من المعروف أن الترجمة تعتبر نوعا من التواصل بامتياز ما دامت الثقافة الإنسانية هي نتاج حضارات متباينة و بلغات مختلفة و متعددة.
و الترجمة مجهود ينقل النص من لغة إلى أخرى، أي من سياق فكري و ثقافي إلى سياق آخر مختلف عنه. إلا أنه مما يضمن التواصل رغم تعدد اللغات هي وحدة العقل الإنساني، و على أساس هذه الوحدة تم نقل التراث الثقافي بين الحضارات. و هذا ما سمح بتراكم ثقافي ساهم في تقدم و تطور الإنسانية.
فالترجمة عموما تغني العقل الذي تترجم الأعمال إلى لغته، على الأقل عبر تحريره من الأفق المحدود، كما أنها توسع مجال التفكير و الإنتاج, و الترجمة تزيد من القيمة الإنسانية للعمل المترجم لاسيما بنقله على المستوى الكوني، و هذا ما يسمح بأن يكون الإبداع الإنساني تراثا مشتركا للإنسانية جمعاء,
فالنص المترجم ينتقل من تراث خاص بلغة معينة أو بحضارة معينة ليصبح تراثا يخترق لغات أخرى و حضارات أخرى.
إن الآثار العلمية و الإبداعات الأدبية التي عرفت طريقها إلى الترجمة إلى لغات مختلفة أصبحت تراثا للإنسانية جمعاء.
و من جهة أخرى فهناك كثير من المعارف لا يمكن استثمارها ضمن الرصيد الثقافي الخاص إلا عبر تلقيها من اللغات الأخرى بواسطة ترجمتها إلى لغتنا. و بالتالي تكون الترجمة من السبل الفعالة للاغناء الثقافي و طريق للانخراط في العقل الكوني و المساهمة في إغناء التراث الإنساني. علما أن العقل الذي يتلقى بلغة واحدة من الصعب أن يساهم في هذا الدور.
إذن لامناص من الترجمة للتعرف على الإنتاج الإنساني بغناه و تعدديته. و يضيف البعض أن قوة اللغة تكمن في قدرتها على التعبير على المنقول عن لغات أخرى، و تكتسب اللغة هذه القوة عن طريق الترجمة.