كلام الناس : ضد الاغتيال .. ضد العنصرية ..!!

جاسم المطير

الحوار المتمدن-العدد: 124 - 2002 / 5 / 8 - 13:33
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

الهولنديون مسالمون ..

يتعذر عليهم حتى هذه اللحظة تصديق آن بيم فورتاين قد مات اغتيالاً.

فهم لا يؤمنون بالطلقات النارية بل بسلام الكلمة مهما كانت حروفها كثيرة أو طويلة أو خشنة . تشربوا على الحياة بأنها كلمة حرة .. كلمة ملْ اليوم إن كان في السياسة أو التجارة أو السياحة أو الحب . يعتقدون ان الكلمة هي بدء الحياة وأن الكلمة أبد الحياة ، تزكى بفعل الممارسة الديمقراطية .

لم يكن أحد منهم يظن أن مجتمعهم يحتاج الى مصلح مثلما اعتقد بيم فورتاين بأن هولندا تحتاجه كمصلح فرد يمكن ان يجدد المجتمع .

قبل ستة أشهر كان الرجل مغموراً ، لكنه استطاع بقوة شخصيته وبقدرته الخطابية أن يحرر الفرد الهولندي من ملله السياسي الروتيني بمقابلاته التلفزيونية والصحفية وأحاديثه في الاجتماعات الانتخابية مستنداً الى واقع معطيات تركيبة المجتمع الهولندي نفسه مركزا هجومه على الإسلام والجالية الأجنبية بعيدا عن معطيات العقل الديمقراطي والحوار البناء بين مختلف الثقافات في عمق المجتمع. مثال هذا العقل سمة بارزة في الأجيال الهولندية المتعاقبة منذ عهد طويل 0

لم يكن قد حسب بدقة أن طريق الوصول الى رئاسة الوزارة ليست مهمة سهلة كما كان يخال له .

فقدم قيماً ومعطيات لم تعهدها هولندا من قبل .

بدا له أن دخوله الى التنازع الانتخابي قادر على دخول مجتمع الأجيال الجديدة بربط معاناة الهولنديين في الجوانب الاقتصادية بازدياد الهجرة الأجنبية التي تزايدت خلال السنوات العشر الأخيرة .

الشعب الهولندي لا يعاني من الحرية والعدالة لذلك فهو محب لكل أجنبي مهما كانت جذور جنسيته وعقيدته ولون بشرته . لكن مجريات الحملة الخطابية في الانتخابات البلدية في روتردام وفوز بيم فورتاين الكبير فيها منحته قوة استعلائية ولدت زلزالا سياسياً في هولندا التي تطل على موعد الانتخابات البرلمانية في الأسبوع القادم ، كانت لنتائجها ردة فعل للضمير الديمقراطي الهولندي حيال اشتباك الأحداث في الانتخابات الفرنسية .

فأقدم أحدهم من الهولنديين على مغامرة اغتيال بيم فورتاين في الشارع العام على مرأى ومسمع الناس الهولنديين .

مغامرات الاغتيال قائمة لا ريب في عدد من بلدان أوربا إلاً في هولندا التي لا شأن لها في غير الحضارة والتمدن وانتهال قيم الثقافات الأخرى ومنها الإسلامية أيضاً . لذلك كان زلزال غياب فورتاين السريع أكبر من زلزال ظهوره السريع خلال الأشهر الماضية .

أستنكر الهولنديون عملية الاغتيال بشدة لأنها لا تمت لقيم مجتمعهم بصلة كما استنكرته الجاليات العربية والإسلامية لأنهم يعتقدون أن أية عملية اغتيال سياسي ليست حلاً في السياسة ولا تؤدي إلاّ الى الكوارث .

نحن أيضاً نشجب بشدة اغتيال بيم فورتاين رغم خلافنا الجذري مع أفكاره وطموحاته وأهدافه العنصرية . فمجتمع الليبرالية الهولندية هو مجتمع الحركة الى أمام وليس مجتمع التحجر .. مجتمع الحوار والحرية وليس مجتمع القتل والاغتيال .

كلام الناس : العرب والإسلام ضد الاغتيال السياسي وضد العنصرية ..!

ــــــــــــــ

بصرةلاهاي في 8/5/002

#جاسم_المطير (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات