|
!!!!!!!!!
المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)
الحوار المتمدن-العدد: 2232 - 2008 / 3 / 26 - 11:06
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
تقديم:
هذا مقال منثور بعنوانه المكون من تسعة علامات تعجب وحذر وإنتباه !!!!!!!!! يعرض بعض المفارقات الطريفة والظريفة المبكية في أقوال وفي أعمال السياسة السودانية، والهدف الرئيس من المقال وعرضه هذه المفارقات هو دفع الإنتباه إلى بعض جوانب التنافر فيها والخروج من عبرته بدعم الإتجاه إلى بعض جوانب التناسق والإتساق في النظر والعمل في الحياة السياسية. وفي تحقيق هدفه ينهج هذا المقال نهجاً بسيط الشكل لطيف المعنى هو عرض المفارقة في حد ذاتها وترك عناصر التنافر فيها تحدث عن نفسها مع تعليق مقتضب ليفهم منها اللبيب أو غيره ما يشير إليه عرضها من نقص تناسق كان لازماً لإتساق وجود عناصرها مع منطق الطبيعة الخام ومع منطق الطبيعة الإجتماعية.
بعض المفارقات الأولى :
كانت المفارقات الأولى في الحياة السياسية السودانية مفارقات عملية منها ما تكون بإختلاف المواقع والمهام الإجتماعية التاريخية، فقد كانت سلطات الإستعمار البريطاني في ترسيخها المشروع الليبرالي في السودان تدعم مادةً ومعنى من هادنها من زعماء الدين الإسلامي وسادة طوائفـ(ـه) والأصح طوائف هؤلاء الزعماء بكل مافي ذلك من ثيوقراطية وإقطاع، ففي نفس الآن كانت نفس سلطة الإستعمار تدعم مادةً ومعنى موالي هؤلاء الزعماء من صفوة أبناء الحضر العربي الإسلامي بمدارسها ومعاهدها وكلياتها الجامعية بكل علمانيتهم!، وقد كان السادة ومواليهم من أبرز الناس عزة وأقواهم عضداً في التاريخ الذي إصطنع في السودان ليكون نهراً لمزيج الإستغلال الجديد شبه الإقطاعي والرأسمالي حيث عصدت البنية الأزوم لذاك التاريخ المصطنع كلا العنصرين الخصمين المتضادين عصيدة واحدة إذ لُبخت عنصر السيادة وعنصر الشرف في وحدة وبنية واحدة هي العز والجاه برسل نظر وحساب غير إنساني وغير إسلامي بأن من لا سيادة له فهو وضيع بلا شرف! وذلك العصيد موصول بإغفال علاقة السيادة بالجبن واللؤم وبالخسة والإزدراء وبإغفال علاقة الشرف بالتواضع والعفة وبالقناعة والحكمة. ولكن لتكوين وترسيخ سمة الجاه في التاريخ الإجتماعي السوداني العربي عصد ضدان متباعدان لا يلتقيان!
وضد هؤلاء وأولئك من كبار الجلابة وصغارهم ومن لف لفهم كان هناك جماعة متواضعة متطلعة وطليعية من المدنيين والعسكريين من مهمشي الريف السوداني الذين أسهم آباءهم كضباط وجنود بجيش الخلافة الإسلامية العثمانية في تحرير مجتمعات السودان من حكم الدولة المهدية الذي كان يسمح بالإستعباد. وقد حضر الإستعمار البريطاني في معية هذا التحرير أو بالأصح أحضر هذا (التحرير) في معيته، ولكن ما إن أسفر الإستعمار عن الحالة الإستغلالية والطبيعة السوقية لكينونته الليبرالية، إلا وكان هؤلاء الضباط والعسكريين ومعهم مدنيين يصعب عدهم هنا بداية من السنوات 1917 – 1919 قد شرعوا بنظام حديث دقيق له أطر نظرية وعملية في تشكيل الحركة الثورية السودانية الحديثة: مازجين فيها الحرية الطبقية الإجتماعية والحرية السياسية بل خاضوا في طليعية فذة لتلك الحركة سنة 1924 معارك مدنية وعسكرية باسلة ضد الإستعمار البريطاني مشعلين ضده ثورة شعبية مدنية-عسكرية التأطير تواصلت بنظام وبعفوية في شوارع مدن السودان وإستشهد وسجن وعُذب قادتها لسبب منها، مخلدين أصولها ومعانيها في الوعي السوداني الذي نقلوه بهذه الثورة المعروفة بثورة 1924 من حالة البداوة والقبيلية والطائفية إلى رحاب العصر الحديث، ومن هنا تبلورت مفارقة إن الذين تسمهم (الدوائر العليا) بتواضع الحال هم الذين دفعوا دماءهم لأجل طرد الإستعمار في ثورة شريفة الأصل والمعنى بينما كان أكبر زعماء الإسلام والإستقلال سنة 1956 في ذلك الحين أي في سنة 1924 كانوا سدنةً مسلمين لسلطان المسيحية السياسية وللإستعمار بدعوى أو بنهج "الإصلاح"!!
ولكن مع هذه المفارقات السالبة وجدت مفارقة أخرى صغيرة موجبة فبينما كان هؤلاء السادة يوالون الإستعمار في قمعه ثورة 1924 بل ويدجنون حركة الخريجين والإستقلال بمصالحهم في النصف الآخير لثلاثينيات وأول أربعينيات القرن العشرين كان إبن أحد أولئك الثائرين طالبا جامعياً في مصر ثم معلماً في الكلية الحربية المصرية، فنظم فيها مع آخرين بدايات ثورية جديدة، نشأت في خضمها حركة ثورية كاملة وظهر تلميذ له بمكانته ونفوذه بين زملاءه، وقد لعب هذا التلميذ النجيب دوراً مهماً في إقرار وإصدار ما سمي في 15 فبراير 1953 "إتفاق الحكم الذاتي للسودان"، وكان ذلك الطالب الحربي فالضابط المحارب الشجاع المحبوب والمقدر من زملاءه والقائد الثائر ثم الرئيس والزعيم فيما بعد، هو: "جمال عبدالناصر" الذي ظهر نجمه بتلاحم عملية الكفاح في مصر والسودان ونهوضها المشترك ضد الإستعمار والرجعية والإستغلال، إذ كان ذلك التلاحم في مصر بقيادة الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني (حدتو) وهي الحركة الثورية المدنية النقابية والعسكرية التي أسهم بعض السودانيين في بداياتها وفي عنفوانها وفي علو مناراتها وتفتح حدائقها في الحياة السياسية في مصر والسودان.
