بها قادة الدولة . الأطروحة القائلة أن بناء الإشتراكية قد اكتمل في الإتحاد السوفياتي. وقد صيغت بصورة خفيت معها عن أنظار المواطنين السوفيتيين المسافة الهائلة التي كانت تفصل في ذلك العصر مستوى حياتهم عن مستوى حياة مواطني البلدان الرأسمالية الأكثر تقدما. وقد برز واضعو هذه الأطروحة بتبريرهم استمرار الإنتاج البضاعي في ظل «الإشتراكية» برّروا أيضا استمرار التفاوتات الاجتماعية و استلاب العمل في ذلك «المجتمع الاشتراكي» الغريب. والطابع التبريري التقريضي واضح أيضا في النظرية القائلة أن التعويض في المجتمع الاشتراكي منظم تبعا «لكمية ونوعية العمل المقدم إلى المجتمع». فهذه الصيغة غير موجودة في أي موضع من كتابات ماركس بل على العكس فهذا الأخير يؤكد بوضوح في نقد برنامج غوتا «بأن المنتجين في المرحلة الأولى من المجتمع الاشتراكي لن يكافؤوا إلا تبعا لكمية العمل المقدمة وحدها.إن نظرية التعويض « تبعا لكمية ونوعية العمل المقدم » ليست تطبيقا «خاصا» لقانون القيمة العمل على مجتمع «إشتراكي» وإنما هي محض تبرير فقط لفروق التعويض القائمة فعلا في الإتحاد السوفياتي، وفي غيره من المجتمعات الانتقالية من الرأسمالية إلى الإشتراكية في ظل هيمنة بيروقراطية ملحوظة.. ولم تظهر إلى الوجود إلى بدءا من عام 1932 عندما بات المطلوب بالفعل إيجاد تبرير تقرضي للزيادة الفظة في اللامساواة الاجتماعية» (41) . لا يستند الكيلاني في تعريفه لدكتاتورية البروليتاريا ولمفهوم الإشتراكية على النظرية الماركسية اللينينية كما يدعي بل هو في الحقيقة يقوم باستبدالها بالمفاهيم الستالينية وليدة الانحطاط البيروقراطي الذي شمل أجهزة الدولة و الحزب في الإتحاد السوفياتي و الأممية الثالثة بدءا من مؤتمرها الخامس. هذه المفاهيم التي كرست قطعية تامة مع الماركسية اللينينية في معالجتها لمشكلات الثورات في عصر الإمبريالية ولمشكلات البناء الاشتراكي في الدولة السوفياتية بتبنيها لنظرية الإشتراكية في بلد واحد ولمفهوم«المجتمع الاشتراكي المكتمل البناء» بالرغم من استمرار انقسامه إلى طبقتين. لقد استبدل الكيلاني الماركسية اللينينية التي يجتهد في الظهور بمظهر المدافع عنها بالتحريفات الستالينية. و لم يتوقف عند هذا الاستبدال، بل عمد إلى تعميم استنتاجاته وقدمها على أنها المفاهيم الوحيدة لماركسية عصرنا فهي الوحيدة التي حافظت عل جوهر الماركسية. فالستالينية عند صاحبنا هي ماركسية عصرنا الحاضر. إن مفاهيمه وأطروحاته لا تعكس في الواقع غير انحرافاته وأوهامه الطوباوية ومنهجه التحريفي الذي أوقعه في تناقضات لا حل لها وأدّي به إلى استنتاجات تافهة هي في قطيعة جذرية مع التراث الثوري للحركة الشيوعية العالمية. إن للستالينية جذورا عميقة في الحركة الإصلاحية والتحريفية التي ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر. والنضال ضدّ الإصلاحية الجديدة التي تعبر عنها الستالينية اليوم جزء لا يتجزأ من نضال الطبقةالعاملة والثوريين في سبيل الإشتراكية والأممية.
