أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابراهيم ازروال - في نقد الخطاب الإصلاحي-( الجابري والعشماوي )















المزيد.....



في نقد الخطاب الإصلاحي-( الجابري والعشماوي )


ابراهيم ازروال

الحوار المتمدن-العدد: 2233 - 2008 / 3 / 27 - 11:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الجزء الأول

حين نتأمل أدبيات الإصلاحية الإسلامية ، نلاحظ أن الكثرة الكاثرة من الإصلاحيين المسلمين ، يحملون مسؤولية التأخر التاريخي للمجتمعات الإسلامية إلى عوامل تاريخية أو فكرية أو سياسية أو انثروبولوجية ، مخارجة للمعتقدية الإسلامية . فالإصلاحية الإسلامية ، ترتكز ، جوهريا ، على قراءة خاصة للتاريخ وللنص ولتفاعل النص مع ديمومة الزمان وسيرورة التاريخ . وبناء على هذا التصور ، فهي تميز بين النص وبين مفاعيل التاريخ ، وتسعى إلى الفصل بين النص والتاريخ القديم ، لاستكناه حقيقة النص وإعادة ربطها بتاريخ متجدد متحرر من أوشاب النصوص الثواني ووقائع التاريخ الأرضي الموسوم بتقهقر المعاني الروحية وتقلص الفعالية الأخلاقية وانطماس الجواهر المفارقة في خضم تحكم القيم المضادة بالنفوس . وعليه فإن التأويل الإصلاحي ، لمسيرة الإسلام التاريخية ، فينبني على التمييز بين الإسلام الرسالي الأخلاقي وبين الإسلام التاريخي ، بين النص القرآني وبين النصوص الثواني ، بين التفسير السلفي للمضامين العقدية والتأويلات المغرضة المستندة إلى المتصورات النظرية والمنهجية للعقائد والفلسفات المانوية أو الهرمسية أو الغنوصية أو الإشراقية أو المسيحية أو اليهودية /التلمودية .
تنطلق الإصلاحية الإسلامية من إدانة التاريخ الثقافي والاجتماعي للمجتمعات الإسلامية ومن أمثلة منهجية للأصول العقدية للإسلام . والحقيقة أن هذا المسلك المنهجي والتصوري ، مناقض للحداثة جوهريا ؛ طالما أن الحداثة تتغيا توطين الأصول العقدية نفسها في إحداثياتها الفكرية والثقافية والأنثروبولوجية المخصوصة ، وعلى قراءة النص تاريخيا ، وتفكيكه استنادا إلى مستندات نصية وتاريخية وأركيولوجية منتمية إلى إطار ثقافي حضاري موسع .
فالنص والحال هذه موصول بالمنظومة النصية الكتابية التوحيدية متناص مع سرودها ومحكياتها ومتخيلاتها ، مستلهم لمعاييرها التشريعية وموجهاتها الأخلاقية . كما أنه مشدود إلى سياقاته التاريخية والفكرية والى مقتضياته السيمانتية والتداولية . والحقيقة أن الإصلاحية الإسلامية ترفض القراءة السياقية للنص المؤسس ، وتلغي أي تعقل تاريخي أو أي استشكال عقلاني لمحتوياته ومضامينه التداولية . تقر الإصلاحية الإسلامية ، بالاختلالات الاجتماعية والسياسية ، وبالانحرافات التفسيرية والتأويلية ، وتدعو إلى قراءة وفية لفحوى الخطاب المؤسس ، ومنزاحة عن فحوى المقالات الكلامية أو المذهبية أو الفئوية أو العرقية المرتبطة بأوضاع تأويلية وسياسية مدخولة .فالإشكال في اعتقادها ، لا يكمن في حقيقة النص المؤسس بل في الاستعمالات التاريخية للنص وفي الزوائد البدعية المصاغة بموازاته وضد منطقه .
وتأسيسا على هذه المنطلقات ، فإن الإصلاحي الإسلامي ، يفرغ الوسع في التنصيص على المعاني النصية وعلى صفاء المعيارية القرآنية وعلى شفافية الأخلاقية الإيمانية ؛ كما يسعى إلى استبعاد التأويلات المغرضة أو المتعسفة أو المنحرفة أو المنزاحة عن يقينيات الخطاب الرسالي ، والى تعيين أسباب الاعتلال التفسيري أو التأويلي أو التأصيلي أو التشريعي في الفكر الإسلامي القديم والحديث على حد سواء . وقد تفنن الإصلاحيون المسلمون في تعيين المسئولين عن التأويل المغرض وفي تحديد المصادر الثقافية والنصية الثقافية التعديدية أو التشريكية أو النفاتية أو الهرطوقية أو الابتداعية المخالفة للمعايير الجوهرية للنواة العقدية للسلام .
فالإشكال حسب الإصلاحي الإسلامي، قائم في الفهوم لا في النصوص التداولية الأصلية ، في الاجتهادات المغرضة للحاملين للميراث الثقافي والعقدي لثقافات الشرق الأوسط القديم. يبذل الإصلاحي الإسلامي قصارى جهوده ، لاستنقاذ النصوص العقدية من اللاتجانس واللاتناسق الفكري والرؤيوي ، ومن المفارقات الدلالية والتداولية والتاريخية ، ومن النظرالاستشكالي المستعين بالحفريات المعرفية .

فلتبرئة النصوص المؤسسة من التهم الإستشراقية أو الهرطوقية أو النفاتية أو الحداثية ، فإن الإصلاحيين المسلمين اجتهدوا في تعيين مصادر أعطاب العقل والوجدان الإسلاميين طيلة الزمان الإسلامي المتطاول ؛ فتنزيه النصوص المرجعية يقتضي البحث عن أعطاب ومزالق العقل الإسلامي في مصادر أخرى ، اختلفت حسب نظريات ومناهج ومقاصد المؤولين الإصلاحيين . ويمكن الإشارة عموما إلى أن الإصلاحية الإسلامية حددت مصدر أدواء الوعي الإسلامي في مصادر لا إسلامية أو مضادة للإسلام ومناقضة لروحيته وأخلاقيته وابستيميته .وهكذا يرجع الإصلاحيون الإسلاميون ، تردي العقل الإسلامي وعجزه عن تطبيق المثال القرآني ، وأداء واجب الرسالة الجوهري ، وإظهار رسالية و أخلاقية أمة الوسط ، إلى منابع شتى نذكر منها ما يلي :
1- التراث العربي ما قبل الإسلامي المسمى إسلاميا بالجاهلي ؛
2-المؤثرات العقدية والفكرية اليهودية والتلمودية المسماة إسلاميا بالإسرائيليات ؛
3- المؤثرات المسيحية البولسية ؛
4- التأويل الأشعري / الصوفي للعقيدة الإسلامية ،
5- المؤثرات الغنوصية أو الهرمسية أو العرفانية ؛
وسنرتكز في هذه الإفاضة على أربعة نماذج دالة ، وسنحاول التدليل على آلياتها في الحجاج والتسويغ والبرهنة وعلى ابتعادها عن موجبات التنوير في العصر العولمي .
محمد عابد الجابري :

لا يمكن للقارئ الحصيف لمؤلفات عابد الجابري ، إلا أن يلاحظ نقده الحاد لتيارين فكرين وسياسيين وهما : التصوف والتشيع ، ولمفكرين إسلاميين هما : ابن سينا والغزالي . والقاسم المشترك بين هؤلاء ، يكمن حسب تحليل الجابري لأعمالهم وأطروحاتهم الموجودة طي مؤلفاته ( نحن والتراث وتكوين العقل العربي وبنية العقل العربي والعقل السياسي العربي والعقل الأخلاقي العربي ...الخ ) ، هو العرفان أي اللاعقلانية المستمدة من التراث الغنوصي والهرمسي السائد في الشرق الأوسط القديم .
يصف الجابري الأصول العقدية الإسلامية بالعقلانية وطغيان السمة البيانية؛ إلا أن التقليد الثقافي الإسلامي سرعان ما أغرق في الميراث العقدي الأسطوري اللاعقلاني للشرق الأوسط القديم . ففي خضم الصراع الكياني ، بين العرب الغازين والشعوب المكتسحة عقديا وثقافيا وفكريا وعسكريا، تمكنت الثقافات القديمة من تسريب موروثاتها الثقافية والأخلاقية والعقدية إلى التراث العربي – الإسلامي . والأانكى ، أنها غطت المعقول الديني العربي / الإسلامي،وغلبت عليه منتجات العقل المستقيل ، وأغرقت البيان القرآني بتأويلات مستلة من المنظومة الهرمسية أو الغنوصية أو الإشراقية أو الزرادشتية ، فضاعت الحقيقة القرآنية الجلية وطغت التلبيسات اللاعقلانية الأسطورية لثقافات العقل المستقيل . وتكمن خطورة العرفان الإسلامي ، في تغلغله في أعماق العلوم الإسلامية ، وتمكنه من حيازة النصوص واجتيافها وتصييرها عرفانية غنوصية رغم صدورها عن رؤية غير غنوصية أو عرفانية في الأصل .فقد تمكن العرفانيون حسب الجابري ، من إعادة امتلاك عرفانية للأصول الإسلامية ، ومن تلوين حقيقة الخطاب القرآني والعقل البياني ، بصبغة عرفانية هي على النقيض من محتوى الحقيقة القرآنية ومن آليات المنهج والرؤية البيانين . فبعد خمود نسبي للعقل العرفاني غب الاكتساح العربي – الإسلامي للمواطن العتيقة للتقاليد الثقافية الأكثر زخما وغنى بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا ( مصر وسوريا والعراق وفارس ...الخ ) ،عاد ليكتسح الساحة الإسلامية ، وليعيد إعادة صياغة الأصول نفسها صياغة عرفانية هرمسية وغنوصية . ويشمل العقل المستقيل الصياغات العقدية العرفانية للهرمسية والغنوصية والأفلاطونية المحدثة والمانوية والزرادشتية والفيثاغورية والمزدكية والصابئية المندائية ...الخ .واستنادا إلى هذا الرأي ، فإن الجابري يعتقد أن المعقول الديني العربي الإسلامي والنظام المعرفي البياني تعرضا لهجمة شرسة مما يسميه باللامعقول العقلي أو بالعقل المستقيل.
(وهكذا ف"العرفان" نظام معرفي ومنهج في اكتساب المعرفة ورؤية للعالم ، و أيضا موقف منه ، انتقل إلى الثقافة العربية الإسلامية من الثقافات التي كانت سائدة قبل الإسلام في الشرق الأدنى وبكيفية خاصة في مصر وسورية وفلسطين والعراق . )
(- محمد عابد الجابري – نقد العقل العربي – بنية العقل العربي 2– دراسة تحليلية نقدية لنظم المعرفة في الثقافة العربية –المركز الثقافي العربي – الدار البيضاء – الطبعة الثانية – 1991- ص. 253)
فبدلا من التحالف مع المعقول العقلي أي مع النظام البرهاني ، ارتأى المفكرون العرفانيون استعادة التراث العقدي العرفاني القديم بدافع محفزات إيديولوجية أو سياسية ، وتلوين المحتويات العقدية للخطاب القرآني بصبغة غنوصية أو عرفانية مخالفة للأصول المقررة في التوحيد الإسلامي .والواقع أن التصوف والتشيع ، عملا جانبا إلى جنب ، على تكريس الأساطير القديمة للشرق الأدنى القديم واستزراعها في عمق التراث الفكري العربي الإسلامي ، وتمكنا من حجب بيانية الخطاب القرآني وحقيقة الإيمان الإسلامي .
(ذلك أن العرفانيين لا يتعاملون مع الأساطير كما هي بل يوظفونها توظيفا دينيا فيجعلون منها " الحقيقة " التي وراء" الشريعة" و"الباطن " الذي وراء " الظاهر " . وبما أنهم يجعلون من الزوج ظاهر / باطن حقيقة كلية فيميزون في الطبيعة والسلوك والدين ، وفي كل شيء ، بين ظاهر وباطن ، وبما أن الباطن عندهم هو " الحقيقة "، وهذه الأخيرة هي في نهاية الأمر ما ترويه الأساطير الدينية القديمة ، فإن " الحقيقة " عندهم ليست الحقيقة الدينية ولا الحقيقة الفلسفية ولا الحقيقة العلمية ، بل " الحقيقة " عندهم هي الرؤية السحرية للعالم التي تكرسها الأسطورة . )
- محمد عابد الجابري – نقد العقل العربي – بنية العقل العربي 2– دراسة تحليلية نقدية لنظم المعرفة في الثقافة العربية –المركز الثقافي العربي – الدار البيضاء – الطبعة الثانية – 1991- ص. 378-379)
فالفكر الشيعي والصوفي ، ليسا من منظور الجابري ، سوى تعبيرات صريحة عن العرفان أو الغنوص ، وتجليات لفكرية ووجدان ناغلين في الأساطير العرفانية المتجذرة في المخيال الاجتماعي لشعوب الشرق الأدنى القديم .وبناء على هذه الرؤية ، فالتأويل العرفاني للنصوص المرجعية الإسلامية وللحقائق المتعالية للعقيدة الإسلامية ، ليس ، إلا تثبيتا لليقينيات الميثية للفكر الغنوصي أو العرفاني أو الاشراقي أو المانوي ، وتأكيدا للمحتويات العقدية للموروث اللاعقلي القديم على حساب البيان القرآني والروح الإيمانية الإسلامية . ويشتمل شاهد الجابري في ظننا على المقررات التالية :
1- وسم الموروث الثقافي لشعوب الشرق الأوسط القديم بالأسطورية والسحرية ؛ علما أن تلك الموروثات الثقافية ، شكلت ، تاريخيا ، القاعدة المعلومية والمهاد الفكري والأخلاقي ، للخطاب النبوي ؛
2- وسم التأويل العرفاني للخطاب القرآني بالتعمل والإسقاط والتعامل مع الأصول الإسلامية كقنوات ومعابر لإيصال المضامين القديمة للعرفان أو الغنوص أو الإشراق الوثني ؛
3- تمكن العرفان الهرمسي والغنوصي من اقتحام النص المؤسس ، وتحويله إلى أداة في خدمة الموروث اللاعقلاني القديم واستعادة الحضور السياسي للشعوب المقهورة من قبل الحكم العربي / الإسلامي وخصوصا الفرس ؛
4- تسليم الجابري بلا عرفانية الخطاب القرآني ، أي بمنافاة العرفان كموقف أو نظرية لفحوى البيان القرآني ؛
فالإشكال حسب الجابري ليس في النص بل في الاستحواذ العرفاني الصوفي والشيعي على مضامينه وعلى فلسفته . فالنص القرآني عقلاني ، عموما ، رغم استعماله للإشارة والرمز والاستعارة .يسعى الجابري جاهدا إلى تصويب سهام النقد إلى النظام المعرفي العرفاني ، والى نزع الشرعية المعرفية والتاريخية للتحالف غير المقدس في اعتقاده بين النظام المعرفي البياني والنظام المعرفي العرفاني ، خصوصا منذ أن تمكن أبو حامد الغزالي من إحكام الصياغة العرفانية للحقائق الإسلامية وإضفاء الصبغة الشرعية على العرفان الصوفي( أشير هنا إلى " إحياء علوم الدين " و "مشكاة الأنوار "......) .
إننا نعتقد أن تسليم الجابري بعقلانية الخطاب القرآني وعزو اللامعقول إلى التعرفن والتغونص والتهرمس لا يستقيمان بالنظر إلى المعطيات التالية :
1- استناد الإيمان الإسلامي إلى معطيات غيبية غير قابلة للتعقيل باعتراف الفقهاء والمتكلمين ؛
2- اعتماد النص القرآني آليات غيرعقلانية أو برهانية في الحجاج على الحقائق الجوهرية للإيمان الإسلامي ؛فالانطولوجيا القرآنية لا تتصادى مع المعطيات الجوهرية للبرهان أو للعقلانية إلا بضروب من التأويل البعيد أو الاستملاك الفكراني المصطنع نظير ما فعل بعض المعتزلة وابن رشد والفارابي من الفلاسفة .وعلاوة على ما تقدم ،فالحقائق الكبرى لليقينية الإسلامية ، تقع في الماوراء أي في الغيب بدءا ومآلا ؛ وبنية النص القرآني ، تنضح بالمجازات الحاثة على تجاوز العالم المنظور ، واثبات أكثر الحقائق مفارقة للمجرى الطبيعي والتاريخي للأشياء .
3- أنفق الجابري وقتا كثيرا ، في الكشف عن تكوين وبنية العقل الإسلامي النظري والعملي ، إلا أنه لم يلتفت إلى الكشف عن تكوين وبنية النصوص المؤسسة للعقيدة الإسلامية ، وإنارة عتمات تلك النصوص إلا مؤخرا . لقد اظهر جرأة كبيرة في نقد العقل العرفاني تحديدا ، وفي فحص مصائر العقل البياني بعد تحالفه مع العقل العرفاني وعجز تصالحه مع العقل البرهاني ، إلا أنه تمسك بالمعطيات الأكثر أرثوذكسية للعقل العربي / الإسلامي ، وبأطروحاته التبجيلية عن النص القرآني وعن بنية الكتب والاعتقادات القديمة . فالجابري يعتقد ، أن أزمة العقل العربي ، ناتجة عن تغلغل الإيمانيات العرفانية في المنظومة التفسيرية والتأويلية الإسلامية ، أي في تسرب العقائد الوثنية والتشريكية والتعديدية القديمة إلى العلوم الإسلامية أي إلى التفسير وعلم الكلام والتصوف والفلسفة .فاللاعقلانية العقدية القديمة ، حجبت أنوار الخطاب القرآني ،وتلاعبت بالمنطوقات القرآنية لترسي المقولات العرفانية القديمة وتثبت شرعيتها . والحقيقة أن تصور الجابري يشتمل على تحكمات وعلى مصادرات غير مسلمة في اعتبارنا . فالنصوص التأسيسية الإسلامية ،تحفل بمعطيات غيبية غير مدللة بطرق برهانية وعقلية وبأمثولات مجازية لا تقع تحت الإنارة العقلية إلا بتأويل بعيد .وتنطوي قصة يوسف وقصة لقاء موسى بالرجل الصالح ( الخضر ) وقصة ذي القرنين ويأجوج ومأجوج وقصة موسى وبلقيس على حقائق ميثية واضحة .يقول ناقد العقل الإسلامي :
( ينبغي أن نؤكد فعلا على أن "قصص" الأنبياء الواردة في القرآن لا تقترح فقط مجرد نماذج أخلاقية ينبغي أن تقلد وتحتذى و إنما تقوي الرؤيا الأخروية وتتوجه إلى وعي مفتوح على العجيب المدهش ومتقبل له ومنغمس فيه . )
( - محمد أركون – الفكر الإسلامي : قراءة علمية – ترجمة : هاشم صالح - مركز الإنماء القومي- بيروت – 1987- ص. 204) .
وبناء على ما سبق ، فمن الصعب اعتبار الأمثولات القرآنية ، عقلانية ؛ خصوصا متى أخذنا بعين الاعتبار غيبية الاعتقادات الجوهرية للعقيدة الإسلامية المحددة بصفة جوهرية في القرآن المكي على نحو أكثر تواترا .أضف إلى ذلك أن الإيمان الإسلامي ، يندرج باعتراف القرآن نفسه ، في الرؤية الإيمانية الكتابية ، وفي إطارها الأمثولي والترميزي . وفي الوقت الذي برهنت فيه العلوم الإنسانية والاجتماعية ، على كفاءة كبرى في الكشف عن البنية التناصية للنصوص والمعتقدات التوحيدية ، مع التراث الاعتقادي القديم للشرق الأوسط القديم ، وفي إظهار آليات التمفصل والترابط والنسخ التجاوزي بين الإطارات الحكاية التوراتية والإنجيلية والإطارات الحكاية للأساطير السومرية والبابلية والأشورية والمصرية والأوغاريتية ، يتمسك الجابري بالرؤية الإيمانية السنية الموغلة في التحفظ ورفض أي قراءة استشكالية أو نقدية للمصادر الإسلامية. فهو يقبل تاريخية النص الثاني أي النص التفسيري ، ويرفض تاريخية النص الأول أي النص القرآني والنص الحديثي . والحال أن المباحث المختصة في تاريخ الأديان المقارن والانثروبولوجيا الدينية والسوسيولوجية الدينية ،تقدم أدوات منهجية قادرة على الكشف عن المحجوب واستنطاق عتمات وظلال النصوص والتدليل على مختلف التمفصلات الموجودة بين الدلالات الخيالية النصية ، المعقلنة بعديا، في سياق التدافع الثقافي والعقدي بين مختلف التعابير الدلالية للمخيال الديني بالشرق الأوسط طيلة العصر الوسيط .
4-تعامل الجابري مع النظام البياني بمثابته النظام المعياري للفكرية والروحية الإسلامية ، فيما اعتبر النظام العرفاني بمثابة نتوءات شاذة على أطراف المتن الشرعي . فتعضيد النظام البياني ، يجب أن يتم في سياق التداخل التكاملي بين البيان والبرهان نظير ما صنع ابن رشد . والحقيقة أن ما يعزوه الجابري إلى التهرمس أي إلى العرفان ، يقع في صميم الرؤية البيانية ، مثل قضية خلق الله آدم على صورته . فقد ارتأى الجابري أن العرفانيين الإسلاميين من نوع الحسين بن منصور الحلاج تنبوا الرؤية الهرمسية للمسألة فيما تمسك المفكرون السنيون بالرؤية البيانية القائلة بأن الله خلق الإنسان على صورة الإنسان وليس على صورة الله . والحال أن رؤية أهل السنة ، تنطوي على حقائق لا يمكن إنكارها بمجرد تعويم القضايا .
يقول ابن قتيبة في " تأويل مختلف الحديث " :
( وقد اضطرب الناس في تأويل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنه خلق آدم على صورته ".فقال قوم من أصحاب الكلام : أراد خلق آدم على صورة آدم !!لم يزد على ذلك – ولو كان المراد هذا ، ما كان في الكلام فائدة . ومن يشك في أن الله تعالى خلق الإنسان على صورته ، والسباع على صورها ، و الأنعام على صورها ؟
وقال قوم : إن الله تعالى خلق آدم على صورة عنده . وهذا لا يجوز لأن الله عز وجل لا يخلق شيئا من خلقه على مثال .
وقال قوم في الحديث : " لا تقبحوا الوجه ، فإن الله تعالى خلق آدم على صورته " يريد أن الله عز وجل خلق آدم على صورة الوجه . وهذا أيضا بمنزلة التأويل الأول ، لا فائدة فيه . )
(-ابن قتيبة – تأويل مختلف الحديث- خرج أحاديثه وعلق عليه : أبو المظفر سعد بن محمد السناري –دار الحديث – القاهرة – طبعة -2006- ص. 288-289)
ويسجل ابن قتيبة موقفه بقوله :
(والذي عندي – والله تعالى أعلم – أن الصورة ليست بأعجب من اليدين ، والأصابع ، والعين ، و إنما وقع الإلف لتلك ، لمجيئها في القرآن ، ووقعت الوحشة من هذه ، لأنها لم تأت في القرآن ، ونحن نؤمن بالجميع ، ولا نقول في شيء منه ، بكيفية ولا حد . )
(-ابن قتيبة – تأويل مختلف الحديث- خرج أحاديثه وعلق عليه : أبو المظفر سعد بن محمد السناري –دار الحديث – القاهرة – طبعة -2006- ص.291).
فما اعتبره الجابري ، تهرمسا يجد سنده في الأصول الدينية وفي الرؤية السنية الأكثر أرثوذكسية . وعليه ، فإن عزو هيمنة اللامعقول في الفضاء الثقافي الإسلامي ، إلى المؤثرات العقدية الشرقية القديمة ،يدل ، تحقيقا ، على نظر غير استشكالي للأصول وعلى قبول غير نقدي للمسلمات فيما ينبني النظر الحداثي على الاشتباك النقدي بله النقضي مع المقررات الوثوقية للمتون المصدرية للاعتقاد .
فاللامعقول ليس نابعا من الأغيار ، أي من الآخر بل من الأنا الإسلامية نفسها . فالدين لا يقوم أصلا إلا على التقديس والترميز والتجويز أي على المجاز والعبور من عابرية العالم الطبيعي إلى دوام العالم الغيبي .وبالتالي ، فلاعقلانية البيان ليست مستعارة من المتون الغنوصية أو الهرمسية ، بل هي نابعة من الرؤية القرآنية نفسها . فالتصوف لم يعمل إلا على استثمار الطاقات الكمونية للنصوص المؤسسة ، وعلى إحكام صياغتها ، استنادا إلى المعارف الكلامية والفلسفية.
(لقد انتهى الصراع بين النظم المعرفية الثلاثة المذكورة بانتصار العرفان ، لا كنظام معرفي مؤسس لايديولوجيا سياسية أو دينية معينة ، بل كبديل لكل نظام معرفي آخر ولكل ايديولوجيا تريد تبرير سياسة ما أو تكريس واقع سياسي معين . انه التصوف الذي اكتسح الساحة ، والساحة السنية خاصة ، فنقل خطاب اللاعقل ليس فقط إلى مملكة البيان والبرهان ، مملكة النقل ومملكة العقل ، بل أيضا إلى مملكة العامة ، مملكة التقليد والتسليم ، مملكة الجمهور الواسع الأمي ، فكانت الربط الصوفية ونظام المشايخ والطرق هي الأطر الاجتماعية الثقافية والسياسية التي يرى فيها ويتدفق من حولها اللامعقول بلباسه الديني الذي حول العامة إلى قوة مادية تقف بالمرصاد لكل نبضة عقلية أو حركة إصلاحية . ذلك هو عصر الانحطاط الذي سجل استقالة العقل العربي ، البياني والبرهاني . )
(- محمد عابد الجابري –إشكاليات الفكر العربي المعاصر – مؤسسة بنشرة للطباعة والنشر – الدار البيضاء- 1989-ص.47)
ويحفل هذا النص ، بمغالطات كثيرة ، نجملها فيا يلي :
1- إرجاع استقالة العقل العربي إلى هيمنة العرفان على البيان والعرفان ؛ والحقيقة أن العقل العربي لم يكتسب قوامه وسؤدده ، إلا على هامش النص القرآني أي على هامش الغيب . ومعلوم أن النص المؤسس ، نص إعجازي في الاعتبار البياني ، وحقائقه عابرة لآفاق العقل و أمداء النظر . يقول ابن قيم الجوزية : ( ...ولا تجد ولو عمرت عمر نوح مسألة واحدة أصلا اتفق فيها العقلاء كلهم على خلاف ما جاءت به الرسل في أمر من الأمور البتة ، فالأنبياء لم تأت بما يخالف العقل البتة ، و إنما جاءت بما لا يدركه العقل ، فما جاءت به الرسل مع العقل ثلاثة أقسام لا رابع لها البتة ، قسم شهد به العقل والفطرة ، وقسم يشهد بجملته ولا يهتدي لتفصيله ، وقسم ليس في العقل قوة إدراكه ، و أما القسم الرابع ، وهو ما يحيله العقل الصريح ويشهد ببطلانه ، فالرسل بريئون منه .....)
(- ابن القيم الجوزية – تحفة المودود بأحكام المولود –حققه و أخرج أحاديثه وعلق عليه : حسان عبد المنان - المكتبة العصرية – صيدا – بيروت – 2003- ص. 226)
فلاعقلانية العقل العربي هي داخلية المنشأ ،وهي مباطنة لأسسه وثوابته ؛ وليست عنصرا مستوردا من المتحف العقدي الغنوصي أو الهرمسي أو المانوي أو الزرادشتي أو الإسرائيلي .
