|
انهيار المعارضة السورية
مازن شريف
الحوار المتمدن-العدد: 2234 - 2008 / 3 / 28 - 09:57
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
تنتصر الإرادة عندما يستثمر الإنسان فيها لأنها العنصر المحرك للتضحية بغية الخروج من الأزمة التي نعانيها في ظل نظام يكاد يحرمنا حتى من الهواء والماء والكهرباء والغاز وكل معايير الحياة اللازمة لعيش كريم كحد أدنى. والشعب السوري يدرك أن من تقع عليهم مسؤولية التغيير هم الذين في خط المواجهة المباشرة مع النظام يتعرضون للسجن والإهانة ويتحملون وزر هذا الشعب المغلوب على أمره والذي أحمله أيضا الكثير من الذنب لأنه متأثر جدا من فساد السلطة ولا يحرك ساكنا. لقد تبين لنا أن من طرحوا أنفسهم كمعارضين للنظام خارج الحدود السورية لا تهمهم إلا مصالحهم الشخصية ويخافون عليها فيكتفي اغلب هؤلاء بتوجيه الشتائم واللعنات على هذا النظام الدكتاتوري وهم على يقين بان الشعب السوري لن يعيرهم أي اهتمام بعد أن تعلم الدرس العراقي جيدا. ونتساءل: أين هم كبار المثقفين والشعراء والأدباء السوريين (في الداخل) الذين تقع عليهم المسؤولية الأولى في توعية وتنشيط حركة المعارضة السورية! أين (أدونيس) الذي أغلقت دمشق أبوابها في وجهه لعشرين عاما، وأين غيره من المثقفين السوريين باستثناء أولئك المرغمين على السكن في زنزانات القمع والاستبداد؟ المفكر الشاعر (أدونيس) شخصية عالمية بامتياز وله حضور واسع على الساحة الثقافية والأدبية العالمية (حتى في السعودية معقل الجهل والمحرمات) لم يتحرك وهو الذي قطع السبعين من عمره، في الوقت الذي كان الشاعر التشيكي فاكلاف هافل قد هيج مشاعر شعبه من خلال تحركه السلمي ليشهد الشعب التشيكي أول ثورة سلمية في العالم (الثورة المخملية)، وهل كان هافل بمقام (أدونيس)؟ فلو تحرك (أدونيس) هل ستجرؤ السلطات على اعتقاله؟ أشك في هذا لأنه اكتسب صفة العالمية ويحظى باحترام وتقدير كل مثقفي العالم ولكلمته وقع وصدى كبير في نفوس السوريين. لكن يبدو أن ما عاناه (أدونيس) في تاريخه الأدبي الغزير بالتحديث والتجديد والدعوة إلى الإصلاح الفكري والإنساني، ربما يقف عائقا أمام تحركه السياسي في مواجهة القمع وأساليب إخماد الأصوات الداعية لحياة أفضل لكل السوريين، واني على ثقة لو أن مفكرنا العظيم يطلق شعلة المحبة والسلام بدعوة صريحة للشعب السوري، للتحرك ضد الظلم والفساد، لكانت ستنير الكثير من العقول وتدفع بكبار المفكرين السوريين للحاق به. وفي العودة إلى معارضة الداخل التي ما تزال غافية على حاجز الخوف بالرغم من هشاشته، نجد أن هذا النظام الذي تقوى شوكته يوما بعد يوم مستفيدا من ضعفنا وضحالة حجمنا وكثرة أوهامنا وأحلامنا، واستطاع أن يعمق الشرخ القائم بين جميع أطراف المعارضة سواء في الداخل أو الخارج من خلال من أجروا ضميرهم وتخلوا عن مبادئهم خدمة لهذا النظام، والأمثلة في ذلك كثيرة ولا ارغب في ذكرها ليس لشيء بل سعيا لتجاوز المحن والوصول إلى حل لأزمة الأخلاق والضمير التي يعيش فيها البعض ممن أثاروا الفتن والنزعات القومية والدينية في صفوف المعارضة لتصبح مهزلة أمام شعب يتوق للحرية والديمقراطية بعيدا عن القوميات والدين. ونحن في هذا الجزء من العالم الغني بحضارته وتاريخه القديم، نقف عاجزين أمام المتسلطين على رقاب هذا الشعب الذي تحول إلى أداة طيعة بيد سلطة لا تعرف إلا سلاح القمع والاستهتار بالعقل البشري والتحدي الصارخ في وجه المساكين الذين لا قوة لهم في مواجهة ما يعانونه من ظلم ويعيشون على هامش الفقر محرومين من أدنى الخدمات الأساسية التي يجب على الدولة أن تؤمنها لهم. يرغب اغلب السوريين المقيمين خارج الحدود في تغيير هذا النظام بل يحلمون بنظام ديمقراطي يضمن حقوق الإنسان هكذا كما يعيشونه في الدول الحرة الديمقراطية، لكن ما يحدث هو أن البعض من هؤلاء لا يدركون حجم التضحية الكبير ولا يجيدون أساليب التفاهم وفن الحوار بما يجعل منا قوة لا يستهان بها إن استخدمنا بشكل سليم المفردات الإستراتيجية السياسة في النقد والدعوة الصريحة لنشاط جماعي يستقطب كافة شرائح المجتمع، في رسالة جدية وواضحة المعالم، بعيدا عن الحقد والكراهية، لأننا سوريون (يفترض) أننا تربينا في مدارس تحترم الإنسان، وترفض مظاهر الجهل، وكافة أشكال الاستبداد. إن ما نقوم به في مواجهة السلطة ليس أكثر من مسمار ندقه في نعش الحرية والديمقراطية ضاربين عرض الحائط بمبادئ المعارضة الحقيقية التي باتت عاجزة عن التغلغل في العمق السوري وتكتفي بإصدار بيانات متخشبة وإدانات واستنكارات سأم الشعب منها، حتى بات سلوكهم أشبه بسلوك السلطة الاستبدادية من خلال ديكتاتوريتها الإدارية وقصر نظرها في تحليلها للأمور السياسية والاجتماعية التي تحيط بشعبنا في سورية. لن يتحقق الإصلاح السياسي في سورية بالشتائم وتضليل الشعب بل من خلال العمل المشترك والجهد الكبير الذي يجب أن يبذله كل معارض سوري من خلال الاستفادة من تجارب الدول الأخرى ومن نهج وعمل المعارضين في دول متحضرة ومتطورة من هذا العالم. إن العمل السياسي لن يكتب له النجاح بالتهريج والدعاية التي يقوم بها البعض في بث روح الانتقام فنحن مسؤولين أمام هذا الشعب وعلينا أن نتخلص من هذا السلوك والذي من الصعب علي ا ن أصفه إلا (بالسلوك الشائن) لان ما نقوم به في الوقت الراهن لا يجد صدى أمام مجتمع متعطش لسماع كلمة جدية وصريحة توقظ لديه الإحساس بأنه هو أيضا معني في مواجهة الظلم بكافة الوسائل السلمية. لو وظف (أدونيس) وزملائه والكثير من المثقفين السوريين مواقعهم في المجتمع لإدارة حملة فكرية لتوعية هذا الجيل المتعطش للحرية والديمقراطية بالأساليب السلمية لكتب لنا أن نخطو خطوات واسعة في العمل السياسي.
يقول (أدونيس): ما لدمشق ما للأبواب المفتوحة فيها حين أراها تغلق كلا لم يتغير شيء إنبيق الملك طويل ... والدنيا زئبق
من يريد تسلق سلم الحرية عليه أن يكون على قدر المسؤولية، لان الحرية مسؤولية وتتحول إلى عبئ ثقيل ما لم نتحلى بالصبر والقوة ، الم يحن الوقت لنلتزم بصياغة لهجة سليمة! لأنه بالحقد والكراهية وحب الانتقام لا نبني (عرزال) واحد.
#مازن_شريف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شوارع سورية (صامتة) من فئة خمس نجوم
-
دمشق مدينة الصمت ... مدينة الأبواب المغلقة
-
أحفاد ابن تيمية ومؤتمر جبهة الخلاص في برلين!
-
المرأة بين الأنوثة والإبداع
-
المعارضة السورية (الجديدة) وبنزين الديمقراطية
-
المرأة سر هذا الكون وفن الحياة
-
لا نسمح بأن نخسر أحدا من المعارضة السورية
-
بالحوار ومشاركة الجميع نغير ونبني سورية
-
مشهد المعارضة السورية ومواجهة الخطر المقبل
-
المعارضة السورية ... إلى أين؟
-
لن نذرف دمعة على قتلة الأبرياء أيا كانوا: في ذكرى المجازر
-
الخطوط الحمراء بين الدين والسلطة
-
خيمة جديدة لحرية الكراهية في صحراء الربع الخالي
-
تحية إلى المرأة صاحبة القلب الجميل
-
المرأة السورية وظاهرة الابداع 2
-
المرأة السورية وظاهرة الابداع 1
المزيد.....
-
الحوثيون يزعمون استهداف قاعدة جوية إسرائيلية بصاروخ باليستي
...
-
إسرائيل.. تصعيد بلبنان عقب قرار الجنايات
-
طهران تشغل المزيد من أجهزة الطرد المركزي
-
صاروخ -أوريشنيك-: من الإنذار إلى الردع
-
هولندا.. قضية قانونية ضد دعم إسرائيل
-
وزيرة الخارجية الألمانية وزوجها ينفصلان بعد زواج دام 17 عاما
...
-
حزب الله وإسرائيل.. تصعيد يؤجل الهدنة
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين مقاتلي -حزب الله- والقوات الإسر
...
-
صافرات الانذار تدوي بشكل متواصل في نهاريا وعكا وحيفا ومناطق
...
-
يديعوت أحرونوت: انتحار 6 جنود إسرائيليين والجيش يرفض إعلان ا
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|