|
الشرق الأوسط على صفيح ساخن
بدرالدين حسن قربي
الحوار المتمدن-العدد: 2236 - 2008 / 3 / 30 - 04:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كل المؤشرات والدلائل وكل أجهزة القياس الإقليمية والعالمية تؤكد أن الوضع في منطقة الشرق الأوسط وصل إلى طريق مسدودة. وأن كل الأطراف وصلت حداً غير مسبوق من التمترس خلف مواقف تعتقد بأحقيتها في نفس الوقت الذي تتهم فيه الآخر تخويناً وارتباطاً وعمالةً وخنوعاً. وضع المنطقة يغلي في العراق ولبنان وفلسطين وغزة ومعه إيران وسـورية أيضاً كنظامين داعمين وقائدين لصمود وممانعة ينسبانها لأنفسهم تحديداً ويحجبانها عن الآخرين، يزيدانها اضطراماً وتأججاً حسب الطلب، ومايصدر عن كل أطرافها جميعاً يجعلنا والعياذ بالله نعيش أياماً نعتقد فيها أننا إذا أصبحنا فلن نمسي، وإن أمسينا فلن نصبح، ونحن نقتات أحاديث المحق والسحق والإبادة والإزالة في وقتٍ نلف فيه السبع لفات، ومحتاسون حوسة أرملة معدمة وذات عيال على ربطة خبز في طوابير الذل، ونشهق ولانلحق بحثاً لملء (غالون أو بيدون أو تنكة مازوت) وطلباً لشيء من دفءٍ يكسر برد الشتاء، وكأن مايعانيه مواطننا المعتر والفقير والمسحوق والمعفوس والمدعوس على مدار الساعة غير كاف. رؤوس النظام السوري وإذ تلوح لهم أشباح المحكمة الدولية ليل نهار يرون بعض الخلاص فيما هم فيه من مواقف، والنظام الإيراني الحليف بطموحاته النووية والإقليمية يرى خلاصه فيما هو من مواقف أيضاً. ولكن هل حساباتهم تنسجم مع حسابات الآخر إصراراً على سفينة التحقيقات الدولية أن تمضي إلى منتهاها، وتستوي على جوديّها في مواجهة النظام السوري، وتعطيلاً ومنعاً للمشروع النووي والإقليمي في مواجهة إيران...!! معارضو النظام السوري والإيراني بعمومهم يرون فيما يرون أن مواقف هالنظامين لاتعدو الخطابات والشعارات واللهاث وراء مصالح خاصة بهما، وهما يستخدمان الأوراق المتاحة بين أيديهم على أرض العراق ولبنان وفلسطين بيعاً وشراءً ومقايضةً في المواجهة والمعاكسة، وهو ليس أكثر من سـعيٍ وراء مكاسب لاتعني الآخر المستخدَم كأوراق وإن كانت أوضاعه بعمومها تسمح بذلك. ولكن رغم وضع المنطقة والمؤشرات بأيام سـوداء، ومواقف إيران وحلفائها بما فيها موقف معارضيهم أيضاً، فهل هنالك من يستطيع إقناع النظامين السـوري والايراني بعدم قتال اليهود والصهاينة والأمريكان وحلفائهم وعلى طريقتهم حتى محو آخر لبناني وفلسطيني..!! لأن الآخر يتساءل: لماذا اختارالنظام السوري والإيراني أن يجعل من اللبناني والفلسطيني سكاكين للقتل والقتال واختار لنفسه تحديداً أن يكون مسناً (حجر جلخ أو جرخ) فقط لهذه السكاكين..!! وهل هنالك من يستطيع إقناع الناس أن حزباً ايديولوجياً يعتقد أنه حزب الله يمكن أن يتفق مع أطراف لبنانية أخرى يختلف معها ويعتقد بعمالتها وخيانتها وأنها متحالفة مع الشيطان، أو أن حماس قادرة على الاتفاق مع سلطة فلسطينية مصرةٍ على مواقف فيها مافيها والعياذ بالله، مما لاتطمئن إليها حماس نفساً ولاتنشرح لها صدراً من اتفاق القاهرة إلى اتفاق مكة إلى المبادرة اليمنية اتفاق صنعاء..!! ولكن والأبلغ، هل هنالك من يستطيع إقناع غالبية اللبنانيين في لحظتهم الحاضرة طوعاً أو كرهاً أن يكسبوا أجر المجاهدين والمحررين والمحطمين للاستعمار وأهله ومشاريعه والفوز بجنات عرضها السموات والأرض بقبولهم أن تبقى أرضهم وشوارعهم ومدنهم (حارة كل من ايدو إلو) ساحاتٍ للمنازلة بين من يسمي نفسه (ببلاش) جبهة الصمود والممانعة مع الدول العظمى التي يروّج لها وتقدم كأعداء لله والأمة من الصهاينة والأمريكان والأوروبيين..!! وفي الوقت الذي تحس فيه غالبية اللبنانيين أيضاً بأن هنالك من آذاهم وعبث بهم، ولعب فيهم واستخدمهم لتاريخ ليس قصير، عانوا فيه من ظلم الجيران وتجاهل الأشقاء، ويصرون فيه على رفض احتكار فخر التحرير وتحطيم الغطرسة والعترسة والاستكبار الأمريكي والعالمي على بيادرهم وساحاتهم ومنعه عن الآخرين إيثاراً منهم بل شعوراً بتآمر الآخرين عليهم، فهل هنالك من يقنعهم بألا يرفضوا قبول الآخر ممن يصاول ويجاول ويتحدى الآخرين ولكن على أرضهم..!! الكل يتهدد ويتوعد، من إيران وتصريحاتهم باتت يومية ومألوفة، إلى حليفتها سورية وكلام الأسد عن تحديد مصير الشرق الأوسط والمنطقة وربما العالم كله وإشعالها من بحر قزوين حتى المتوسط، إلى حلفائهم في لبنان والتهديد بقطع الأيدي والألسنة