أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير - غسان المفلح - النوروز السوري-خواطر كصنع آلة عود في السجن














المزيد.....

النوروز السوري-خواطر كصنع آلة عود في السجن


غسان المفلح

الحوار المتمدن-العدد: 2231 - 2008 / 3 / 25 - 10:57
المحور: حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير
    


كان صديقي ورفيقي الساحر حسان عبد الرحمن، بأنامله الرشيقة على أوتار عود مصنوع من خشب السجون، يجدد إحساسنا بالحياة، حيث طريقة صنع العود من أخشاب"سحاحير" البندورة، التي كنا نشتريها بواسطة إدارة السجن. كانت أخشاب هذه الصناديق الخشبية، والمصنوعة بالطبع من خشب رديء، يخرج منها أعواد للموسيقى، كما تخرج منها أروع المنحوتات الخشبية، ولوحات الحفر والحرق على هذا الخشب، كان أكثر ما يدعو للدهشة بالنسبة لي كيفية خلق أقواس يصنع منها العود، كيف يستطيع الشباب تحويلها من خشبة مستقيمة إلى ريشة منحنية، وهذه كانت تستغرق وقتا، لأنها تبقى في الماء طويلا.
يتحول خشب الصناديق هذه إلى عجينة، بين أناملنا كما تتحول أوتار العود الذي صنع لحسان، وساهم هو بالطبع بصناعته، وتم تهريب أوتار العود، أحيانا كان مسموح إدخالها في زيارات أهلنا لنا وأحيانا كان ممنوع لا قانون يحكم المسألة كحال وطني منذ عقود طويلة.كانت أنامل حسان تعزف على أوتار ألمنا المديد، تخرج شيئا من قهر سنوات السجن ويومياته. بأدوات بسيطة وبمادة تصنع من نفايات الأخشاب، ينطلق سحر غريب من أنامل حسان.
في كل عام كنا نحتفل في السجن مع رفاقنا الأكراد بعيد النوروز، يدبكون في النهار دبكاتهم الكردية التي تعلمنا بعضا منها. وعلى هامش الأيام المتعاقبة في ذلك الشهر يعاد طرح القضية الكردية في سورية. آلة العود تلك نفحة في مديد القهر والغياب الحسي عند الآخر، فهو يسجنك لأنه لا يتعامل مع الإحساس بقهر البشر، فهذا لا يعنيه أبدا، وإلا لما أقدم أيضا على قتلهم. لمجرد أن لديهم آلة أسمها بزق، أو طنبور، الذي أيضا كان الشباب يصنعونه بنفس طريقة العود، وغالبية الرفاق الأكراد يعزفون على الطنبور. فكان لدينا فرقة من عود حسان وطنبور حسن أو رشاد، ودربكة أو طبلة دكتور الأسنان خالد حيدر، و"كبسات" شرطة السجن عندما يعلو الصوت قليلا. أنامل حسان كانت تعيد لنا شيئا من الإحساس بآدميتنا التي تتدمر رويدا رويدا ببطء شديد يشبه تماما سرعة مضي العمر، مع نفس القهر، ونفس الصورة، اعتقالات، ومصادرة أرواح شباب، حتى لو كان فيهم من العنفوان ما يستفز رجالات الأمن، الذين لا يحتاجون لمثل هذا الاستفزاز كي يطلقوا النار على شباب عزل، إنه استفراد بالجسد الآدمي، سواء كان كرديا أو عربيا، علويا أو درزيا، مسلما أو مسيحيا، طبيبا كفداء حوراني وكمال مويل أو طالبا كالذين سقطوا شهداء في عيد النوروز الأخير في القامشلي. حسان لقد كبرنا الآن ومازال السجن يحتوينا، لهذا كتبت مرات ومرات أن السجين لا يصلح لأن يكون سياسيا بعد خروجه من السجن، حتى لو كان يمتلك مؤهلات السياسي، شرفية آلمه وقهره المديد في السجون والزنازن، يجب أن يحملها شرفية للمساهمة في العمل السياسي إن أراد، ولكن ليس في موقع صانع القرار، لا على مستوى حزبه أو أعلى من ذلك.
لكن الحاجة أحيانا تفرض في بعض الحالات أن يعود السجين ليتصدر فعلا معارضا، هو يدرك في قرارة نفسه أنه لم يعد صالحا لكي يكون قراره صائبا، لم يعد قادرا على رمي سنين طويلة من القهر خلف ظهره وخارج عقله ووجدانه عندما يريد صياغة قرار سياسي أو إعطاء موقف سياسي، لا يستطيع أن يكون موضوعيا، وهذه ليست شتيمة أبدا بل هي إقرار بأن عود حسان الذي تكسر عدة مرات أمامه بعد شقاء طويل في صنعه، يؤكد أن حياة المرء كانت ولازالت تشبه صناعة هذا العود، الذي يتم التعب عليه وخلقه من أدوات بدائية لأن مجتمعنا ممنوع عن العالم، ومع ذلك يتم تحطيمه، وهذا ما أرادته إرادة من سجن. معارضتنا السورية تتحرك بحكم المنع بوسائل بدائية. اعتقال العقل لتحطيمه، والرصاص لإسكات جسده.
أحداث النوروز الخطيرة والتي مرت مرور الكرام في الإعلام العالمي والعربي، رغم الشهداء و الدم والجرحى تؤكد أن المعارضة السورية لازالت يتيمة على طاولة اللئام، عنوان مقالة سابقة لي، وهذا أيضا يؤشر على أن القمة التي ستعقد في دمشق، ستعقد بفخامة!



#غسان_المفلح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعارضة السورية والثقافة النقدية.
- الكردي المبعثر، العربي المشتت.
- حضارة القوة أم قوة الحضارة؟
- الاضطهاد الاجتماعي في سورية، أهل حوران نموذجا
- غزة..إعادة إنتاج الديني سياسيا.
- السياسة اجتهاد وليست قياس.
- العنف... الصورة... المستقبل مقاربات لا تنتهي
- جرائم الشرف ثقافة المشهد.
- حوار مع ياسين الحاج صالح أزمة نقد أم نقد أزمة؟
- الاعتقال والتخوين تعبير عن ميزان قوى.
- فسحة بين إقصائين.سماح إدريس وفخري كريم.
- الليبرالية والمشروع الأمريكي، فك ارتباط أم التصاق آني؟
- إنه العار المطلق!
- إعلان دمشق في ميزان ذو كفة واحدة!
- على الحكومة اللبنانية تسليم سلاحها إلى حزب الله.
- العقلانية واللاعقلانية، هل السلطة حيادية؟
- أغنياء سورية، رفقا بها. إلى الدكتور عارف دليلة في سجنه.
- المعارضة السورية بين التنوير والبراغماتية!
- أكرم البني هل لديك شمعة وزجاجة؟ كي لا ننساهم!
- دمشق توأم فيروز، فلا تترددي سفيرتنا إلى النجوم.


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- حملة دولية للنشر والتعميم :أوقفوا التسوية الجزئية لقضية الاي ... / أحمد سليمان
- ائتلاف السلم والحرية : يستعد لمحاججة النظام الليبي عبر وثيقة ... / أحمد سليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير - غسان المفلح - النوروز السوري-خواطر كصنع آلة عود في السجن