المفارقات الثانية:
تجسدت المفارقات الثانية في الحياة السياسية السودانية بشعارين شهيرين كانا قد ذاعا في السنوات الليبرالية التي سبقت (الإستقلال) وفي السنوات التي تلته: الأول منهما كان ظاهره يدعو إلى الوحدة: ((لا شيع ولا طوائف ولا أحزاب ديننا الإسلام ووطننا السودان)) والمفارقات فيه متصلة من بداية إن قائله هو زعيم أكبر طائفة وأشد أحزاب السودان شوكة ولا تنتهي بإن الزعيم الجليل قد بث شعاره ودعوته هذه دون أن يبدأ أي إجراء في تحرير نفسه أو تحرير مجتمعه من غلو التشيع لآله، ودون أي يبدأ أي إجراء في حل الناس من لزوم طائفته أو حزبه، أو في تقدير وجود الأديان الأخرى في الثقافة والحياة السودانية، أو في تحقيق أي سوية بينه وبين بني وطنه في تملك وسائل إنتاجهم لضرورات عيشهم وحياتهم! أما المفارقة الثانية فكانت ماثلة في شعار رفعه سيد آخر بقوله عبارة من كلمتين ينفي نصفها الاخير نصفها الأول وهي (( تحرير لا تعمير)) أي إن مهمة الحركة الوطنية هي تحقيق الإستقلال السياسي دون الإستقلال الإقتصادي، وكفالة الحرية العامة دون تنمية لمقومات الحياة!
المفارقة الثالثة: تكونت هذه المفارقة في العهد الثالث للحكم الليبرالي (حرية التملك الخاص الإنفرادي لوسائل إنتاج المجتمع لضرورات عيشه وحياته) المعروف بعهد الحكم العسكري الأول (1958- 1964) وحدثت عفو سؤآل سأله أحد مراحيم الصحافيين للمرحوم الوزير عن قضية الحريات العامة فأجابه صاحب السعادة بلهجته المصرية ((حريات إيه اللي إنت بتقول عليها دي؟ إنت مش بتروح كورة هلال مريخ على كيفك؟ أجاب الصحافي: نعم، مش بتروح سينما عربي كاوبوي أفرنجي على كيفك؟ أجاب الصحافي: نعم، مش بتروح أي حتة تعمل اللي إنت عاوزه تاكل أو تزور قرايبك أو أصحابك؟ أجاب الصحافي: نعم، فسأله الوزير مجاوباً طيب حريات إيه تاني أكتر من كده اللي إنت جاي تقول لي عليها؟))!
وإضافة لهذه المفارقة فهناك مفارقة أخرى حدثت في ذات العهد الليبرالي السياسة العسكري الحكم حيث ذهب أهل الشهيد البطل علي حامد يطلبون وقف إعدامه، فطمأنهم "صاحب السعادة" بأنه سيسعى إلى ألا يعدم ذلك المحارب شنقاً كأي من يرتكب جرماً شائناً وأنه سيبذل قصارى جهده لينعموا بأن... يعدم إبنهم -كأي مقاتل- رمياً بالرصاص!
المفارقة الرابعة:
حدثت هذه المفارقة في العهد الرابع للنظام الليبرالي (حرية التملك الخاص الإنفرادي لوسائل إنتاج المجتمع لضرورات عيشه وحياته) المعروف بعهد الديمقراطية الثانية وبالأصح الديكتاتورية المدنية (1965-1969)، مع قيام الحكومة والبرلمان ومجلس السيادة والجهات البريطانية والأمريكية المسيطرة على إقتصاد السودان بإصدار قرار يلغي وجود الحزب الشيوعي وكان السيد الصادق المهدي قد دافع بقوة عن هذا القرار الليبرالي ونافح عنه بحجج عددا منها (إن الشيوعية تفسد التربية) وكانت حجته الأخيرة من حجة السيد إسماعيل الأزهري "إن الدولة قد إتخذت قرارها وكفى" و.... و....هلم جراً ،وبعد ذلك الإلغاء بزمن قصير أتى حين من الدهر إختلف فيه أطراف القرار وحدثت أزمة ثلاثية مركبة وزارية، وبرلمانية، وسيادية، فقرر رئيس مجلس السيادة حل الجمعية التشريعية نفسها وأغلاق أبوابها، فعارض السيد الصادق ضياع مكلمته، ومنصة رقيه، وإهدار الديمقراطية، وأصر وجماعته على دخول القاعة وفتح الأبواب له ولمواليه لكن أمين المبنى ضابط القوات المسلحة (عوض الجاك) ثبت على تنفيذ قرار الدولة قائلاً له بشيئ من المكاء المرير "إن الدولة قد إتخذت قرارها وكفى" . وأمام ثباته قام الصادق بحركة مسرحية (مستمدة من إجتماع ملعب التنس إبان الثورة الفرنسية) فإنتقل الصادق بجماعته إلى شجرة "لبخ" قريبة من الباب يعقدون تحتها (جلسة) بمن حضر لتتخذ ما تراه وإفتتحها الصادق بآية (...الذين يبايعونك تحت الشجرة...) بينما كان الطير يلقي على رؤوس بعضهم أوساخه ! وفي ذلك العهد الليبرالي إجتمعت مفارقات كبرى، فبعد أن رئاسة الدولة والحكومة والبرلمان المناط بها تصريف أمور الحياة أصدرت قرارات بإلغاء وجود الحزب الشيوعي السوداني، أصدرت رئاسة الدولة قراراً بحل البرلمان وقراراً بإقالة الحكومة، وقراراً بمعارضة الدستور والقانون ومنع تنفيذ أحكام القضاء، مما أدى لإستقالة القضاء ووقف أعمال النيابة العامة وكثير من أعمال التصاديق القضائية على كثير من الإجراءات المدنية واالإجراءات لتجارية بل وتعطلت كثير من أعمال الشرطة وحفظ الأمن والنظام، ورفعت وتائر التصفية الإسلامية-العسكرية لقضية الجنوب ولجملة قضايا حقوق الإنسان ومع هذا التردي الإسلاميالسياسي تباينت أوضاع البلاد وعانت الناس الفقر والقمع وعانت قوات المسلحة الخسائر المعنوية في الشمال ومن الهزائم العسكرية والمعنوية في الجنوب بينما كانت دعاية هذه القرارات تروج لأن نصر الله سيأتيها من جراء هذه السياسات!
المفارقة الخامسة:
وهي مفارقة بين ثورة ظفرت في آسيا وتحول سياسي سوداني متعثر ولدت أسباب سقوطه مع حوادث نشوءه وإرتقاءه: حيث نشأت تلك الثورة في فيتنام في سياق التخلص من أسس وأشكال النظام الليبرالي بعملية حشدية صدامية ككل الثورات كانت ذات أبعاد سياسية عسكرية (1955-1975) جمعت كينونتها مهمة التقدم الإجتماعي الإقتصادي وتغيير علاقات الإنتاج ومهمة فرض السيادة الشعبية والدفاع الوطني ككل واحد بينما نشأ في السودان التحول السياسي متعثراً في سياق النظام الليبرالي لحرية التملك الإنفرادي لوسائل إنتاج الناس ضرورات عيشهم وحياتهم، بتحول شكل الحكم من النسق الليبرالي العسكري إلى النسق الليبرالي المدني بحدث إستطال مابين العشرة الأواخر من شهر أكتوبر 1964 إلى فبراير 1965 ولكنه لم يجاوز السياق الليبرالي لحرية تملك بعض الأفراد لوسائل إنتاج المجتمع لضرورات عيشه وحياته، ولكن المفارقة تتعمق بين إنطلاق الثورة وتعثر التحول بما حدث في اليوم الحاسم لكل منهما: ففي فيتنام وجه القائد العسكري الذي إقتحم العاصمة إنذاراً إلى عسكر الحكم القديم القائمين على القصر الجمهوري بأن الخيار أمامهم خلال دقائق هو الإستسلام أو مواجهة الموت، ومن إستسلامهم إرتقى ذاك القائد ومعه وحدة طليعية سُلم القصر إلى غرفة مكتب الرئاسة وسدتها، مقتحما لها فقام لهم رئيس العهد الليبرالي العسكري (بالإنابة) وقال لهم بثبات بعد تحية:(( الآن بالإمكان إجراء إستلام السلطة)) فرد عليه القائد الثوري الشاب بثبات وحزم: ((نت الآن لا تملك أي سلطة لتسليمها، السلطة للشعب منذ إندلاع الثورة، وما أنت إلا متمرد عليها لا عليك الآن سوى الإمتثال للأوامر والتعليمات المصدرة إليك)) ثم أخضع هو والأمر كله من ثم لسلطة الشعب وعدالته بلا مماطلة أو تسويف أو رجاء أو نداءات أو تظاهرات أو أعداد إضافية من الضحايا.
بينما كان الأمر في أكتوبر 1964 غير ذلك ومختلفاً عنه لا من حيث الزمان وظروفه بل من حيث قوة وضعف الموقف الثوري الطبقي فبينما كان بعض الضباط الاحرار ومنهم (مرابطين) شمال القصر في جهة النيل يتفيأون الظلال فإن المرحوم رئيس العهد الليبرالي العسكري الفريق أركان حرب أبراهيم عبود في لقاءه بممثلي جبهة الهيئات الذين إلتقوا به (طالبين) منه بأدب جم التنحي عن الحكم قام بطرح بضعة أمور عليهم تترواح أوصافها بين الأمنيات والنصائح والشروط والطلب تتمثل بحسب إجمالي لها في: 1- أن تكون الرئاسة مستقبلاً لشخص يرضى عنه "أهل السودان" وهو إصطلاح يعني سادة الطائفتين، و2- أن لا يحاكم من مسؤولي عهده أحد، و3- أن لايمس من إمتيازات أسرته شيء، و4- ان يجري النظام العام لأمور البلاد مجرى حسناً [لا تحقيقات أو محاكمات، ولا تأميم أومصادرة] !!!!
ولقاء ((سماحة إستقبال سعادته لمطالب الشعب)) وعده ممثلي الشعب خيراً وقد أوفوا بعهدهم إليه، وهم شباب الإستقلال وصفوة جيل التحرر الوطني زعماءنا وقادتنا، ومازلنا نصون إجتراحاتهم النضالية ومآثرهم الثورية!!
المفارقة السادسة:
حدثت في العهد الليبرالي الرابع(1969-1985) الذي بدأ تقدمياً وإنتهى رجعياً إلى ما يشبه مشيخة يمنية قديمة، فبعد نجاح مشروع الحكم الشعبي المحلي في تجاوز عقبة إعلام الثورة المضادة بأنه مشروع معقد وصعب لانه يطلب من المواطنين في كل منطقة إنتخاب مجلس محلي لهم يضم ممثلين لأشغالهم وأنواعهم ومهامهم، حيث قدمت "الثورة المضادة" هذا الأمر البسيط بإعتباره بالغ التعقيد وينافي سهولة إنتخاب مجلس تشريع قومي مركزي ديمقراطي ليبرالي لا إعتبار فيه لمصالح ومهن المواطنين! ولكن ما إن تجاوز المشروع حاجز الخوف والتردد إلى حال التحقق حتى قامت مركزية الدولة بعد تعطيل ومماطلة وتسويف حوالى سنتين بإلغاء الجزء المركزي من مواد قانون الحكم الشعبي المحلي المتعلقة بحق المجالس الشعبية المحلية وإستقلال سلطتها في السماح والتصديق بنشاط المشاريع الإقتصادية، وتقدير وفرض الضرائب عليها وصرفها عوائدها على الخدمات العامة التعليمية والصحية بشكل مستقل نسبية، بدلاً للسلطات والإجراءات والضرائب المركزية مما يعني تقليص صلاحيات وقدرات وأعمال السلطة المركزية فعاجلته السلطة بالإلغاء وأصدرت مع قرارها السابق قراراً بإعفاء عرابه تلميذ الأستاذ الجليل والبرلماني الصادق حسن الطاهر زروق، وزير الحكم الشعبي المحلي آنذاك (1975) مناهض الإدارة الأهلية ومناهض الإدارة المركزية، الإداري والدكتور في علم الإدارة العامة جعفر محمدعلي بخيت (1933- 1976) وقد عنى ذلك القرار نهاية الطريق الحكومي للامركزية الإدارية، وفي خضم تلك الأزمة والنهاية الحكومية المركزية لمشروع اللامركزية العظيم ولقيمة جهود صاحبه، تجمع للمرحوم جعفر في عزله نفر من أهله وصحبه منهم المعزي ومنهم المؤآزر ومنهم المحرض ومنهم أحد زملاءه الوزراء لعله إبن شيخ مجموعة قبائل عربية، هاذره قائلاً له: ((لكن يا دكتور ضيعت وقتك في المشروع ده وهو غلط من أوله لأخره!)) فرد المرحوم جعفر لمزته بإنه مشروع غالبية الإداريين في السودان من التركية والمهدية ومحور قراراتهم منذ مؤتمرات الإداريين في 1947 وحتى مؤتمر الضباط الإداريين 1970 ما بعده وهو كيان خبرته وتعلمه ومتعهد إنجازه والمقسم بالله على تحقيقه، لكن الغلط فيه شنو؟ فأجابه الوزير شيخ العرب بسرعة و بصيغة سؤال المنتصر الناصح : ((لمن ناس دينق وكاكوم وإزاغة وأوشيك وصابر يمسكوا حساباتم وضرائبم ومصاريفم نحن نشتغل شنو في الخرطوم؟)) فأجابه بعيد النظر ساخراً من منطقه: ((يعني إنت داير كل الناس ديل يتحولوا لـ"أنانيا" وتمرد حتين تديهم حقهم؟)). وبعد شهور مع قدوم الربيع فارق جعفر الحياة في 25 مارس1976 وبكاه الناس عامة خاصة الفقراء منهم والعلماء، وكان ألفت للنظر بعد أيام وأسابيع من وفاته قدوم بعض المعزين من المناطق البعيدة التي إشتغل فيها في بواكير خدمته في السلك الإداري، وكان بعضهم من وفود أتت من الريف المهمش البعيد لتقضي بعض الأمور الإدارية البسيطة في الخرطوم!
المفارقة السابعة:
وهي مفارقة تجمع بين عالمين للنظام الليبرالي، الأولى في عهده المدني آواخر الستينيات والثانية في مطلع القرن الحاضر في عهده الثيوقراطي العسكري: ففي الستينيات صخب القائد المحدث للإسلام السياسي أستاذ مادة الدستور د. حسن عبدالله الترابي بتعليق ضد حكم المحكمة العليا القاضي ببطلان وإبطال القرارات التي أتخذت سنة 1965 لإلغاء وجود الحزب الشيوعي السوداني بحظر نشاطه وكل نشاط مرتبط بأهدافه أو هيئاته! وذلك لتناقض مضمون وشكل تلك الإجراءات مع أصول الحريات العامة ومبادئي الدستور ومع مواد الدستور نفسه ومهام الحكومة والمجلس النيابي، وكانت حجة د.الترابي ضد الحكم أن قرارالمحكمة صادر ضد جهة السيادة والسلطان الأعلى في الدولة وينافي مبدأ إستقلال السلطات، ومبدأ سيادة البرلمان على أعماله، وسيادة الرئاسة والحكومة على عملها! وهي حجة واهية ضعيفة لان أي طالب في السنة الأولى لدراسة الحقوق والقانون العام يعلم أصول الحق الدستوري للمحكمة العليا في صون الدستور وبأحقيتها الحكم في كل النزاعات القضائية المعروضة أمامها المتصلة بإختلاف السلطات حول دستورية عمل ما أو إمتناعها عن عمل، وخاصة لو كان ذلك الإختلاف حول تفسير الدستور قائماً إزائها، مثلما يعلم ذلك الطالب وأي من أساتذته حق المحكمة وإختصاصها القانوني والقضائي والمكاني والزماني والسياسي في البت النهائي فيما يعرض عليها من حالات تتضمن مخالفة للدستور أو إختلافاً عليه، بيد ان المفارقة كانت بعد ربع قرن من ذلك الإعتراض الذي أبداه د.الترابي على الحكم الأول: ففي مطلع القرن الواحد والعشرين كانت المحكمة الدستورية برئاسة القاضي الغاشم الظالم جلال علي لطفي تنظر الدعوى المرفوعة لصالح د. الترابي وجماعته طالبة إبطال القرارات المصدرة من رئاسة الدولة (الإسلامية ) وقيامها بإبطال وجود حزب الترابي "المؤتمر الوطني الشعبي" (=المؤتمر الشعبي) والتحفظ على دوره وممتلكاته، فكان إن صدر الحكم ضد مصلحة د.الترابي بمنطقه القديم: أن هذه القرارات قرارات سيادية ليس للمحكمة إختصاص بمراجعتها وفقاً للدستور (الذي وضعه الترابي) ووفقاً لمنطق فتواه السابقة المعارضة –بإفتئات على الحق- لصحة الحكم بحرية وجود الحزب الشيوعي، بينما إعتمدت محاولات مراجعة القرار ومراجعة الحكم على نفس الحجج القديمة التي قدمها الحزب الشيوعي.
بعض المفارقات الثامنة:
وهي مفارقات عددا متصلة بعهد الصيغة العسكرية الإسلامية للحكم الليبرالي القائم في السودان 1989-2005 وحتى ملحقه الحاضر. وتبدأ هذه المفارقات بالإشارات الأولى للحكم العسكري الإسلامي وأكاذيب بيانه الأول فمنها قوله الزور بإنه أتى لضبط الإقتصاد ومعاملاته والحد من فساده وتدهور عملته وديونه وإغلاءه الأسعار، ورغم هذه الإشارات اليسارية الطيبة إتجه الحكم الإسلامي يميناً إلى جهة الليبرالية (حرية السوق) فعمت العشوائية والفوضى وزاد الفساد إلى أن بلغت أعداد مبالغه المالية المعروفة بصورة رسمية عشرات المليارات، وأبرزه القائم حاضراً في مجالات النفط والذهب وإخراج المعادن (باب آخر لسرقة الذهب)، وفي مجالات توريد مدخلات الزراعة، وفي تراخيص التجارة والإستثمار والصناعة والخصخصة، وفي مجالات الإستيراد والتصدير، وفي مجالات الإدارة العامة بتعييناتها وتشريداتها العسفية وإمتيازاتها، وفي مجالات المعيير والمكاييل، والضرائب والرسوم، وفي مجالات المحاسبات والبنوك، وفي مجالات الأراضي والإسكان، وفي مجالات الخدمات العامة في التعليم والعلاج والطرق والنظافة والتراخيص والرسوم المتعلقة بهم، وفي مجالات النقل والمواصلات المحلية والبرية والبحرية والجوية، وفي تعيينات وتصرفات ومقاولات الشؤون العدلية والعسكرية، وفي مجالات إمازات وظائف الشؤون والعلاقات الخارجية، وفي العدالة والقانون التجارية والجنائية، وفي مجالات الحريات السياسية والصحافية وتمييز المحاسيب والصحف الساكتة، وغير ذلك مما يتعلق بإستشراء الفساد، أما في مجال العملة فقد تدنت قيمتها من خمسة وحدات لكل دولار إلى الألوف منها مقابل دولار متدهور القيمة، أما الديون فقد زادت إلى حدود الترليون [الرقم واحد وإلى جانبه عدد خمسة عشر صفراً ] وأضحى 95% من السكان فقراء ومساكين يتطورون جوعاً تحت خط الضنك يعانون من ديون رهيبة ألقت بعشرات الألاف منهم في مغبات العسر والغرم وسجونه. أما غلاء الأسعار فمع إلقاءه 95% من السكان تحت خط الضنك فقد جعل أغلب المرتبات الشهرية هباء منثوراً كافية لسد الرمق لأيام معدودة إن وُجد العمل، ومع تطاول البنيان ترى إتساعاً رهيباً في أحزمة الفقر المحيطة بالمدن. ولكن إنجازات السوق الحرة ودفقها بلايين الدولارات على بعض ملاك وسائل الإنتاج ومحظيي خدمات تمويله وتميز المحال التجارية النشطة في تلبية طلباتهم من السلع الكمالية غير الضرورية لعيش وحياة عامة الناس أضحت هي العلامة الإعلامية لـ(نجاح) هذا النظام الليبرالي بصيغته العسكرية الإسلامية، ومناط الخوف على السودان من خسارته أما الـ95% من السكان الراسفين في أغلال الإستغلال والتهميش فلم يعد لهم ما يخسرونه سوى أغلالهم وقيودهم. وفي هذا الفقر المقيم يحاول الحكم العسكري الإسلامي للنظام الليبرالي الإستعانة بالأموال العربية يدعوها للإستثمار في السودان بينما هو نفسه وبقية الدول العربية يستثمر الأموال في أمريكا وغرب أوربا وجنوب أفريقيا يبقي عائداتها هناك طلقةً حرة لرغد أبناءهم بينما فقر الفقر يفكك الأسر بالعمل الطويل والدخل القصير!
مجموعة المفارقات الثانية للعهد العسكري الإسلامي للحكم الليبرالي هي مفارقاته السياسية الخارجية في الإعلام: ففي التسعينيات كان إعلام ذلك العهد الإستغلالي التهميشي ضاجاً وصخباً بسقوط نظام الحكم في إثيوبيا بدعوى إنه كان نظاماً عسكرياً عقائدياً يقمع الحقوق!! كانما كان الحكم العسكري الإسلامي هو جنة ديمقراطية للنظام الليبرالي، وبينما كان الإسلام السياسي يبرطع في المحليات التركية وفي المحليات الجزائرية وفي المحليات الإيرانية وفي المحليات السودانية تشطب أسماء ملايين الناخبين من سجلات الإنتخاب العام وتعرقل حقوق ملايين أخرى ولكن عمه إعلام العهد العسكري- الإسلامي لليبرالية في السودان عن تلك المظالم نائحاً على عسف سلطات الديمقراطية في مصر والجزائر بتنظيمات الإسلاميين الحربية!
أما في مجال الشيوعية فالحديث ذي شجون فبينما كان الشكل العسكري الإسلامي للنظام الليبرالي يصخب لتسمم وإحتضار الشيوعية في الإتحاد السوفييتي، بحكم الأصول الإقطاعية والإمبريالية للإسلام السياسي، كان ذات النظام العسكري-الإسلاميولم يزل يتزلف لحكم الثورة الكوبية ولحكم الثورة الصينية ولبقايا الحكم الشيوعي في روسيا البيضاء لدعمه ومساندته!!
أما في النواحي القومية فالمفارقات عددا: فمقابل نبرة إعلاميه قوية في مساندة الفلسطينيين فإن تعاملاته الدقيقة مع مصالح الكيان الصهيوني بعد إكماله مهمة تهجير الفلاشا لم تزل قائمة خاصةً في موضوعات مياه النيل وتوطين الفلسطينيين في السودان وتصدير اللحوم والصمغ العربي وفي تعاملات الذهب وفي تغذية التمويلات المصرفية المتبادلة بين المصارف الإسلامية والمصارف العالمية ، وحتى نشاطه كنظام إخواني إسلامي في الحرب ضد الإرهاب والشراكة الإستراتيجية مع الولايات (= الدول) المتحدة الأمريكية، ودعمه إجراءات (الأمن الأفريقي) المتصلة بحماية الدول الأفريقية للمصالح الأمريكية-الصهيونية في عموم أفريقيا بالمد بالمعلومات الضرورة لصون هذه المصالح حسب فورمات معدة مسبقاً بواسطة هيئات الإستخبارات الأمريكية والصهيونية، وكذلك مشاركة الحكم العسكري الإسلامي في مؤتمرات التفاهم والتضامن اليهودي الإسلامي وصخب ممثليه فيها ضد التعصب والإرهاب! ومع جمع هذه المفارقة بين الجعجعة بعذاب الفلسطينيين والحصافة في التعامل مع المصالح والقوى الصهيونية، ظلت المليشيات العسكرية والإعلامية المواشجة للحكم تواصل عمليات التطهير والثقافي ضد كافة القوميات المهمشة في السودان وبمقاتل أشد وأنكى من تلك التي يتعرض لها الفلسطينيين في إطار الحرب بينهم وإسرائيل، فمرارة حرب العدو للعدو أخف من مرارة ظلم ذوي القربى!
وفي مسألة عموم القوميات في العالم تبرز مفارقة عجيبة: مع قيام الحكم العسكري الإسلامي لحل المسألة القومية للسودان بما فيها من تمييز طبقي- عنصري يغذي ويتغذى بالإستغلال والتهميش بالنزوع إلى سياسة التزييف والتسويف وإلى حروب الإبادة والإقتلاع والتهجير بما فيها من حصار وتجويع وتعطيش وقذف بري وجوي بالقنابل العادية وبالغازات، إلا إن المرء يجد حكم الإسلاميين شديد اللهجة جهة حقوق القوميات الأخرى في العالم خاصة تلك المرتبطة بتعزيز المصالح الأمريكية البريطانية في يوغوسلافيا وأرمينيا وفي الشيشان وفي كشمير عدا الأزمات القومية المتصلة بأوضاع أمريكا أو بأوضاع دول شمال وجنوب غرب أوربا وبكثير من دول آسيا وأفريقيا !!
مفارقة أخرى في المجال الدولي فبينما رفض الحكم العسكري الإسلامي دفاع يوغسلافيا عن سلامة ووحدة أراضيها وهلل لتمزيقها بإسم الكاثوليكية والإسلام كرواتيا وبوسنة وكوسوفا وهلم جراً ورحب بإختطاف ومحاكمة الزعيم اليوغسلافي ميلوسوفيتش نرى نفس الحكم يرتعد من نفس هذا المصير القادم علبه غير عابئي في تمسكه بالسلطة بالأخطار والمآزق التي تحوق بما بقى من بلادنا جراء تعنته، ودون تقدير لعواقب موقفه السابق مع الحلف الأطلسي ضد دولة الذهب والنفط والموقع الشديد يوغوسلافيا!
وبينما يواصل الحكم العسكري الإسلامي للنظام الليبرالي في السودان الجعجعة بالمطالب الشيوعية لتأسيس نظام إقتصادي دولي جديد، فإن نفس الحكم يولغ في تطبيق سياسة حرية السوق رغم لتفكيكها قدرات الإنتاج والإستهلاك وعموم عناصر بنية الإقتصاد ورغم محق حرية السوق لبنية الحياة الإجتماعية وقطعها أياصر الوحدة الشعبية والوطنية بتركز عمليات الإستغلال وبتوسع في عوامل التهميش ونطاقاته. وإذ يعمه الحكم في هذه السوقية فبتجاهل لأن النظام الذي يفقر أغلبية مجتمعات العالم ويثري أقليتها بمفاعيل زوره وأكاذيبه وبتطفيفاته وتبخيساته هو نفسه النظام الليبرالي الذي ينافح الحكم عن إحاثياته داخل السودان بل يضاعف أصولها ويفاقم آثارها!
مفارقة أخرى تلفزيونية صرفة فالنهج الإسلامي للتلفزيون منذ تولي الحكم العسكري-الإسلامي لسلطة النظام الليبرالي في السودان سنة 1989 منع بتنوع بث أغاني الغزل والعشق والصبابة والوله والتيم ومنع معها مشاهد اللمم والوصل والغرام إلتزاماً منه بالدين الإسلامي وفق تقوى رأي القائمين على الإذاعة والتلفزيون، ولألا يخدش "الحياء العام" وهو عجز المجتمع عن قبول ظهور أوضاع وأعمال مكتومة مغربة عن الوضوح يبقيها أفرادها سراً ) ولكنه في ذات الآن وأحياناً في ذات المسلسلات والأفلام التي يمنع فيه البعد الجنسي لحال الحُب فإن ذات الفهوم الإسلامية للقائمين بأمر هذه الوسائط الإعلامية تسمح لهم بعرض أعمال تخالف ظواهرها الفهم السطحي الذي خدموه لمنع مشاهدة الجنس، ومن هذه الأعمال:"الأكاذيب"، "الجشع والتطفيف والتبخيس"، "الفقر"، "الجوع"، "العنف والشجار والضرب"، "التجسس والتحسس"، "التفريق بين المرء ورأيه"، "التفريق بين المرء وزوجه"، "الإيحاء والإلهاب الجنسي الأنثوي والذكوري"، "حسي الخمر"، "الميسر"، "التزوير"، "السرقة"، "النشل"، "الإختلاس"، "قطع الطريق والنهب"، "الإختطاف"، "القتل"، "الإغتيال"، "مقاومة السلطات"، "أحوال الإستعمار"، "عمليات الإستعمار الحديث"، "الحروب الظالمة" (بافلام الكاوبوي وغيرها من الحروب اللاجهادية) "إهانة أصحاب العقائد الأخرى"، "الخوف"، "النفاق"، "الإرهاب"، "الإفراط" ، "التكاثر في الإستهلاك"، "الفصل العسفي"، "الغلاء"، "القسوة في الأسرة"، "الطلاق"، "العصبية"، "التشرد المادي أو الذهني أو الجنسي"، "تعاطي المخدرات"، "تعاطي المهيجات"، "الهوس"، "العنف المادي والمعنوي"، "الظلم"، "الإنتحار" المادي أو المعنوي، "الطعن والغمز واللمز في الكلام" "القذف وإشانة السمعة"، "الشتائم" باللغة الأجنبية وباللغة العربية، "الكبر والخيلاء" "العدوان"، "الإنسحاق"، "البعد عن الدراسة العلمية"، "محبة اللهو"، "الغلو"، "الندب والبكاء على الموتى"، "أكل التوم والبصل" "الإسراف"، "الشح والبخل"، "الأمعية"، "الأنوية والإنفرادية"، "المن والأذى"، "المظهرية"، "العنصرية"، "المظالم الطبقية" و"الزي الماسوني للرجال" ...إلخ ! والمفارقة هنا إن إسلامية التلفزيون وحيائيته إذ تدفعه لمنع عرض المشاهد الجنسية فقط فإن نفس الروح الإسلامية لاتمنعه عرض 60 نوعاً من الأعمال المتصلة في مظهرها بالمحرمات والمؤآخذات مع إن باطنها إستوعاظ المجتمع وذخر خبرته بأحوال وحالات قصص الحياة، بكل ما فيها، وكيفما كانت في حقيقة حدوثها، كيف للناس أن يتشاركوا السلطة والثروة بحرية وسواء مالم يتشاركوا في مشاهدة (الخيال) بحرية. أو على الأقل أن تكون شؤون الإدارة التربوية والسياسية والمالية للتلفزيون من إختصاص مجلس مستقل يتم إنتخابه والتصعيد إليه بشكل أفقي ورأسي متوازن نسبيةً في عدد أعضاءه ونوع تمثيلهم لقوى الإنتاج والريف ولقوى الفن والجمال ولقوى التنظيم والتمويل وأهل الهندسة الإدارية والفنية والإجتماعية-السياسية، ولكن حتى ذلك الوقت تبقى الجريمة الوحيدة الممنوعة -بحسب نظر الإنقاذ- في الإسلام هي "الجنس"، أما القتل وبقية الموبقات السبع أو العشر وإخواتهن الخمسين فالتلفزيون لا يحرمها وفقاً لمنطق إعلامي أو إسلامي خاص به!!
بعض من مجموعة المفارقات التاسعة:
وهي بعض المفارقات الكامنة في كينونة وتاريخ الحزب الشيوعي، فبينما يعلو ويحتد فيه صوت الرافضين للإنقلابات العسكرية، وينشطون في التصدي لها فإن الموقف الصريح ضد الإنقلابات المدنية داخل التنظيم الحزبي لا يعدو مقولة "رفض التكتلات" بينما الشللية والإستلطافات تأكل مع وحدة الحزب الروح الرفاقية وهي الحالة التي ينشأ التكتل بأثرها وقد برزت بقوة في حياة الحزب في سنوات 1946 و 1953 و 1964 و 1968- 1970 وفي السنوات المتصلة من سنة 1989 إلى الآن!
وفي خلط بين الديمقراطية والنظام الليبرالي يتجه البعض إلى تقدير وإحترام الحريات العامة وتداول القوى الليبرالية لحكم سلطة [= ديكتاتورية] السوق بينما تراهم بعيدين عن الإتعاظ بالحقيقة التاريخية في إن الديمقراطية الأولى في أثينا تأسست بإنقلاب ديني عسكري دموي ضد حكم التكنوقراط العلماني، وإن كل الأنظمة الليبرالية في أوربا وأمريكا تأسست بإنقلابات وحروب وغزوات، بداية من ثورات وحروب شمال ألمانيا والثورات والحروب في (بلجيكا) وفي هولاند ثم في بريطانيا وأمريكا ثم في فرنسا وإن هذه النظم الليبرالية قد قررت بديمقراطية تطورات نظام الإستعمار كحالة إقطاع دولي وما واشج ذلك من حروب إبادة وحملات إستعباد وحروب إستعمار وإنه بنفس هذه الديمقراطية الليبرالية عمد الإستعمار الحديث بصورة تجعلنا أكثر حاجة إلى الديمقراطية الشعبية !
وفي مسألة الديمقراطية الشعبية تظهر مفارقات أخرى فبينما يرفضها البعض في الحزب الشيوعي بحجة إنها (فشلت) في دولة فإنهم يقبلون الديمقراطية الليبرالية حكماً رغم فشلها في السودان ثلاث مرات + المرة الحاضرة فيمابعد سنة 2005! ورغم إن فشلها تكرر في العالم في دول أمريكا الجنوبية وآسيا وافريقيا وحتى في دول أوربا وأمريكا الشمالية وأستراليا بالنظر إلى تقنيتها الإستعمار وإحترامها الزائد المستمر لإستغلال الإنسان لأخيه الإنسان طبقياً وقومياً! وفي نفس السياق يأنس البعض (السهولة) في إنتخاب برلمان مركزي ديمقراطي وفق برامج ذات إصطلاحات وأحزاب ذات دساتير وبرامج وتفاسير بينما يجد ذلك البعض إنه من الصعب جداً على أهل كل حي وحِلة في السودان أن ينتخبوا ممثلين لأشغالهم ونساءهم وشبابهم وأهلهم في مجلس حكم شعبي محلي (= سوفييت) وقد أضناهم الإستغلال والتهميش! أو أن يحكموا أمورهم ومصالحهم وقد فشلت الأساليب والقيادات التقليدية لحكومات وسلطات النظام الليبرالي منذ 1898 في تلبية ضرورات عيشهم وحياتهم بصورة حرة كريمة من النقص والتكالب!
المفارقة الأخرى في هذا الصدد إن بعض هؤلاء الذين يمزقون آيديولوجية وبرامج ونشاط الحزب إرباً بإسم إزالة الجمود والتجديد يرومون في ذات الآن وبشكل جامد ووسائل جد تقليدية وجزئية ومتخلفة حلاً لأزمة السودان الطبقية- العنصرية مثل الدعوة العامة التي يكررها السكرتير السياسي للحزب الشيوعي –دون تقدير لجهة النظر الأخرى في الحزب - إلى إنهاء هذه الأزمة وحلها بتخصيص ميزانية تنمية إضافية يوقد شعلتها "مؤتمر جامع" لمن يتسبب وجود مصالحهم في زيادة الإستنغلال والتهميش والعنصرية مع ممثلين لقوى الهامش في ذاك المؤتمر الجامع (المختلف على طريقة التمثيل فيه وعلى طريقة إجراءه أفقيا ورأسياً من القمة إلى القاعدة أو من القاعدة إلى القمة والمحاط -على أية حالة ينعقد بها- بمهرجانات وأنشطة) وهو المؤتمر المأمول أن تنتهي عواصف وعواطف دفقه إلى لجان فرعية ضبابية الوضع في فنجان الديمقراطية الليبرالية خاصة حين تهرع لختم أعمالها بسرعة لإصدار مواثيق دعائية وإعلان ختامي مجلجل في بلاد لاتحترم مصالح ونشاطات الطبقة المالكة فيها شيئاً من المواثيق والعهود التي يمهرها سادة هذه المصالح، وهذا هو الجمود الفعلي الذي يقعد بالبلاد والحزب مما يفترض أن يعطى الأولية في مسآئل تجديد وتقوية النضال الشيوعي الطبقي والوطني أو على الأقل أن تعطي معالجته مكانة أولية وسابقة على مسألة تصفية وجود الحزب الشيوعي السوداني بالجملة أو بالقطعة.
ومن هذه المفارقة السابقة التي يرى قادتها الجمود ماثلاً داخل الحزب في الإصرار على الحل الجذري الطبقي لأزمات السودان دون أن يروا الجمود ماثلاً في إصرارهم و لعشرين سنة على حل الأزمة الطبقية-الوطنية بمسآئل في جزئية وتخلف ميزانية تنمية ومؤتمر جامع وإعلانات فضفاضة وعجزهم المستمر بهذا التعنت عن إنفاذ حل موضوعي لأزمات السودان ونظامه الليبرالي ينطلق من طليعية الحزب في تكريس تحالف شعبي للمناضلين في الطبقة العاملة والحزب مع جمهور حركات التحرير في المدينة والريف وتنسيق نضالات القسمين الثوريين وضفرها في جدلية ثورية عامة تزيح نظام التملك الإنفرادي لوسائل إنتاج الناس لضرورات عيشهم وحياتهم وتتيح للشعب إمكانات أكبر للحرية والكرامة في حياته بتأميم وتنظيم موارد الإقتصاد الكبرى وتمكين التخطيط العلمي والديمقراطي الشعبي من إستثمار خيرات الذهب والنفط والزراعة والرعي في تنمية قطاعات البنية الأساسية للإنتاج والخدمات تنمية متوازنة في المستويات العددية والنوعية والرأسية والأفقية تنتقل بها مجتمعات السودان من حالة التبعية المحلية والدولية وما فيها من إستغلال وتهميش وإحتكار لموارد الحياة ومقاليد السلطة عليها إلى حالة إستقلال حقيقي وتضافر وإشتراكية علمية متقدمة بين الناس في أمور السلطة والثروة، بدلاً لحالة التملك والتمزق الليبرالية المقيمة في بلادنا منذ سنة 1898 بنظام واحد جامد لحرية النقود في التملك تتنوع شعاراته وأشكاله وحكوماته وحتى أحزابه إلا إن بنيته تبقى واحدة في مظهرها وفي جوهرها يتجاهلها الحديث الممجوج عن محاربة الجمود بالإتفاق مع التنظيرات والقوى التقليدية!!!!
الإتجاه العام للجمود في حزبنا الشيوعي السوداني العظيم واضح وظاهر في حالة التنظيرات والنشاطات التي تفصل بين تطور القوى المنتجة وضرورة تغيير علاقات الإنتاج! وهو إتجاه قديم نشأ في مرحلة ولادة الحداثة الصناعية وإنقسامها إلى شق رأسمالي يوم كانت الرأسمالية لاتتجاوز العمل الحرفي لشخص وإبنه في محل صغير، وشق إشتراكي يحاول ضم أرباب الحرف في جماعة تعاونية إشتراكية للإنتاج إنفتحت بها المدابغ والمناشر والمناجم والمغازل والمناسج والمسابك والمصانع الضخمة الأولى. كان الإتجاه الأول شبه الرأسمالي يعتمد على حركة السوق ومراكماته في تبديل المنسج الصغير بآخر أكبر يشتغل عليه بالأجرة بقية أقارب أو أجراء الحرفي (الكبير) وهو أمر فات أوان تحقيقه في السودان مع سيطرة رأس المال الدولي على عمليات التراكم في العالم بسيطرته على أمور إعتماد وضمان وتقييم عملات الدول وشرعية الحكومات، بل سيطرة التكتلات المالية والتجارية والإصطناعية وتحالفاتها على أمور الدول (الكبرى) بكل أجهزتـ(ـها) الإستخبارية والإعلامية والقانونية والقضائية والإدارية والتشريعية والديبلوماسية والعسكرية وإندغام صفوة هذه التكتلات في حالة إمبريالية تتحرك بشكل سوق حرة تمنع قواها الأكبر المسيطرة على حركتها تقدم أي من المجتمعات والدول التابعة لها إلا بإذنها، وتحت سلطانها، ولمستوى تحدده المصالح الإمبريالية. وقدكان نمو الإمبريالية نفسه نتيجة الشكل الليبرالي لمفاعيل الفتوح والإستعباد والإستعمار والإستعمار الحديث لأخضاع المجتمعات والدول إلى حد المعونات الزيف والتنمية الكاذبة والديون البليونية والإفلاس والخصخصة، فلم يعد لمجتمع عاقل أن يواصل التمسك بإمكان أن تتطور قواه المنتجة في هذا السوق التطفيفي والتبخيسي والتمزيقي إلى الدرجة التي تستقل فيها بأمرها!
لكن الجمود يعسف بقادتنا إذ يتصورون إن الخطر موصول بالقيام بإي محاولة ثورية شعبية لتغيير علاقات الإنتاج المحلية بين المراكز والهوامش الطبقية والإقليمية ولتغيير العلاقات الإقتصادية الوطنية مع دول العالم إلى علاقات أكثر إشتراكية وديمقراطية شعبية، وإن هذا الخطر يهدد وجود السودان! لعله بمنطق: فليبق الظلم ليحيا السودان! ناسين إن دولة الظلم مصيرها الهلاك ولو كان ظلماً أندلسياً تملأه القصور والحدائق والنوافير والمكتبات وترفرف عليه الأشعار. فالخطر كل الخطر أن تزيد أعداد وحاجات القوى المنتجة في مجتمعات بلادنا ولا تجد لها طريقة إدارية- مالية أو وسيلة تقنية تناسب إستمرار وتحسن عملها لتلبية حاجات هذه الزيادة، فتنصرف أو تصرف عن العمل المفيد المثمر إلى غيره من الكسب أو التكسب بعشواء لا أول له ولكن في آخرته الخسائر كلها، ولكن قادتنا يؤثرون إستمرار وتواصل نظام الإنفراد بملكية وسائل إنتاج الناس لضرورات عيشهم وحياتهم، بإعتبار غلط وفطير هو إن تراكم تناقضاته سيفتح الطريق، بينما تنظيماته السياسية والإعلامية وعشواءه يبدد ويفاقم هذه التناقضات (محلك سر)!
فحتى القيام بثورة الشعبية في الإطار الليبرالي كثورة أكتوبر 1964 و إنتفاضة مارس-أبريل 1985 ستتبدد عزائمها وتخور قواها مع سطوة الغلاء والفقر والإستغلال والتهميش، ونشاط العصبيات الطائفية والقبيلية في أتون هذه القيامة، ثم يتحول الأمر إلى حكم عسكري في سياق ليبرالي يمهد بفشله لحكم مدني في نفس السياق الليبرالي مما لا خروج من دائرته إلا بتغيير أسس النظام الليبرالي (حرية التملك) المنعقدة بعلاقة الإستغلال التي تحدثها مقومات التملك الماثلة في التطفيف والتبخيس حين تنزِف الملكية الخاصة جهود العمل المأجور مستفيضة قيمه لنفسها على حساب العامل الذي أنتج أصل هذه القيم، حيث تتبلور علاقة الإستغلال في القسمة الظالمة لجهود العمل وثمراته بين الملاك والعاملين حيث يأتي التطفيف والتبخيس بالرفاه والرغد للملاك، ويذهب بالعناء والعنت والضنك للعاملين ، أما الجمهور المهمش حول هذا الصراع الطبقي فتضيع حياته بين الجوع والحسرة والإنسحاق لأجل العيش، ويستمر تفاقم المأسآة ويزيد التفكك في الإنتاج والخدمات وتتباين مستويات إستهلاك الضرورات في المجتمع والوطن الواحد بل وحتى في داخل الأسرة الواحدة، وذلك دون تغيير هذه العلاقة، أو حتى دون سعي مظهري لتغييرها، ومن هنا يمكن القول بإن إبقاء الظلم على حال تفاقمه هو الجمود بعينه.
وتبعاً لهذا الجمود الليبرالي تنشأ مفارقات أخري في حزبنا الشيوعي السوداني تتعلق بنفس المجموعة المتناقضة من التنظيرات التي تدعي التجديد بينما هي في باطنها وظاهرها حالة رجعية متأخرة، ففي نفس السياق الذي يفصل بين تطور القوى المنتجة وضرورة تغيير علاقات الإنتاج، تتعالى دعوة نهاية الهندسة الإجتماعية، لصالح العفوية والتجريب وسياسة "جرب حظك" بينما تتم الدعوة لتنظيم الجماهير وحشدها وتفعيل مبادراتها في هندسة إجتماعية واضحة كما التعليم والعلاج والرياضة والثقافة والمجتمع المدني والحزبية والدستور الديمقراطي الليبرالي ترى نفس الدعوة لهذه الأنماط الهندسية الإجتماعية ترفض بحزم التصور نفسه الذي قامت عليه أي تصور الهندسة الإجتماعية خاصة في صوره وتشكلاته غير الليبرالية حيث رأس المال هو مهندس الحياة الإجتماعية لا الحقوق والقيم الإنسانية! وبنفس السياق المتناقض ترفض هذه الدعوات نهج المبادرة والطليعية في العمل السياسي خاصة إذا ما جاءت من القوى التي تطالب بضرورة تغيير علاقات الإنتاج لتطوير القوى المنتجة والرقي بها! وتتسع المفارقات بالنظر إلى التخديم الغلط لمفردة "العصر" وإبدال إصطلاح "المرحلة التاريخية" بها وهو إصطلاح ثر بما فيه من إقتصاد سياسي وإمكان القراءة الموضوعية به لحركة المجتمع في الزمان وحسابها بواسطة العوامل والأحوال المادية لإنتاجه ضرورات عيشه وتوزيع خيراته. وفي الوقت الذي يبدل فيه التغرير السياسي إصطلاحات الطبقة العاملة والبروليتاريا وعموم الكادحين بإصطلاح العاملين تراه في نفس الوقت يرفض قيام النقابات على أساس المنشأة التي تجمع الوزير والعامل! وبينما ينادي نفس التغرير السياسي بالإصلاح ىالزراعي والتعليمي والعلاجي مطالباً بتغيير هياكلهم ومناهجهم تراه يرفض الإصلاح الصناعي قابلاً النهج الفردي العشواء في سير الحركة الصناعية! بينما الصناعة وفق صراعها الطبقي هي قاطرة تقدم المجتمع الرعوي الزراعي! وبينما ينادي المنادي بمركزية ديمقراطية لبلد شاسع متنوع تراه يرفض نفس المركزية الديمقراطية داخل الحزب! ولله في خلقنا شؤون. بدر هذا المقال مضيئاً بأنواره مشرقاً في مطلع الربيع سنة 2008
#المنصور_جعفر (هاشتاغ)
Al-mansour_Jaafar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
42 مسألة إنتقادية لمشروع التقرير السياسي
-
جورج حبش
-
نجوم
-
الحفارين وأهل الطبقات
-
الحوار المسلح (2)
-
يا حفيد رسول الله (ص) لا تدعو إلى حرية الإستثمار!
-
وقائع موت مُعلن للإنسان
-
نقاط صغيرة في تجديد العملية الثورية
-
الأزمة الإمبريالية في جذورها وفي محاولات حلها
-
كيف تعزز السوق الحرة ضرورة ديكتاتورية البروليتاريا لحياة الن
...
-
نقاط في مشروع دستور ولائحة وبرنامج الحزب
-
بعض مفارقات حقوق الشعوب وحق الدول في الحفاظ على وحدة أراضيها
-
ثلاثة أخطاء قاتلة
-
تخلف الأحزاب عن طبيعة الصراع الوطني يفاقم العنصرية والإستعما
...
-
حُمرة أنغام الخريف
-
نقاط في تاريخ الماسونية... من السودان وإليه
-
عن أزمة النظام الرأسمالي ودولته السودانية في الجنوب
-
التأميم والمصادرة ضرورة للوحدة والتنمية ومكافحة العنصرية
-
الكلمات المتقاطعة والطرق الفرعية
-
شذرات
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
-
تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل
...
-
في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو
...
-
التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل
...
-
السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي
...
-
الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو
...
-
بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
-
محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان
...
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
-
القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟
...
المزيد.....
-
محاضرة عن الحزب الماركسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2
/ عبد الرحمان النوضة
-
اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض
...
/ سعيد العليمى
-
هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟...
/ محمد الحنفي
-
عندما نراهن على إقناع المقتنع.....
/ محمد الحنفي
-
في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟...
/ محمد الحنفي
-
حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك
...
/ سعيد العليمى
-
نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب
/ عبد الرحمان النوضة
-
حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس
...
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|