2-إرجاع استقالة العقل العربي ، إلى عصر الانحطاط .والحال أن العقل العربي لم يظهر أية استقامة عقلية أو فلسفية إلا في استثناءات عابرة . فالعقل المعتزلي المعتبر عقليا ، ليس في اغلب نماذجه ، إلا محاولات لاهوتية ، للمنافحة عن العقائد الإيمانية باستدلالات شبه عقلية .
لنتأمل نصا للجاحظ لنقف على استقالة العقل العربي ، قبل عصر الانحطاط :
(وأما القول في لحمه ، فإنا لم نزعم أن الخنزير هو ذلك الإنسان الذي مسخ ، ولا هو من نسله ، ولم ندع لحمه من جهة الاستقذار لشهوته في العذرة ، ونحن نجد الشبوط والجري ، والدجاج ، والجراد ، يشاركنه في ذلك ولكن للخصال التي عددنا من أسباب العبادات . وكيف صار أحق بأن تمسخ الأعداء على صورته في خلقته . )
(- الجاحظ – كتاب الحيوان –وضع حواشيه : محمد باسل عيون السود – منشورات : محمد علي بيضون – دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان – الطبعة الأولى -1998-ص . 310)
: محمد سعيد العشماوي
لقد سعى محمد سعيد العشماوي ، في كثير من مؤلفاته إلى تقديم قراءة إصلاحية أو استصلاحية للإسلام .ومما لا شك فيه أن اصلاحيته ، تنخرط في سياق إصلاحية محمد عبده ، وفي سياق السعي إلى استنقاذ الأصول العقدية الإسلامية من الامتلاك وإعادة الامتلاك الرمزي للرأسمال العقدي الإسلامي من قبل السلفية الحنبلية / التيمية / الوهابية ؛ فالنص المؤسس في اعتباره ، مطلق ومنزه تنزيها كليا ، أما الفهوم والتفاسير والتأويلات فقابلة للمراجعة والتمحيص والنقد والتفنيد.وهو يميز بين الإسلام المستنير الروحي المتشبع بالروحية القرآنية والإسلام السياسي النزاع إلى أدلجة الأخلاقية القرآنية و أدلجة التاريخ الإسلامي ،والى بلورة ما سماه بفقه الرعب .
لقد حملته رؤيته الإصلاحية ، إلى استقراء مواقع الخلل في العقل الإسلامي ، ومواطن الاعتلال في تاريخ الأمة الإسلامية ؛ويمكن القول إجمالا أنه يحصر مواقع الاعتلال في العقل الإسلامي في المعطيات التالية :
1- الابتعاد عن موجبات التفسير بأسباب النزول ، وتأويل النصوص استنادا إلى افتراضات نظرية أو منهجية غير مطابقة للخطاب القرآني ؛
2- عدم تمثل فلسفة التشريع القرآني ؛
3- الاعتماد على نصوص حديثية مشكوك في صدقيتها خصوصا أحاديث الآحاد ؛ وقد توسع في نقد الأحاديث في كتابه (حقيقة الحجاب وحجية الحديث ) ؛
4- الاعتماد على منظومات كلامية مناقضة لروح القرآن ولمقتضى الرسالة ،وقد ركز على المفعول السلبي لنظريات أبي حامد الغزالي ؛
لقد ابتعد الفقهاء والمفسرون عن تمثل ماهية فلسفة التشريع القرآني ، وعن إدراك آليات الخطاب القرآني في بناء الدلالة وحصر الحكم الشرعي أو الحكمة الشرعية وتعيين المقاصد وحصر الغايات الكلية للخطاب الإلهي . لقد فصل الفقهاء بين الأحكام الشرعية وبين المقاصد ، وأعادوا تأويل الأحكام بعيدا عن المقاصد الجوهرية للقول القرآني . وبدلا من اعتماد المنهج المطابق لفحوى الخطاب القرآني ، انغمس المفسرون والفقهاء والأصوليون في وضع قواعد منهجية مستلة أو مستمدة من التراث المنهجي للفضاء الثقافي السامي / الإغريقي أو مبتدعة دفاعا عن قول طائفي أو نظرية مذهبية أو نحلة باطنية .
( ومفاد قول عائشة ( زوج النبي ) والصحابي ، أن قبول المؤمنين للتشريع انبنى أساسا على الإيمان بالله – سلطة التشريع – وعلى إدراك ضمني بأن الشارع الأعظم لا يبغي بالتشريع إلا مصلحة العباد ، حتى و إن ظهر غير ذلك ؛ فلم تبد المصلحة ابتداء أو حتى لم تظهر انتهاء ، فالله يعلم والناس لا يعلمون .
وهذا الأساس السليم الواضح لمبدأ الشرعية في السياسة التشريعية في القرآن غاب عن الخلفاء وتاه عن الفقهاء ، بعد عصر الخلفاء الراشدين ، فاضطروا واختلطوا و أحدثوا اضطرابا بالغا واختلاطا شديدا في العقل الإسلامي . )
(- محمد سعيد العشماوي – معالم الإسلام – دار سينا – الطبعة الأولى -1989- ص 117)
فالنص المؤسس كما يستشف من هذا الشاهد منسجم ومتناسق وشفيف المعاني والدلالات . أما فهوم وتفسيرات الخلفاء والفقهاء فقد جافت ، مقتضى النظر القرآني ، باصطناعها مناهج ومسالك غير متسقة مع الإطار الدلالي للقرآن . ونحن نعتقد أن النصوص الثواني أنما تغيت استنقاذ النص الأول ، ومعالجة التباساته الأصلية ،وتدبر توتراته التداولية . فقد عانت الأمة الصاعدة من أزمة تشريعية أججتها محدودية الأحكام القرآنية ، ومن أزمة منهجية مرتبطة بالافتقار إلى الأدوات المنهجية الضرورية لاستخراج الأحكام وبناء الاستدلال المحكم المطابق للمقاصد وحاجات أمة الدعوة .
لقد اختار العشماوي تحميل مسؤولية الفوضى التفسيرية والتأويلية ، للفقهاء والمفسرين والحركات الدينية السياسية ، وبالغ في تقريظ التفسير بأسباب النزول والمسلكية التفسيرية لابن عباس . والحقيقة أن الكثير من المحكيات المتعلقة بصدر الإسلام هي سرود متعينة تاريخيا ومعرفيا ، وعليه ، فلا يصح في ميزان العقل النقدي التاريخي ، الاعتماد عليها واعتبارها أدلة وثوابت منهجية لا مناص من الاستناد إليها في أي تأويل أو تفسير مطابق للمقاصد الشرعية وللاستهداف القرآني .
