ازدهار وانتشار صحافة المجتمع المدني.. بلدة بعشيقة انموذجا

غسان سالم

الحوار المتمدن-العدد: 2232 - 2008 / 3 / 26 - 04:48
المحور: الصحافة والاعلام
    

استطاعت صحافة منظمات المجتمع المدني تشكيل حضور متميز على الساحة الصحفية في عموم العراق وكردستان على وجه الخصوص، ولم يعرف - إلى الآن – ذو الاختصاص هذا النوع من الصحافة، و يعود ذلك لحداثة التجربة المرتبطة أصلا بظهور وانتشار منظمات المجتمع المدني بشكل واسع بعد 9/4/ 2003 في العراق، ومع ذلك يمكن ان نصفها بأنها تلك المطبوعات التي تصدرها المراكز والجمعيات والهيئات الشعبية (الأهلية)، وكل جهة تدخل تحت باب منظمات المجتمع المدني، وتهدف تلك المنظمات بإصدار مطبوعاتها لتوثيق أنشطتها والتعبير عن أفكار وتوجه تلك المنظمات التي تخاطب فئة أو مكون ما.
وكان لبلدة بعشيقة (13 كيلو متر شمال غرب الموصل) تميز ملحوظ بعدد المطبوعات التي تصدرها المراكز الثقافية والاجتماعية والدينية، حيث يصدر فيها خمس مجلات (شهرية وفصلية) وجريدة أسبوعية، ويساهم صحفيو بعشيقة في العديد من الإصدارات على مستوى المحافظة (نينوى)، وإقليم كردستان، علما ان عدد سكانها لا يتجاوز الخمس والعشرين ألف نسمة.

بدأوا بجريدة.. والآن خمس مجلات
جريدة الرابطة:
تعتبر أول إصدار في بعشيقة حيث صدر عددها الأول في آب 2003، وكانت باسم (زهرة نيسان)، وصدرت عن رابطة التآخي والتضامن الايزيدية، وقد صدر منها (18 عددا)، وهي الآن متوقفة عن الصدور.

مجلة زهرة نيسان:
شهرية عامة تصدرها دار زهرة نيسان للصحافة والنشر (مؤسسة غير ربحية)، وصدر العدد الأول في نيسان 2004، وبلغت أعدادها الصادرة إلى الآن (47 عددا) ومازالت مستمرة بالصدور، وقد حافظت (مجلة زهرة نيسان) على إصدارها لمدة أربع سنوات دون انقطاع أو تأخر، وتعتبر من المجلات المتميزة في محافظة نينوى وتشكل حضورا طيبا في إقليم كردستان بشهادة العديد من الاختصاصيين.
وتساهم دار زهرة نيسان للصحافة والنشر بإصدار العديد من الصحف منها صحيفة المدنية (شارستانيه ت) التي يترأس تحريرها الزميل عزيز شمو، وجريدة الروافد التي يترأس تحريرها الزميل احسان الدليمي، وجريدة المجلس التي يصدرها مجلس محافظة نينوى، وغيرها من المطبوعات.

مجلة نور لالش:
فصلية تصدر كملحق لمجلة لالش الدورية في دهوك يصدرها مركز لالش فرع بحزاني، وصدر عددها الأول في ايلول 2003، وصدر إلى الآن منها (24 عددا) ومازلت مستمرة بالصدور، ويقول مدير تحريرها الزميل (رعد طارق) "تهتم أسرة التحرير على تبويب المجلة بأبواب ثابتة، ونهدف دائما إلى تطوير تلك الأبواب" وأضاف طارق "للمجلة قسم كردي ونسعى دائما لتطوير وزيادة عدد صفحات القسم من اجل نشر الوعي القومي للكرد الايزيديين"

مجلة فين:
فصلية تعنى بثقافة الأسرة والطفل تصدر عن منظمة فين لحماية الطفل، وقد وضعت على عاتقها المجلة تنوير الأسرة وحماية الطفل عبر مواضيع مختلفة، صدر عددها الأول في حزيران 2007، ومازالت مستمرة في الصدور.

مجلة الينابيع:
دينية فصلية عامة تصدر عن كنيسة ماركوركيس، وصدر عددها الاول في ايار 2006، وتعتمد المجلة في مقياسها لنشر المواد الواصلة إليها التي تعبر عن المحبة والإخوة والتسامح، بحسب قول الزميل لؤي ياميل احد محرري المجلة.

مجلة الصخرة:
فصلية عامة تصدر عن كنيسة مارت شموني صدر عددها الأول في ايلول 2006، وعددها السادس في كانون الأول 2007.
ومن اجل رصد وتقييم وعرض هذه الظاهرة الحضارية ارتأت مجلة الصحفي ان تسلط الضوء على النشاط الصحفي في هذه البقعة من ارض كردستان من خلال أراء الزملاء الصحفيين في بعشيقة:

الجيل الأول يقيم التجربة
وأول محطة لنا كانت مع الزميل (شمدين باراني) الذي زاول مهنة الصحافة منذ سبعينيات القرن الماضي كمراسل لطريق الشعب، حيث قال:
استطيع ان أقول ان الجيل الناشئ وان لم يكن محظوظا في مجالات عديدة بسبب رداءة الأوضاع في عراق اليوم لكنه في كل الأحوال أراه محظوظا في مجال الصحافة. واعتقد ان العاملين في مجال الصحافة في بعشيقة يمتلك بعضهم الكفاءة والآخر بشكل اقل، لكن الممارسة وسياق العمل المستمر كفيل بتجاوز السلبيات للوصول إلى المستوى المرموق، فالمجلات والصحف هي مدارس من خلالها يتم صقل الإمكانيات الفردية للصحفيين والكتاب.

لقد خلقنا الفرص ولم نبحث عنها.
أما الزميل عدي حسن (مدير تحرير مجلة زهرة نيسان) فيرى ان هذه البلدة أوجدت لنفسها الفرص حيث يقول: لقد عمل أهل هذه المنطقة (بعشيقة وبحزاني) على خلق الفرص وليس البحث عنها وهم سريعوا التعامل مع هذه الفرص واثبات نتائج على مستوى عال من الدقة، وهكذا ومنذ سنوات قليلة دخل أهالي هذه المنطقة معترك الصحافة وبكل قوة ليثبتوا أنهم قادرون على الاختلاط والتلون مع هذه الحرفة الأنيقة.
مع كل ما سبق إلا ان هناك في كل عمل وحرفة معوقات تصاحب هذا العمل قد تكون بسيطة أو معقدة وفي الحقيقة ان الصحف والمجلات التي تصدر هنا عانت في خلق الخطوط العريضة لتشكيل انسجام ما بين المواطن العادي والصحفي وقد كلفها ذلك بعض الوقت، وبالرغم من ان هناك قابليات صحفية جديدة في المنطقة الا ان هناك الكثير من الأقلام المحترفة كانت بحاجة إلى إعادة هيكليتها وكان على عاتق هذه الصحف والمجلات وأصحابها ان تثبت جدارتها امام هذه الأقلام كي تعاود مزاولة نشاطها وان تكتب وتزاول هذه المهنة امام أو مع المجموع الفتي والصغير الذي احترف هذه المهنة في الاونة الاخيرة، وعلى مدار السنوات الخمس الماضية شكلت هذه الصحف والمجلات حضور طيب على مستوى الاقليم والعراق وذلك يعود إلى الوعي الذي ولدته حكومة الاقليم مابين هذه الصفوف فبدأ هذا الخط يشكل وزنا ثقافيا جميلا ويعود ذلك ايضا إلى ان اهالي هذه المنطقة هم من النخبة المثقفة والحاصلة على شهادات دراسية ونسبة الامية قد تكون معدومة.

