أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهدي النجار - هكذا تكلم الشيخ علي عبد الرازق














المزيد.....

هكذا تكلم الشيخ علي عبد الرازق


مهدي النجار

الحوار المتمدن-العدد: 2235 - 2008 / 3 / 29 - 11:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بعكس اغلب شعوب الارض حيث تسيرُ عجلاتهم التاريخية الى الامام ويحققوا يوماً بعد آخر انتصارات وانجازات في اصعدة رفاهية الحياة وابتكارات العلوم والتكنلوجيا وتنظيم دولهم ومؤسساتهم واحترام حرية الانسان وحقوقه في القول والتفكير والعمل وتصعيد وتائر التحاور والتفاهم والابتعاد عن تعاملات العنف والعسف وهدر الدم، والغاء التعصبات الدينية والمذهبية والعرقية، بعكس ذلك نرى عجلة تاريخ العالم الاسلامي تتقهقهر وتزحف الى الوراء حيث سطوة افكار القرون الوسطى الداكنة وتصوراتها البدائية كأن الزمن يتلاشى في هذا العالم وكأن الساعة توقفت في تلك اللحظات السحيقة والى الابد. وكلما احس المسلمون بانكساراتهم وتضعضهم وفوات الزمن من بين ايديهم، وكلما ارادوا ان ينهضوا ويَصلحوا من شأنهم ويبحثوا في اسباب تقهقرهم وضياع هويتهم واسباب تقدم الآخرين وتطورهم، رفع التقليديون والمتشددون عقيرة صياحهم وصخبهم ضد كل صوت جديد، ضد كل خارج عن التقليد والمألوف، وليضعوا عصيهم الغليظة في عجلات التاريخ، لكن رغم ذلك يظهر بين الحين والآخر من بين الناس مثقفون شجعان يقتحمون السائد والمكرور والمسكوت عنه واللامباح ويعلنوا على الملأ الاسلامي تصوراتهم وافكارهم الجديدة، ظهر مثل هذا النمط النادر في اواخر الربع الاول من القرن العشرين الشيخ الازهري علي عبد الرازق (1888 – 1966 ) ليطلق صرخته التنويرية من خلال كتابه المتميز: "الاسلام واصول الحكم" ومن حينها تصاعد الصخب ضده وانهالت عليه الضربات القاسية والموجعة وانتهكت حقوقه بامتهان، فقد صودر الكتاب بمجرد ظهوره آنذاك وعوقب مؤلفه الشيخ عبد الرازق بسحب شهادته العالمية وفصله من فصيلة العلماء بقرار من مشيخة الازهر، يقول القرار: [ حكمنا - نحن شيخ الازهر- بإجماع اربعة وعشرين عالماً معنا من هيئة كبار العلماء: بإخراج الشيخ علي عبد الرازق احد علماء الجامع الازهر والقاضي بمحكمة المنصورة الابتدائية الشرعية ومؤلف كتاب "الاسلام واصول الحكم" من زمرة العلماء ] كما حكم مجلس تأديب القضاة الشرعية بوزارة الحقانية (العدل) بالإجماع بفصله من القضاء الشرعي.
اثار الشيخ عبد الرازق في كتابه "الاسلام واصول الحكم" جدلاً فكرياً واسعاً امتد الى ما يسمى بالثوابت والجذور التي يزعم التقليديون والمتشددون ان الهوية الاسلامية الموهومة مستمدة منها، وتخصص في موضوعة الدولة (او الحكم) فقد فندَّ في كتابه ذاك الدعوات القائلة بوجوب الحكومة الدينية في الاسلام وذلك من خلال تتبع القضية في مصادر التشريع الاسلامي من قرآن وسنة واجماع، وخلص الى ان المعتمدين على وجوبها من خلال هذه المصادر قد شطحوا في الوهم والخلط وقد جانبهم الصواب وسقطوا في الاستدلال الخاطئ. وانتظم في خطاب الشيخ عبد الرازق حول مسألة الخلافة (او الدولة/الحكم) موضوع خطير يشير الى ان نظام الخلافة يقوم على سلطة مطلقة لاشرعية لها من وجهة نظر الاسلام، لان الخلافة والقضاء وغيرها من وظائف الحكومة ومراكز الدولة ليست في شئ من الخطط الدينية وانما هي خطط سياسية صرفة تركها الدين لنا لنرجع فيها الى احكام العقل وتجارب الامم وقواعد السياسة، بل يذهب الشيخ الازهري المتمرد على منظومة السلطة الاستبدادية ليقول: " ان الدين الاسلامي برئ من تلك الخلافة، وبرئ في كل ماهيئووا حولها من رغبة ومن عِز وقوة" وما اجرأ تشخيصه حين ذهب في كتابه الى القول بأن: " التاريخ يبين ان الخلافة كانت نكبة على الاسلام وعلى المسلمين وينبوع شر وفساد ". ولاول مرة في تاريخ الثقافة الاسلامية يقترب الشيخ عبد الرازق كثيراً من الالتباس الحاصل بين الدين والسياسة فيؤكد: "ان الرسالة غير المَّلك، وانه ليس بينهما شئ من التلازم بوجه من الوجوه، وان الرسالة مقام والمَّلك مقام آخر " ويستطرد موضحاً: " دعوة الدين دعوة الى الله تعالى، قوام تلك الدعوة لايكون الا البيان، وتحريك القلوب بوسائل التأثير والاقناع فأما القوة والإكراه فلا يناسبان دعوة يكون الغرض منها هداية القلوب، وتطهير العقائد، وما عرفنا في تاريخ الرُسل رجلاً حمل الناس على الايمان بالله بحد السيف، ولا غزا قوماً في سبيل الاقناع بدينه، وذلك هو نفس المبدأ الذي يقره النبي (ص) فيما كان يبلغ من كتاب الله".
من هنا، من هذه اللحظات الزاهرة في تاريخ الفكر والثقافة ينبغي ان يُكمل المشايخ الدينية المتنورة ما اسس له الاسلاف العقلانيون مثل ابن رشد ومحمد عبدة ثم تلميذهما الشيخ علي عبد الرازق، ويكدوا دون ملل او كلل ليسحبوا بشجاعة الشرعية الدينية التي يتخفى في جلبابها الاستبداد السياسي المعاصر في الارض الاسلامية، الاستبداد الذي يُرهن البلاد ويسلب من العباد النسمة والعِزة واللقمة.



#مهدي_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلطة السياسية واحترام المثقف
- مدخل لقراءة معرفية في القرآن
- مأزق العالم الاسلامي
- بؤس نقد الوعي: مجلة الاداب نموذجا
- مدخل لفهم التنوير
- بدوي اول الفلاسفة المعاصرين
- الحالمون والازمنة الفاسدة
- فلسفة الثقافة البديلة في العراق
- النفري افكار مشوشة وتاريخ غامض
- معنى الانسان في تصورات ابن عربي
- الذكرى المئوية الثامنة لميلاد العارف جلال الدين الرومي
- ايها المتشددون اصنعوا ثمة شئ للعالم
- السهروردي قتيل الاشراق
- سيبويه رائحة التفاح
- صالح بن عبد القدوس
- بَشَّارُ بن بُردٍ قتيل الهوى قتيل التمرد
- التوحيدي فيلسوف الادباء
- ملاحظات حول بسط التجربة النبوية/اطروحة المفكر الايراني عبد ا ...
- سلطة الله وسلطة البشر
- اهل الكهف والصحوة الاسلامية


المزيد.....




- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهدي النجار - هكذا تكلم الشيخ علي عبد الرازق