(فالمنهج الأصولي الصحيح لتفسير القرآن الكريم من ثم ، هو ذلك الذي يفسر آيات القرآن بعد ربطها بأسباب التنزيل وفهمها على خلفية الواقعة أو الحادثة التي تنزلت بشأنها ؛ و أي تفسير لا يتبع هذا المنهج لا بد أن يقع في خطأ جسيم وأن يتردى في التأويل المنحرف والاستشهاد الفاسد . )
(- محمد سعيد العشماوي – معالم الإسلام – دار سينا – الطبعة الأولى -1989- ص 63)
إن التشديد على اعتماد أسباب النزول في التفسير ،يدل في الحقيقة على الصعوبات النظرية والإجرائية لتفسير القرآن ؛ فلقد تأكدت الأمة المفسرة ، من صعوبة التعامل التحييني والاستثماري مع النص ، خصوصا في خضم الصراعات السياسية والفكرية والعقدية ،واحتدام الخلافات بين الفرق والطوائف والمذاهب الإسلامية . فبيانية النص ومجازيته وأمثولاته ، قادرة على التكيف مع كل التلوينات التفسيرية والتأويلية .والتأويل الاحتوائي للنص ، أمر تورطت فيه الخلافة الأموية قبل الجميع .
( وقد أدرك الرعيل الأول من المسلمين ذلك ، إذ أن عمر بن الخطاب خلا يوما فجعل يتساءل : كيف تختلف أمة الإسلام ونبيها واحد وقبلتها واحدة ؟ فقال له ابن عباس لقد أنزل علينا القرآن فقرأناه وعلمنا فيم نزل ، و أنه سيكون بعدنا أقوام يقرأون القرآن ولا يدرون فيم نزل ، فيكون لهم فيه رأي ، ثم يختلفون في الآراء ، ثم يقتتلون فيما اختلفوا فيه . لهذا حرص الصحابة والتابعون على معرفة أسباب التنزيل، فإذا غم عليهم سبب تنزيل آية سكتوا عن تفسيرها ما لم يعرفوا له سببا ، وقالوا للسائل تفسيرا ، لتق الله وعليك بالسداد ، فقد ذهب الذين يعلمون فيما أنزل القرآن . )
(- محمد سعيد العشماوي – الإسلام السياسي – دار سينا –ص.42)
يثير هذا الشاهد اشكايات كثيرة ، نجملها فيما يلي :
1-الاستشهاد بمرويات غير تاريخية في الغالب ؛ فهي مرويات تصف وضعية لا حقة بالعصر الصحابي أوان احتدام الأزمة التفسيرية والافتقاد إلى المنهجية السليمة في التعامل مع المدونة النصية العثمانية .
2- الاستقواء بأسباب النزول بما هي قاعدة تفسيرية أو أداة منهجية لفهم دلالة النصوص ، علما أن النص القرآني مجازي تمثيلي ميال إلى التعالي على الإحداثيات الزمانية والمكانية وعلى الاعتبارات السياقية المشخصة .
3-التسليم بمحتوى المقول التراثي وعدم تدبره تدبرا نقديا تاريخيا ؛ فمعرفة الصحابة بأسباب النزول لم تمنع الفتنة الكبرى ولا الأزمات التفسيرية المحتدمة منذ مقتل عثمان على أقل تقدير .كما أن مساهمة ابن عباس في حروب الصحابة(الجمل وصفين ) ، تدل على أن معرفة أسباب النزول المفترضة ، لا تعصم دائما من قواصم الاقتتال !
4-إقبال الصحابة على التسليم بقاعدة عموم اللفظ رغم حرصهم على اعتبار قاعدة خصوص السبب في سياقات تفسيرية وتشريعية محددة .فابن عباس المقدم بمثابته صاحب المنهج الأقوم في التعامل مع النصوص القرآنية ، لا يلتزم بمنهاج أوحد حسب ما جاء في ( الإتقان في علوم القرآن ) لجلال الدين السيوطي :
(وقد ورد عن ابن عباس ما يدل على اعتبار العموم ، فإنه قال به في آية السرقة ، مع أنها نزلت في امرأة سرقت . قال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا محمد بن أبي حماد ، حدثنا أبو ثميلة بن عبد المؤمن ، عن نجدة الحنفي ، قال : سألت ابن عباس عن قوله : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) [ المائدة : 38] . أخاص أم عام ؟ قال : بل عام . )
(-جلال الدين السيوطي – الإتقان في علوم القرآن – حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه - : فواز أحمد زمرلي- دار الكتاب العربي –بيروت – لبنان – تاريخ الطبع : 2004- ص . 87)
وتكمن غرابة خطاب العشماوي في رغبته في إصلاح الخطاب الديني ، استنادا إلى أسباب النزول وهي علوم نقلية وسمعية وذات وضعية فكرية ملتبسة أصلاك كما وضح ذلك علي أومليل في (في شرعية الاختلاف ) . فبدلا من البحث في تاريخية النصوص والأحكام وقراءة المضامين القرآنية في سياق التفاعل الديني بالشرق الأوسط القديم ، وفي إطار التدافع الفكري والروحي بين الحساسيات التوحيدية والكتابية ،رجع العشماوي إلى منهجية أسباب النزول وهي منهجية محاطة بإشكاليات كلامية ومنهجية ونظرية كثيرة . أضف إلى ذلك أن عبد الله بن عباس ،شخصية إشكالية ، ومثيرة بالنظر إلى المعطيات التالية :
1- قدح أبي الأسود الدؤلي في أمانته حين تولى إمارة البصرة ؛
2- استيلاؤه على فيء البصرة ؛
3- انفتاحه الكبير على الإسرائيليات وعلى مرويات كعب الأحبار ؛
4- تكريسه للرؤية العجائبية في مقاربة النصوص القرآنية ؛
5- ارتباطه بمشاكل السلطة؛
تأسيسا على هذه الاعتبارات ،فإن مطالبة العشماوي بالتزام منهج ابن عباس في مقاربة آيات القرآن ، لا تحقق المطلوب من الخطاب الإصلاحي القائم ، بديهيا ، على التعقيل وعلى إضاءة الإشكاليات بنور العقل والمساءلة النقدية الصارمة .
(هذا هو المنهج الأصولي السليم في تفسير القرآن الكريم ، ونتائج تنكبه . غير أن هذا المنهج عورض وخولف فأدى إلى النتائج التي توقعها السلف . وكان أول من خالف هذا المنهج هم الخوارج الذين اقتطعوا آيات من السياق القرآني واجتثوها من أسباب التنزيل واستعملوها على عموم الألفاظ كما سلف البيان ، بالنسبة للآيات : "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " "إن الحكم إلا لله " "أ فحكم الجاهلية يبغون " ثم حدث في فترات الظلام الحضاري والانحطاط العقلي أن نظر الفقهاء هذا الاتجاه في قاعدة تقول : إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب . وبمقتضى هذه القاعدة تغير تفسير القرآن تماما ، و أصبح من الجائز لكل جماعة ولأي فرد أن يستعمل آية على عموم ألفاظها – لا على خصوص تنزيلها – وتبعا للتركيب اللفظي وحده أو للتكوين اللغوي دون سواه . وكان نتيجة ذلك أن يقع ما توقعه ابن عباس من اقتتال بين المسلمين ، وما قرره ابن تيمية من إشكال الفهم على الناس. )
(- محمد سعيد العشماوي – معالم الإسلام – دار سينا – الطبعة الأولى -1989- ص 64)
مما لا شك فيه أن هذا النص ،يشتمل على أراء غير مسلمة في نظرنا وعلى توجهات غير صائبة .ونجمل ملاحظاتنا النقدية حوله فيما يلي :
1- التعامل مع الخلافات بين الفرق والمذاهب بروح طائفية سنية ؛ فالعشماوي يتعامل مع الخوارج كفرقة مدخولة الإطار التفسيري ، والحال أن الباحث الموضوعي ملزم بالتعالي على انحيازات كتب الفرق والملل والنحل والطبقات ، إن شاء أن يتعامل مع إشكاليات المنظومة التفسيرية الإسلامية بتجرد .فالتعامل التجزيئي التشطيري مع النص المرجعي /المعياري ، لا يخص الخوارج وحدهم .
2- التعامل مع مقررات كتب المقالات والملل والنحل والطبقات والتفاسير المعتمدة لدى الأرثوذكسية السنية وكأنها حقائق لا سبيل إلى التشكيك فيها . والحال أن مرويات أسباب النزول هي مرويات غير يقينية بشهادة الكثير من الثقات . يقول ابن خلدون :
(وصار التفسير على صنفين : تفسير نقلي مستند إلى الآثار المنقولة عن السلف ، وهي معرفة الناسخ والمنسوخ وأسباب النزول ومقاصد الآي . وكل ذلك لا يعرف إلا بالنقل عن الصحابة والتابعين . وقد جمع المتقدمون في ذلك و أوعوا ، إلا أن كتبهم ومنقولاتهم تشتمل على الغث والسمين والمقبول والمردود . والسبب في ذلك أن العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم ، و إنما غلبت عليهم البداوة و الأمية . )
(- ابن خلدون – مقدمة ابن خلدون – تحقيق : درويش الجويدي – المكتبة العصرية – صيدا – لبنان – طبعة2002 – ص.409).
فقبل الاستعانة بأسباب النزول ، لا بد من تعريضها للنقد النصي والتاريخي والأنثروبولوجي ، أما التسليم بمحتوياتها وبتوجهاتها فلا يستقيم مع مقتضيات الممارسة الفكرية المنضبطة منهجيا . يقول بسام الجمل : (إن تعاملنا مع كم هائل من أخبار أسباب النزول جعلنا نميز فيها بين أخبار قد يكون لها وجود تاريخي يمكن إثباته بالرجوع إلى السياقات الثقافية والأنثروبولوجية ، و أخبار أخرى بدت لنا مصنوعة موضوعة ، و أفضى بحثنا في هذا الصنف الثاني من الأخبار إلى ضبط خصائص مشتركة بينهما هي عند الفحص علامات نصية على سمة الوضع الغالب عليها . )
(- بسام الجمل – أسباب النزول – المركز الثقافي العربي – الدار البيضاء- المغرب – الطبعة الأولى – 2005- ص. 191-192) .
3- التعامل مع أسباب النزول باعتبارها معينات تاريخية للمنطوقات النصية ؛ والحال أن قيمة أسباب النزول هي وظيفية وسيلية في أحسن الأحوال ، طالما أن للنص قوامه الميتافيزيقي المتعالي على المحفزات التاريخية . فالإشكال ليس في الحقيقة في تكفير الخوارج لعلي ومعاوية وعمرو بن العاص وعائشة وطلحة والزبير وطوائف من الصحابة والأمة ، بمقتضى تأويل متطاول على المغزى القرآني كما يعتقد العشماوي ، بل في إقرار مبدأ التكفير أصلا . فأصل المعضلة ، لا يتمثل في نقل الموقف التكفيري للقرآن من اليهود إلى فضاء الصراع بين الصحابة ، بل في إقرار حكم إقصائي لروحية لها اعتبارها في الموازين الإسلامية نفسها .يعتقد العشماوي أن حل الإشكال ، يكمن في التنصيص على الإطار التداولي الأصلي للنصوص عبر اعتماد أسباب النزول ، فيما نعتقد ضرورة تغيير المنظور جملة ، والدفاع عن تاريخية النصوص .يقول عبد المجيد الشرفي :
( إن تركيزنا على هذه الخصائص يؤذي بالضرورة إلى قلب المسلمة التي استقرت في الوجدان الإسلامي منذ القرن الثاني للهجرة ، والى الإقرار بأن العبرة ليست بخصوص السبب ولا بعموم اللفظ معا ، بل في ما وراء السبب الخاص واللفظ المستعمل له يتعين البحث عن الغاية والقصد . وفي هذا البحث مجال لاختلاف التأويل بحسب احتياجات الناس واختلاف بيئاتهم و أزمنتهم وثقافتهم ، وما إلى ذلك . )
( - عبد المجيد الشرفي – الإسلام بين الرسالة والتاريخ – دار الطليعة – بيروت – لبنان – الطبعة الأولى – 2001- ص. 80)
فلئن حمل النيهوم مسؤولية إضاعة فحوى الرسالة القرآنية ، للفقهاء المتشبعين بالتوراة و أعمال الرسل ، فإن العشماوي يحمل مسؤولية إساءة تأويل القرآن وتضييع جوهر رسالته إلى الخوارج .ولفهم أسباب التعسف التأويلي الخارجي ، فإنه يقدم فرضية سوسيو-بسيكولوجية مرتبطة بتجذر الخوارج في البداوة وافتقادهم إلى الرهافة الفكرية والثقافية الضرورية لتدبر فحوى النص المؤسس .
( وقد كان من نتيجة تلك المباينة الشديدة بين الترف والشظف ، بين الضنك والنعيم ، وتداعيات كل منها ، أن وقع خلاف بين الخوارج وبين أهل الحضر ( أهل مكة والمدينة ) ثم تفجر الصراع الحضري – إثر واقعة التحكيم – فأصبحوا في جانب وهؤلاء في جانب آخر .
ونتيجة لشخصيتهم البدوية وطباعهم الخشنة وعقولهم الضحلة وثقافتهم العديمة فقد تعلقوا بالألفاظ و إن كانت خاطئة ، وتمسكوا بالشعارات ولو كانت ضالة . لهذا استولت عليهم ألفاظ الإيمان دون حقيقته ، وشعارات مثل لا حكم إلا لله ( حاكمية الله ) في تفسير خاطئ متعسف . )
(- محمد سعيد العشماوي – معالم الإسلام – دار سينا – الطبعة الأولى -1989- ص 82)
وليس موقف العشماوي من الخوارج إلا رجع صدى لمنقولات ومرويات تراثية مرتبطة بسياق صراعي واحترابي بين مختلف الفرق الإسلامية . نقرأ في صحيح البخاري وتحديدا في كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم ما يلي :
( حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الواحد حدثنا الشيباني حدثنا يسير بن عمرو قال : قلت : لسهل بن حنيف هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الخوارج شيئا قال : سمعته يقول و أهوى بيده قبل العراق : " يخرج منه قوم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية ".
( - محمد بن اسماعيل البخاري – صحيح البخاري –اعتنى به – ابو عبد الله محمود بن الجميل – الجزء الثالث – مكتبة الصفا- الطبعة الأولى – 2003- كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم –ص.341-)
والواقع أن تفسير طبيعة وحرفية التفسير الخارجي للقرآن بفرضية البداوة ، فرضية جزئية بالنظر إلى انغماس عرب ما قبل الإسلام في البداوة الفكرية بشهادة ابن خلدون . كما أن الرهافة الثقافية الأموية المفترضة ، أضاعت الدلالة القرآنية باستعمال آليات احتيالية مخالفة لمحتوى النص وقصد الرسالة ( أشير إلى تأويل ألف شهر لصالح الأمويين ).كما أن ابن عباس صاحب المسلك التأويل النموذجي حسب العشماوي ، تجاوز أسباب النزول ، وامتاح من المرويات اليهودية ، وأقحم الفكر الإسلامي في متاهات لم يخرج منها بعد والأكثر من ذلك أن كثير من مواقفه السياسية والفكرية والتفسيرية لا تخرج عن إطار البداوة . يقول عبد الرزاق عيد : ( ...فكعب الأحبار بدوي وابن عباس كذلك ، إذن فكعب الأحبار لم يصب من علوم العمران والحضر أي حظ ؛ فالمفارقة في أن بدويا ينقل عن بدوي ، والفارق الوحيد بين الاثنين هو أن البدوي الأول ( كعب ) كان يهوديا مطلعا على أساطير اليهود وعقائدهم الميثولوجية .فاستلهم منه البدوي الثاني ( ابن عباس ) هذه العلوم وأعاد إنتاجها تخييليا بما يتلاءم مع الخيال العربي وذائقته ، بل وحاجته الروحية والثقافية والاجتماعية إلى شجاعة إبداعية مغامرة ....)
( - عبد الرازق عيد – سدنة هيكل الوهم – نقد العقل الفقهي ( البوطي نموذجا ) – دار الطليعة – بيروت – لبنان – الطبعة الأولى -2003-ص. 92) .
وفي سياق قراءته غير النقدية للمرويات والمنقولات التراثية الإسلامية ،يعزي عقيدة الحاكمية الإلهية إلى انتقال التأويل الخارجي حولا الحاكمية إلى الأمويين والعباسيين أي إلى أهل السنة بقول أصرح .
(و أول ما دخلت فكرة "إن الحكم إلا لله " أو أن " الحاكمية لله " وحده إلى الفكر السياسي الإسلامي والى الفكر الديني الإسلامي كانت من خلال آراء الخوارج ، كما سلف ، ثم تلقفها الخلفاء الأمويون والعباسيون ورددوها لتصبح جزءا من الفهم الإسلامي فتخدمهم في أغراضهم وتوطد لهم سلطانهم وتبرر لهم مظالمهم وتحقق لهم استبعاد الناس من دون الله . )
(- محمد سعيد العشماوي – الإسلام السياسي – دار سينا –ص.33)
والمفارقة الغريبة في هذا المخرج ، أنه يتجاهل بلورة الأمويين لعقيدة الجبر نظريا ، ودعوتهم إلى الاحتكام إلى القرآن في صفين عمليا .والمفارقة الغريبة الثانية ، أن العشماوي يرجع تسلط السلطة الإسلامية إلى الخوارج رغم اهتزاز الدليل المقدم على صحته ، إلا أانه سكت عن تسرب المنهاج الخارجي إلى المنهاج المعتمد لدى السنيين.
يقول أبو الحسن الأشعري :
( واختلف الناس في الحكمين :
(1)فقالت "الخوارج " : الحكمان كافران ، وكفر على حين حكم . واعتلوا بقول الله عز وجل : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) (5:47) وقوله : ( فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ) ( 49: 9) .
قالوا : فأمر الله عز وجل وحكم بقتال أهل البغي ، وترك على قتالهم لما حكم ، وكان تاركا لحكم الله سبحانه ، مستوجبا للكفر ، لقول الله عز وجل : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ).
(- أبو الحسن الأشعري – مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين – تحقيق : محمد محيي الدين عبد الحميد – المكتبة العصرية – صيدا – بيروت – طبعة -1999- الجزء الثاني – ص. 141)
فالواقع أن الخوارج لم يقوموا سوى بتحيين النص القرآني ، وبترهين الدلالة المنصوص عليها في النص المرجعي . كما أن القول بعموم اللفظ صار القاعدة السارية عند عموم أهل السنة أنفسهم . ومشكلة التأويل الخارجي ، أنه وجه مبدأ التكفير إلى الذات ، بعد أن اعتادت الأمة الصاعدة توجيهه إلى الأغيار( الشركية العربية واليهودية والمسيحية ...الخ ) .كما أنه جاء في سياق احتدام الأزمة التشريعية والأزمة التفسيرية والأزمة النصية ؛ وبدلا من إضاءة هذه الأزمات ، اختار العشماوي تحميل الخوارج مسؤولية إشكاليات تاريخية كبرى لم يتمكن العقل والوجدان الإسلاميين من حلها إلى الآن .
وفي إطار تعيينه لمصادر الاعتلال في الوعي الإسلامي ،توجه بالنقد إلى أبي حامد الغزالي بوصفه المنظر الأكبر للفكر الجبري اللاسببي .
( فالغزالي يسمى حجة الإسلام وزين الدين وعالم العلماء ووارث الأنبياء ، ومع ذلك فقد صار الحجة في الإسلام عقبة أمام الإسلام ، وكان الذي يعد عالم العلماء هو الذي قضى على العلم والعلماء ، ذلك أنه رسخ الجبرية والحتمية ، فسلب من المرء ومن الشعب أية إرادة أو مبادرة ، وجعل كل قول و أي فعل لله وحده ، ومع ذلك فقد وقع في الشرك حين أراد أن ينفي فعل الشر عن الله فنسبه إلى الشيطان "إبليس " .... )
(-محمد سعيد العشماوي – خيول الخليفة في مسجد النبي ! روز اليوسف – العدد 3866-19:13/7/2002- ص. 30-31)
والواقع أن جبرية ولا سببية الإسلام ؛واقعة نصية بشهادة نصوص قرآنية وحديثية صريحة ، وواقعة تأويلية بشهادة تكريس الأمويين منذ معاوية لجبرية مطلقة ، وواقعة تاريخية بدلالة تفرد بعض الصحابة بالتشاور على اختيار الخلفاء واتخاذ القرارات المصيرية .



#ابراهيم_ازروال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفكر المغربي وثقافة حقوق الإنسان
- قراءة في - هكذا أقرأ ما بعد التفكيك - لعلي حرب- حين يصير الت ...
- شيزوفرينيا ثقافية
- الإشكالية الدينية في خطاب الحداثيين المغاربة-( نموذج الجابري ...
- واقع الثقافة بسوس-قراءة في وقائع نصف قرن
- من سوس العالمة إلى سوس العلمية
- تأملات في مطلب الحكم الذاتي لسوس الكبير
- الأخلاق والعقل-التسويغ العقلاني للأخلاق
- تأملات في المعضلة العراقية
- نحو فكر مغاربي مختلف بالكلية


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابراهيم ازروال - في نقد الخطاب الإصلاحي-( الجابري والعشماوي )