لاغناء التجربة يجب زيادة عدد الدورات الصحفية
اكد الزميل خدر خلات (مدير تحرير مجلة فين) على ضرورة زيادة عدد الدورات الصحفية من قبل نقابة صحفيي كردستان ومع ذلك اعتبر الصحفي في بعشيقة وبحزاني منافسا قويا للزملاء في الاقليم والعراق حيث قال: اذا ما اردنا ان نرتقي بالواقع الصحفي في (بعشيقة وبحزاني) لابد من ازالة العقبات التي تعترض طريقنا، منها استدعاء اختصاصيين في مجال العمل الصحفي لاقامة دورات مكثفة لصقل المواهب، ويجب زيادة الدعم المالي مع تقليص شروط الممول..، واستطيع ان اجزم ان (الطارئين) على العمل الصحفي تركوا اثارا سلبية عل هذه التجربة..، وعلى كل حال، لقد تخلى عن هذا المجال من لا يملك المطاولة أو حب هذه المهنة، وهناك اخرين سيتوقفون ولو بعد حين.

(الأخطاء) معلمنا الأول
شخص الزميل زين العابدين حيدر (محرر القسم الادبي في جريدة شارستانيه ت) سر نجاح التجربة هو الاستفادة من الاخطاء التي وقعنا فيها بداية مشوارنا وتجاوزناها كي نصل بهذه المهنة المتعبة لتحقيق هدفنا بدخول هذا المضمار. نعم العمل الصحفي كان في بدايته ذا ادوات بسيطة لكنه سرعان ما امتلك سماته وادواته المهنية، وهذا التطور الذي حدث في بعشيقة كان نتيجة طبيعية لما تمتلكه المنطقة من مؤهلات ثقافية.

مؤشر ايجابي وإمكانيات صحفية جيدة
اعتبر الزميل نواف خلف السنجاري (محرر القسم الادبي في شبكة لالش الاعلامية) صدور هذا العدد من المطبوعات مؤشرا ايجابيا ويكشف عن امكانيات صحفية وابداعية هائلة من النادر ان تجدها في بقعة من العراق قياسا إلى حجم المنطقة التي لاتعدو كونها ناحية. وحول المعايير المهنية تحدث السنجاري امتلك الصحفي في بعشيقة المهنية كأقرانه على مستوى الاقليم والعراق فأقول غالبية الصحفيين طوروا انفسهم بجهود ذاتية واندفاع قوي لمارسة (مهنة المتاعب) – عدا بعض الدورات البسيطة التي اقامتها نقابة صحفيي كردستان فرع الموصل - ومع ذلك نحن بحاجة ماسة إلى صقل الإمكانيات الواعدة والمتحمسة لخدمة الصحافة الحرة والكلمة الصادقة بأقامة دورات تخصصية واتاحة الفرصة لمن يرغب بأكمال دراسته في معاهد وكليات الصحافة، وبدون ادنى شك يقع ذلك على عاتق نقابة صحفيي كردستان وفروعها بل هو من صلب عملها.

نخبة من الشباب المتحمس لمهنة المتاعب
اكد الزميل نصر حاجي (محرر في مجلة زهرة نيسان) ان بروز هذه النخبة من الشباب كان نتيجة التحمس للعمل في هذه المهنة والرغبة في اثبات الذات. وحول المعوقات تحدث (القوال): هذه المرحلة صعبة نوعا ما ، ويصطدم الصحفي بأفكاره التقدمية مع البعض الذين لم يدركوا بعد حرية الصحافة، و في النهاية لا يصح الا الصحيح.

للطفل مجلة متخصصة في بعشيقة
الزميل أياد البناء (رئيس تحرير مجلة فين) ارتأى التحدث عن تجربته في تحرير مجلة متخصصة بالأسرة والطفل، حيث قال: استطاعت المجلة رغم عمرها القصير نشر الثقافة لدى الأطفال من خلال مخاطبتها لأسرته أولا وتعمدنا جعل مجلتنا تعنى بثقافة الأسرة لنضع مواضيع المجلة بين من يرعى ويكفل هذا الطفل وبهذا سوف يكون ما نريد إيصاله سهلا من خلال تداول المجلة بين أفراد الأسرة والذي سوف يؤدي بالطفل إلى سؤال الأكبر منه عن هذا المحتوى أو ذاك وبهذا يكون لزاما على الكبار ان يقراوا ويشرحوا ما فيها بطريقة ما.

#غسان_سالم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات