|
ربيع الشرق الأوسط على كفِّ عفريت
صبري يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 2230 - 2008 / 3 / 24 - 04:19
المحور:
الصحافة والاعلام
فيما يلي ردّي حول تساؤلات الكاتب والصحافي الأردني عادل محمود حول الملف الخاص الذي أعده لزاوية المقهى الالكتروني في جريدة العرب اليوم الأردنية.
هل ربيع الشرق الأوسط على مفترق طرق ؟!
يبدو ربيع الشرق الأوسط غامض للغاية .الشعوب والأنظمة تعيشان لحظة الانتظار .عملية السلام بين السلطة الفلسطينية واسرائيل تتنفس من عنق الزجاجة . فدوامة العنف والوحشية من قبل حكام تل أبيب اغتالت بريق الأمل لدى الدول العربية المؤيدة للسلام. ثم أزمة الفراغ الرئاسي في لبنان والتي لا أحد يعرف إلى أين سوف تصحب لبنان رياح ثقافة الاغتيالات جرَّاء خلاف الرموز اللبنانية على انتخاب الرئيس. العراق جريح ووحيد بين قبضة ايران وأمريكا والعرب ليسوا هنا. النووي الايراني جبهة جديدة والمنطقة لا تحتمل أي نزاع جديد يفتك بالأخضر واليأبس. العرب اليوم تفتح باب الحوار هل ربيع الشرق الاوسط على مفترق طرق ؟!
عادل محمود
صبري يوسف: لا، ربيع الشَّرق الأوسط، ليس على مفترق طرق، بل على قاب قوسين من كفّ عفريت! ألا تراه كيف يتربع على كفوف العفاريت، كل عفريت ينطح عفريت! لهذا يحتاج وقتاً مديداً للغاية كي يصل إلى مرحلة مفترق الطرق، لأن الآن لا طرق ولا مفترق طرق له، حيث نراه بكل وضوح معلّقاً في الهواء، ينتقل من كفٍّ إلى آخر، ننتظر ركونه على الأرض، وبعدها يتوقف الأمر على قدرةِ العفاريت!!!
ربيع الشرق الأوسط تاه بين قيظِ الصحارى، صحارى العقل وساسة خرجوا من قلب الصحارى، وأصروا أن يبقوا في جوف الصحارى!
أيُّ ربيع تتحدّث عنه يا صديقي، هناك في دنيا الشرق خريف داكن ملبَّد بغيوم كالحة، غير قابلة أن تهطل مطراً، لأنها غيوم خالية من ندى الحياة!
الشعوب، أية شعوب، شعوب الشرق مسلوبة الإرادة ومسلوبة الروح ومسلوبة الرؤية ومسلوبة التفكير، شعوب تبحث أنثاها بشقِّ النفس عن مخرج أو فتوى أو تشريع كي تحصل على حقٍّ لقيادة سيارة! لأنها ترزح تحت سلطة أنظمة غير منظّمة ولا تنتظر سوى استمرارية بريق كراسيها ساطعة في ابراجها العاجية، ولا تعنيها السلام قيد انملة، لأن الأنظمة التي لا تصنع السلام لمواطنها، لا يمكن أن تصنعه لغيرها.
من قال لكَ أن عملية السلام بين السلطة الفسطينية واسرائيل تتنفّس من عنق الزجاجة، انها عملية ميّتة بالأساس، لأنها عملية قيصرية ولدت في غير أوانها، ومرتكزة على جماجم ودماء الأطفال، عميلة غير متوازنة لأنها قائمة بين غول مفترس وغزالة شهية للأكل، فهل من المعقول أن يتخلى الغول عن طعامه الشهي الغزال؟!
دوّامة العنف من قبل حكام تل أبيت، ناجمة عن ضعف وجبن العرب، فاسرائيل قوية لأن العرب ضعفاء وجبناء، إلى درجة يخيل إلي أنه لو كان هناك أرانب في هذه الرقعة العربية، لدافعت الأرانب عن نباتاتها وجحورها ضد أي دخيل خارجي، لكن العرب مصرين أن يكونوا خير أمّة، بالكلام!
لبنان آهٍ يا لبنان! والعراق آه يا عراق يا بلد الحضارات، ترزح الآن تحت رؤى مدبّقة بالاسفلت، رؤى كالحة تذبح حضارة ما بين النهرين، كيف يتحمل كلكامش كل هذا الخراب، وكيف تتحمل أحفاده كل هذا الانشراخ؟!
من قال لكَ أنَّ العرب ليسوا هنا، انهم هنا، هنا في لهيب النار، يشعلون فتيل النار فيما بينهم ولا يعرفوا كيف يخففوا من لهيب الفتيل، ولا يعرفوا إلى أين سينتهي بهم السبيل؟!
النَّووي الإيراني يترعرع على الأرجح بدعم عربي في الخفاء، والمنطقة خصبة لحروب مفتوحة على مدى الصحارى، صحارينا عطشى لمزيدٍ من اليباس!
العرب اليوم صحيفة سقفها السماء، وسلاطين العرب في دنيا الشرق غائصين في زجِّ مواطنيهم في قاع الزنازين، يبحث المواطن في أكبر دولة عربية عن رغيف خبز، ويموت جوعاً أمام الفرن بحثاً عن الخبز، أي عربٍ أي بشر أي حكام أي شرق أي ربيع تتحدث عنه يا صديقي، الشرق يعيش في حالة غليانية سقيمة، ولكي يخرج من هذه الحالة الغليانية لا بدَّ لساسته أن يفكروا بالمواطن، أن يقدموا له رغيف خبز بدون صراع على باب الفرن! كيف سيحارب المواطن ضدّ تدخل الغرب واسرائيل ولا تؤمن له الدولة دولته رغيف خبز يشتريه بحقه وماله وحلاله؟!
ربيع الشرق ممكن أن ينمو بأزاهيره بعد قرن أو قرنين وربما أكثر، عندما يظهر جيل بعيداً عن التعصب الديني والمذهبي والقومي والطبقي والقبلي والعشائري ...، يعتمد قيام الدولة على المؤهلات والكفاءات لكل مواطن، ابتداءاً من رأس الهرم ومروراً بكل تدرُّجات المجتمع وانتهاءاً بمواقع الخدم والحشم! وإلى أن يتحقق هكذا أمل وهكذا حلم سنكون قد شبعنا رقاداً في أعماق الأرض، وستكون شعوب العالم قد وصلت بعلومها ورقيّها وتقدُّمها إلى أقصى أقاصي السماء!
#صبري_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قلق الإبداع وكيفية ولادة القصيدة
-
رسالة مفتوحة إلى الأديب المبدع عادل قرشولي
-
قصّ جانح نحوَ وميضِ الشِّعر
-
العراق بلد الحضارات، إلى أين؟!
-
ردّاً على إجابات الشَّاعر علي الشلاه حول ارتباك الشعر
-
السَّلام أوّل اللُّغات وآخر اللُّغات
-
الاتجاه المعاكس برنامج استفزازي لا يحقِّق الفائدة المنشودة
-
الذكرى الثلاثون لإقامة أوّل معرض للفنَّان التشكيلي حنا الحائ
...
-
الإنسان أخطر من أيّ حيوان مفترس على وجه الدُّنيا
-
أنشودة الحياة ج8 ص 747
-
أنشودة الحياة ج 8 ص 746
-
سركون بولص في مآقي الشعراء
-
سركون بولص من نكهةِ المطر
-
أنشودة الحياة ج 8 ص 745
-
أنشودة الحياة ج 7 ص 744
-
أنشودة الحياة ج 8 ص 743
-
أنشودة الحياة ج 8 ص 742
-
أنشودة الحياة ج 8 ص 741
-
أنشودة الحياة ج 8 ص 740
-
أنشودة الحياة ج8 ص 739
المزيد.....
-
السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات
...
-
علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
-
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
-
مصادر مثالية للبروتين النباتي
-
هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل
...
-
الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
-
سوريا وغاز قطر
-
الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع
...
-
مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو
...
-
مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|