هوامش الجزء الثاني [2]
1 ـ كتاب التروتسكية والتروتسكيون في تونس ص 79 2 ـ أنظر لينين ـ المختارات باللغة العربية المجلد 1 الجزء 2 3 ـ لينين ـ خطتا الإشتراكية الديمقراطية في الثورة الديمقراطية ـ المختارات باللغة العربية المجلد 1 الجزء 2 ص 18 4 ـ لينين ـ خطتا الإشتراكية الديمقراطية في الثورة الديمقراطية ـ المختارات باللغة العربية المجلد 1 الجزء 2 ص 44 5 ـ كتاب التروتسكية والتروتسكيون في تونس ص 81 6 ـ لينين ـ خطتا الإشتراكية الديمقراطية في الثورة الديمقراطية ـ المختارات باللغة العربية المجلد 1 الجزء 2 ص 136 7 ـ لينين ـ رسائل حول التكتيك 8 ـ لينين ـ المختارات باللغة العربية المجلد 2 الجزء1 ص 391 9 ـ لينين ـ المختارات باللغة العربية المجلد 2 الجزء1 ص398 10 ـ بيانات وموضوعات ومقررات الأممية الشيوعية ـ المؤتمران الأول والثاني ـ دار الطليعة ـ ص 58 11 ـ لينين ـ المختارات باللغة العربية المجلد 3 الجزء1 ص 72 12 ـ كتاب التروتسكية والتروتسكيون في تونس ص 82 13 ـ كتاب التروتسكية والتروتسكيون في تونس ص 83 14 ـ كتاب التروتسكية والتروتسكيون في تونس ص 85 15 ـ لينين ـ المختارات باللغة العربية المجلد 2 الجزء1 ص379 16 ـ كتاب التروتسكية والتروتسكيون في تونس ص 81 17 ـ كتاب التروتسكية والتروتسكيون في تونس ص 81 18 ـ محمد الكيلاني ـ كتاب الماوية معادية للشيوعية ـ ص 45 19 ـ محمد الكيلاني ـ كتاب الماوية معادية للشيوعية ـ ص 64 20 ـ محمد الكيلاني ـ كتاب الماوية معادية للشيوعية ـ ص 74 21 ـ كتاب التروتسكية والتروتسكيون في تونس ص 88 22 ـ محمد الكيلاني ـ كتاب الماوية معادية للشيوعية ـ ص 42 23 ـ محمد الكيلاني ـ كتاب الماوية معادية للشيوعية ـ ص 45 24 ـ محمد الكيلاني ـ كتاب الماوية معادية للشيوعية ـ ص 64 25 ـ كتاب التروتسكية والتروتسكيون في تونس ص 94 26 ـ لينين ـ المختارات باللغة العربية المجلد 2 الجزء1 ص408 27 ـ لينين ـ الدولة والثورة ـ المختارات باللغة العربية المجلد 2 الجزء2 ص469 28 ـ ماركس ـ الحرب الأهلية في فرنسا ـ مختارات ماركس انجلز باللغة العربية ـ ص 117 29 ـ راجع حرب الفلاحين في فرنسا ـ مختارات ماركس انجلز باللغة العربية ـ الجزء 4 ص 63 إلى 90 30 ـ محمد الكيلاني ـ كتاب الماوية معادية للشيوعية ـ ص 81 31 ـ لينين ـ المختارات باللغة العربية المجلد 3 الجزء1 ص303 32 ـ لينين ـ المختارات باللغة العربية المجلد 3 الجزء1 ص287 33 ـ لينين ـ المختارات باللغة العربية المجلد 3 الجزء1 ص397 34 ـ ماركس ـ نقد برنامج غوتا 35 ـ محمد الكيلاني ـ كتاب الماوية معادية للشيوعية ـ ص 80 36 ـ مختارات ماركس انجلز باللغة العربية ـ رسالة انجلز إلى أوتوبونفيك بتاريخ 21 أوت 1890 ـ ص152 37 ـ لا بد من الإشارة إلى أن أكبر مساجلة متعلقة بمسائل الإقتصاد في ظل دكتاتورية البروليتاريا عرفتها الحقبة الأولى للثورة الروسية إضافة إلى النقاش الواسع الذي دار حول السياسة الإقتصادية الجديدة إثر نشر«بريوبراجنسكي» كتاب «الإقتصاد الجديد» الذي بحث فيه مسألة التراكم الأولي للإقتصاد الإشتراكي. وقد أسهم في المناقشة كذلك بوخارين وزينوفييف. يقول إسحاق دويتشر عن هذه المساجلة [تجاوزت المساجلة إذاك إطار السياسة الجارية وتناولت المشكلات الأكثر عمومية... تساءل مناضلو لينينغراد: هل قمنا بثورة بروليتارية نعم أو لا ؟ هل سنضحي بمصالح الشغيلة الحيوية على مذبح مصالح الفلاحين الأغنياء؟ ما الذي يحدث لحزبنا فيتخلى عن الصراع الطبقي في الريف ويتحول إلى مشجع للرأسمالية الريفية ؟ ما الذي يدفع منظرنا الرئيسي ( يعني بوخارين) للصياح بملء فيه اغتنوا ؟ لماذا يرضخ كل هذا الحشد من قادتنا ويبدون استعدادهم للتصالح مع تخلف روسيا ؟ ما الذي حل بالحماس الثوري للأيام الأولى ووصل مناضلو لينينغراد إلى أستناج أن كل ما ناضلوا لأجله كان في خطر مبين. وأن مثل الحزب العليا تم تزيفها وجرى التخلي عن المبادىء اللينينية. تساءلوا إذا كانت الثورة تستنفد قواها كما جرى لثورات أخرى] أنظر إسحاق دويتسثر كامل الفصل الرابع من البني الأعزل . الإستشهاد من الصفحة 243. 38 ـ ارنست مانديل ـ كتاب ليون تروتسكي دراسة في دينامية فكره 39 ـ محمد الكيلاني ـ كتاب الماوية معادية للشيوعية ـ ص 80 40 ـ أنظر الفصل 18 من كتاب ارنست مانديل ـ النظرية الإقتصادية الماركسية الجزء 2 41 ـ ارنست مانديل ـ النظرية الإقتصادية الماركسية الجزء 2 ص 510
#بشير_الحامدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجزء الثاني1 من كتاب حول تاريخ الثورة الروسية : تناقضات نظر
...
-
هذا ما يحدث في تونس
-
النقابي التابع
-
رسالة مساندة إلى الجبهة الوطنية للدفاع عن المدرسة العمومية ف
...
-
التعليم في عصر ثورة الاتصالات لصالح من؟
-
تعليم الكفايات لصالح من؟
-
كتاب: حول تاريخ الثورة الروسية وتناقضات نظرية الثورة على مرا
...
-
بيروقراطية الإتحاد العام التونسي للشغل تفرض حل إضراب الجوع ب
...
-
في تونس إضراب جوع 36 يوما مرت! فهل الأساتذة المضربون عن الطع
...
-
في تونس ثلاثة أساتذة تعليم ثانوي يخوضون إضراب جوع منذ 20 نوف
...
-
رسالة إلى النقابيين في تونس وفي المنطقة العربيةعن طبيعة مؤسس
...
-
دفاعا عن الحرية النقابية من أجل نقابة مناضلة
المزيد.....
-
المغرب يحذر من تكرار حوادث التسمم والوفاة من تعاطي -كحول الف
...
-
أردوغان: سنتخذ خطوات لمنع حزب العمال من استغلال تطورات سوريا
...
-
لم تستثن -سمك الفقراء-.. موجة غلاء غير مسبوقة لأسعار الأسماك
...
-
بيرني ساندرز: إسرائيل -ترتكب جرائم حرب وتطهير عرقي في غزة-
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال ... دفاعا عن الجدل --(ملحق) دف
...
-
اليمين المتطرف يثبت وجوده في الانتخابات الرومانية
-
اليمين المتطرف يهدد الحكومة الفرنسية بحجب الثقة
-
الجامعة الوطنية للتعليم FNE (التوجه الديمقراطي) ترسل وزير ال
...
-
بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع
-
عائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الاختفاء القسري بالمغر
...
المزيد.....
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
المزيد.....
|