والأعناق ورمي الصهاينة خارج فلسطين إلى آخر حلفائهم في غزة ممن لاحت لهم تباشير النصر والتمكين في الأرض. تصريحات نارية ومواقف متخشبة ومتمترسة خلف طروحات وشعارات فيها مافيها وعليها ماعليها في مقابل تهديد ووعيد من القوى العظمى أيضاً خلفه ماخلفه من المشاريع والمصالح والاستراتيجيات وماتخفي قلوبهم وصدورهم أكبر وأكبر، ولعل مانقل عن نائب مستشار الأمن القومي إليوت أبرامز منذ أيام فيه مايكفي: انتظروا تحولات كبرى في الشرق الأوسط هذا العام مشيراً إلى أن أنظمة ستسقط، ووجوهاً تغيب عن مسرح المنطقة وأنها ستكون هامة للغاية وستحدث تغييرات أساسية في الأوضاع الاستراتيجية للمنطقة وأن الرئيس بوش حتى الدقيقة الأخيرة في عهده الذي ينتهي منتصف ليل 19/20 كانون الثاني/ يناير 2009، أمامه الكثير من الوقت لينفذ خطته. مصيبتنا في منطقة الشرق الأوسط كجماهير مقموعة مسحوقة لأكثر من نصف قرن نسمع على الدوام خطاباً من طهران حتى غزّة مروراً بالنظام السوري وحزب الله في لبنان سمته التحدي والعنطزة، تتلطى فيه السياسات بالدين، والأماني بالحقيقة، والدجل بالصدق، والعهر بالفضيلة، والممانعة والمقاومة بالصفقات والمقايضة، يرى فيه البعض تباشير النصر وبشارات القيامة والتمكين وزوال الدولة الصهيونية، ويراها البعض الآخر أياماً نحسـات سـوداء وثماراً فاسدة لعشرات السنين من القمع والاستبداد. خطاب كل مافيه هرج ومرج ولكن الثابت فيه أنه خطاب معاد ومكرور يستجدي الكوارث والمصائب لجماهير متعوسة نتيجة سياسات أتعس وأنحس. نتمنى من أعماقنا أن يكون كلام هالنائب الأمني مجرد كلام من جنس كلام الناس الآخرين من عندنا، ولكن كل مانخشاه أن يكون كلاماً له ماله في قادمات الأيام ولاسيما أن انسداد الأفق واحتباس الحلول وتمترس الجميع وصل حداً يسوّق فيه لحضور مؤتمر القمة العربي هالأيام بفتاوي دينية بالفرضية العينية للحضور من جهة، مما يعني أن القيامة قادمة من جهة أخرى ولكن بفتاوي أخرى ولكن من شيوخٍ آخرين غير شيوخنا. نتذكر الاحتلال العراقي للكويت ونتائجه وثماره وماهو عنا ببعيد، وانقسام عموم الناس فيه على البدهيات، واختلافهم على مالايجوز الاختلاف فيه حباً وكرهاً وحسداً، ونتذكر أيضاً تمترس المواقف والإرادات عناداً وإصراراً خلف مؤتمر شعبي إسلامي في بغداد ومؤتمر إسلامي آخر في مكة المكرمة، وقيل كل ماقيل من المؤتمرِين في المؤتمرَين اتهاماً وتبياناً وتذكيراً وتوضيحاً بعد كل ماكان من الوفود والرسل والمبعوثين بنيات حسنة وغير حسنة حتى ضاقت الأرض على أهلها بما رحبت، وانسدت آفاق الحلول بجهود الصامدين والممانعين وسياساتهم، فتحركت البي 52 واهتزت التوما هوك لتحسم أمر المجادلين والمشككين وتقضي بينهم فيما كانوا فيه يختلفون، ولات ســاعة مندم.
#بدرالدين_حسن_قربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يافقراء سورية اتحدوا
-
خطاب التحدي والمنازلة والذاكرة المثقوبة
-
أبراج حزب الله
-
مقتل مغنية..!! هل يفتتح حرب النجوم..!؟
-
أفاضل إعلان دمشق وتوهين نفسية الأمة
-
سورية مثل هولندا..!!!
-
الهاربون من الجحيم والمؤتمر الوطني الفلسطيني
-
المعقول اللبناني في زمن اللامعقول
-
الأزمة اللبنانية في طورٍ جديد
-
حصار ولكنه ليس كحصار غزّة
-
حجاج غزّة والهاربون من الموت
-
لبنان والنظام السوري والعام الجديد
-
حراميّة..!! ولكن لمال اليتامى والأوقاف لا
-
لبنانيات 2/2
-
لبنانيات 1/2
-
خطاب حزب الله التمزيقي
-
من لطائف القراصنة والمستبدين الجدد
-
كلمة وردّ غطاها
-
ساعة من نهار على ضفاف نهر البارد
-
لماذا استثنت الوزيرة بثينة شعبان النظام السوري..!؟
المزيد.....
-
مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا
...
-
وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار
...
-
انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة
...
-
هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟
...
-
حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان
...
-
زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
-
صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني
...
-
عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف
...
-
الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل
...
-
غلق أشهر مطعم في مصر
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|